أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - نقولا الزهر - رسالة إلى غابة السنديان














المزيد.....

رسالة إلى غابة السنديان


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 1107 - 2005 / 2 / 12 - 11:29
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


رسالة إلى غابة السنديان
نقولا الزهر
التيار كعادته مقطوع في هذا اليوم من الساعة الثامنة مساءً وحتى الحادية عشرة، إنني أسمع شيئاً من الموسيقى الكلاسيكية الهادئة، وأمتع ناظِرَيَّ على ضوء شمعة جديدة بالصورة التي أرسلتموها إليَّ وقد صنعت لها إطاراً في هذا الصباح ووضعتها خلف السرير.
من أجمل الأشياء لدى السجين السياسي حينما ينزِّهُ عينيه في كل صباح بصورةِ الحبيبة ورفيقةِ الأيام في حلوِها ومرِها.. ما أروعها من أمٍ وهي تحتضن سوسنةً صغيرة وإلى جانبهما نسرينةٌ بيضاء فارعة يلف جذعها زنارٌ من الجلنار.......
أخبركم بأني لا أشعرُ بظلامِ هذه الليلة ، فالشمعة ترقص متلألئة وتنهمر دموعها من الفرح. ولا أخفي عليكم أن أكثر الأشياء التي أحببتها وأنا بعيد عنكم هي الشموع، فهي عدا أنها لا تخاف احتراقها ولا حتى موتها، حياتها مزيج من الفرح والرقص والبكاء والصبر، من ميرةِِ صبرها يمتار الإنسان لينتصر على خُطَّافِ الزمان...
كيف لا تكون هذه الليلة ساطعة في كوخي الصغير الذي أنصبه كل يوم، وفي مثلها قبل أربعة عشر عاماً كان انعطافي الكبير لأتفيأَ في ظلالِ تلك السنديانةٍ العظيمة في تلالِ(قلمون)...
يا ابنتي العزيزة، ما أعانني على قهر الزمان المخطوف هذه السنديانة الوارفة الشامخة عميقة الجذور قوية الأغصان....ففي ظلالها الحياة جميلة وحلوة وعذبة رغم كل أشواكها ووديانها وهضابها.....
المرأة عــــــالمْ....
مترعٌ بالجــــمال....
حبٌ.. وخصوبةٌ.. وعطاءْ.....
ميرةٌ للأيامْ.......
سياجٌ للحقولْ.....
عُدَّةُ للأملْ.......
سِهامٌ للعواصفْ...
******

أخبركم بأنني أثقف نفسي بشكل متواصل وأهتم كثيراً بمواضيع الفلسفة والتاريخ والسياسة واللغات.. وبهذه المناسبة لا بد وأن نشكر المناضل الوطني وشيخ شباب دمشق المرحوم فخري البارودي فكان قد أوصى بمكتبته الغنية لسجن دمشق. والآن أقرأ أعمال المفكر والكاتب والناقد والسياسي الروسي (جورج بليخانوف) الذي كانوا يسمونه الشيوعيون الروس بالمعلم. يكتب بليخانوف في المجلد الرابع عن المثقفين الديموقراطيين الروس في القرن التاسع عشر. وأقرأ الآن ما يقوله بليخانوف عن الكاتب الروسي العظيم (نيكولاي تشيرنيشيفسكي)، عن طفولته وأسرته، عن أصدقائه وأقرانه، عن دراسته في الجامعة، عن نضاله الثوري ومقارعته الإرهاب والظلم والاستبداد، وعن رسالته لزوجته من سجنه في قلعة القديسين بطرس وبولس في مدينة بطرسبورغ.
يقول تشيرنيشيفسكي في رسالته إلى زوجته: " حياتي وحياتك تنتميان إلى التاريخ، ولسوف تمر مئات السنين، وإسمانا يظلان عزيزين على الشعب الذي سيتذكرهما بتقدير....."
كان تشيرنيشيفسكي صلباً على الدوام أمام جلاديه. حكم المجلس الأعلى على الكاتب الثوري الديموقراطي الروسي بالتجريد المدني مشفوعاً بأربعة سنين من الأشغال الشاقة ثم النفي إلى سيبيريا مدى الحياة. وفي ساحة ميتينسكي قُرِأ الحكم علناً بعد أن أحْضِر الكاتب إلى منصة التشهير. كان شاحباً هزيلاً ومرهقاً؛ وقف بصمت، أدار ظهره للضابط الذي يقرا الحكم، وأجريت مراسيم كسر السيف فوق رأس تشيرنيشيفسكي، وعندئذ وفي هذه اللحظة سقطت باقة ورد على السقالة، وانطلقت صيحات التعاطف من الجمهور المحتشد...
أمضى تشيرنيشيفسكي في سبيريا عشرين عاماً، وعاش حتى عام 1883 هناك، ومن ثم عاد من سيبيريا وانطلق في التأليف الأدبي والسياسي من جديد.....
وأخيراً اسمحوا لي أن أنهي لكم هذه الرسالة بكلمات الأمل الخالدة للشاعر التركي الرائع (ناظم حكمت):
إن أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد.....
وأجمل البحار تلك التي لم نشهدها بعد...
وأجمل الأطفال أولئك الذين لم يولدوا بعد.....
أبو نسرين/عدرا 30/7/1986/



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العالم ما بين اللغة والفلسفة
- مداخلة حول - علمانية لايربطها رابط بالإلحاد
- في عالم المفاهيم - الفرق بين الأصول والهويات
- حوار ذو شجون حول السجون
- حكاية النذور المتراكمة
- خبر من مقبرة الزمان عن الزيت الغريق
- في عالم المفاهيم(حول العلاقة بين النسبي والمطلق)
- سياتل بداية النقد العملي للعولمة
- سوريا في الخمسينات
- قصيدة قصيرة من أخدود دمشقي
- من وادي الآلهة إلى وادي القديسين
- الحوار المتمدن طريق رحب من الرؤوس والقلوب إلى الورق
- العلمانية تحرر الدولة والدين من طغيان التحالف السلطوي -الفقه ...
- مداخلة حول مفهوم الشعب
- من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية
- المجتمع المدني من جون لوك إلى الأمير سعود الفيصل
- شذرات من - المقامةِ البربرية
- إلى أيلول
- يوم مشهود من أيام أبي نرجس
- حمدي الروماني


المزيد.....




- لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام ...
- حاولوا إدخال الأرز والدقيق لغزة.. تفاصيل اعتقال حاخامات خلال ...
- 10 ألاف اسرائيلي يتظاهرون امام مبني وزارة الحرب
- إعلام عبري: واشنطن تحاول مساعدة تل أبيب في منع -الجنائية الد ...
- بعد أن فاجأ الجميع بعزمه الاستقالة.. أنصار سانشيز يتظاهرون ل ...
- شاهد.. اعتقالات جماعية للمحتجين بجامعة واشنطن وتوقيف مرشحة ر ...
- لازاريني: المساعي لحل الأونروا لها دوافع سياسية وهي تقوض قيا ...
- نتنياهو يشعر بقلق بالغ من احتمال إصدر الجنائية الدولية مذكرة ...
- على غرار رواندا.. هل يرحل الاتحاد الأوروبي اللاجئين إلى تونس ...
- اعتقال العشرات المؤيدين للفلسطينيين في حرم جامعات أميركية


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - نقولا الزهر - رسالة إلى غابة السنديان