تصميم جديد لمدينة البصرة !

سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 11:25
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

تصميم جديد لمدينة البصرة !
في ضوء خبر نشرته السومريّة حول مقترحات أعدّتها شركة جيكيّة على سبيل وضع تصميم أساسي جديد لمدينة البصرة حيث تعرّض لانتقادات مهمة وجّهها بعض وجهاء البصرة ويهمّني هنا أن أعلّق على الموضوع لأهميّته رغم أنه لم تتم الإشارة إلى تفاصيل جادّة ولم نتمكّن من الإطلاع على تفاصيل التصميم الموصوف ولم نسمع لحد الآن أن البلديّة أو المحافظة نشرت إعلان بطرح التصميم إلى الجمهورلمدة تسعين يوما كما يقتضي القانون بهدف التعرّف على إعتراضات المواطنين ولم نسمع كذلك عن عقد ندوات أو مناقشات حول الموضوع كما جرت العادة .
مدينة البصرة من أهم وأكبر المدن العراقيّة من حيث عدد ساكنيها وتنوع إستعمالات الأرض فيها وقد تزايد عدد السكان فيها بشكل خيالي بعد تغيير النظام عام 2003( من 1.1 مليون متوقع لعام 2000 بناءعلى تقديرات سنة الأساس 1975حيث كانت تزيد عن ستمائة ألف قليلا تقريبا فقط كما أتذكّر إلى ما يقارب أربعة ملايين كما أسمع الآن) بالرغم من ضيق الرقعة الحضريّة التي تشهد أنواع الفعاليات الإجتماعيّة الإقتصاديّة عليها ولا يخفى على القارئ أنها الميناء الرئيس للعراق ومنفذه البحري الوحيد ولهذا يتطلب الأمر تكليف أحدى كبريات الشركات الإستشاريّة العالميّة المتخصّصة في دراسة وضع التصميم الإنمائي بعيد المدى لها وتتطلب الأوضاع تعيين كادر متنوّع الإختصاصات الهندسيّة يسبق الدخول بالعمليّة الموصوفة وأهمها تخصصات التصميم الحضري (Urban Design ) وأخرى معماريّة ومدنيّة متنوّعة وباحثون إقتصاديون ومتخصصون آخرون في التخطيط الحضري والإقليمي أوفي تخصصات ديموغرافيّة وجغرافيّة وأخرى في تخطيط وهندسة المرور وهندسة النقل والمواصلات ( البريّة بأنواعها أي الطرق والسكك والأنواع الحديثة السريعة كالمونوريل والنهريّة والجويّة)فضلا عن متخصّصين بالإحصاء وجمع المعلومات والمسوحات المتنوعة، قبل تكليف أي من الشركات الإستشاريّة العالميّة بوضع التصميم التنموي بعيد المدى وإشراك الكادر المحلّي مع الشركة الإستشاريّة في كافّة مراحل العمل لأن متطلبات التصاميم التفصيليّة لا يمكن الوصول إليها مباشرة عبر الأفكار بعيدة المدى حيث تكون هي أهداف الكادر الفنّي اللاحق، أرجو أن يُستشار متخصصون من الوزن الثقيل لأن التعجّل بالمهمة دون دراسات وافية سيفاقم مشاكل المدينة ولا يطرح لها حلولا ، كما أنصح بقوّة أن لا توخذ مهام المخطط الإنمائي بعيد المدى كما لو أنها يمكن أن ينهض بها أي نوع من المسؤولين أي أن المتخصصين وذوي الخبرة هم وحدهم من لهم الكلمة العليا حتّى يتم طرحه على الجمهور لتلقّي الملاحظات والإعتراضات وكل ما أرجوه أن لا توضع مخططات ساذجة من غير أبحاث وتقارير مرافقة لها لا ترقى إلى جسامة المهمة وأهمية مثل هذه المدينة الكبيرة جدا ومتنوعة الفعاليات واستعمالات الأرض فيها فتضاف إلى العديد من المخططات الشكلية السابقة ويعود الجميع إلى الإجتهادات الشخصيّة وزيادة حجم المعضلات المعقّدة إذ أن هناك كثير من الأخطاء التي ستصبح مستحيلة المعالجة لو تركنا الحبل على الغارب.وأتمنى على من بيدهم القرار
أن يسترشدوا برأي أهل التخصص والخبرة ، وأن يُحيطوا نشر أهداف التصميم الجديد وتفاصيله بوسائل الإعلام المتنوّعة بعقد جلسات مناقشة مستفيضة مع ذوي الإختصاص ومع عموم شريحة المثقفين وما يُدعى بمؤسسات المجتمع المدني لغرض كسب حماسهم ومساهمتهم في تنفيذ أهداف التصميم لا سيما وأنه بعد التصديق عليه من الجهات المختصّة سيصبح نافذا لمدّة طويلة ربما تصل لخمسة وعشرين عاما أو أكثر ونحبّ أن نشير إلى أن التعجّل بالمصادقة دون إعطاء المناقشات مداها سيجعل العمل ناقصا وربما سيعود المصممون إلى مراحل إعادة الدراسة مرّات ومرّات ضمن مدّة التصميم ولن تكون هناك شركات إستشاريّة ولا مصممون متخصصون حاضرون معنا وسنعود إلى الإجتهادات والآراء التي لا تقوم على أسس علميّة .
أرجو أن يعلم كل من يتابع مثل هذه المهمات أن عمل إعداد دراسات إنمائيّة حضريّة ليس مجرّد مهمة منطقيّة يستطيع أي سليم الذهن والطويّة أن ينهض بها إنما هي مهمة تخصّصيّة فنيّة واسعة تتشابك عليها جهود مهندسين وإقتصاديين وباحثين متنوّعين وأنها تقوم على أبحاث ودراسات تفصيليّة ترافق وتسبق عمل المخططات وأن تلك التقارير من الأهميّة بمكان بحيث أن المخططات لا معنى لها إن لم تكن قد أُعدّت على هدي الدراسات العلميّة
كما أرجو أن يتقبّل رأيي هذاكل من له صلة بمسؤوليّة إعداد و تصديق وتنفيذ مثل هذه التصاميم برحابة صدر فهو رأي نابع من حرص وقدر من الأهليّة مع خالص إحترامي وتقديري.

سنان أحمد حقّي
مهندس إستشاري ومنشغل بالثقافة
دهوك/ كردستان
7 تموز 2012

#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل