|
يوميات مصرستان: الجماعة تركب الشعب
ابراهيم القبطي
الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 08:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أثناء الانتخابات الرئاسية في مصرستان ، كان الصراع بين المرشحيّن حربا حقيقية لا هوادة فيها ، وكأن الفائز سوف يكتب له حياة جديدة ، اما الخاسر فستكون هذه هي نهايته الحتمية . لماذا؟ كتبت قبلا مقال أثناء الأيام الأولى للثورة (1) يفسر سبب هذه الظاهرة . كانت المقالة عن عدم احتياجنا لرئيس أو زعيم ، ولم يفهم الكثيرون ماذا أعني . كيف يكون وطن بلا رئيس زعيم (2) قائد ملهم ؟ كل ما كنت أعنيه هو أننا لا نريد وطنا كالقبيلة ، لا نريد صناعة وطن يقوم على رجل واحد "الزعيم"(3) ، يختل الوطن إذا مرض الزعيم ، ويسقط الوطن إذا اخطأ الزعيم ، مسئولية الوطن – أي وطن - أكبر من أن يحملها رجل واحد على كتفيه ، ولهذا عبرت دول العالم الأول منظومة العصور الوسطى الملكية إلى سياسة العصر الحديث الدولية ، وأصبح الرئيس ليس زعيما يحكم قبيلة ، بل مجرد مدير يتصرف في إدراة الدولة لعدة سنوات ، بعدها يمكن تبدليه بمدير آخر . هذا المدير يمكن محاسبته على أخطاءه ، ولا يملك إلا صلاحيات محدودة . ولكن في مصرستان ، الشعب يحتاج إلى زعيم ، ولو لم يجد زعيم سوف يبحث عن أي زعيم حتى ولو كان مرسي العياط . لهذا أثناء الانتخابات الأخيرة كان الصراع بين شفيق ومرسي على الرئاسة هو صراع على الزعامة الأبدية في عيون مشجعي الطرفين . وكأن الجميع – بما فيهم المرشحيّن - يعلم ضمنيا أن من يصل إلى الحكم سوف يكون الزعيم إلى الأبد . سيكون هذا الزعيم احد حلقات سلسلة الزعماء الفراعنة الذين حكموا مصر . لهذا كانت المعركة الانتخابية معركة حياة أو موت . الفائز سوف يسحق الخاسر . وبهذا فقدت العملية الانتخابية معناها ، وصارت الديمقراطية بلا معنى في مصرستان. فأول دعائم الديمقراطية هي تدوال السلطة ، أي أن اختيار الشعب لمرشح بعينه يكون مبني على المصلحة : مصلحة الوطن وكل أفراد الشعب . وبعد انتهاء فترة حكم الرئيس أو عضو البرلمان ، قد يجد الشعب مصلحته في آخر فيقوم بتعيينه لفترة تالية . أما الديمقراطية في مصرستان فدعائمها الولاءات القبلية والدينية (4) . وبهذا فهي ليست ديمقراطية (حكم الشعب) ، وإنما أقرب ما تكون إلى الأوليجراكية (حكم الصفوة) . وفي هذه الحالة الصفوة هم الاخوان . لهذا رددت قيادات الاخوان الصغيرة في عدة مناسبات وفي أكثر من مرة أنهم أسياد المصريين (5). أغلب الشعب في مصر للأسف يقبل ضمنيا بزعامة الزعيم وعبودية الشعب ، ومن يصبح رئيسا سوف يظل رئيسا حتى يموت او يقتل أو تقوم ثورة أخرى بخلعه ، لأنه شعب يعشق العبودية واعتاد عليها . أخيرا وبعد خناقة الانتخابات حول منصب الزعيم ، أتي مرسي العياط زعيما على مقاس الشعب ، لأن الذي لا يفهم معنى تداول السلطة ويحيا في ظلام العصور الوسطى ويسعد بقمع الحريات ووصول الإسلام السياسي إلى الحكم هو شعب يستحق حكم الاخوان . المصريون أرادوا زعيما ، فتحققت أحلامهم وتسيدت عليهم جماعة من الزعماء والاسياد بأكملها ، وبدلا من أن يركب العباد زعيما واحدا ، أصبح الشعب كله مركوبا من الجماعة (6). -------------- هوامش (1) خواطر ثورية (8) : مش عايزين ريس : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=256118 (2) أكثر فنان عربي طرح فكرة الزعيم باقتدار هو الفنان عادل امام في مسرحيته الشهيرة ، وفيها مقلوته المشهورة " هو فيه زعيم بيموت يا بيه" (3) حاليا تعرض في دور السينما الامريكية والعالمية فيلم " The Dictator" ، وفيها يتم طرج فكرة الزعيم الشرق أوسطي الذي يحكم فيطاع – في تمثيل ساخر لشخصية أقرب ما تكون إلى شخصية القذافي ، وهذا هو مأقرب ما أعنيه بفكرة الزعيم http://www.youtube.com/watch?v=cYplvwBvGA4 (4) في خطاب مرسي الأول : يصف الناس بأنهم أهله وعشريته ، أي قبليته ويطالبهم بطاعته طالما لم يعص الله ، وفي هذا يعلق الكاتب ابراهيم عيسى اننا من المفترض ألا نطيع الرئيس ولكن أن نطيع القانون . لغة ابراهيم عيسى غير مفهومة لأغلب الشعب المصري ، هو يتكلم عن دولة حديثة ، وهم يرون مصر كقبيلة كبيرة تحتاج لزعيم. http://www.youtube.com/watch?v=zKmxbkqk5b4 (5) تصريح أحد نواب الاخوان بأن الاخوان أسياد المصريين واستنكار حزب الأخوان لكلامه : http://www.masrawy.com/news/Egypt/Politics/2012/June/5/5074505.aspx (6) مفهوم الحكم = ركوب هو مفهوم جنسي الدلالة أول من ناقشه صراحة هو المجهول دكتور ع ع في كتابه "تراث العبيد" ، والذي ناقش فيه ميراث العبودية الذي ورثه المصريين من حكم العبيد (المماليك) لهم .
#ابراهيم_القبطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خواطر ما بعد الثورة : خلافة مرسي
-
خواطر ما بعد الثورة : حوار مع ثوار
-
خواطر ما بعد الثورة المصرية : كل ثورة وانتم طيبين
-
خواطر ثورية (11): أزمة شعب
-
خواطر ثورية (10): تشريع الجهل
-
خواطر ثورية (9): شريعة المرض
-
خواطر ثورية (8): مش عايزين ريس
-
خواطر ثورية (7): عصابة الأربعين حرامي
-
خواطر ثورية (6): حزب لكل مواطن
-
خواطر ثورية (5): قرآن أو دستور
-
خواطر ثورية (4) : شريعة الفقر
-
خواطر ثورية (3) : دستور تايه يا ولاد الحلال
-
خواطر ثورية (2) : جيش المماليك والدراويش
-
خواطر ثورية (1) : من أنتم ... من أنتم ؟
-
حق الأقباط في الدفاع عن أنفسهم
-
المشاركة الحزبية أمل الأقليات في مصر
-
الأقباط والعلمانيون في مواجهة المادة الثانية من الدستور المص
...
-
هل هي محاولات لإلهاء الأقباط .... ؟!!
-
الإرهاب الإسلامي يتراجع ... بالأرقام
-
نريد وطنا يحكمه الشعب لا الأبطال
المزيد.....
-
دولة إسلامية الأسرع نموا بين بلدان مجموعة العشرين
-
الإمارات.. إصدار إرشادات لتعزيز الاستدامة المالية الإسلامية
...
-
اللجنة الوزارية المكلفة من قبل القمة العربية الإسلامية المشت
...
-
قائد الثورة الاسلامية: طوفان الاقصى لن يخمد ولن يستمر الوضع
...
-
اللجنة الوزارية المكلفة من قبل القمة العربية الإسلامية تعقد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شعلة طوفان الأقصى لن تنطفئ
-
اللجنة الوزارية العربية الإسلامية تؤكد رفضها التهجير القسري
...
-
بينهم شكري.. اللجنة الوزارية العربية الإسلامية يلتقون وزير خ
...
-
اللجنة الوزارية العربية الإسلامية تطالب المجتمع الدولي برفض
...
-
تحذير ألماني من خطر الهجمات الإسلامية بسبب الحرب في غزة
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
-
ظاهرة الهوس الديني في مصر - مقال تحليلي
/ عادل العمري
-
فرويد والدين
/ الحسن علاج
-
كيف دخل مصطلح العلمانية في الثقافة العربية المعاصرة والحديثة
...
/ فارس إيغو
-
تكوين وبنية الحقل الديني حسب بيير بورديو
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|