ألموسيقى في ألأمثال ألشعبية

علاء دهلة قمر

الحوار المتمدن-العدد: 3765 - 2012 / 6 / 21 - 00:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يخضع ألانسان في صفاته وخصائصه علمياً إلى عاملين متلازمين هما ألوراثة وألبيئة ... أما في قولنا : كثرة ألنزول الى الماء تعلم ألسباحة وكثرة استعمال ألسلاح تعلم الرماية ... ففي الحالتين يستطيع ألانسان ان يكتسبهما من الوسط أو المحيط الذي يعيش فيه مثلما يعلمه نظم واطلاق الحكم وألأمثال :ـ
وعندما نستعرض عصور ألتاريخ نجد في تلك الحكم والامثال نماذج من الحياة العقلية وامثلة من الفطرة على حقيقتها من غير مبالغة أو تزيين.
فاذا ماوجدنا ألموسيقى تنطلق لا على ألأوتار والمزامير وحدها ، بل على أوتار ألقلوب والشفاه أمثالاً وكلمات أيقنا ان الموسيقى وعذوبتها تتمتع بمكانة سامية في الحياة العامة . وما هذه ألأمثال الشعبية الدائرة بالفاظها ومعانيها حول الموسيقى إلا دليل رسوخ هذا الفن في ضمير المجتمع والتي تأتي باساليب مختلفة بين التشبيه والمجاز وألأستعارة والكتابة ، وتستخدم فيها ايقاع الآلات الموسيقية تارة والفاظ الغناء والسماع والافراح وملحقاتها تارة اخرى .
وعلى سبيل القول فمن ألأمثال في ألآلات الموسيقية قولهم ( لا ينفع طبل ولا دف ) وهذا المثل نظير لقولهم ( لا في العير ولا في النفير )ويضرب فيمن لايرجى منه خير ، ولا يصلح لكبير الامور أو صغيرها لتفاهة شأنه وانعدام جدواه .
أما من ألأمثال في الغناء والاصوات ( إبعد عن ألشر وغني لهُ ) ويضرب للمبالغة في التوقي من الشر والابتعاد عنه ، واعتبار ذلك من النِعم في حياة ألأنسان . فكأَن قائلا يقول اجعل بينك وبين الشر قناة تفصلك عنه ، ويقول آخر : بل يجب أن اغني حتى يبتعد فأن الشرير ينبغي أن يلاين ويداري حتى يذهب ويذهب معهُ شرهُ .
وكما في قولهم : ( توته توته وخلصت ألحدوثة )...
الجزء الاول من هذا المثل اسم صوت يصور تقطيعات رنين المزمار ، والاحدوثة هنا يراد بها الحكاية التي يتحدث بها للتسلية ... وهو مثل تشبيهي لحال اولئك الذين يقيمون الدنيا ويقعدونها في موضوع لاتساوي أهمية مايدور من الكلام حوله، وسرعان ماينتهي دون ان يترك له أثراً .
وهناك امثلة في الرقص كقولهم :( أول الرقص تحنجل) يبين هذا المثل ان وقوع الحوادث لا تأتي مفاجأة ، كما لا تنشأ العادات دفعة واحدة ولكن للاشياء مقدماتها وبوادرها ، فعادات الادمان تبدأ بتجربة على سبيل الاستطلاع ثم لا تلبث العادة ان تتطور وتتأصل . كما أن الرقص يبدأ بالحجل وهو رفع احدى القدمين والمشي على القدم الاخرى مشياً بطيئاً .
واكثر مايضرب هذا المثل في العادات السيئة ، جنبنا ألله واياكم تلك السيئات ، ومن امثال الدق والضرب قولهم : تضربني تقطع رأسي تصالحني تجيب لي رأس منين ( تضربني فتقطع رأسي ثم تصالحني فمن أين تأتيني برأس آخر ). هذه كلمة شعبية صيغت صوغ المثل ، ويراد بها ان ألأنسان ينبغي له ان يتريث ويتئد في العقاب والتنكيل ولا يسرف في الانتقام ، وان يبغض بغيضه يوماً فعسى ان يكون صديقه يوماً ما . فاذا خاصمت أحدً أو حاربته فاذكر انك قد تستعيد مودته ، فلا تضرب الضربة القاضية ودع للصلح مجالاً ، لانك إذا استأصلت المودة وقضيت على روابطها فقد أضعت الاسباب وأقفلت الابواب ، عندها لاتستطيع مستقبلاً ان تجد صديقاً او رفيق درب يشاركك هموم الحياة ومصاعبها .
أما ألأمثال في الفرح والزواج كقولهم : بفلوسك تصبح بنت السلطان عروسك .. والمتداول عند عامة الناس هو ( الفلوس تجيب العروس ) ومعناه ان ألأموال تبلغ أبعد ألآمال ، وترتفع بوضع المنزلة الى أرقى الطبقات وتبلغه المستحيل ولو كان زواج بنت السلطان وهو تصوير مبالغ فيه للتدليل على ما للمال من السحر والقدرة وقوة النفوذ في الحصول على كل شيء شريطة ان لا يصل الى حد شراء ذمم ألآخرين .
وقولهم : أرادت الحزينه ان تفرح فلم تجد لها مطرح .... المطرح معناه المحل او المكان او الوسيلة ، ويضرب هذا المثل في كل من تلازمه ألأشجان وتتبع ظله ألأحزان ، فلما تكاد الحياة تبتسم له حتى يعترضه شؤم الحظ ونكد الطالع ، فهو لا يكاد يبتهج حتى يبتئس ولا يكاد يضحك حتى يبكي .
وقولهم : يافرحة ماتمت خذها الغراب وطار ...... وفيه تصوير المسرات التي تعالجها ألأقدار بالأكدار ، والغربان لاتخطف ألأفراح وانما قيل ذلك على سبيل التشاؤم من الغراب وسرعة انقضاضه واختطافه مع المبالغة في التصوير في حين نجد اناسا يتفاءلون بالغراب كما يحدث مع جارتي التي تجاوزت السبعين من العمر حيث تصرف مبالغ لايستهان بها من اجل اطعامها قرب نافذة مطبخها ... ولله في خلقه شئون .
وهناك المزيد والمزيد من ألأمثال التي يغلب عليها الطابع الموسيقي العذب نتداولها في حياتنا اليومية دون ان نحس بها أو حتى ندرك معانيها وفيها من الحكمة وألارشاد ماتجعلنا نرى من خلالها طريق الصلاح والخير وحب الناس جميعا وما احوجنا الى ذلك في هذا الزمن الصعب الذي اصبحت فيه حياتنا عبارة عن واحة من النكد والشؤم واحتضان المآسي ،،،،،،

#علاء_دهلة_قمر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات