أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - وردةٌ بيضاء على لحدِكَ يا أبي














المزيد.....

وردةٌ بيضاء على لحدِكَ يا أبي


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3761 - 2012 / 6 / 17 - 18:43
المحور: المجتمع المدني
    


توفى والدي وانا في الثالثة عشر من عُمري .. كان ذلك في بغداد بداية سنة 1968 .. حيث لم تكتَحِل عيناه برؤية أبطال الإنقلاب الثاني للبعث .. مُكتَفِياً بذكريات مريرة عن إنقلابهم الفاشي الأول في 1963 . أرى من واجبي أن ألقي بعض الضوء ، على محطاتٍ من حياة أبي .. في مُناسبة ( عيد الأب ) الذي يُصادِف هذه الأيام . كانَ يملكُ دكاناً في بغداد الجديدة ، خلف " جامع السامرائي " تماماً .. وكانَ يأخذني معه الى الدُكان في السنوات الاخيرة ، حيث أساعده .. ولقد بقيتُ اُدير المحل وحدي بعد وفاته ، الى أن بعناه بعد سنتَين .. بعدَ أن " بهدلتُ أحواله " .. لِقلة خبرتي ودوامي في المدرسة ! .
ابي من مواليد مدينة العمادية في مُقتَبَل القرن الماضي .. درسَ في الكتاتيب ومن ثم في المدرسة لغاية الصف الخامس الابتدائي .. وكان يُجيد القراءة والكتابة " ولم يكن ذلك شيئاً شائعاً قبل تسعين سنة في تلك المنطقة الجبلية النائية " . منذ شبابه ، كان دكانه في سوق العمادية ، مُلتقى القرويين والفلاحين .. الذين توثقتْ علاقته بهم .. وكثيراً ما كان يكتب لهم ( عرائض ) وتظلمات للسلطات الملكية .. ضد جَور الإقطاعيين وتعسفهم .. ويدلهم على الطرق الصحيحة لِنَيل حقوقهم المُستلبة .. فسرعان ما ساءت علاقته .. بالإقطاعيين في المنطقة .
بعد مُنتصف الثلاثينيات .. إنتمى الى حزب " هيوا " أي " الأمل " .. وأُعتُقِلَ في 1939 وحُكمَ عليهِ لمدة سنة . إستمرَ في تعاطفهِ مع قضايا الفلاحين طيلة الأربعينيات والخمسينيات .. ولم يكن مُنتمياً الى أي حزبٍ حسبَ معلوماتي بعد حَل حزب هيوا.. لكنه كانَ مُنحازاً بوضوح الى جبهة اليسار في الإستقطاب الذي جرى في العمادية ، بين مؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة ومؤيدي الحزب الشيوعي العراقي من جهةٍ اُخرى في 1959 بعد حركة الشواف في الموصل .. فبعدَ إشتراك جماهير الحزبَين معاً في دَحر المتآمرين في الموصل ، والدفاع عن الجمهورية الوليدة ... حصلَ إنقسامٌ بين الطرفَين .. فحدثتْ ما سُميَ " معركة السوق " في العمادية .. بين مؤيدي الطرفَين ، وجُرِحَ العشرات فيها .. وكان من نتائجها [ نَفي ] بعض مَنْ اُعتُبِروا من النُشطاء .. الى مناطق في الوسط والجنوب .. وفرض الإقامة الجبرية عليهم لمدة سنة .. وكان أبي من بينهم .. حيث نُفيَ الى ناحية كنعان في بعقوبة .. وإصطحبني معه وجزءاً من عائلتنا . بعد إنتهاء مُدة نفيهِ .. لم يستطع العودة الى العمادية .. لأنه كانَ مُلاحَقاً من إقطاعيي المنطقة .. فإستقرينا في بغداد منذ ذلك الوقت ... وحتى في بغداد أتذكر وانا طفل .. اننا إنتقلنا في إحدى السنوات الاولى للستينيات .. بين ثلاث بيوت مؤجرة .. في شهرٍ واحد .. هرباً من الإخباريات الكيدية التي كان يقوم بها إقطاعيوا ورجعيوا العمادية من خلال الاجهزة الامنية . عموماً .. نتيجة الضغوطات المُختلفة وتراكم المشاكل الصحية .. توفى أبي في آذار 1968 ولم يكمل الستين من عمره .. ودُفنَ في مقبرة مجاورة لمرقد عبد القادر الكيلاني في بغداد . أبي دخلَ السجن لأسباب سياسية نهاية الثلاثينيات .. ولوحِقَ وحورِبَ لسنين طويلة في العهدَين الملكي والجمهوري .. لأنه كانَ مُصطفاً على طول الخط .. مع الفلاحين المُضطهَدين وقضاياهم العادلة والفقراء والمهمشين .
..................................
باقة وردٍ بيضاء عطرة كبيرة .. اُقدمها لك ياأبي .. في [ عيد الأب ] .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو ؟!
- المسافة
- البيشمركة المُناضل ( خوسيه موخيكا ) !
- المراحيض الغربية والشرقية
- دولة الدكاترة
- التصالُح مع النَفس
- الأزمة العراقية .. أعمق مِما تبدو
- يوم البيئة : من أجل حفنة من الدولارات
- السُلطة لي .. مَذهبٌ ودِين
- مَشهدٌ من الموصل
- المالكي والإستعانة بالضباط السابقين
- الرياضة المدرسية
- الشعب المصري والتثاؤب
- المالكي في الموصل
- جائزة ( التخّلُص من الحَياء ) !
- ماذا تعمل ؟
- حبذا لو كان قادتنا غير متزوجين !
- 5+1 = 6 !
- الصراع على الموارد و - دولة - كردستان
- خريف الإتفاق الإستراتيجي


المزيد.....




- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - وردةٌ بيضاء على لحدِكَ يا أبي