أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - هل نشهد ربيعا شعريا...؟















المزيد.....

هل نشهد ربيعا شعريا...؟


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3757 - 2012 / 6 / 13 - 18:00
المحور: الادب والفن
    



مجموعة شعرية: ما تيسر من عشق ووطن
الشاعر نزيه حسون ( 122 صفحة من القطع المتوسط)
الناشر مكتبة الجماهير - شفاعمرو (2012)

ليس سرا ان موقفي متشائم من حالة الشعر المحلي في السنوات الأخيرة، وكنت قد نَوهت ان لدينا عدد كبير من الشعراء ولكن قليل من الشعر.
في الفترة الأخيرة قرأت عدة اعمال شعرية طمانتني الى ان الوعي الثقافي للشعر ، صياغة وفنية، بدأ يعطي ثمارا لا يمكن تجاهلها، رغم الطابع السائد من كثرة المجموعات وقلة الشعر. والى جانب الوعي الثقافي للشعر لا بد من وعي لدور الشعر الاجتماعي والأدبي. في الشعر لا يمكن الإكتفاء باتقان مهنية الصياغة فقط. بدون الوعي الاجتماعي والثقافي والأخلاقي والنضالي (في حالتنا) نظل ندور في حلقة مغلقة من صياغات قد تكون كاملة فنيا ولغويا، ولكنها خلو من المعنى ومن الجمالية الابداعية ومن العلاقة مع المجتمع الذي من المفروض ان الشاعر يبدع من أجله.
ارجو الا يفهم كلامي ان كتابتي عن مجموعات ما ، هو اسقاطي لسائر المجموعات الشعرية. الأمر ما هو الا محض صدفة. قرأت في السنة الأخيرة عدة أعمال شعرية جيدة. طبعا لا اعني انها تجاوزت حدودنا المحلية الى آفاق لم يصلها في شعرنا الا عدد من الأسماء أقل من اصابع اليد الواحدة. ولكني أكون جاحدا ومدعيا اذا اصررت ان شعرنا يتراجع دون فرامل توقف انحداره.ما قرأته في السنة الأخيرة يطمأن ان الأزمة ، رغم عمقها، في حالة ضمور.
وهذا بالضبط ما لفت انتباهي لديوان الشاعر نزيه حسون، الذي يمكن ان يعالج من زوايا متعددة اسلوبيا وفنيا.قد يجد الناقد ان الصور الشعرية تقليدية. وقد يجد ان الشاعر التجأ الى اسلوب عبره شعرنا منذ سنوات الثمانين وما قبلها من القرن الماضي. والسؤال المشروع هنا، هل العودة الى تراثنا الشعري في فترة سابقة ٍعرفت بشراسة تصادمنا مع السلطة، والبناء عليها من جديد، في واقعنا اليوم ، الذي يتميز بصفته مرحلة حرجة غير مسبوقة حتى في ايامنا القاسية ، ومن ظواهرها المقلقة ما نعانيه من تراجعات على كافة الأصعدة، ومن تبعثر صفوفنا، ومن أزمة تنظيمات وقيادات. وتفسخ اجتماعي وطائفي وعائلي كنا نظن اننا عبرنا تلك الأيام الى غير رجعة. في الواقع ما جرى كان تحركا سلبيا تراجعيا. فهل العودة لأسلوب صبغت أيامنا بشعر حماسي او مهرجاني، وجعلت من الشعر سلاحا نضاليا وتعبويا للجماهير، هل هو تراجع حقا ام ميزة باتت ضرورية بحكم ما يجري؟!
هذا السؤال أشغلني بعد قراءة القصيدة الأولى، "تهوي العروش اذا الشعوب تصمم".وساعود للموضوع .
تغلب على الكثير من قصائد ديوان نزيه حسون ما يعرف بشعر الحماسة،او الشعر المهرجاني. والقسم الثاني يذهب الى الغزل وما تتركه الأنثى من لوعةٍ في النفس ومن اثارة اجمل مشاعر الجمال في النفس الانسانية.
قصيدة "تهوى العروش.." ذكرتني بقصيدة ابو القاسم الشابي " اذا الشعب يوما اراد الحياة". فها هو يهتف :
صبوا الدماء على الثرى وتقدموا
جسر الولوج الى الخلود هو الدم
دكوا العروش كما الزجاج تحطما
تهوي العروش اذا الشعوب تصمم
لست خبيرا في بحور الشعر. وما انا الا قارئ يملك بعض الثقافة وبعض الرؤية الأدبية. وأظن انها تؤهلني للتعبير عن رأي ثقافي ذوقي ، وليس شرطا رأيا نقديا.
وكما لاحظت ، هذا الشعر أعادني الى ايام الشعر المهرجاني. او الشعر الحماسي كما يحب البعض ان يسميه ولا ارى فرقا. وكما اسلفت لعب دورا هاما في تاريخنا الثقافي والنضالي. كان الشعر من ضرورات تجنيد الجماهير وتعبئتها لمواجهة التحديات التي واجهتنا بعد نكبة شعبنا والحصار الثقافي المفروض علينا وسياسة مصادرة الأرض وتقييد حرية التنقل وحق العمل، والنفي ، والاغلاق العسكري للمناطق التي نعيش فيها، وسياسة الارهاب البوليسية، وطرد المعلمين الوطنيين لتعميق سياسة التجهيل.. والاعتقالات الدورية لكل النشطاء السياسيين.. ومنهم شعراء لعبوا دورا كبيرا في ظاهرة الشعر المناضل.. وهي تسمة أخرى.. قد تكون أقرب للواقع.
البعض ينتقد ذلك الشعر بالادعاء ان فنيته منخفضة. وانه شعرا مباشرا مليء بالشعارات.
ربما. ولكن التقييم بدون استيعاب متطلبات تلك المرحلة الثقافية والنضالية، هو عجز نقدي او تقييمي او معرفي .
كانت تلك مرحلة صعبة واجهت فيها الأقلية العربية حصارا ثقافيا وسياسيا . وواجهت محاولات كسر انتمائها لهوية وثقافة فلسطينية وعربية، ومحاولات شرذمتنا الى طوائف متصارعة ، ومحاولات تقزيمنا سياسيا ونضاليا والتصرف المنفلت الاجرامي ضدنا، كما حدث في مجزرة كفر قاسم.
كان الشعر المهرجاني الحماسي النضالي ُملحَّا الى أقصى حد. كان الفهم الكامل والواعي للربط بين السياسي والثقافي. كان الشعر الفصيح والعامي سلاحنا النضالي المعنوي الذي لعب دورا لا يمكن تقييمه بهذه العجالة وادعي ان تلك المرحلة ، لم تعالج بما تستحقه من تقييم ثقافي وسياسي ، وأثر تلك المرحلة على تطور القصيدة المحلية والأدب المحلي عامة..
فهل بالصدفة ان العالم العربي انبهر بعد ان اكتشف شعرنا على أثر هزيمة حزيران 1967؟
لا اتحدث عن التطور اللاحق الذي انجزه شعرنا, ووضعنا على راس الشعر العربي، وباتت أسماء شعرائنا تحتل الصدارة في الشعر العربي.
عندما يواصل نزيه حسون ما انقطع من تاريخنا في واقع سياسي واجتماعي مأزوم (ومن هنا ازمة شعرنا وليس من بسبب تراجعنا الثقافي). فهو بوعيه او بعفويته، لمس ضرورة احداث قفزة ، ويبدو ان العودة لما كان ، ليس تراجعا بقدر ما هو خطوة الى الوراء من أجل عشر للأمام.. وهذا ما أحسسته على الأقل، بديوانه الجديد"ماتيسر من عشق ووطن".
ويواصل في نظرة الى الربيع العربي:
هذا ربيع الثائرين بأرضنا
صوب المنى درب الفدا يترسم
هبت نسائمه تؤرخ نصرنا
وعروش من سفك الدماء تحطم
ربما افتقد هنا الصور الشعرية، والحداثة الشعرية في الصياغة والمضمون.ولكن واقعنا وخاصة واقع اخواننا الدروز، والشاعر نزيه ابن الطائفة العربية قوميا والفلسطينية جغرافيا والدرزية دينيا، أسر لي بحديث خاص برأيه ، الذي اقبله بدون تردد، أن الشعر الحماسي لم يفقد دوره التاريخي ، بل يتجدد هذا الدور، وله قيمة لا يمكن نفيها ،خاصة في الاصرار على الانتماء العروبي، الذي تنشط السلطة الصهيونية لتشويهه..فكان لا بد من قصائد مثل قصف الرعد اصرارا على الانتماء الثقافي والوطني.
انها بيان واضح على الانتماء.
اني اشكك في عروبة حاكم
عن ذبح شعب اعزل لا يحجم
اعطيت قصيدته الأولى الجزء الأساسي من مداخلتي.فقد وجد فيها ما اردت ان أقوله منذ وقت طويل.
في قصائد أخرى، نجد نزيه حسون عاشقا مرهف الحس. يعرف الغزل الرقيق وليس صياغة الكلمات النارية فقط.
عيناك سر غامض
أبحرت كل العمر في اعماقه
لكنني ما زلت أجهل ما مداه. (من قصيدة عنوان لفلسفة الإله)
وستظل تجهل ما مداه.. كما نجهل نحن أيضا...
في قصيدة عمودية أخرى"ربي اعدني لموطني" يؤكد نزيه الانتماء ..
ان يهدموا بيتي وكل مدائني
هيهات يهدم من عروقي موطني
قد ينحني هام الزمان لحقبة
لكن هامة شعبنا لن تنحني
اجل وهذا ما نؤمن به يا نزيه.
الذي اتعبني قليلا ان الشاعر لم يفصل بين القصائد العمودية وبين قصائد التفعيلة فكنت أشعر اني استمع الى سيمفونية كلاسيكية لموتسارت وتقاسيم على العود بنفس الوقت. لموتسارت جماله وسحره وللتقاسيم جمالها وسحرها. لذلك اعتقد ان على الشاعر، الذي يكتب باساليب متعددة ، ان يفصل في مجموعته بين الأساليب المختلفة. الشعر العمودي في قسم وشعر التفعيلة قي قسم آخر واذا وجدت منثورات في قسم ثالث .
في غزليات نزيه حسون نجد الصور الشعرية الجميلة التي ما كان من الممكن ان تشملها القصائد الحماسية.هنا نشعر بقلبه يدق بقوة أكبر. واندفاع الشاعر يتحول الى رجاء ووله لأنثى تسحره ، فيشكو:
" ما للقصيدة ما للشعر يخذلني" (قصيدة عيناك محراب الصلاة)
سيخذلك بحضورها ولو كنت دون جوان عصرك!!
اريد ان أضيف. لا اعتبر كتابتي نقدا انما تعبيرا عن رأي ثقافي حول ديوان شعر، لشاعر متمكن من ادواته، في واقع ثقافي يشعرني بحيرةٍ كبيرةٍ مما ينشر من مجموعات شعرية، الكثير منها يفتقد حتى للغة الجميلة... وبعضة من الصعب قبوله كانشاء بسيط.
هذا الديوان نموذجا، يطمأن ان الطريق لم تعد نزولا متواصلا فقط، ها نحن نصعد بثبات، ببطء ولكن بلا توقف ..والطريق اضحت واضحة ولا اريد ان ابالغ بالقول ان الأزمة في تراجع... لأنها معركة أوسع من مجرد كتابة الشعر. معركة تشمل كل واقعنا بكل مركباته. وكل خطوة للأمام هي مكسب هام في الطريق نحو ثقافة ترتبط بالشعب ، وتخدم قضاياه .



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء...!
- صراع بين الحرامية
- لننصف النساء في مجتمعنا أولا ... - تعقيب على مقال اساف اديب ...
- سعيد نفاع يقيم مأتما في الجنة
- كتاب تاريخ الناصرة – مسيرة عبر العصور
- دعما لرفض مئات الشباب الدروز للخدمة العسكرية
- ظواهر مقلقة في ثقافتنا
- ما ينبغي ان يقال عن الثقافة والمثقفين!!
- كيف صار لله شعب مختار؟
- النقد والثقافة النكدية
- إستقلال شر من شتات!!
- حسين مهنا شاعر ومثقف موضوعي يبني قصيدته كمهمة ثقافية وفنية
- حتى الفضيحة الاحتلالية القادمة...
- السامية مكشوفة على حقيقتها
- إسرائيليات: الجنرال موفاز انتصر بأصوات العرب
- هل بدأ -الرينيسانس-* في الشرق؟!
- حتمية التغيير في عالم متغير ..
- عجيبة بيت أبو بشارة
- قصيدة غير معروفة للشاعر سالم جبران يبكي رحيل صديقه محمود درو ...
- صلاة القلب


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - هل نشهد ربيعا شعريا...؟