أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - عن العقل في الاسلام















المزيد.....

عن العقل في الاسلام


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 3757 - 2012 / 6 / 13 - 14:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


انه لايجب أبدآ اغفال دور العقل واقحام أمور لا تمت للعقل والمنطق بصلة والباسها ثوب القداسة والمعصومية ، ولايجب أبدآ أن نتناول الأحاديث النبوية حتى الصحيح منها أو التفسيرات التراثية الدينية من منطلق التسليم المطلق خاصة وأن أولى المحاولات الحقيقية والممنهجة (بحدود ظروف وآليات ذاك العصر ) والتي ظهرت مع كتاب البخاري لم تكن الا بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بقرابة المائتي عام وفي ظل ظروف عصر الخليفة المتوكل الذي انتصر لجماعة النقل على حساب جماعة العقل والمنطق واضطهادها .

أو كما قال مالك بن أنس من ابتدع في الدين بدعة ظنآ منه أنها حسنة ، فقد زعم أن محمدآ صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة لأن الله تعالى قال (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينآ) ، أو المنسوب لابراهيم الدسوقي و أبي يزيد البسطامي الصوفي أنه يستطيع اغلاق أبواب جهنم بمرقعته (ثوبه البالي) ، وما يعنيه ذلك من الغاء للعقل والجمود وعدم التجديد والنظر نظرة الريبة والتكفير الى كل من يأتي بأمر لم يرد ذكره نصآ في القرآن ، بما يحمل القرآن بما لايجب تحميله ، فان نظرنا الى روح القرآن والانجيل والتوراة لا نصوصهم وحروفهم فقط لوجدناهم دعوة الى الاجتهاد والعمل بما يحقق الخير والفلاح بمقتضيات كل عصر لإاينما كانت المصلحة (الحقيقية والصريحة) لعامة الناس والمجتمع لا لخاصتهم وقليلهم كان شرع الله ومبتغاه في الحرية والعدل والسلام .

يقول الامام العلامة أبو العلاء ابن النفيس في مقدمة كتابة (المختصر في أصول علم الحديث النبوي) من قرع سمعه خلاف ما عهده فلا يبادرنا بالانكار فذلك طيش ، فرب غريب حق ومألوف محمود كاذب ، فالحق حق في نفسه لا لقول الناس له ، واذا تساوت الأذهان والهمم فمتأخر كل صناعة خير من متقدمها .

قال الامام محمد عبده امام التجديد والتطوير بعد أن عاد من الغرب وجدت هناك اسلامآ بلا مسلمين وهنا مسلمين بلا اسلام ، وكذلك قال كل ما يعاب على المسلمين ليس من الاسلام ، انما هو شئ آخر سموه اسلامآ ، فلا يمكن مثلآ القبول بقول عبد الوهاب الشعراني بأن الر جل لايبلغ منازل الصديقين حتى يترك زوجته كالأرملة وأولاده كالأيتام ويأوي الى منازل الكلاب !!! فلايمكن اعتبار ذلك من الاسلام حتى لو صدر من رجل صنف في عصره وأوانه فقيهآ وعلامة .

وأبو حامد الغزالي قد رفض الفلسفة وعاب عليها أخذها بالمنطق والعقل وكتب كتابه تهافت الفلاسفة للنيل من الفلسفة والتصورات والتفسيرات العقلية للظواهر والأمور والخفايا ، فلايمكن ونتيجة لفعل وقول واحد من مشاهير المسلمين كأبو حامد الغزالي أو غيره ممن يشرعون اغفال العقل أو آخرون يشرعون الديكتاتورية والتسلط والقمع لا يعقل أن نراهم محتكرين لحقيقة الاسلام ومراده وننسى دور واجتهادات علماء كابن رشد الذي رد على الغزالي في كتابه تهافت التهافت وتأكيده بأن الله أعطانا العقل ولايمكن أن يعطينا شرائع مخالفة للعقل وأن الله يستدل اليه بالعقل .

أما من يستغلون الأحاديث المنسوبة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم باعتبارها مرجعآ ومدخلآ يلجون منه في هجومهم على الاسلام و المسلمين باعتبار مجموعة من تلك الأحاديث تؤسس و تمؤسس لعقل جمعي اسلامي كاره للمرأة ومؤيد لثقافة العبيد واستعباد الناس ورفض العقل ، فكما انه لايجب الاستناد الى التفسيرات البشرية للأديان لأنها تظل في النهاية محض تفسيرات بشرية لا ملائكية عرضة للصواب والخطأ والهوى وضغط الظروف و الاحوال التي عاصرها صاحب التفسير والاستناد الى أحاديث موضوعة وغريبة ، فانه لا يجب كذلك الاستناد الى أحاديث منسوبة الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى ولو كانت موسومة بالصحة في بناء الحكم النهائي على الدين والولوج الى اعتقاد معين بصحة أو بطلان هذا الدين أو ذاك ، فالأحاديث النبوية مقسمة الى ثلاث (مقتطفات من كتابي الامبراطوية ):

1 ـ الأحاديث المتواترة هى ما رواها عن النبى فى عصور الصحابة والتابعين وتابعى التابعين جمع يمتنع تواطؤهم واتفاقهم على الكذب عادة ، وأمثلة هذه الأحاديث الأحاديث العملية مثل الصلاة التى لم يرد بيانها فى القرآن الكريم ونقلت عن النبى الذى قال: " صلوا كما رأيتمونى أصلى"وكذلك الحج والعمرة ( وقد كانت شعائرها معروفة فى عصر ما قبل الإسلام وغير الإسلام فى التكبيرة الخاصة بعدم وجود شريك لله ) وأخذت الشعائر عن النبى الذى قال:" خذوا عنى مناسككم".

أما الأحاديث القولية فإن الفقهاء لم يتفقوا على تواتر أى حديث من الأحاديث بلفظه وقال البعض إن ثمة حديثًا واحدًا ثبت فيه التواتر هو حديث:" من كذب علىّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". [ زكريا البرى ـ أصول الفقه الإسلامى ـ ص 49 ].

والسنن المتواترة قطعية الورود عن النبى ومن ثم يعمل بها ـ فى المسائل العقائدية ـ ما دام التواتر يوجب العلم اليقينى .

وتواتر الحديث بالنقل والتدوين ـ بعد عصور الصحابة والتابعين وتابعى التابعين ـ لايجعل الحديث متواترًا لأن نقله فى العصور الثلاثة التى كان عماد الرواية فيها على المشافهة والسماع لم يكن متواترًا ولذلك لايقطع بصحة مثل هذا الحديث وثبوته . [ زكريا البرى ـ أصول الفقه الإسلامى ـ ص 50 ].

2 ـ أما الأحاديث المشهورة أو المستفيضة فهى تلك التى رواها عن النبى صحابى أو جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رواها فى عصر التابعين وعصر تابعى التابعين جمع بلغ حد التواتر.

ومثل هذه الأحاديث الحديث الذى رواه عمر عبد الخطاب عن النبى قال: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" .. وحديث " بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله محمد رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ".

والفرق بين الأحاديث المتواترة والأحاديث المشهورة أن الأحاديث المتواترة رويت بطريق التواتر فى العصور الثلاثة الأولى ( عصر الصحابة وعصر التابعين وعصر تابعى التابعين ). أما الأحاديث المشهورة فلم يتحقق فيها التواتر إلا فى عصر التابعين وتابعى التابعين بمعنى أنه لم يتحقق لها تواتر فى عصر الصحابة.

والأحاديث المشهورة لاتفيد القطع واليقين بروايتها عن النبى وإنما تفيد الظن القريب من اليقين. [ زكريا البرى ـ أصول الفقه الإسلامى ـ ص 51 ].

3 ـ الأحاديث الآحاد فهى تلك التى رواها عن النبى عدد لم يبلغ حد التواتر فى عصر التابعين وعصر تابعى التابعين وتسمى ـ لذلك ـ أخبار الآحاد لأنها ما تكون قد رويت من واحد عن واحد عن واحد وهكذا. و(((أغلب الأحاديث من هذا النوع))).

وهذه الأحاديث تفيد الظن " الراجح" بنسبتها إلى النبى ولا تفيد القطع كالأحاديث المتواترة ولا تفيد التقرب من القطع كالأحاديث المشهورة.

ولأن أحاديث الآحاد ظنية وليست قطعية ولا قريبة من القطعية فإن بعض المذاهب والفرق الإسلامية انتهت منذ وقت مبكر فى تاريخ الإسلام إلى رفضها وإنكار حجيتها وعدم العمل بها.

ومن الأحاديث الثابتة ـ فى صحيح الخارى المعتبر أنه أصح كتب الحديث ـ وتتنافى مع العقل وتتجافى مع المنطق أحاديث كثيرة نذكر منها ثلاثة:-

* { إذا وقع الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن فى احد جناحيه شفاء وفى الآخر داء } [ رواه أبو هريرة وأخرجه ابن ماجه أيضًا ـ فى الطب ].
وهو حديث واضح المخالفة للعقل والمجانبة للذوق ولا يمكن أن يتفوه به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

* { تدرى أين تذهب ( الشمس ) ... قال النبى: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لهايقال لها ارجعى حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعال { والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ رواه أبو ذر وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى ].

والمعلوم حاليًا فى المعارف البشرية والعقل الانسانى وصميم العلوم أن الشمس لاتتحرك نحو المغرب ولكن الأرض تدور من المغرب إلى المشرق حول الشمس وإن الشمس لاتسجد وإنما تُشرق فى أماكن أخرى حتى تصل إلى منطقة الشرق الأوسط .

ومؤدى ذلك أن التسليم بصحة الحديث يلغى كل المعارف العلمية والمفاهيم العقلية وهو مالا يدعو إليه الإسلام بل يأمر بضده.

* { إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة }. وتقدير هذا الحديث وفقًا لضوابط العقل ومعايير الإسلام وموازين القرآن يجعله محل نظر لأنه يلغى مبدأ الحرية الشخصية التى قررها القرآن : { بل الإنسان على نفسه بصيرة } [ سورة القيامة 75 : 14 ] { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } [ سورة النساء 4 : 97 ] ، { وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقطنون } [ سورة الروم 30 : 36 ]. يضاف إلى ذلك أن الحديث يسقط مبدأ المساءلة أو لا يجعلها على إثم اقترفه الشخص بإرادته. فما دام حظه من الزنى قد قُدر عليه فأين يهرب من قدره؟! وهل يستطيع إنسان ذلك ؟ ولم يعاقب على قدر لم يختره لنفسه ولم يقترب من بإرادة حرة واعية؟!.

وفي نفس السياق هناك حديث آخر وهو }أكثر أهل الجنة من البله{ (ضعاف العقل) وهو في حد ذاته قول لا يصح أبدآ أن نعتقد في أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد قاله دون أن نجهد أنفسنا عناء اثبات مدى صحة سنده ، فالعقل ير فض تمامآ مثل هذا القول ، وبالتالي لايجب أبدآ أن يؤخذ مثل ذاك الحديث المزعوم اشارة أو دلالة على سوء أو عوار في الاسلام المنزه عن عدم احترام الانسان والعقل والمنطق ، ومع ذلك فقد اتخذ أبو حامد الغزالي علامة زمانه هذا الحديث كمرجعية هامة في كتابه احياء علوم الدين لاثبات فشل العقل والفلسفة (وفق زعمه) عن ادراك حقيقة الايمان !!! .

صحيح أن الفيلسوف عمانويل كانط في كتابه (نقد العقل الخالص) أكد أن العقل البشري لا يتمكن الا من فهم الظواهر وما يمكن الاستدلال عليه حسيآ وماديآ ويشكك في الغيبيات ؛ ولكن ذلك لا يعني الغاء احترام العقل وقواعد المنطق التي نستدل بها على وجود الله تعالى نفسه من خلال التمعن في خلقه ومخلوقاته وفي أرضه ومحيطاته وفضائه ، تلك القواعد المنطقية التي تؤسس عليها المجتمعات المتقدمة التي تصل الى الحقيقة الالهية في حب البشر ونشر المحبة والسلام بين الناس (انا خلقناكم شعوبآ وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم ) ،لا المجتمعات الغارقة في الظلام والتكفير والكراهية والحكم على الناس من ملبسهم ودينهم والرغبة في احتكار السلطة والجاه بزعم الحق الالهي أو أنهم هم فقط من يفهمون الدين على الوجه الصحيح والحقيقي ، وأن غيرهم ما هم الا زنادقة وفجار وملاعين لا يبغون الا تدمير الاسلام حتى لو كانوا منتسبين الى الاسلام .

ولنا هنا مثلآ أن نستبصر عقليآ في تحليل قضية خلق الأرض في ستة أيام :

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ [ سورة ق : الآية : 38]

} وَإِنّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ{ [سورة: الحج - الأية: 47[

} تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{ [سورة: المعارج - الأية: 4 [

وطبعآ الفارق هنا يتعلق كالفارق مثلآ بين سرعة السيارة وسرعة الطائرة أي مسألة نسبية تتعلق بمقدار السرعة وبالتالي مقدار الزمن المستغرق لكل حالة وموضوع .

أخبرنا أحمد بن محمد التميمي قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال : أخبرنا هناد بن السري قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعد البقال ، عن عكرمة عن ابن عباس أن اليهود أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألت عن خلق السماوات والأرض فقال :
" خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء [ وما فيهن من المنافع ] ، وخلق يوم الأربعاء [ الشجر والماء ] ، وخلق يوم الخميس [ السماء ] ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر " . قالت اليهود :
ثم ماذا يا محمد ؟ قال : " ثم استوى على العرش " . قالوا : قد أصبت لو تممت ثم استراح . فغضب رسول الله غضبا شديدا . فنزلت الأية ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ [ق : 38] . الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: بن حرير الطبري - تاريخ الطبري - الصفحة أو الرقم: 1/22 .

وهنا يستغل البعض هذا الحديث للطعن في كتاب الله تعالى والقول أن المقصود بستة أيام هي الأيام الست التي نعرفها بالحساب الطبيعي وهو ما يخالف الواقع العلمي الذي أثبت أن الأرض نتجت من الانفجار الكوني العظيم واستغرق تكونها وتشكلها آلاف السنوات لم يستطع العلماء تحديدها بشكل دقيق ويقيني بعد ، وفي انتظار نتائج المفاعل الهيدروني العظيم في جبال سويسرا في مدينة سرن قرب جنيف على الحدود الفرنسية السويسرية ، فلربما تجيبنا الأبحاث والنتائج العلمية المتمخضة عن هذه التجربة العلمية العظيمة عن حقيقة نشأة الكون ومعرفة الوقت ولو بشكل تقريبي الذي استغرقته الأرض لنشأتها .

أما من الناحية العلمية فان العلم الحديث أكد أن نشأة الأرض انما جاءت نتيجة الانفجار العظيم من غبار وذرات وصخور وما الى ذلك والذي كانت نتيجته أن نواتج هذا الانفجار أخذت عدة آلاف من الاعوام حتى تتخذ الأرض شكلها النهائي ولم يستطع العلماء حتى الآن من التحديد الدقيق لهذه المدة ، ولكنها تتراوح ما بين بضعة آلاف من الأعوام حتى مئات الالوف من الأعوام أو حتى قد يقول البعض ملايين الاعوام فلم يتم حتى الآن الوصول الى الزمن الدقيق أو حتى التقريبي بشكل كبير لمدة نشأة الأرض .
وقد اختار الله سبحانه وتعالى وسيلة غير مباشرة في بيان نشأة الخلق بأن قال ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ) ثم يأتي في آيات أخرى ويقول أن اليوم عند الله كألف سنة مما تعدون أو خمسين ألف سنة ، وذلك لأن العقل البشري الذي نزلت عليه هذه الآيات لم يكن ليستوعب حقيقة أن الله شاء أن تكون نشأة الخلق في آلاف السنوات فكيف يحتاج الله آلاف السنوات لخلق الكون وهو القائل إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [سورة يس – الآية :82[ .
أو حتى كيف يكون من له علم من الكتاب بهذه السرعة والقدرة الرهيبة والله جل في علاه لا يملك أضعاف لانهائية لهذه القدرة الى حد لا يوجب بل لايوجد المقارنة بطبيعة الحال ، قال سبحانه وتعالى }قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ أَنَا ءَاتِيك بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْك طرْفُك فَلَمَّا رَءَاهُ مُستَقِراًّ عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضلِ رَبى لِيَبْلُوَنى ءَ أَشكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَن شكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبى غَنىُّ كَرِيمٌ] {سورة النمل - الآية : 40.[

ولكنه حين قال الله تعالى (في ستة أيام) انما كانت كلمة من الله ليقترب لمدارك وقدرات العقل البشري المخاطب في ذلك الوقت وقام المفسرون (وفقآ لفهمهم ) في هذا العصر وبعده بتفسيرها أنها دلالة الهية للبشر على فضيلة الصبر ، ولكن المراد الالهي الحقيقي هو مخاطبة علماء العصور القادمة الذين يبحثون عن البراهين العلمية لا الآيات القرآنية والتفسيرات الغيبية فأراد الله تعالى ان تكون نشأة الخلق في عدة آلاف من الأعوام ليص العلم بعد ذلك الى فكرة الانفجار العظيم وكيف أن نواتج هذا الانفجار استغرقت آلاف الأعوام لتنشأ الأرض .

أما اذا كان الله تعالى خلق الكون والأرض في لمحة من البصر (اذا كان بالطبع يريد ذلك) لما استطاع علماء اليوم الباحثين عن البراهين العلمية والأدلة اليقينية من اثبات أمر نشأ في لمحة من البصر منذ آلاف أو حتى مئات الألوف من السنين وبالتالي تفويت الفرصة على ملايين بل مليارات أو حتى واحد من البشر كانوا من الممكن أن يؤمنوا بالله الواحد القهار الفرد الصمد ، الذي تتجاوز معجزاته في الخلق أكثر من نشأة الأرض الى خلق من هم على الأرض ، }وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ] { الذاريات –الآية : 21[ .

ان الاستناد الى الأحاديث والمرويات التراثية لا يعد وسيلة ناجحة وعلمية في تأكيد أو نفي أو تفسير ما جاء في القرآن ، لأنه لا يمكن أبدآ تفسير نص يقيني الثبوت والدلاله بنصوص ومرويات ظنية الثبوت ومختلفة الدلالة والمفهوم نتيجة أن كثيرآ جدآ من الأحاديث والمرويات ما هي الا أكاذيب على لسان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم او حتى معبرة عن فهم ورأي راوييها من الذين صاحبوا الرسول او ادعوا مصاحبته واعتقادهم أن هذا كان مقصد الرسول الكريم ، ناهينا عن الأحاديث المكذوبة التي ألصقوها بلسان الرسول الكريم .

في النهاية أن الأحاديث المنسوبة الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم شأنها شأن التفسيرات الدينية القديمة لكتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل بين دفتيه والتي لم تعد تتناسب مع العصر أو تسببت في اظلام وتظليم المجتمع الاسلامي في سالف العصر وحاضر الأوان ، بحاجة الى مراجعة حادة للوقوف على ما يؤسس لمجتمع اسلامي قادر على تحرير عقله واستشراف مستقبله وتأسيس مجتمع قوي متقدم عادل ، دونما احساس موهوم بوخز ضميري ممأسس على عدم اتباع أحاديث ألصقت كذبآ وزورآ بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم أو أخرجت من سياقها المكاني والزماني والظرفي العام ، أو تفسيرات دينية بشرية تراثية أضفت عليها وعلى أصحابها صفة العصمة والقدسية الأزلية السرمدية .

ان ابن رشد وابن النفيس ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني وعلي مبارك وأحمد لطفي السيد ورفاعه الطهطاوي وطه حسين وقاسم أمين وشكيب أرسلان وأحمد الكاتب وعلي شريعتي وأحمد عبده ماهر وجمال البنا وغيرهم كثير غابت أعمالهم ودعاويهم ولم يستمع لأفكارهم النيرة لتحرير العقل والانفتاح الفكري في ظل ما يعانيه المجتمع الاسلامي من ظلمات الجهل والتغييب القسري في جب التخلف والرجعية وانكسار القيم الحقيقية واثارة الكراهية واراقة كثيرهم لدماء غيرهم على مذابح القربى والفضيلة كما يتوهمون .




#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكراهية العدمية فيما بين الشيعة والسنة
- عن العبيد والجواري في الاسلام
- زلزال عمر سليمان
- الخطيئة الاستراتيجية الاخوانية
- بين الربيع العربي وشتائه
- لا للكراهية الدينية
- لماذا أبو الفتوح رئيسآ لمصر ؟!
- الصلاة
- الحج أشهر معلومات
- ماهية الليبرالية والعلمانية
- الى مرحلة انتقالية جديدة في مصر
- الخلوة والتعذير
- من قصص الظلام
- دلالات الفيتو الروسي و الصيني
- مصر ... لعبور المرحلة الانتقالية
- ستة أيام في خلق الأرض
- ما بعد اقتحام السفارة الاسرائيلية
- حكومات فاشلة
- التدخل العسكري في سوريا
- خطر الاسلاميون


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - عن العقل في الاسلام