أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - ماهية الليبرالية والعلمانية















المزيد.....

ماهية الليبرالية والعلمانية


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 20:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما ظل مفهومي الليبرالية والعلمانية من المفاهيم الملتبسة والتي تخضع دومآ لحالة بوهيمية التعريف والتناول والادراك ، وهو ما يجعل الظلاميون ورافعي الشعارات الدينية وكثير ممن يتاجرون بالدين يعملون على شيطنة مفهومي الليبرالية والعلمانية مستغلين حالة الضبابية التعريفية بالاضافة بالطبع الى استغلال حالة الأمية المعرفية المتمثلة في الجهل بأبجديات القراءة والكتابة وكذلك الأمية الثقافية والفكرية التنويرية الحقيقية ، مما يمكنهم من السيطرة على عقول بسطاء الفكر وبالتالي ترويج أفكارهم المتشددة والهدامة المتمسحة بعباءة الدين وما يعرف بالسلف الصالح الذي يدعي اتباعه واحتكاره زمرة من الناس أغلبهم انتمى الى هذا السلف لحية وجلبابآ ، وكأن بقية الناس تتبع سلفآ آخر طالحآ وضائعآ وفاسدآ .

على الرغم أن جميع أتباع الديانات السماوية المختلفة يسعون دومآ الى اتباع أسلافهم الصالحين من أنبياء وأحبار ورهبان وقديسين وحواريين وصحابة على اختلاف مسمياتهم واتفاق أهدافهم النبيلة والصادقة من الله ومع الذات والمجتمع (الذي عاشوا فيه وعاشروه) دونما وقوف على مظهر معين كنوع من الدعاية واظهار الذات ولا وقوف على اجتهادات وتفسيرات دينية قديمة أو تقاليد وأحاديث نسبت الى نبي أو قديس تظل أسيرة حاضرها وزمانها البعيد شكلآ وموضوعآ ومجتمعآ عما نحن فيه اليوم .

فبدلآ من محاولة انتاج الماضي والعمل بكل قوة وعزم الى حد العنف والاجبار والترهيب على الباسه ثوب الحاضر الذي لا يتناسب معه فنكون ازاء ثوب غاية في الضيق لا يتناسب مع تطور المجتمع وتعقد مكوناته وتوسع أفكاره وشعوبه ومداركه ، فتكون النتيجة مجتمعآ يعاني من عقدة الماضي ولا يسعى الى الانتقال الى المستقبل بل مجتمع يظل أبناؤه يندبون حظهم أنهم أبناء هذا العصر لا عصور ولت ومضت ، ويظنون أن معاناتهم التي يعانونها انما لأنهم لم يحافظوا على التقاليد والأفكار والنظم السياسية والاجتماعية التي سبق وأنتجها أسلافهم .

وهم في حقيقة الأمر يعانون لأنهم ظلوا معتقدين ان التفسيرات الدينية القديمة لكتاب الله سبحانه وتعالى وكثير من الاحاديث المنسوبة الى النبي لها من القدسية نفسها ما لكتاب الله تعالى ، هم يعانون لأنهم ظلوا أسرى للماضي والخوف من التطور واعادة الابداع ولو حتى في اطار يبتعد عن ابداع سابقيهم الذين لبوا متطلبات عصورهم التي عاشوها وفقآ لظروفهم الحياتية وما فرض عليهم من تحديات وصعاب أنماط معينة من القيم والأفكار ومستويات التعليم والثقافة طالما لم تكن تمس وحدانية الله تعالى وشكل العبادات الروحية .

هم يعانون لأنهم ظلوا واهمين ان التراكم الخبراتي والحياتي والابداع العقلي المستند الى العلم والثقافة والاكتشافات والاختراعات العلمية لا يجبوا بأي حال من الأحوال ان يذهبوا بعيدى عن تفسيرات الأسلاف بل يجب أن تكون الحياة البشرية نفسها تدور في فلك محدد وضيق من الفكر القديم والتفسير العتيق .

هم يعانون لأنهم وقفوا على الشكل والمظهر ولم يقفزوا الى المضمون والجوهر ، وقفوا على شكل الحدود والتشريعات ولم يدركوا الماهية والمقصد ، ولم يدركوا حقيقة أن كل عصر وأوان له بشر وطباع ولكل له قيم وأفكار وأن العقوبات والحدود والتشريعات انما تأتي دومآ في هذا الاطار وتستجيب لهذا الحيز الزمني والحد المكاني لوجود الانسان وظروفه ودرجة ونوعية ما يواجهه من تحديات وصعاب وتناسب ديناميكي مع طبيعة ونوعية الوعي والتراكم المعرفي ، أفان تغيرت الأحوال واختلف العباد وتغير الزمان وتطور المكان أنتوحد مع الوسيلة أم نقترب من الهدف والغاية وان اختلفت الطرق والمسالك ، أنظل في الأوهام ساكنينا أم الى الرب ساعينا .

ان الليبرالية انما تعني الحرية وما يرتبط بها من حرية سياسية واقتصادية واجتماعية ، وقد كانت الليبرالية قبل انهيار الكتلة الشيوعية وقفآ خاصآ على أصحاب الفكر اليميني دونما اليساري لما ارتبط بهذا الاخير من من قمع سياسي ورفض لمفهوم التعددية الحزبية والسياسية وتمكين كامل لمفهوم الحزب الواحد بل والطبقة الواحدة وهي طبقة البروليتاريا العاملة وما يرتبط بذلك من اقتصاد موجه تلعب فيه الدولة المحرك الأساسي بل والوحيد في بعض الأحيان لكلية العجلة الاقتصادية والانتاجية في المجتمع وفرض نمط معين وواحد من الأفكار اليسارية المتطرفة ورفض ما عداها بل ومعاقبة أي ممن يحمل فكرآ معارضآ الى حد المنع الكلي للمارسات الدينية العامة والدخول الى ساحة المواجهة ضد الأديان السماوية منها والدنيوية ، وبالتالي نجد تهميشآ لحد الاعدام للحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

وبالتالي فان الليبرالية لم يكن لها وجود في مجتمعات الكتلة الشيوعية والاشتراكية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي و حلف وارسو ، ولكنه اليوم يمكن وصف هذه المجتمعات بالليبرالية مع انفتاح هذه الدول على تجارب ديموقراطية وانفتاح الأفق السياسي والسماح بالتعددية السياسية واطلاق الحريات الدينية والاجتماعية وانطلاق اقتصاد السوق القائم على المنافسة وحرية القطاع الخاص مع كامل التحفظات على الممارسات الخاصة بالاحتكار وانتشار الفساد السياسي والمالي في هذه المجتمعات وهي تمثل أعراض سلبية تعاني منها المجتمعات الانفتاحية الجديدة وهو ما يتنافى حقيقة مع المضمون والغاية الحقيقتين للفكر الليبرالي فيما يمكن تسميته بالاستيعاب الغوغائي لليبرالية .

حيث ينظر المسؤولون ومتولي مقاليد الأمور في هذه المجتمعات الى الليبرالية وما يرتبط بها من اطلاق الحريات على أنها وسيلة لتحقيق الثراء الغير مشروع واستغلال السلطات وهو ما يمثل سياق سوء الاستغلال ، ومن ناحية أخرى وفي سياق سوء الفهم قسرآ أو خطئآ فان فريقآ من المتزمتين دينيآ وماضويوا الفكر وضيقوا الفهم والفكر ينظرون الى الليبرالية على أنها حصان ابليس يمتطيها الشيطان ليدمر قيم وأخلاق المجتمع وهو نفس المفهوم وذات الفكر الذي يسحبونه على مفهوم العلمانية .

حتى يساريوا اليوم بعد قيامهم بالمراجعات الفكرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد ثبوت فشل التجربة الشيوعية وتنظيرهم لفكر يساري جديد قائم على ضمان الحريات الثلاث مع ضمان دور فاعل للدولة في المجال الاقتصادي لضمان العدالة الاجتماعية ومكافحة الاحتكار والابتعاد عن تركز الثروات في يد فئة قليلة من السكان فانه يمكن وصفهم بالليبراليين ذوي التوجه اليساري أو حتى الاشتراكي تمييزآ لهم عن الليبراليون ذوي التوجه اليميني أو الرأسمالي .

وبالتالي فاننا نجد الخلاف اليوم بين اليساريين واليمينيين الليبراليين ينحصر في القطاع الاقتصادي ومدى ونوعية الدور الذي يجب أن تلعبه الدولة في النشاط الاقتصادي ومن هنا جاءت مسميات يمين الوسط التي تركز على الدور الأساسي للقطاع الخاص مع ضرورة وجود القطاع العام ولكن بنسبة أقل فيما يعاكسهم تيار يسار الوسط الذي يركز على الدور الأساسي للقطاع العام مع ضرورة وجود قطاع خاص مهم ومساهم بشكل كبير في التنمية والنمو الاقتصادي .

وبما أن كلا الفريقين اليميني واليساري وما يتفرع منهما من تيرات فرعية يؤمنون بالحرية الانسانية والمساواة والعدل بين الجميع بصرف النظر عن الجنس واللون والدين والعرق فانهم يكونوا ليبراليين بحق .

ان الليبرالية في الفضاء الديني تعني العلمانية ، والعلمانية الحقيقية الناجعة هي تلك المتصالحة مع الطبيعة والمنطق والمتسقة مع المعاني والمقاصد الحقيقية للأوامر الالهية في مواجهة الدوجما (الفكر المتزمت) والتيولوجيا (اللاهوت) الجامد ، نحو ادراك حقيقي بأن الأديان انما أتت لرفعة الانسان وفلاحه في الدنيا و الآخرة وليست كهدف في حد ذاتها ، وأن الأديان جاءت لتحقيق العدل والمساواة بين البشر ورفع المظالم عن الناس على اختلافهم ، لا للقصور والوقوف على شكل محدد من الحدود والأفكار والشرائع بعثها الله لقوم كانوا في مسيس الحاجة لها في زمن عزت فيه العقول النيرة والأفكار المجتمعية المتقدمة لا لسوء فيها وانما لخضوعها لظرف زماني أولي لا سابق خبرة حقيقية وقوية في الفكر القانوني والابداع التشريعي اللازم للحتمية التاريخية و للصيرورة المجتمعية بكل تعقيداتها والتي لم تكن موجودة أساسآ آنذاك .

فكانت الحاجة الى رسل وأنبياء يضعوا الأساس اللازم لفكر مجتمعي متقدم وبناء اللبنة الأولى في بناء العدالة لكي يستكمله اللاحقون لا لكي يتكالبوا عليه فلا يسعهم ولا يتفق مع أحوالهم المستجدة فطالما كان الهدف هو احقاق الحقوق ومعاقبة الظالمين بالطريقة التي تتناسب مع أحوال العصر والمجتمع فثمة شرع الله .

فعلى سبيل المثال لا الحصر بأي حال من الأحوال ، فان الله جل في علاه لم يضع حد السرقة لبناء مجتمع من المبتورين وانما لبناء مجتمع من الآمنين على ذواتهم وأعراضهم وأموالهم في مجتمع منعزل وسط الصحراء محاط بقطاع الطرق والمجرمين وغابت عنه مؤسسات الأمن من شرطة ومحبس وسجن وقوانين وتشريعات مفصلة فكانت الحدود للمنع والترهيب والتنفيذ على الظالمين المصرين على ظلمهم والقائمين على ترويع الناس ، فلو أننا طبقنا هذا الحد الذي أوقفه سيدنا عمر بن الخطاب في عام الرمادة بل وهدد ولاته ان هم قاموا بتنفيذ الحد في الجوعى والعرايا والعاطلين فانه ليقطعن أيديهم .

فلو أننا نفذنا هذا الحد الآن في ظل مجتمع تنتشر فيه البطالة والفقر والجهل أفلا نكون من الظالمين أنفسهم والباغين على الناس ، فلم لا نسد أولا جوع الناس ونكسيهم ونوفر لهم الحرفة الشريفة الكافية مذلة السؤال وشر السرقة والغش والتزوير فان آتيناهم هذه النعم قاضيناهم شاكرين كما قال عمر بن الخطاب من قبل ، فان أساءوا بعد ذلك سجناهم وعملنا على تهذيبهم واصلاحهم وتوفير فرصة العمل الشريفة فان عادوا الى بغيانهم وأصروا فيما يعمهون لكان جزاؤهم قطع اليد أو حتى الاعدام نكالآ بما ظلموا وأساؤوا .

فلم الاستعجال والبدء بقطع اليد ان كان اللص من البداية قد وجد حرفة أو فرصة عمل شريفة تكفيه بالحلال ذل السؤال لما اختار طريق السرقة الصعب والشاق و الخطير ، فان لم يكن يجد فرصة العمل الشريفة هذه وهو بكلتا يديه سليمآ معافى أسيجدها بعد أن أضحى مبتور اليد معلول الصحة أي أننا سنكون ساعتها أمام حالة أو حالات تحتاج في النهاية الى الرعاية والاهتمام ومعاونتها هي وأسرها على العيش النظيف وما يستلزمه ذلك من نفقات مضاعفة تتحملها الدولة حينئذ ، فلم لم يكن الأمر من البداية أم أنه يجب أن يتحول الانسان الى صاحب عاهة وعالة على المجتمع لكي نقف الى جواره ونكفيه ذل السؤال وشر المسألة .

ولنا أن نعلم أنه للعجب العجاب أن كثيرآ من رجال الدين أكدوا على أنه لا قطع ليد سارق للمال العام وحجتهم في ذلك أنه شريك فيه ، أي أن من يسرق الملايين والمليارت لا تقطع يده ويكتفى بسجنه أما من يسرق بضع مئات أو بضع آلاف فان مصيره قطع يده جزاءً له على سرقة القليل وترك الملايين والمليارات .

فالاصرار بعد كل هذا على التطبيق الشكلي للحدود اما أنه يتأتى من الفهم الضيق للدين والوقوف على الشكل لا الجوهر ، الوسيلة لا المقصد ، واما يكون كأحد وسائل المتاجرة بالدين ورفع الشعارات الدينية لتحقيق المكاسب السياسية والوصول الى السلطة والتنعم بنعيمها والتسلط على الناس باسم الدين لنكون دولة أخرى ثيوقراطية تنضم الى غيرها من دول حكمها رجال الدين وأفكارهم فكان مصيرها الضياع والفناء والبعد عن الدين .

أما الاصرار على التعريف الكلاسيكي للعلمانية على أنها فصل للدين عن الدولة فهو تعريف مبتور وفاسد ساهم فيه دعاة العلمانية أنفسهم بتكراره دون تمحيصه وهو ما استغله طيور الظلام للتبشير بظلامهم في مواجهة العلمانية ، ان المجتمع الفاسد هو المجتمع الذي يفصل الدين عن الدولة فكيف ننحي الخير جانبآ وندفع بالمجتمع الى أحضان الشيطان .

ولكن يوم ندرك أنه لا يجب أن نفرض نظامآ للاختيار الديني نحكم ونفرق به بين الناس على أساس اختياراتهم الدينية والمذهبية يوم يشعر الجميع أن مسألة دينهم هي مسألة خاصة كأسمائهم لا تضمن لهم ميزة ولا تحقق لهم تراجعآ أمام الآخرين .

يوم لا يتجبر أحد على أحد باسم الدين ويحتكر الحقيقة الالهية لنفسه ويقيم نفسه متحدثآ باسم الله مهما ادعى غير ذلك ، يوم لا نقول للناس صوتوا لهذا لأنكم بذلك تصوتون للدين ولاتصوتوا لذاك فمصيره النار وبئس المصير فلا يكون الدين مادة للتصويت في الانتخابات وانما البرنامج والعمل الواقعي ، وألا نسمح للمتسربلين بعباءة الدين أن ينظروا الينا على أننا فاسقين مارقين نعبش في مجتمع من القوانين الوضعية الفاسدة فأين تلك القوانين سواء في مصر او حتى في الهند والصين التي تأمر الناس وتجبرهم على الفجور والمجون وانتهاك الحرمات وقتل النفس وتعاقب المحسنين وتسجن العادلين وتهين المحترمين .

وأن المجتمع الصالح والفالح هو من يقوم على تنفيذ روح الدين وتحقيق العدل ومعاقبة الظالمين ومكافحة الفاسدين ، يوم ندرك بمسعى واقعي المعنى الحقيقي لكلمات ثلاث ألا وهي (المقاصد الحقيقية للدين) واننا لا يجب أن نظل ندور ونسعى في دائرة السابقين قد نأخذ منهم القيمة لا التطبيق والفكرة لا الوسيلة لأنهم أبناء زمانهم ونحن من زمان غير زمانهم .

وأن القرآن كما قال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن القرآن حمال أوجه وبالتالي فلا أحد يستطيع ان يحتكر وجه الحقيقة وكما قال أيضآ سيدنا علي بن أبي طالب أن القرآن خط مسطور بين دفتين، لا ينطق وإنّما تتكلم به الرجال ، وحين دخل نفر من المؤمنين على سيدنا علي مدينة العلم كما قال عنه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أثناء معركة صفين وقالوا له ان قوم معاوية يرفعون القرىن على أسنة الرماح ابتغاء التحكيم بالقرآن قال لهم حاربناهم من قبل على تنزيله واليوم نحاربهم على تأويله ، يجب أن نعترف أن زمان الأولين مليئ بالمنغصات وليس كله خير وانما كان الشر والحرب والخديعة والاقتتال باسم الدين لاخفاء مطامع السلطة والدنيا لهم محل ووجود ، وأن في هذا الزمان ظهرت وتولدت خلافات الرأي والمذهب وسيادة الحكم الديكتاتوري والقمع المنهجي وحروب بين الأمم ومزوروا وواضعوا الأحاديث لهم في كل ذلك مذاهب ودروب .

لقد قال الامام أبوحنيفة النعمان( كلامنا هذا رأي فمن كان لدية خير منه فليأت به ) .

وقال الامام أحمد بن حنبل ( لاتقلدني ولاتقلد مالكا ولاالشافعي ولا الثوري وتعلم كما تعلمنا ) .

وقال ابن القيم الجوزي (في التقليد ابطال لمنفعة العقل لانه انما خلق للتدبر والتأمل وقبيح بمن اعطي شمعة يستضيء بها ان يطفئها ويمشي في ظلام) .

وقال الامام الشافعي ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) .

لقد قال الامام محمد عبده :
( المسلم الحق هو الذي يعتمد على العقل في شؤون الدنيا ) .

كما قال ( ليس في الاسلام سلطة دينية سوي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة الي الخير والتنفير من الشر وهي سلطة خولها الله لادني المسلمين ينقر بها أنف أعلاهم كما خولها لأعلاهم يتناول بها أدناهم ) .

وقال الامام محمد عبده أيضآ :
( الأمة هي صاحبة الحق في السيطرة علي الحاكم وهي التي تخلعة متي رأت في ذلك مصلحتها فهو حاكم مدني من جميع الوجوه، ولايجوز ان يخلط الخليفة عند المسلمين بما يسمية الافرنج – ثيوكرتك- اي سلطان الهي لأن الاسلام لايجعل للقاض أو المفتي أو شيخ الاسلام أدني سلطة على العقائد وتقرير الاحكام وكل سلطة تناولها واحد من هؤلاء انما هي سلطة مدنية لايسمح لواحد منهم ان يدعي السيطرة علي ايمان أحدهم أو عبادته لربه أو أن ينازعة طريقة نظره اما الفكرة الشائعة عن الاسلام وتوحيدة للسطلتين المدنية والدينية فهي خطأ محض ودخيلة علي الاسلام ومن الضلال القول بان الاسلام يحتم قرن السلطتين في شخص واحد والزعم تبعا لذلك أن السلطان هو مقرر الدين وواضع أحكامة ومنفذها وان المسلم مستعبد بدينة لسلطات السلطان ) .

ان المسألة لم تعد تتعلق بالعلاقة بين المسلمين وغيرهم من غير المسلمين وانما أضحت في مجال العلاقة بين المسلمين وبعضهم البعض فلو استعرضنا قليلآ مما قاله بعض من فقهاء المسلمين على سبيل المثال لا الحصر :

ابن حاتم الحنبلي ( من ليس حنفيآ فليس بمسلم ) .

محمد بن موسى البلاساغوني قاضي دمشق ( لو كان الأمر لي لأخذت الجزية من الشافعية ) .

المظفر الشافعي ( لو كان الأمر لي لأخذت الجزية من الحنابلة ) .

وقيل لمأمون بن أحمد الهروى:" ألا ترى إلى الشافعى ومن تبعه بخراسان؟ فقال : حدثنا بن عبد اله حدثنا عبدالله بن معدان الأزدى عن أنس مرفوعًا قال: يكون فى أمتى رجل يقال له محمد بن إدريس(يقصد الشافعي) أضر على أمتى من إبليس ويكون فى أمتى رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتى " !!.

أي أننا في هذه الحالة سنكون في خضم مجتمع تكفيري محض عماده الكراهية وعنوانه الحرب الاهلية المدمرة بين كافة طوائفه ومكوناته وتدمير كلي للانسان والأرض والمجتمع وكله باسم الدين والدين الحق منهم جميعآ براء ولنكونن مهزلة للملحدين .

ان الدين لله والوطن أيضآ لله ، فالله لا يجب أبدآ أن يكون سببآ للفرقة بين الناس وهو القائل }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {( سورة الحجرات 13 ) .

يوم ندرك كل هذه الحقائق سنعلم أن العلمانية الحقيقية السليمة انما هي أسلوب تفكير لتطبيق روح الدين كوسيلة لتحقيق الربط بين الدين والدنيا وفقآ للزمان والمكان ليظل الدين دومآ صالحآ لكل زمان ومكان بشكل واقعي منهجي لا مظهري دعائي .

دونما اعطاء قدسية لأي تأويل أو تفسير أو اجتهاد بشري فالقدسية فقط لحقيقة وجود الله تعالى ونبوة أنبيائه ورسله المرسلين صلوات الله وسلامهم عليهم أجمعين ووللنص الديني الالهي في شكله وحرفه دون تفسيره وتأويله لتظل هذه التفسيرات والتأويلات في اطار النظرة النسبية التمحيصية المتغيرة لاجتهادات بشرية غير معصومة ولا مقدسة بشكل أبدي ، فأينما كانت المصلحة الحقة والسليمة كان شرع الله تعالى فساعتها سنكون مجتمعآ علمانيآ متدينآ يسير في طريق الله .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى مرحلة انتقالية جديدة في مصر
- الخلوة والتعذير
- من قصص الظلام
- دلالات الفيتو الروسي و الصيني
- مصر ... لعبور المرحلة الانتقالية
- ستة أيام في خلق الأرض
- ما بعد اقتحام السفارة الاسرائيلية
- حكومات فاشلة
- التدخل العسكري في سوريا
- خطر الاسلاميون
- ثورات الحرية العربية وخريطة القوى الكبرى
- في الحجاب
- بين اسلام عصري وماضوي
- خفايا تاريخ السلفيون والاخوان
- التربية الأسرية بين القسوة والتدليل
- بين الاتهامات ضد ايران ومبادرات الحل
- دفاعآ عن الاسلام من اضطهاد الاسلامويون
- المجتمع والزواج
- انهم يهينون الثورة المصرية
- مصر وايران يد واحدة


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - ماهية الليبرالية والعلمانية