الخلوة والتعذير

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .
(Ahmad Hamdy Sabbah)

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 14:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أرفض هؤلاء السلفيين والوهابيين الذين يشوهون الدين الاسلامي ويجعلونه مرادفآ لقهر النساء بدعوى اكرام المرأة والحفاظ عليها ، وتبرير القمع والاضطهاد بحجة عدم الخروج على ولي الأمر وتبرير الارهاب وسفك الدماء تحت راية الجهاد المقدس ، ان الانسان بحاجة الى أن يقرأ ويتعلم ثم يناقش ويتكلم .

أقول ذلك ردآ على الحكم مؤخرآ والصادر عن أحد المحاكم السعودية بمعاقبة رجل ضبط في خلوة مع فتاة ، وكم تبارى من الناس ليمدح هذا الحكم ويصفه بالحكم الرائع واستغلال حصيف لسلطة التعذير وكان المسلمون حلوا مشاكلهم كلها ولم يعد لهم الا هذا الأمر ، ان التعذير هو مناط للحاكم ان يعاقب به المخطئ في أمور لم يرد فيها حد أو عقوبة شرعية محددة ، وهو لا يندرج تحت اطار سد الذرائع .

فالحكم على رجل وامرأة اختليا ببعضهما البعض لا يكون على أساس استباق ما (قد) يحدث خاصة وأن هذه الخلوة قد تكون عارضة أو لسبب أو لآخر ، وبالطبع ليس كل خلوة تعني الاقدام على الزنا الا في مخيلة المرضى والمحرومين والذين يعانون من الشبق الجنسي عند رؤيتهم لرجل وامرأة في خلوة ما خاصة وانهم لا يملكون الا التفكير في هذه الأمور فعقولهم لا تستوعب الا التفكير في الجنس .

ان أيما رجل وامرأة اختليا ببعضهما البعض لا بد ألا يرتكبا عمل يغضب الله خوفآ من الله لا خوف من المطوعين الذين هم في النهاية انما بشر من المؤكد أنهم يخطئون ولايجب أن يكونوا على الناس أوصياء وقضاة وجلادين ، انكم تسبدلون العبودية لله بالعبودية والخوف من البشر والعباد ، وقد قال الله تعالى ان بعض الظن اثم .

ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهي آية تدعوا لوجود أمة من الناس المؤمنين وسط الكفار ووسط قوم حديثوا عهد بايمان ولا زالت في قلوب وعقول كثير منهم بعض مظاهر وأفكار من الجاهلية وبالطبع فان هذه الجماعة المختارة ستكون من الصحابة رضوان الله عليهم وهم بطبيعة الحال ليسوا بموجودين الآن بيننا والأهم أن المجتمع الحالي يختلف تمامآ عن مجتمع القبيلة وبدايات الاسلام .

كما أنه لايوجد في كتب التراث والسيرة ما ينبئ أنه كانت على زمن الرسول عليه الصلاة والسلام جماعة من القوم تسير بين الناس لتعذر هذا وتضرب ذاك وتنهى بسليط القول واللسان وبعنف اليد والسياط على من يرتكبون من وجهة نظرهم ما يعارض الدين .

سؤال آخر ... هل كانت هذه الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر هل كانت لتتلقى أجرآ على ما تقوم به ووفقآ لتقسيم اداري ومؤسسي بمعنى آخر على هناك في الدين الاسلامي من كهنوت وحكم بالحق الالهي يا من تدعون ان الدين الاسلامي ليس كمسيحية القرون الوسطى وحكم الباباوات وما جلبه ذلك من دمار وخراب على اوروبا في ظل استغلال ممنهج للدين وأين حكم المعاقبة على النية في القرآن الكريم .

في النهاية أطرح عدة أسئلة بسيطة لمن يسمون أنفسهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .... هل من الدين الذي تدعون الدفاع عنه أن تورث أمة من المسلمين لعائلة من الناس ، وهل من الدين أن توفر هذه العائلة غطاءً لوجود قواعد عسكرية أجنبية في بلاد الحرمين الشريفين ،وهل من الدين أن تتمتع هذه العائلة ومنتسبوها ومن والاها بمعظم خيرات البلاد ويتمرغون في نعيم لم يتمرغ فيه من كان أحسن منهم وأقدر على الدفاع عن المسلمين وقيادة الفتوحات ونشر الدين وكان ينام تحت الشجرة في العراء لا تحت قصور الوهم ووسط البساتين الغناء في وقت يقاسي فيه كثير من المسلمين الجوع واالبرد بل كثير من أبناء بلادهم السعوديين أنفسهم لا يجدون عملآ أو منزلآ أو مالآ لقضاء دين أو هم .... أليسوا هؤلاء أولى بأن تأمرونهم بالمعروف والعدل وايتاء الديموقراطية والحرية وتنهونهم عن بغي وظلم ما يفعلون .

#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل