مذكرة العلامة هادي العلوي الى الحزب الشيوعي العراقي

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3755 - 2012 / 6 / 11 - 11:23
المحور: سيرة ذاتية
    

مذكرة العلامة هادي العلوي الى الحزب الشيوعي العراقي
رسمت التطورات الاخيرة حدود الحقائق الجديدة للنظام الدولي الجديد بقيادة الامبريالية الامريكية, بحيث لم يعد الا القليل من المحللين النظريين يشككون في ان العالم منقسم الى معسكرين , كما كان في الماضي, معسكر الامبريالية الغربية, ومعسكر الشعوب والبلدان المستعمرة. كما رسمت بنفس الوضوح وقائع وحقائق اقتصاد السوق الذي بشر به الخارجون على المبادئ الشيوعية, من جواسيس الامبريالية امثال دنغ سياو بنغ وغورباشوف. فقد تبلور على انقاض الاشتراكية المغدورة , نظام للراسمالية المتوحشة , تتولاه امبراطورية افراد وطغم مالية تفوقت في وحشيتها وعدوانيتها على الامبراطوريات القديمة والحديثة. وتعطلت القوانين الراسمالية التي هندسها الراسماليون الاوائل. فلم يبق مكان لفعل قانون العرض والطلب ولمبادئ حرية التجارة. وانعكست العلاقة اكثر فاكثر ما بين الانتاج ومستوى المعيشة. فزيادة الانتاج الراسمالي تعني زيادة الفقر وتراجع القطاع الفردي امام عدوان الشركات متعددة الجنسية. اما خرافة التنمية بالاستثمارات الاجنبية , فلم تعد تخفى على ذي عقل! ويتولى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذان تقودهما الامبريالية الامريكية , تخطيط الخراب على المستوى العالمي . حيث يجري تدمير منظم دولي الطابع للاقتصاديات الوطنية, ويقضى على ما تبقى من مواقع القطاع العام في البلدان المرتبطة بهاتين المؤسستين العدوانيتين . وليس اكثر دلالة على همجية هذا الاقتصاد الامبريالي من هذه المعادلة العجيبة التي تتناقص فيها اسعار النفظ بقدر ما تتصاعد اسعار المواد الاستهلاكية!
لقد انساقت قيادة الحزب مع البيريسترويكا, واخذت تكرز باطروحاتها, حتى المؤتمر الخامس, التي كرست العلاقة مع النظام الدولي الجديد, والاعتراف بالقرارات * الدولية* ضد العراق. واقرت اقتصاد السوق , منطلقا من قوانين الاقتصاد الراسمالي , التي لم يبق منها سوى قانون الربح الاقصى. واتجه مثقفو الحزب الى التنظير باتجاهين , المجتمع الدولي والعولمة , منتهين الى الاعلان , دجلة والفرات وشط العرب , انهار دولية! ونحو اقتصاد السوق, حيث انخرطوا في حملة تشويه الاقتصاد الاشتراكي! وتبرعوا باعادة انتاج ما يصدره اليهم المرتدون في الحركة الشيوعية السابقة. وشطب مثقفو الحزب الذين يتولون تحرير منشورات الحزب , كلمة الامبريالية من ادبيات الحزب , ليحل محلها النظام الدولي الجديد, والمجتمع الدولي , وهيئة الامم المتحدة في مسعى لدفع الجماهير نحو هذه الساحة , لكي تطلب الخلاص من المستعمرين. وبالغائهم المبادئ الوطنية , من مفرداتهم , عادوا يفسرون تاريخنا الحديث على ضوء المقولات البريطانية والامريكية. وقد تحمل الرائد الجليل زكي خيري والقلة من تلامذته, عبئا كبيرا في البرهنة على بديهية وجود الامبريالية الذي انكره المثقفون.
وقد استبشرت خيرا بتقرير الحزب الذي صدر في اوائل اب/1995, وثبت المسؤلية المشتركة عن محنة العراق بين صدام والامبريالية الامريكية. هذه اول مرة تظهر فيها كلمة الامبريالية الامريكية في ساحة المعارضة العراقية. وهي امر طبيعي للشيوعيين , فالوطنية هي ارث الشيوعيين الذين تلقوه عن ابطال ثورة العشرين , ثم عززوه بالفكر اللنيني المتجوهر في معاداة الامبريالية.
ان الاعتراف بوجود الامبريالية الامريكية , يشكل اعادة اعتبار لاطروحات زكي خيري ونقدا ضمنيا لخط القيادة الحالية التي تمسكت طيلة السنوات الماضية بالنظام الدولي , وانضمت الى مؤتمر احمد الجلبي , المسكون بالولاء للامريكان. ان الاعتراف بوجود الامبريالية هو خطوة في طريق العودة الى ساحة النضال الوطني المضاد للامبريالية, التي هجرت منذ ظهور غورباشوف على المسرح السوفيتي. وبالنظر للتعقيدات الشديدة في وضع الحركة الشيوعية , فان القيادة غير قادرة وحدها على النهوض بهذا العبء الجديد , لاسيما وسط التشوش الحاصل في ساحة المعارضة العراقية. حيث تتفق الاطراف مع اختلافها على الارتباط بهذا الشكل او ذاك بعجلة الامريكان ونظامهم الدولي. ومع انقسام الشيوعيين الى فريقين, من يدعو الى الاصطفاف مع صدام , ومن يدعو الى التعويل على التحالف مع الامبريالية الامريكية! فان مصالح الوطن العليا توجب ان يعاد تنظيم القيادة , لكي تنظم اليها عناصر لا تنتمي الى احد هذين الاتجاهين!*

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل