|
صور من واقع مضى ! الصورة: 5
محمد هالي
الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 17:42
المحور:
الادب والفن
علي هاشم أليست هذه القدسية قدسيتنا؟ لماذا الموت إذن؟ لماذا الفراق؟ لماذا لم تتحقق هذه الطهارة في مجتمعنا؟ لا أريد منك جوابا، أشكي فقط همي، استرجع ذكرياتي، أتألم لا أعرف ما العمل؟ سامحني أيها العدم، في عدميتك، سامحني لأني استغل لحظة الوجود لأستخرجك من العدم، لتقاسمني همومي، و حيرتي ، شكرا لكم أيها الموتى، على عدم محاسبة ثرثرتي، تنتفض تحاكي الماضي، في الحاضر، الحياة و الموت نقيضان، يلتقيان في شطحاتي الفكرية،لا رد، و لا جواب، سكون يدفعني للكلام، الهذيان يلاحقني، أقول ما شئت، حرية في الموت و العدم، شجاع قوي أنا، أخاطب الموت بالحياة، تتكلم الحياة، و الموت تصغي، لا تجيب، لا تتحدث، صمت أليم، الموت لئيم يترك الحياة تترنح، تشقى، و حين تتعب، تستقبلها الموت، بمودة و احترام، رفقا بالإنسان و الحيوان، كل شيء قابل للفناء، و كل شيء قابل للحياة، بقدر ما نحيى نموت. في تلك الثكنة كان الموت يلاحقنا، لم نعد نستحمل الجوع، استنفدنا مقومات الصبر، الفرج غائب، المفتاح لم يعد صالح للفرج، انطلقت التعبئة الشاملة، صوت مصطفى يعلو في كل الامكنة، كلمات، و خطب، تحريض و تشهير، مجموعات تتكلم في كل الجحور، يجب على الفئران أن يخرجوا من الغيران، أن يتكتلوا، أن يصرخوا: - لا للجوع - نريد الطعام. صيحات تعلو في كل مكان، دقات، و رنين، و تصفيق ، موسيقى الشعارات، أصوات تغني، اجتمع الملحنون و المخرجون في أمكنة مختلفة، تحركات غير عادية في أمكنة أخرى، استفزازات تعلو و تتراجع، كل أشكال التجسس لم تعد نافعة، الأوغاد يخرجون يهتفون، يرفضون التجويع، تجمعات بدأت تتشكل، تضخم التجمع، لا بد من التوجيه، و التسيير، تسمر الكل في مكان ما، تكدس الفرد وسط الكل، تدخلت علي هاشم، تدخلت خديجة، الكل أصر على التدخل مصطفى، و مستقاته، تصورات تفوح بأعضائها، حظر يرفع بقوة التجمع، اتفق الكل على العصيان، المطلب واحد و أوحد، الأكل، و لا شيء آخر سوى التصدي للجوع، الوقت يمر، و الظلام ينتشر، أشعار، و أغاني تتخلل الاعتصام، الحماس هو المنتصر، الضربة التي لا تقتلنا، تحيينا، و تقوينا، في أمكنة أخرى تتهيأ قوى أخرى تستعد لفض الاعتصام، لا بد من اليقظة و الحذر، المواجهة قادمة لا مناص منها، الكل في ترقب، الخوف و الرعب بدأ ينتاب البعض، صوت فوق كل الأصوات، يحدد وقت فض الاعتصام، شعارات و صفير تعلو معلنة الرفض: - القمع لا يرهبنا، و القتل لا يفنينا... باب الثكنة انفتح على مصراعيه، تدخلات تحريضية و حماسية تؤكد على الصمود، سيارات تلج الثكنة، تقترب من المعتصم، أناس مختلفون عنا يهبطون،قوة أمام ضعف، وجوه غاضبة معززة بكافة أشكال الحماية، أمام جياع وضعاف، موازين القوة واضحة، بدأ التجمع يقل أفراده، انفك المعتصم، توجه الكل إلى الغرف - الجحور، تم اقتحام الجحور، لحظات و تم إخراجنا كالفئران، تحت وابل من السب و القذف: - اولاد القحاب، ما ابغيتوش اتنعشوا - العاهرات ...اسخن اعليكم راسكم. - ازوامل ولاوا كاحتجوا إنه عنف إذن، اختار له منفذوه هذا الشكل، تجرعنا مرارة الشتم، و الإهانة، لا نستطيع الرد، ابتلعنا الصبر لحظة الغليان، حيوانات بصفة بشر، أطلق لها العنان ، تبوح بكل شيء، تقول ما شاءت، هي بداية إذن، لا يجب أن يقتل كل شيء، و تكون النتائج وخيمة، و العواقب كارثية، في هذه اللحظة بالذات، أدركنا حقيقة معنى"الصبر مفتاح الفرج"، معتقلون داخل معتقل، عدنا إلى مكان المعتصم، ضعفاء لا أقوياء، نسمع و لا نرد، كل القيم النابية القبيحة ترددت على مسامعنا، سحبوا بطاقات الهوية، و أرغمنا بأن نرجع إلى جحورنا. منع الاحتجاج، و التظاهر، توقفت الشعارات، و الأشعار، الحماس أصبح إهانة، لم نعرف مصير الرفاق المعتصمين، هل اعتقل أحد؟ هل هناك جرحى؟ الثكنة مستعمرة بالكامل، جنود لهم من القوة ما لأحد منا ، متعطشون للخبر، الليل طويل، و بزوغ الفجر لم يحن بعد، الانتظار و الترقب يقتلنا، نسرق السمع لعلنا نخطف صوت سيارات الإسعاف، بكاء أو صراخ، تمنينا أن تستمر الشعارات، أن يستمر المعتصم، لا للخنوع ، لا للتراجع، لكن القوة تقتل الضعف دائما. شيئا فشيئا، قبل أن يرحل الليل، فاتحا المجال للنهار، انسحب الجند، و بقي الأزرق و التجسس، عدنا إلى الساحة، تأكدنا بأن الخسائر المادية عبارة عن خدوش لحقت البعض منا ، و كسر تعرض له شاب في رجله اليمنى، نتيجة التهور و عدم الدراية بخصائص الثكنة، في حين انقلبت الخسائر المعنوية إلى نوع من التسلية فيما بيننا، مادامت كانت منتظرة من أناس تربوا على الشدة و القسوة. هل انتهى كل شيء؟ هل قضوا على المطالب؟ مادام أن هناك جوع، لابد أن نبحث عن الشبع، و هذا لن يتأتى إلا بتحول الضعف إلى قوة، لا بد أن نعود في يوم ما، إلى نفس المكان، إلى الاحتجاج، و الاعتصام، ولو بطرق أخرى، و بأشكال أخرى،مادامت كل الطرق تؤدي إلى الشبع، و الملأ، لا إلى الفراغ، سنحتاج إلى المزيد من الأشعار، و الخطب، إلى أكثر من أغنية، ستعلو رنات الحبيب العودية، و يعلو صوته، و يعلو معه صوت أمينة، ليملأ الساحة عذوبة، و غناء، إنها أصوات جميلة و حماسية، سنواصل التعبئة، و يستمر الصراع، و يستمر الغناء.
#محمد_هالي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صور من واقع مضى ! الصورة: 4
-
صور من واقع مضى ! الصورة:3
-
صور من واقع مضى ! الصورة:2
-
قشرتا موز
-
صور من واقع مضى ! الصورة:1
-
من سمح لهم بذلك ؟ !
-
سياسة الإعداد أم اعتدال السياسة؟
-
عدالة المساواة، لا عدالة الإنصاف
-
وجهة نظر في -الربيع العربي-
المزيد.....
-
ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق
...
-
دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
-
جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي
...
-
أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس
...
-
-جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
-
ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
-
روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
-
تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
-
عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
-
درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|