أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - قشرتا موز














المزيد.....

قشرتا موز


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


السياحة مرض العصر، يعتمد عليها بعض الدول في نمو اقتصادها، هذا شأن بعض الدول التي حلمت بمشروع مستقبلي زاهر، و السائح الدخيل غريب من حيث الثقافة و النشأة لكنه يتمتع بجو آخر في مكان آخر، و في ظل التمتع هذا، يعرف التنوع و الإختلاف، إلا أن أحدهم ذو البشرة البيضاء، لم يعهد على رؤية الشمس ناصعة، بهذا الشكل، و أن ضوء النهار، يغلق الأعين، بدل أن يفتحهم، فهو جاء من بلد آخر، مبتعدا عن جو الأمطار، و غروب الشمس، و الضباب المستشري في كل الأمكنة، الأمر واضح، جائز، و مقبول، هناك بالطبع، اختلاف بين أصله و المكان الذي قدم إليه، منطقتين جغرافيتن تقاطعا على مستوى المناخ، و البشر أيضا، فالمناخ طبيعي، و من الممكن التكيف معه، لكن البشر متنوع المزاج، فهو يسعى أن يتفادى مشاكله، و عليه أن يحافظ على الكثير من المرونة، اتجاه العادات، التي تمتع بها في ساحة جامع الفنا، تمتع بكل شيء، و قرر أن يخرج عن المدينة، ليرى وجه آخر للبلد، الخلاء، الطبيعة الشمسية، و فضل أن يشارك البشر في عاداتهم، و طرق عيشهم، أراد أن يزدحم في حافلة عمومية، لتنقله إلى شيشاوة، و قبل الصعود إلى الحافلة، اقتنى موزتين صغيرتين ملفوفتين باللون الأصفر، مدجج بخطوط تميل إلى الاخضرار،، بل أكثر من هذا، كان عليه أن يختلق شكلا، يعينه على مشقة الطريق، و الحر الذي لا ينقطع في هذه المدينة، ذات المناخ المتوسطي، و القاري، الملقبة عادة، بالمدينة الحمراء، أو المدينة السياحية بامتياز .
لكن الشيء الغير المرغوب فيه، هو عندما قشر الموزتين، و التهم الهلالين الناصعة البياض، ذا الذوق الحلو و اللذيذ، علقت القشرتان في كفه الأيمن، التفت يمنة، و يسرة، باحثا عن سلة المهملات ليتخلص منهما، فلم يجدها، اضطر للركوب في الحافلة الشعبية الكثيرة الازدحام، مصحوبا بالقشرتين المتدليتين من كل جوانب كفه، و التي التوتا من شدة الحر، مما زادها الأمر تعفنا، و تلوثا، لا يرغب السائح المسكين أن يقع فيه، عليه أن يتحمل عبء تلذذه، و شهوته.
و في غمرة البشر هذه، رمق رجلا ابتلع كالأفعى هلال موزة كبيرة لكنه تخلص من قشرتها بسهولة، و ذلك برميها من نافذة الحافلة المقابلة له .
- عجيب ! .. الأمر بهذه السهولة،.. لا، لا ،لا يمكن فعل ذلك، هذا خرق للمبادئ.
استمر السائح يلتهم تصرفات الناس بعينيه، انتبه إلى صراخ طفل، و ما هي إلا لحظات حتى أخرجت أمه ليمونة كبيرة، بدأت تقشرها على وقع عويل، و بكاء ابنها، بالنسبة إليه الأمر عادي، لكن الشيء الغير العاديّ، هو تشتت قشرة الليمونة، في كل اتجاهات الكراسي، بل أكثر من هذا ان بعض أجزائها لامست قدميه،
- عجيب ! أصبحت الحافلة مزبلة، و الأمر عادي، هذه مشكلة بشرية، تزيد من سخونة الأعصاب،
تكرر المشهد كثيرا في جل مرافق الحافلة، احتار السائح لأمر هذا القوم، حاول أن يفعل مثلهم، أن يقلدهم من عاشر قوما أربعين يوما، أصبح منهم، كما يقال، لكن لم يمض على قدومه سوى أسبوع، لهذا لم يصبح مثلهم بعد، تخيل، و تصور الكثير من الحلول، لكن الحل الوحيد هو أن يظل متشبثا بنصائح فلسفة الأنوار، أن يحافظ على ضمير كانط، و أن يواصل السير حتى يجد حلا لقشرتيه هذه،
توقفت الحافلة في المكان المعهود، في قلب شيشاوة، في مركز محطتها، توجه السائح مباشرة اتجاه رجل جالس على صخرة، و استفسره:
- اسمح لي سيدي ألم يوجد مكان هنا لرمي النفايات؟.
استغرب الرجل لهذا السؤال، ابتسم ابتسامة السخرية، و الاحترام، و توقف عن لف سيجارته التي قاربت على الانتهاء، و قذف ببقاياها بأصبعه، بالقرب منه مجيبا:
- افعل كما فعلت، اقذف بهما في أي مكان، هنا يختلف عن هناك، كل الأمكنة عندنا سلة المهملات، الم تر كل النفايات مرمية في كل الاتجاهات، و في كل الأمكنة، الأمور عندنا محلولة، و سهلة، لا نعر لمثل هذه الأمور أي اعتبار.
لم يصدق بما فاه به هذا المعتوه، ابتعد عن المارة، و اختار تربة تتقبل سماد الموز في ظل هذا الجو الحار، لعل ماءهما، ينعش بعض الكائنات الصغيرة، اتكأ، حفر حفرة صغيرة في تلك التربة، و وضع القشرتين، و فعل مثلما تفعل القطط مع برازها، متمنيا، بأن لا يقع مرة أخرى، في مثل هذه المواقف، الصعبة، و الحرجة.



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور من واقع مضى ! الصورة:1
- من سمح لهم بذلك ؟ !
- سياسة الإعداد أم اعتدال السياسة؟
- عدالة المساواة، لا عدالة الإنصاف
- وجهة نظر في -الربيع العربي-


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هالي - قشرتا موز