أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - شعب مُذهل وطنه البحر ولم تلوثه الاديان















المزيد.....

شعب مُذهل وطنه البحر ولم تلوثه الاديان


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 19:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في البحر وعلى ظهور المراكب تعيش مجموعة اثنية كل حياتها لاتصل الى اليابسة الا من اجل شراء الوقود لمحركات مراكبها والرز او لتصليح المراكب، هذه المجموعة يطلق عليها شعب الموكين او الماوكين.. Moken. Mawken or Morgan; sea gypsies
وعلى الرغم من انهم يعيشون في البحر إلا انهم يعتبرون شعوب بدوية، إذ أنهم يتنقلون من مكان الى اخر، في البحر طبعا، بحثا عن المكان الانسب للصيد. وهؤلاء يتكلمون لغتهم الخاصة التي تنتمي الى مجموعة اللغات الاسترا-إندونيسية. ووطنهم في شواطئ ارخبيل من جزر Mergui Archipelago, تمتد على طول 400 كيلومتر في بحر الاندومان في غرب الشاطئ التايلندي، وهم لايحملون جنسية اية دولة على الاطلاق. بعض المصادر تشير الى أن تعبير الموكين يتضمن في داخله مجموعات متفرقة هي the Moken proper, the Moklen (Moklem), the Orang Sireh (Betel-leaf people) and the Orang Lanta. والشعوب المحلية تسميهم ابناء الماء او ابناء البحار.

انهم يتنقلون بين الجزر، وفي فترة المدَ يلتقطون الصدف والمحار من قاع البحر، اما في فترة الجزر فيجمعون خيار البحر وسمك الجري البحري. لقد عاشوا على هذا المنوال منذ عشرات الاجيال بحيث انهم اصبحوا جزء من البحر amphibious.

الاطفال يتعلمون السباحة قبل ان يتعلموا المشي، والغواصين منهم يستطيعون الرؤية تحت الماء افضل منا بضعفين ويتمكنون من البقاء ضعف المدة تحت الماء بفضل قدرتهم على خفض نبضهم. لقد اصبحوا سكنة الماء في الواقع. دراسات عديدة اظهرت ان شعب الموكين يمتلك تحولات بيلوجية جرى اصطفائها بفضل نمط حياته جعلت قدراته على الرؤية والتنفس تحت الماء افضل من مثيلتها لدى الانسان الذي يعيش على سطح الماء. الباحثة آنا كيثلين Anna Gislén in Current Biology (Volume 13, Issue 10; 13 May 2003, Pages 833-836) كشفت ان قدرة وضوح الرؤية لدى اطفال الموكين تحت الماء افضل من مثيلتها لدى الاوروبيين بمرتين، كما انهم يخفضون تشنجاتهم الى االحد الاقصى وهي ردة فعل مفقودة لدى اطفال الاوروبيين.

معرفتهم بالبحر هائلة، فهم يعرفون نباتاتها وحيواناتها، مواقعهم وعاداتهم، ويعرفون احوال البحر. في عام 2004 ، عندما حصل التسونامي الذي اودى بحياة الاف البشر، لم يصاب اي شخص منهم بأذى، على الرغم من انهم يعيشون في المنطقة التي تعرضت للضربة الرئيسية للتسونامي. الصحفي Bob Simon آشار الى انهم لم يفقدوا احد لانهم كانوا يعلمون ان التسونامي قادم. انهم يفهمون البحر افضل من علماء بيلوجيا البحار.

قبل فترة من التسونامي جرى العثور على قرية للموكين تبعد عن شاطئ تايلاند 60 دقيقة، بالقوارب السريعة، ليصبح محجا للسواح. في اثناء زيارة النجمة السينمائية التلايندية اون، لهذه القرية بتاريخ 26/ 2004 والتقاطها الصور للحياة في القرية، جرى امر غريب. لقد اظلم الافق.
في الصور تظهر امرأة من الموكين تبكي وكأنها تعلم ماسيحدث. كما ان الصور تظهر ان شعب الموكين بدأ بالنزوح من القرية. التسونامي لم يكن قد حل بعد ومع ذلك عرف شعب الموكين انه قادم وبدأ بمغادرة المكان.

ليس فقط الانسان عرف بقدوم التسونامي قبل قدومه بل الحيوان ايضا تصرف بغرابة. على اليابسة بدأت الافيال البرية مسيرتها صعودا الى رؤوس الجبال. خارج الشواطئ التيلاندية لاحظ الغطاسون ان الدلافين اتجهت نحو المياه العميقة، وحتى صراصير الليل أو الزيز التي كانت تملئ الليل بأصوات أزيزها توقفت عن الأزيز فجأة وساد الصمت.

Saleh Kalathalay, وهو صياد اسماك ماهر يقوم بالصيد بواسطة الرمح، كان موجودا في جزء اخر من الجزيرة انتبه ايضا الى الصمت المفاجئ الذي عم الجزيرة إضافة الى المؤشرات الاخرى فأتجه الى الشاطئ محذرا السياح فلحقوا جميعا بشعب الموكين الى اعالي الجبل، الامر الذي انقذ حياتهم. غير ان القرية نفسها لم يبقى منها شئ.

أحد الصحفيين سأل الصياد الأمي صالح كالازالي عن أسباب حدوث التسونامي، فأجاب:" الموجة الكبيرة لم تأكل احد منذ زمن بعيد، وقد اشتاقت الى تذوق طعم احد ما". غير ان شيوخ وعلماء دين متعلمين ، بما فيهم شيوخ الازهر، لديهم تصورات اخرى، من حيث الجوهر لاتختلف عن تصورات الصياد الامي كالازالي، يقول محمد فايزان مدير مركز الدراسات الاسلامية في كولاامبور:" لقد كتب الله اسمه وأرسل عقابه على تجاهل شريعته"، وهو يقصد إدعاء البعض ان الاقمار الصناعية صورت موجة تسونامي على شكل اسم الله بالعربية. ويقول محمد فاموي، من الجبهة الاسلامية :" أن الله ارسل التسونامي عقابا". وعبد الجليل الناظر الحريري، خطيب مسجد الخرطوم يقول:" في هذه الفترة يتدفق السياح الاجانب لممارسة طقوس غريبة مثل عبادة الشيطان والأوثان، وممارسة الدعارة واللواط، وماحدث هو عقاب بسيط من الله". البعض الاخر يعتقد انه إبتلاء او أمتحان، لكون غالبية ضحايا " العقاب الالهي" من الصيادين الفقراء، بما فيهم الكثير من المسلمين..

الموكين يستغلون فترة الامطار الموسمية لبناء زوارقهم التي تسمى kabang, والتي يقضون معظم وقتهم فيها، حيث يطبخون وينامون ويلدون فيها. في فترة بناء الزوارق يعيشون في خيم مؤقتة.

الحكومتين البورمية والتالاندية حاولتا جاهدتين توطين الموكينين وإذابتهم في الثقافة الوطنية ولكن النجاحات كانت جزئية. تايلاند حاولت توطينهم على شمال غرب شاطئ جزيرة سورين Surin Islands وعلى جزيرة Phi Phi . في حين الجماعات التي تعيش قرب الشاطئ البورمي واجهوا عمليات تهجير وتوطين اجبارية، في التسعينات، بسبب ان مناطقهم الاصلية اثارت اهتمام شركات النفط.

ومع ذلك يمكن القول ان الموكين على مر التاريخ لم يتعرضوا للابادة او الاضطهاد لانهم لم يملكوا شئ يطمع به الاخرون، فكل مايحتاجونه يجلبونه في حينه من البحر،. لهذا السبب لم يتعرض لهم حتى المبشرين او الدعاة الدينيين من اي نوع من الاديان. كما ان نمط حياتهم يجعلهم اختصاصيين في كيفية الحياة بسعادة وانسجام. انهم لايملكون لغة مكتوبة ولذلك لانملك تاريخا لهم او مفاهيمهم عن الحياة ولكن مراقبة الموجود منهم اليوم تشير الى انه لايملكون مشاكل اجتماعية او امراض اجتماعية كما هو الامر في " الحضارات الراقية"، انهم اكثر رقي من حضاراتنا وادياننا.

عندما تسأل احدهم عن عمره، يجيبك انه لايعرف. كما انهم لايعرفون الوقت ولايعيرونه اهمية. في لغتهم لاتوجد كلمة مثل "متى". والاغرب انهم لايملكون كلمة " اريد" وانما كلمة" خُذ" أو " أعطي". ذلك يدلل على نمط حياتهم. إذا كان لديك شئ يمكن ان تعطية وإا لم يكن لديك شئ يمكن ان تأخذ. ولغة الموكين لاتملك كلمة " مرحبا" او كلمة " مع السلامة". يمكنك ان تتدخل اليهم بكل بساطة وتبقى لديهم سنة ثم تغادر عندما تشاء بدون ان تقول مرحبا او مع السلامة.

حياتهم الشديدة الارتباط بالبحر لم تعطيهم الوقت لطرح تساؤلات دينية او تنمية افكار دينية، او تسمح لهم بممارسة طقوس دينية، ولكن نمط حياتهم هو الانظف والاكثر روحانية من جميع الاديان الاخرى مثل البوذية او المسيحية او الاسلام او اليهودية او الهندوسية. ناشيونال غيوغرافي. في اصدار ابريل من عام 2005 The April 2005 issue of "National Geographic" " نرى كيف ان الموكين تعرضت وتتعرض للضغوط من اجل الدخول في الاديان الاخرى مثل الهندوسية والبوذية والاسلام ولكن الغالبية ترفض وتصر على الاحتفاظ بإعتقاداتها الفطرية، وانا اتمنى ان يستمروا بالتشبث بإعتقاداتهم". الموكين تعيش الحياة كما يجب ان تحيا. انهم لايتكلمون عنها، لايبشرون ولايدعون ولايكتبون عنها او يقضون الوقت في الشكوى وانما يعيشون الحياة ببساطة.

كلاسيكيا تعتبر هذه الجماعات من منظومة Orang Asli الاعتقادية، التي تؤمن بالقوى الروحية للشامان، وعلى الاخص في الشفاء من الامراض. ويعتقدون ان الارواح تحتاج الى طعام وشراب تترك الى جانب اعمدة المعابد، ولكن هم لديهم طقس سنوي حيث تجتمع مراكبهم في البحر ويبدؤون طقوس اطعام الارواح من اجل تهدئة البحر وضمان صيد وفير، كما ينتشر بينهم الاعتقاد بوجود ارواح شريرة تسبب الامراض والموت، عندها يدخل الشامان في حالة الترانس ويبدأ عملية الشفاء. وظيفة الشامان ليست وقفا على الرجال إذ يمكن للنساء ايضا ان يصبحوا شامان. ويعتقد الموكين ان الارواح تذهب الى الشرق في حين ان الارواح الشريرة تبقى قرب القبور لذلك تكون مدافنهم في جزر بعيدة عن الطرق اليومية. طريقة الدفن الكلاسيكية كانت تقوم على وضع الجثمان على اخشاب ، عادة من الخيزران، زواياها الاربعة مغروسة في رمال البحر في مناطق يكون فيه قاع البحر قريبا من سطح الماء. اصحاب القوارب يجري دفنهم في قواربهم. عام 1850 جرى التخلي عن هذه الطريقة واصبحوا يدفنون موتاهم في حفر على الشواطئ.
غير انه وبنتيجة تعرضهم للضغط، وعلى الاخص اثناء عمليات التوطين الاجبارية وتحت ضغط منعهم من الصيد، تمكنت بعض الاديان من اختراق مجموعاتهم، وعلى الاخص البوذية والمسيحية والاسلام. فقط جماعة Moken of Mergui لازالت خالية من تأثيرات الاسلام. على العكس نجد في مجموعة Orang Laut نعثر على انواع من المسلمين تبدأ من الذي لايجد بأسا في اكل لحم الخنزير وعدم صيام رمضان الى اكثرهم تشددا.


جماعات اخرى شبيهة
توجد جماعات اثنية اخرى تعيش في منطقة بحر الاندامان والنيكوبار، وهي نفس منطقة الموكين، ويسكنون اليابسة ويعتاشون على البحر و يبنون اكواخهم قرب الشواطئ، ويفهمون لغة البحر بحيث ان التسونامي لم يؤثر عليهم.

يقوم الانتروبولوجي السويدي فريدريك فوغيلبيرغ، Fredrik Fogelberg, من جامعة اوبسالا، بدراسة التنوع الاثني وعاداتهم ونمط حياتهم ومن بين هذه المجموعات توجد مجموعة اونغه. Ongefolket والتي تعيش على شواطئ الاندامان وتعتاش على الصيد البحري.

في يوم التسونامي كان يفترض ان يكونوا على الشاطئ، مثل بقية الايام، ويصطادون ولكنهم كانوا على رأس الجبل. هذا الامر الغريب لانستطيع ان نفهم مبرراته منهم لكون تصوراتهم عن العالم لازالت ليست بمتناولنا بسبب تخلف لغتهم وقلة الدراسات عنهم. لازالت هذه الجماعة تعيش كعائلة واحدة بحيث ان لغتها لاتملك مفردات تعبر عن الملكية الشخصية او الانا. ولكن من الواضح انهم يرون في التغييرات الغير عادية بوادر خطر مخيفة، بحيث أن تراجع مياه البحر اثارت لديهم القلق وحفزتهم على صعود الجبل. جميع التغييرات في الطبيعة يعتبرها الانسان البدائي تهديدات خطيرة من قوى الطبيعة تستحق الاحترام.





#طريف_سردست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلمون فاشيون ام الاسلام فاشي؟
- فضيحة مساجد ستوكهولم
- هل تنتحر الحيوانات ؟
- هل جاءت الحياة الى الارض من الفضاء الكوني؟
- هل حضارات كونية من زرع الانسان على الارض؟
- الخازوق عبر التاريخ
- مظاهر استمرار تطور الانسان الحديث
- اجداد البشر: الهجرات المبكرة -4
- اجداد البشر: النيندرتال -3
- اجداد البشر: الايريكتوس -2
- اجداد البشر: ماقبل الايريكتوس -1
- الاصل التاريخي لمفهوم جهنم
- دروس ميكافيللية لحكام الشرق -2
- الميكافيللية وحكام الشرق -1
- الاسماء القبيحة وعلاقتها بالدين
- اصل الله في الديانات الوثنية -3
- الله انحدر عن عبادة الكواكب -2
- معضلة الاصل الوثني لله -1
- الامراض والاضطرابات التي يسببها الدين-2
- الامراض التي يسببها الدين-1


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - شعب مُذهل وطنه البحر ولم تلوثه الاديان