طريف سردست
الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 21:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الفترة الاخيرة إزدادت اعمال العنف على خلفية الكراهية ضد يهود مدينة مالمو السويدية، بحيث ان الوضع في المدينة اصبح على جدول اعمال منظمات دولية لاول مرة. اصبح من المعتاد تحطيم القبور اليهودية ويتعرض اليهود الى تحرشات مستمرة بالكلمات النابية او الاعتداء الفيزيائي..
مدينة مالموا مركز رئيسي لتجمع الجاليات الاسلامية وازداد اعداد المسلمين فيها في السنوات الاخيرة الى حد الازمة، حيث وصل الى 400 الف مقابل ثلاثة الاف يهودي. وبالترافق مع زيادة اعداد المسلمين إزدادت اعمال العنف ضد اليهود، لتعبر السبعين حادثة سنويا، بما فيه تحطيم القبور اليهودية،. فهل هناك علاقة بين وجود المسلمين وبين صعود الانتهاكات العنصرية ضد اليهود؟
يهود السويد جاءوا الى السويد على ثلاث موجات اولهم في القرن الرابع عشر واخرهم بنتائج الحرب العالمية الثانية، وليس في تاريخ السويد اية حوادث ضد اليهود سابقا، فمالذي تغير الان غير قدوم المسلمين وازدياد عددهم في المدينة؟
في السويد ليس العنف ضد اليهود وحده الجديد بل والعنف ضد المثليين، والغرابة ان مالمو، حيث النسبة المرتفعة للمسلمين، هي التي تتميز في كلا العنفين،لذلك ليس من الغريب ان العديدين سارعوا الى ربط كراهية اليهود والمثليين بالمسلمين والاسلام. وكمسلمين نعلم ان هذه العلاقة ممكنة، فنحن لسنا غرباء عن النصوص التراثية والدينية التي تثقف بكراهية الطرفين ولسنا بمعزل عن التيارات الاسلامية الفعلية التي تحفز وتشجع وتدعو لهذه الكراهية وتمارسها.. المعضلة ان الاعتراف بوجود هذه الكراهية فكرا وممارسة والاعتراف بعدم وجود رفض فاعل لها يعطي الشرعية للكراهية المضادة الناشئة ضد الاسلام والمسلمين في اوروبا ويفقد البرامج الحكومية المتعددة لمكافحة الاسلام فوبي، زخمها ومعناها، ونتحمل وحدنا مسؤولية هذا التطور.
المثير للاسى ان البعض يصرف جهوده في محاولة التبرير او التشكيك على طريقة ان ليس الاسلام من يتحمل مسؤولية اخطاء بعض افراده، او ان هناك متطرفين ونحن ممثلي الاسلام الوسطي المتسامح. وبالطبع ذلك ممكن ولكن مالعمل عندما يكون شيوخ وممثلي منظمات اسلامية هم من يصدر عنهم ثقافة الانتهاك والعنصرية، في ذات الوقت الذي لانجد اي انتقاد او اعتراض من اي طرف اسلامي، وفي احسن الظروف يسود الصمت؟
Helena Benaouda, سويدية ( من اصل فنلندي) أسلمت عام 1979 وتزوجت مصري مسلم وعضوة في المجلس الاسلامي منذ عام 2004. ظهرت على التلفزيون السويدي تدافع عن الاسلام معلنة انها والمنظمات التي تنتمي اليها يمثلون الاسلام الوسطي، ليظهر بعد اقل من شهر ان ابنتها (زوجة منير عواد) وزوجها يجري اعتقالهم في باكستان لدخولهم الغير شرعي واتصالهم بالقاعدة، ويعتقل منير عواد مرة اخرى ( المرة الثالثة) في الدانمارك لمشاركته بالمجموعة المكلفة بالاعتداء المسلح على موقع جريدة جيلاند بوسطتن،. بعد ذلك اختفت هيلينا ولم يعد بالامكان الاتصال بها ليصبح تعبير " الاسلام الوسطي" نكتة الموسم.
في ثان اكبر المدن السويدية، غوتبورغ، في عام 1998 تشكلت جمعية سلفية تسمى TUFF, Troende Unga Framtida Förebilder (الشباب المؤمنين نموذج المستقبل)، ومن بين قادتها الشيخ الشهير أنس خليفة (ابو مالك). هذه الجمعية مرتبطة بالجامع السلفي الشهير Bellevuemoskén ومديره العام يوسف عبد القادر Yosuf Abdulkadir. في هذا الجامع كان الارهابيون يجمعون التبرعات، ومنهم الانتحاري الصومالي عبد الرحمن حجي والذي فجر نفسه في مقديشو وقتل 23 طبيب وطالب طب، والارهابي محي الدين جيله Muhideen Jelle (مقيم في الدانمارك) والذي شارك في محاولة اغتيال الدانماركي Kurt Westergaard الذي وضع الصور الكاريكاتورية مستخدما الرسول محمد كرمز. والشيخ خليفة كان يقول في خطبه ( المصورة) ان المسلم لايجوز له ان يصادق مسيحي او يهودي او يصافحه او يحضر حفلاته او يزوره إلا بداعي الدعوة للاسلام. وقال ايضا أن المسلمين:" سيغرقون اليهود في بصاقهم". كانت محاضراته موجهة بالدرجة الاولى الى اطفال المسلمين وتجري في صالات مغلقة ومع ذلك تمكن التلفزيون السويدي، من تصوير الفضيحة وعرضها الى جانب فضائح اخرى.
الاكثر اثارة كان البرنامج التلفزيوني الذي كشف ان الجمعيات الاسلامية تدعو الى السويد شيوخ السلفية الصومالية للقاء والقاء الخطب وتمول سفرهم وإقاماتهم بالمعونات التي تقدمها الحكومة السويدية لدعم التجمعات الاسلامية السويدية. في النتيجة يظهر ان الدعم السويدي للمنظمات الاسلامية يذهب لدعم الارهاب الاسلامي وزرع الحقد والكراهية وليس لدعم التنوع الثقافي ووضع اسس الاستقرار والسلام. احد الشيوخ الذي جرى دعوتهم هو الشيخ Xasaan Xuseen وقائد منظمة الشباب الصومالية، حيث قام الصومالي يوسف عبد القادر بدعوته (مدير جامع في غوتبورغ جرى ذكره سابقا).
لايكفي مايفعله القادة الاسلاميون السويديون في السويد، بل مايفعلونه خارج السويد يعزز الصورة السلبية عنهم أكثر. الشيخ الصومالي السويدي Fuad Mohamed Qalaf وعضو منظمة الشباب الارهابية غادر السويد عام 2001، بعد عشرة سنوات فيها، عائدا الى الصومال. ومن هناك تأتي الاخبار عن حكمه على الفتاة Asho Duhalow, بالرجم بالحجارة حتى الموت، على الرغم من ان عمرها 12 سنة، ولمجرد انها لاتملك مايكفي من المال لشراء ملابس تغطيها كاملة، غير ان منظمة الشباب سمحت لها بمكالمة هاتفية مع ابوها قبل تنفيذ الرجم. الفتاة جرى خطفها من مدينة Kismayo في كينيا وهناك جرى اغتصابها قبل ان يقودوها الى الصومال. حسب الفتاة، نفس الاشخاص الذين قاموا بإغتصابها هم الذين شاركوا في رجمها. السويديين اصيبوا بالصدمة. نفس الشيخ حكم على شخص اخر بقطع يده علنا، بتهمة السرقة، وجرى الامر في الملعب وامام الجمهور حيث وضعت اليد المقطوعة والى جانبها القرآن اعلانا ان العمل حسب القرآن وليس مجرد فتوى.. الشيخ الارهابي فؤاد محمد خلف كان يدير جامعا في رينكبي في العاصمة ستوكهولم، |( جرى اغلاقه) ،ولم يكن شخصا عاديا. ان يتمكن من العيش والنشاط في السويد بسلام وبدون ازعاج ليظهر انه الشيطان بعينه اثار حفيظة الكثيرين.
تقوم استراتيجية المنظمات الاسلامية على الانكار والتظاهر انهم ضحية مؤامرة دولية صادرة عن الكارهين للاسلام. عمر مصطفي رئيس مجلس الرابطة الاسلامية (الاخوان المسلمون) تكلم في ندوة تلفزيونية عن " الاسلام فوبي" على اساس انه ظاهرة لاتستند الى اي اساس، على الرغم من انه ومنظمته دعوا ويدعون، إلى مؤتمراتهم، ائمة مشهورة بكراهيتها لليهود والدعوة الى انتهاك حقوق المواطنة للمثليين.
وفي ندوة تلفزيونية اخرى على القناة الرابعة التقت Kristin Kaspersen مع محمد امين كاراكي Mohammed Amin Kharraki, ( رئيس منظمة الشباب الاسلامي) وهو نفسه الذي انكر قدوم شيوخ متطرفين الى جامع رينكبي عندما كانت محدثته Nalin Pekgul غاضبة على تصرفات الشيوخ الذين كانوا يلاحقون الفتيات التي لاتضع حجاب ويهددون الذين لايقومون بواجباتهم الدينية. كان يعتقد ان انكاره وحده يكفي لالغاء عشرات الشهود والشهادات. منظمة الشباب الاسلامي دعت العديد من شيوخ التطرف من العالم الاسلامي الى مؤتمراتها السنوية. احد المدعوين، عام 2009، كان الشيخ Khalid Yasin خالد ياسين والذي قال ان اليهود خنازير وسخة وان اعتقادات المسيحيين واليهود وسخة وان العقاب الوحيد للمثليين هو القتل وان ضرب الزوجات حلال وان مساواة النساء مع الرجال هو جنون وان الايدز انتجته الحكومات الغربية في المختبرات وان على المسلمين ان لايخضعوا الا لقانون الشريعة. عام 2010 جاء الشيخ Abdullah Hakim Quick والذي قال الشئ نفسه كسابقه.. وقبل ذلك في عام 2005 كانوا قد دعوا الشيخ المتطرف Riyadh ul Haq, الى المؤتمر والذي حرض على قتل وانتهاك حقوق المواطنين اليهود والمثليين والنساء.
وفي عام 2012، مباشرة بعد تفجير اول ارهابي اسلامي لنفسه على الارض السويدية تقوم منظمة الشباب الاسلامي بدعوة الشيخ الارهابي Jamal Badawi والذي له تصريحات عديدة تؤيد عمليات تفجير النفس وله كتابات تشرح كيف يمكن للمؤمن ان يضرب زوجته بطريقة صحيحة وحسب القرآن. الغريب ان رئيس رابطة الشباب المسلم (الاخوان المسلمون) كان قد احتج قبل بضعة اسابيع ، بعد فضيحة مساجد ستوكهولم الاخيرة، ان السبب في أن مسؤولي المساجد لايملكون تعليما لاهوتيا، في حين نرى ان غالبية من يدعوهم الى مؤتمراته السنوية، من حملة الدراسات اللاهوتية، لايختلفون كثيرا عن الاميين ولايستحقون ان يكونوا نموذجا محترما للشباب إلا إذا كان الهدف هو تربية ارهابيين.
عام 2011 قامت منظمة رابطة المسلمين في السويد، برئاسة عبد الرضا وبيري العضو في البرلمان السويدي عن المودرات، (سابقا برئاسة عمر مصطفى) بدعوة الشيخ المتطرف صلاح سلطان Salah Sultan, والذي لايتورع عن نشر الاكاذيب لمجرد بث الحقد على اليهود. عام 2010 القى كلمة من تلفزيون حماس في غزة تكلم على ان من عادات اليهود في عيد الفصح قتل المسيحين ليخلطوا دمهم في العجينة الغير مخمرة. وفي عام 2008 قال من على قناة الناس ان اليهود يسيطرون على العالم وان من علامات اخر الزمان ان المسلمين سيقتلون كل يهودي (لمجرد انه يهودي) حتى لو يختبئ خلف الحجر (حسب الحديث الشريف). غير ان وبيري ينفي انه كان على علم بالاراء المتطرفة للشيخ صلاح سلطان (على الرغم ، وفي الواقع، هي اراء شائعة يقول بها كل شيخ ومسلم تقريبا) (لرؤية المقابلة التلفزيونية انقر هنا). وفي تعليق اخر مع newsmill برر المسألة قائلا أنه:" إقتباس من حديث ما جرى قوله في الطرف الاخر من الارض".. كما ان التطرق الى الموضوع جرى في مجرى الاسلام فوبي، وانها محاول:" لوصم جميع من يتطرق الى اليهود او دولة اسرائيل بمعاداة السامية، بتهمة تلصق مدى الحياة". صلاح سلطان يتكلم عن اليهود، ولكن في عقل وبيري وأمثاله يصعب عليهم التفريق بين اليهود وبين اسرائيل. في الواقع انه يعلم الفرق ولكنه يكذب إذ من الواضح انه يعلم الفرق عندما يستخدم تعبير اسرائيل مع محدثه كاشفا بذلك عن معرفته الواضحة بالفرق. كما انه يصم جميع من ينقد الاسلام " بالاسلام فوبي" في ابتزاز واضح وهو امر ليس في صالح الاسلام والنمسلمين على العموم، لان المستمعين يعرفون الفرق ولن تعبر الحيلة عليهم.
بعد كل هذه الانتهاكات والدعوة للانتهاك، وسوء القدرة على التبرير او انتاج فكر اصلاحي حضاري، يتساءل البعض فيما إذا كان التطرف الذي يصل الى حد الفاشية، مسألة فردية حقا كما يبررها البعض ام ان الاسلام نفسه فاشي؟ هل يمكن اصلاح الاسلام ام انه غير قابل للاصلاح؟.
#طريف_سردست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.