نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 23:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لما كانت الحياة أدوارا كالمسرحيات وأفلام السينما , إذا أُسند فيها دور البطولة إلى ممثل مبتدئ , فالفشل حتما يكون مصير هذه المسرحية وسيقذف المشاهدون الممثلين بالبيض الفاسد , كذلك المستبد كالكومبارس إذا أُسند إليه دون استحقاق دور البطولة في مسرحية مثلا فمآلها الفشل , غير أن مصيره غير مصير الممثل الفاشل المرمي بالبيض الفاسد , إذ يثني المستعبَدون عليه ويقبِّلون أقدامه ناعتينه بالتفرد والعبقرية .
وعندما تفرِّط الأمة في حقها في مساءلة السلطان , عليها تحمل تبعات هذا التفريط , إنما يتمادى المستبد إذا اطمأن إلى كونه بمنأى عن المحاسبة . فالخليفة الذي يأمر لشاعر أو جارية بألوف الدينارات , أو يشتري لنفسه اليخوت والقصور بألوف الدولارات, إنما هو سارق ويجب إقامة حد السرقة عليه , إذ أخذ من بيت مال المسلمين أموالا لا تخصه بل هي لعموم الناس المؤتمَن على أموالهم ومصالحهم , فلا هو حفظ مالهم , ولا رعى مصالحهم . وإذا أردتم أن تعرفوا من أين أصاب الحاكم ماله , فانظروا في أي شيء ينفقه , فإن الخبيث يُنفق في السرف. والله يندد بالمطففين فيقول :{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} المطففين1 , وهذا وعيد لمن طفف في الكيل , فما الظن بمن أخذه كله !
وترسخ في وجدان المسلم أن المقصود بالمساواة هي المساواة بين الناس وبعضهم ولم يكن ليظن أنها أيضا تعنى المساواة بين الناس والسلطان , بين الحاكم والمحكوم .
وينبغي تقييد أيدي السلطان وأعوانه وأتباعه ومماليكه وأقاربه , فلا تمتد إلى مالا يحل لهم من مال الأمة . والسلطان يحيط نفسه بالأعوان والأقارب ممن تجتمع مصالحهم , فيؤثِر أهل الثقة على أصحاب الخبرة , والنبي يقول : " من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضَى لله منه , فقد خان الله , وخان رسوله , وخان المؤمنين " .
ولم يكن الفقر طارئا أو استثناء بل كان هو القاعدة والحال السائد, ففي بلادنا مثلا , لم يطرأ تغيرعلى منزل الفلاح المصري منذ العصر الفرعوني وحتى الآن , فهو مبنى من الطين ليسع الفلاح وماشيته . وكان المصريون حتى منتصف القرن العشرين يعانون من الحفاء والعَمى , بينما كانت أبواق الحاكم توهمهم أن مصر هي أم الدنيا وجنة الله على أرضه ! وذلك ليبقى الحال على ما هو عليه ويبقى المغفلون معلِّقين الأمل على نعيم الآخرة , وفاتهم أن الجنة ليست للمتخاذلين .
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟