أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عطا مناع - عندما كرمت بيت لحم جعارة وزعول














المزيد.....

عندما كرمت بيت لحم جعارة وزعول


عطا مناع

الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 15:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


بقلم- عطا مناع
شوارع مزدحمة، والناس يتسابقون لاستقبال جعارة والزعول، كيف لا وقد طال الانتظار، منعت السيارات من استخدام الشوارع الرئيسة لفتح المجال للمسيرات القادمة من المخيمات والقرى، تشاهد الناس يتطلعون بلهفة لتلقف جثامين الشهداء، بعد الفوضى سادت المشهد وهذا طبيعي فالمشيعين بعشرات الآلاف، ومكبرات الصوت تصدح في ساحة المهد رجع الخي يا عين لا تدمعيلو.
وجدت طريقي بصعوبة إلى الساحة، كان المشهد فلسطينيا حقيقيا، وكأن الشهيد بلحمة الطري غادرنا بالأمس، ترى الوجوه تراقب الشهداء المحمولين على السيارات العسكرية بإجلال، تلك هي الروح الحرة التي ما فارقت بيت لحم التي تعرف كيف تكرم شهدائها، لم يتخلف احد، وحلقات من الفتيان يستحضرون حكايات الشهادة، وقادة الفصائل منهمكون في ضبط المسيرة لعدم خروجها عن مسارها المقرر، وجمع غفير من النسوة تطلق الزغاريد في استقبال الشهداء.
بصعوبة وجدت طريقي لمركز الحدث، كان المحافظ وأعضاء المجلس التشريعي والشخصيات والقوى ومدراء مؤسسات المجتمع المدني يحاولون إيجاد موطئ قدم بين الآلاف المؤلفة من الجماهير التي خرجت مبكراً إلى الساحة، والعسكر يحيطون بالجثامين المسجاة ينظمون حركة الأيدي التي تحاول لمس الجثمان قبيل صلاة الجمعة.
في لحظة ساد الهرج والمرج عندما حاولت ثلة من العسكر حمل جثمان جعارة والزعول، وبلمح البصر أصبحا مرفوعين على الأيدي ترافقها الهتافات التي غطت على المشهد وخطيب جامع عمر الذي يدعوا الحضور للانتظام في صفوف لادآء صلاة الجنازة.
لم تنفع الدعوات للانضباط، وطاف الشباب حاملين الشهداء يطوفون بهم في أرجاء الساحة مرددين بالروح بالدم نفديك يا شهيد، كان المشهد عبارة عن لوحة فلسطينية تقشعر لها الأبدان حالة من التوحد الوطني الذي تجاوز كل الحواجز، ذاب الانقسام في حضرة الشهداء، وأصبح يوم الجمعة الشهيد الحرارة برداً وسلاماً على الحضور، واصدر المحافظ قراراً يقضي باسقاء العطاش الذين ظهر على بعضهم الإعياء، وبالفعل تدافعت المؤسسات والمحلات المحيطة لتقديم الماء للمشيعين.
ساد الصمت عندما نادي المفتي لصلاة الجنازة، لم تتسع الساحة للمصليين الذين انتشروا في الشوارع المجاورة، الصلاة تجمع بين الفر قاء الذين صافحوا بعضهم بعد إتمام صلاتهم، وعلى الفور وفي لمح البصر خطف الشهيدان وحملا على الأكتاف في مسيرة راجلة لمقبرة الشهداء القريبة من مخيم الدهيشة، ورافقت المسيرة سيارات الإسعاف والسيارات العسكرية التي ازدحمت بالأكاليل التي تسابقت القوى والمؤسسات على تزيين المسيرة بها.
سادت السكينة خلال المسيرة التي بدأت باتجاه مقبرة الشهداء، أنهم لا يتعبون رغم الشمس الحارقة وساعات الانتظار الطويلة، ومع انطلاق التشيع توافد الناس من الأزقة والشوارع الفرعية، ورشت النساء الواقفات على شرفات المنازل التي مرت من جانبها المسيرة الملح على الجثامين والمشيعين تكريماً للشهداء، وقدمت المحلات التجارية ماء السبيل للعطاش.
كأن شيئاً لم يتغير، كل الرهانات على التراجع سقطت، هو يوم كما أيام الانتفاضة المباركة، تخرج الجماهير عن بكرة أبيها لتكرم شهداءها، تطلق العنان لسجيتها بعيداً عن أية استحقاقات، وفي حضرة الشهداء الذين عادوا من مقابر الأرقام حيث يجب أن يكونوا كان الآلاف من أبناء الشعب ينتظرون في المقبرة وعلى سفح الجبل الواقع بين مخيم الدهيشة وقرية ارطاس، كان العلم الفلسطيني هو سيد المشهد.
مسيرة الشهداء تقترب ببطء، والأيدي تتلقف الجثامين، وقبيل لحظة الوصول ألقيت الكلمات التي عاهدت الشهيد الزعول على التمسك بالثوابت الوطنية وعدم التفريط، غادرنا الشهيد الزعول مع مئات الحافلات إلى مسقط رأسه قرية حوسان وحمل الشبان جثمان الشهيد جعارة ليسجى أخيرا إلى جانب أشقاءه الشهداء في مقبرة الشهداء، وخلال عملية الدفن استحضر الحضور مناقب الشهيد، وغادروا المقبرة في انتظار الفوج الثاني من شهداء طال انتظارهم.
صحوت على نفسي وإذا بالساعة تجاوزت السابعة مساءً، كنت قد عدت مرهقاً بعض الشيء بعد تشيع الشهداء، وتذكر ساحة المهد وبضعة مئات من المواطنين الذين شيعوا الشهداء، تذكرت غياب من كان يفترض أن يكونوا في حضرة الشهداء، وتذكرت غياب رأس البلد، والجنازة المحمولة إلى المقبرة التي شاركت فيها عشرات السيارات، تذكرت مقبرة الشهداء التي كان فيها القليل من الفلسطينيين، وتذكرت قول وزير الأسرى عيسى قراقع عندما قال أن عشرات شاركوا في تشييع شهداء فندق سافوي، وتذكرت لعن الذات وجلدها من الحضور، تذكرت الكثير وحلمت بربيع فلسطيني يعطي الأكرم منا جميعاً حقهم.




#عطا_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنتمي للقطيع: حتما سنعود
- عن الانتفاضة القادمة واللحم المقدس
- إعدام عميل: ماذا بعد
- الانقسام الفلسطيني: أفعى برأسين
- نصف التفاحة الأخر: أقرئكم السلام
- بشار الأسد: سأدخل بك الجنة!!
- اقتصاد الجوع الفلسطيني والرواتب
- هناء الشلبي: وليمة التنين
- عن الذبيح وزمن العطايليه
- عن السوبر ماركت وموقف اللاموقف والمفتاح
- القرد الذي في داخلي يتحداني
- ماكو شي ماكو انتخابات
- جورج حبش: جرده حساب
- يا دكتور فياض: لعم للتقشف
- سيدي محافظ بيت لحم: لسنا بلطجية
- لعنة ألقذافي
- التبادل والأسيرات: العذر الأقبح من ذنب
- الأسرى أم الدولة؟؟؟
- خربشات لأجيء-4:الوطواط
- أمريكا راس الحية


المزيد.....




- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-
- من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
- السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة ...
- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...
- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عطا مناع - عندما كرمت بيت لحم جعارة وزعول