أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحو تطوير الفكرة الإلهية ! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (16)















المزيد.....



نحو تطوير الفكرة الإلهية ! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (16)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3717 - 2012 / 5 / 4 - 21:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قدمت سابقا رؤية فنتازية عن تقديم طلب الإلتحاق لشغل وظيفة إله شاغرة وبعد إطلاعى على مواصفات الوظيفة وشروطها والتأمل في بنودها قررت رفضى لهذه الوظيفة فكونى إنسان فذاك أفضل جدا .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293752
تساءلت بعدها لماذا إكتفيت برفضى للصورة المفروضة عن الإله .. لماذا لا اقدم رؤيتى وقناعاتى عن الصورة المثلى للإله بدلا من تلك الصورة المعهودة والمستقاة من الميثولوجيات الدينية .. لماذا لا أقدم رؤية متطورة للفكرة الإلهية لأعطى لها بعدا أكثر رحابة وجمال فالأمر لن يكلف شيئاً سوى فكر و خيال ينطلق , فكما أنتجت رؤية فنتازية عن شغل وظيفة إله فلما لا أقدم رؤية أخرى أكون فيها إلهاً .

جاءت الموافقة على تولى وظيفة إله وفقا لرؤيتى وشروطى وبرنامجى لأتوجه للمركبة الفضائية الإلهية من طراز روزرايس وفى رفقتى رئيس الملائكة " نورائيل " يحمل حقائبى وحاجاتى لنصعد سلالم المركبة الفخمة فيتبادر فى ذهنى مشهد طريف فلما لا يأخذنى الملاك على جناحيه كما فى مجلات سندباد فهو قام برحلات مكوكية من السماء إلى الأرض فى الأزمنة القديمة بدون مركبة , ولكن قد يبدو هذا من لوازم الفخامة الإلهية فليس من المعقول أن يتشعبط إله على كتف ملاك .!!
يلتفت نورائيل لحقائبى وينظر إليها مستغرباً وأقرأ فى نظراته سؤال لا يخلو من الدهشة عن معنى حضورى بهذه الحقائب ففى المملكة الإلهية سيكون متوفراً كل شئ , لأقول له أدرك ان الرحلة ستكون طويلة لذا أحضرت معى أقراص من الd.v.d عليها كل ثروتى من شرائط الفيديو تيوب والتى تزيد عن 6 آلاف فيديو تحتوى على الموسيقى العالمية وروائع الفن التشكيلى حتى يتسنى أن نقضى وقتا طيبا اثناء الرحلة .. ينظر لى الملاك نورائيل نظرة تحمل معنى يكتمه ولا يصرح به ولكنى أقرأه فى عيونه عن هذا المرشح للقيام بدور إله ومهتماً بالموسيقى والفن لأجاوبه على الفور هكذا شرطى أن اكون إلهاً أن أجد متعتى فى الفن والموسيقى بل لى خطط مستقبلية فى هذا الشأن على مستوى الوجود .

أخذت مقعدى فى المركبة لأجد نورائيل يجلس تحت قدماى فإستغربت لهذا الموقف بالرغم من وجود مقعد خال بجوارى لأحثه على النهوض والجلوس بجانبى , ليتعقد حاجبيه من الدهشة ويبادرنى بالقول لا يليق سيدى فأنت إله ولك منا كل الخضوع والإنسحاق .. يا سيدى أنت لا تعلم ماذا نفعل نحن الملائكة فى مملكتك السمائية , فنحن لا نكف عن السجود والتسبيح ليل نهار فى محضرك ولا نتوانى عن حمل العرش والتجول به فى ملكوتك .!
لم أجد بداً سوى أن أأمر "نورائيل " أن يجلس بجوارى فأنا أكره إنسحاق أحد أمامى , ليحتل نورائيل مجلسه فى المقعد المجاور وهو فى حالة من الخجل والإرتباك لأهدأ من روعه وأقول له : أنا غير مقتنع يا نورائيل بهذه المشاهد من الخضوع والسجود والإنسحاق ولا أرى لها أى معنى ليقاطعنى نورائيل بخجل : عذراً يا سيدى فأنت إله لك كل الحق فى التعظيم فكيف يكون هناك إله بدون تفخيم وتبجيل وتقديم العبودية والإنسحاق له .. ألم يَخلق الإله السابق الإنس والجن خصيصاً ليعبدوه ؟!!

أنا : هذه الوضعية لا تروق لى ولا أجد لها معنى فهى منزوعة من أى معنى ولا يوجد ما يبررها .
نورائيل : كيف يا سيدى ؟!
أنا : أولا مشهد التفخيم المصاحب لىّ والإنسحاق والخضوع والعبودية المصاحب للبشر يجعل صورة الإله فى صورة بشرية .. صورة مستوحاة من ملوك وسلاطين بشر تقدم لهم فروض الطاعة والإنسحاق , وأعتقد أن البشر أسقطوا هذا المشهد على الفكرة الإلهية فمن المفترض أن الإله فى غير حاجة لهذه المشاهد من التبجيل والتعظيم فمن المفترض أنها لن تزيده شيئاً ولن تنتقص منه فهو فى حالة من الغنى والثقة والكمال فى ذاته فلن يطربه أن يجد إنسحاق وعبودية من إنسان سواء تمت بمشاعر نفاقية مزيفة أو مخلصة فلا يصح أن ينزعج من إنصراف البشر عن السجود والإنسحاق أمامه فهو مكتمل ونزيه وليس باحث عن إثبات وجوده وقيمته بهذه الحركات السخيفة فالكامل والمكتمل لا يعنيه هذه السلوكيات بل تنال من كماله لأنه يكون هنا قد وقع تحت الغاية والحاجة وهذا ما يتخذه الملاحدة الملاعين كحجة فى تفنيد فكرة الإله .

نورائيل : يبدو أنك متواضع يا سيدى وتريد أن تكون هكذا .
أنا : التواضع صفة طيبة فى البشر ولكن الأمور لا تكون كذلك بالنسبة للإله , فلا معنى للتواضع أو الكبرياء فى فكر وكينونة الإله فلا وجود لهاتين الصفتين بل باقى الصفات كالعظمة والجلال فى الوعى الإلهى, فما معنى العظمة والجلال ؟!
العظمة والجلال هو إحساس يتبادر عندما يكون نقيضه موجوداً فيخلق وجود الصفة والحالة ليتم إدراكها ووعيها وتوصيفها فلن يدرك الإله بالطبع أنه عظيماً لأنه مُنفرد مُتفرد فلا توجد آلهه اقل منه شأنا أو آلهة حقيرة ليعى أنه فى حالة تمايزية .. أى ان الإله لن يدرك مفهوم وإحساس العظمة لعدم وجود النقيض الذى يظهره , فهو إله مُتفرد فى ألوهيته فلا يوجد شريك أو منازع بجواره حتى يدرك تميزه بالعظمة , وهذا يعنى ان الصفات الإلهية هى إسقاط الإنسان لصفاته البشرية على الإله .. لذا اقول لك بأننى لا أرى أى معنى لأن تقدم لىّ مشاعر الإنسحاق والتبجيل والتسبيح حتى لو تم تقديمها بصورة مخلصة ومتبتلة وإن كنت أجزم بعدم وجود إنسان واحد يقدم للإله مشاعر الخشوع .

نورائيل يستوقفنى : عذرا سيدى كيف لا يوجد إنسان لا يقدم للإله مشاعر الخشوع والتمجيد فهكذا كان الحال مع الإله السابق ؟
أنا : لا شأن لى بالإله السابق إذا كان ينخدع فى هذه المشاعر أم لا , ولكن ما يدعونى لقولى بأنها مشاعر مزيفة أن العقل البشرى ينتج مشاعره على وجود حدث مادى أمامه فهو يتفاعل مع ماهو محسوس فينتج مشاعره بناء على ذلك فكيف له ان يقدم أى مشاعر تجاه إله لا يدرك ولا يعى ولا يحس بمفرداته فذاته وكينونته وطبعيته مجهولة بل لا تجد لها حضوراً مع شفرة الدماغ كونه روح ولا مادى , كيف ينتج مشاعره تجاه المجهول الغير المُدرك له , فما تراه من مشاعر تبدو لك متبتله ماهى إلا إستعارة هذه المشاعر من دولاب الذاكرة وإسقاطها على هذه اللحظة .

أأمل يا "نورائيل" الخروج من شرنقة فكرة الإله الآمر الناهى المُتفرد الذى يَترصد ويٌحاسب , فقضية التفرد تلك منحت الأجواء لكل الطغاة والمستبدين بل للدقة أن الطغاة والملوك هم من رسموا صورة الإله فى هذا الإطار كإسقاط لرؤيتهم ورغباتهم فشيوع فكرة الإله الواحد القادر المُتحكم الذى لا يؤاخذ بل يُخضع ويُنسحق الجميع أمامه بلا نقاش مهدت الطريق أمام كل الطغاة فهاهو نموذج الإله الآمر الناهى حاضراً فلما لايكون الملك هو الحاضر الناهى , وللحقيقة أن هذه النخب الحاكمة المهيمنة هى التى رسمت صورة الاله الناهى المتفرد فقد كان الملوك القدماء هم الآلهة أو أبناء الآلهة لتصبح منهجية الاستبداد والديكتاتورية هى سمة الإله فتمرر صلفهم وبطشهم ثم تستقل الفكرة عن جذورها لتصبح صورة الاله مصحوبة بالتفرد والبطش وتعيد الفكرة انتاج نفسها .

أرى " نورائيل" تبدو عليه ملامح الإقتناع والإرتياح لألقى برؤية أخرى تكون بمثابة القنبلة عن عزمى القيام بثورة فى المملكة الإلهية .. ثورة تغيير جذرى شامل شبيهة بالثورة البلشفية والثورة البرجوازية من حيث تغيير المفاهيم .. فترتفع حواجب نورائيل ويضم جناحيه بقوة على صدره فتكاد تلتصق به ويسألنى : كيف يا سيدى .؟!!
أنا : أفكر جدياً فى إلغاء المحكمة الإلهية وكل ما يتبعها من ثواب وعقاب وجنه وجحيم فكل هذه الأمور بلا معنى ولا تستحق كل هذه الجلبة .
نورائيل يصعق من وقع القرار ليفتح فاه : سيدى هذه ثورة وإنقلاب هائل .. سيدى ليس لى الحق فى أن أعترض وأناقش مشيئتك فأنت الأول والآخر ولا مرد لكلامك وما علينا سوى الرضوخ بلا جدال .
أقاطعه : دعك من هذا الأسلوب القديم فى الرضوخ والإنسحاق فقد تكلمت معك منذ قليل ويبدو أنك لم تستوعبه , فلو كنت أبغى أن تصبح مشيئتى أوامر ما طرحت هذا الأمر عليك وتفرغت لمشاهدة فيديوهاتى .. فأنا إله أؤمن بالحرية وأرى الأفكار تُصقل ويزداد بريقها بالنقد لذا أريد أن استمع لخبرتك ورؤيتك فمهماً كانت ستثرى فكرتى فلك أن تنقدها أو تؤكدها أو تعدلها أو تطورها , لقد عانى الوجود كثيرا من حالة التفرد والتسلط بالقرارات فلو كان هناك أحد راجع الإله السابق ما كان أقدم على حدث الطوفان ليندم بعدها .

نورائيل : حسنا سيدى هل وضعت فى حساباتك ماذا سيكون الحال لو أعلنت للبشر بإلغاء يوم القيامة والبعث .. ماذا سيكون حالهم بعد ان يعلموا بإلغاء المحكمة الإلهية وإنقشاع حلم البعث وتبدد الجنه والجحيم .. وكيف يليق أن تتنازل عن حقك فى حساب من يعصيك وتهمل من يخلص فى عبادتك ؟!!
أنا : اعلم ولكن أريد أن أستمع أكثر فقد تكون لك نقطة لم أضعها فى حساباتى .
نورائيل : سيدى .. سينصرف البشر عن عبادتك ولن يقدم إنسان على تقديم الصلوات لك .. لن تجد إنسان يبدد دقيقة من وقته فى صلاة أو طقوس .. سيهجر البشر معابدك بل قد يستغلونها فى أى شأن آخر .. سيدى هذا القرار قد يجعل الفساد والإنحلال سائداً بين البشر فلم تعد هناك العصا التى تجبرهم على تجنب الشر ولا الجزرة التى تجعلهم يقدمون على فعل الخير ... عذراً هذه فكرة جنونية ستقلب كل ماعهدناه رأسا على عقب .!!

أنا : أعلم هذا الإدعاء جيدا ولكن لى رؤية عميقة ستجعل الحياة تتم بصدق وحرية وشفافية .. أريد أن أقضى على الخوف والنفاق داخل الإنسان , أريد أن يكتمل النضوج الإنسانى ويحصل على حريته ويقترب من الصدق مع ذاته ويتخلص من نفاقه وبرجمايته .. أما بالنسبة لى فأريد أن اكون فى حالة أكثر نضجاً وثقة فأتعامل مع الأشياء بمنظور إلهى وليس كإقطاعى يدير إقطاعية .

نورائيل : هل مزيد من الإيضاح سيدى ؟!!
أنا : قبل أن أتطرق لهذه النقطة سأبدأ بما طرحته " كيف أتنازل عن حقى فى حساب من يعصينى وأهمل من يخلص فى عبادتى "..فهنا أنا أراجع النهج القديم فقد تماهى الإله السابق فى هذه القضية ليغرق فيها وتصبح نهجه وقضيته أو بمعنى أدق تم إنسابها لفكرة الإله أى هى إبداع الإنسان بحثا عن تحقيق مصالح نخب أو إيفاء إحساس بمحورية الوجود ليتم الترويج لهذه الفكرة بدون إدراك أنها تنال من الإله ذاته وتجعله باحثاً عن حاجة وغاية أو يتماهى فى مسرحية هزلية بلا معنى طالما هو غير محتاج وليس لديه غاية بحكم كماله .

أعلم جيدا أن الإنسان يتعبد ويقدم الصلوات وعينه على دفتر الحساب ورصيده البنكى فى الجنه .. يتحاشى الخطأ حتى لا يقع تحت المقصلة الإلهية وهذا الأمر يزعجنى لأنه سلوك منافق نفعى برجماتى لا يخلو من الزيف فحسب قولك لو أعلنت إلغاء البعث ويوم القيامة والدينونة وأغلقت أبواب المحكمة الإلهية والجنه والجحيم فلن أجد إنسان يقدم العبادة ويقيم الصلوات فالعصا والجزرة لم تعد حاضرة ولن يوجد أحمق يبدد دقيقة واحدة فى الصلوات وتقديم العبادة .
يؤسفنى ان تراحم الانسان مع الانسان لا يأتى من قيم الرحمة والتكافل برعاية المحتاج والفقير ومحاولة التخفيف عن إنسان جائع متألم بل لأن الإنسان يساعد وهو ينظر للحساب الجارى وماذا سيتم إضافته فى رصيده البنكى السمائى , والبعض الآخر يساعد لأن هذا فرضاً يطلب الإيفاء بدلا من أن يقع تحت المقصلة .. لأقول ماذا لو لم أطلب التكافل من الإنسان فهل يفعل ام لا .. أرى الملحدين واللادينين يفعلون ذلك بالرغم أنهم ينكرون وجودى ولكن ما يعنينى أن يكون الإنسان إنسان حر وصادق مع نفسه وليس برجماتياً نفعياً منافقاً - أعتقد أن السلوك الحر الصادق هو ما يجب أن نتمناه للإنسان .
أجد أن إلغاء المحكمة الإلهية وما يتبعها من جنه وجحيم سيفضح انتهازية الإنسان ونفاقه ليتطهر وستكون بداية تحرر الإنسان من ميراث هائل راسخ داخله أنتج مفاهيم النفاق والبرجماتية بحيث غدا نهج حياته صابغاً كافة تعاملاته الحياتية , فهو أدرك عن طريق الكهنة أن تقديم العبادات والصلوات والنذور هى الرشوة التى تقدم للإله ليكون راضياً فلنمارس هذا الأمر مع كل القوى المهيمنة والطاغية فى الحياة بتقديم الخضوع والطاعة والرشوة لهم فإذا كانت الإلهة تقبل بهذا فهل سيكون بعيدا عن الوجهاء والمهيمنون , لقد تعلم كيف تؤكل الكتف .

قبل ان اتطرق لنقطة أخرى اود ان أوضح النقطة الأخيرة لتسير فى مسارها الحقيقى فالإنسان هو من إخترع فكرة النفاق وأسقطها على الإله فصوره بمنظوره الإنتهازى البرجماتى فهكذا كان نهجه فى التعامل مع الملوك والطغاة لتصبح هذه الفكرة ملتصقة بصورة الإله ويتم إعتمادها كثقافة لتعيد الفكرة إنتاج نفسها ونحظى فى النهاية على سمات للإله مستقلة بذاتها تقنن وترسخ السلوك المنافق .. خلاصة القول أن الإيمان بالإله وتقديم العبادات والصلوات عندما يصبح مرهون بالعصا والجزرة فهذا سلوك ينال من الإله ذاته فهو يرضى بسلوك منافق ليسعد فيمن يخدعه ويمارسه قهراً وذلاً .. نعم أعلم ان إلغاء البعث ويوم القيامة يصرف الإنسان عن عبادتى ولكن ستكون أول الطريق نحو تحرر الإنسان من الإنتهازية ودخوله فى نهج المصداقية والشفافية فلا يفعل شئ إلا وهو مقتنع به ... أما عن مقولة أن البشر سيكونون أكثر فساداً وانحلالاً عندما أعلن إلغاء البعث والمحكمة الإلهية فأجد هذه المقولة خاطئة لكنها ستكون فى صالح بناء إنسان جديد .

نورائيل : كيف هذا سيدى فالبشر الذين كانوا يخشون أن يقتلوا ويسرقوا ويزنوا لن يوجد ما يردعهم بعد إلغاء العقاب والجحيم الأزلى فسيمارسون كل الموبقات .
أنا : الشر قائم فى كل المجتمعات الإنسانية حتى التى تعبد إله يُحذر ويُنهى عن الشر ويتوعد بالعذاب فليس الإيمان بالإله عاصم عن ممارسة الشر وسنجد كل الموبقات فى المجتمعات المتدينة بل والشديدة الإيمان وسنجد فى المقابل الكثير من الخصال الطيبة فى المجتمعات الملحدة واللادينية , فكيف تفسر إنصراف سلوك ملايين الملحدين فى العالم عن الكثير من القبح التى نراها فى شعوب تسجد وتصلى على الدوام .

سأفسر لك عزيزى "نورائيل" هذا الأمر وأعطيك مثالا .. لا يوجد شئ اسمه خير أو شر فى حد ذاته بل هى حزمة من السلوكيات التى يراها المجتمع الإنسانى إيجابية فنعتها بالخير ومجموعة اخرى يراها سلوكيات سلبية تعوق أمان وسلام ومصالح مجتمعية فنعتها بالشر ... فالعلاقات الجنسية بين المحارم مثلاً يقال أن الإله السابق قد حرمها بالرغم أنه حللها فى بداية البشرية !.. إذن هى كانت خيراً فى بداية البشرية ليباركها الرب ثم ينصرف عنها وينقلب عليها مائة وثمانون درجة ليلعن مرتكبيها فماذا تفسر هذا ؟! هل الإله السابق منزعج أم غير منزعج فلو كان الأمر يرفضه فلن يكلفه الأمر شيئاً سوى بعض الطين الإضافى ليخلق عدة نماذج من حواء ومثلها من آدم ويعطى أمراً قطعياً بعدم الممارسات الجنسية بين المحارم , ولكن الحقيقة ان الإنسان هو من رأى الممارسات الجنسية بين الأخوات فى مهد البشرية سلوكاً عادياً وعندما وجد مساوئه وأنه يحول دون تطور البشرية لفظه واعتبره شراً , ولاحظ أن هذا الفعل المستهجن يتم فى المجتمعات المحافظة بصورة أكبر من المجتمعات اللادينية بحكم الكبت وما شابه إذن الإيمان باليوم الآخر والمحكمة الإلهية لم يحولا دون ذلك ,, هل تتوقع أن المؤمن حال إلحاده ستجده عند أول فرصة يقوم بالقفز على أخته ليمارس معها الجنس فهذا سيجعله كائن بوهيمى فما كان يحوله من ممارسة الجنس مع أخته هى العصا فقط لينال هذا من إنسانيته , ولكن هذا الأمر لن يحدث بالطبع , فلن نجده لأسباب كثيرة ومنها أن الملحد يعيش داخل منظومة مجتمع لها قيمها وقانونها الإجتماعى الحازم والصارم والتى أسست فى داخله الضمير سواء إستمد هذه المنظومة من رداء دينى قديم أو أى غطاء وموروث ثقافى آخر فهنا توجد عصا مجتمعية .

نورائيل : ولكن يا سيدى كيف يتعلم الصح من الخطأ والطيب من الخبيث
أنا : لا يوجد شئ اسمه صح أو خطأ وطيب وخبيث فى المطلق بل هى مفاهيم نسبية .. الإنسان هو الذى خلق الصح والخطأ والطيب والخبيث وفق مصالحه وحاجته ولا علاقة للإله بذلك فكما قلت أن البشرية لم تجد أى غرابة فى ممارسة الولد الجنس مع أخته بل كان فعلا ضرورياً لإعمار الأرض ثم لاحظ ان هذه العلاقات لا تعطى إنتاج بشرى جيد مثل العلاقات التى تتم خارج هذا الإطار, علاوة انها أنشأت علاقات اقوى داخل الجماعة وخارجها ليبدأ فى تحجيم هذه الممارسات لتأخذ تحريماً بعد ذلك ليتسلل للضمير الجمعى للبشر قبحه .. الامور لا تحتاج تعليم الإنسان عن طريق وحى ورسالة , فالإنسان أنتج الطيب فى عصرنا ليتفوق على تشريعات إلهية قديمة فحقوق الإنسان والغاء العبودية والحريات والمساواة حالياً اكثر رقياً من تشريعات كانت تدعو للقهر والقتل والإغتصاب والنيل من المرأة والآخر وردت على لسان الإله السابق .

نورائيل : أنت تجعل الأمور يا سيدى تخرج عن إرادة ومشيئة الإله فى الترتيب والتقدير
أنا : نعم أعنى هذا فالسلوك البشرى هو من أنتج الظرف الموضوعى الحادث والمؤثر لذا عندما ينزلق الإله إلى الدعوة لقتال الاعداء والكفار والسلب والنهب والسبى واغتصاب النساء فهذا ينال من الإله ليتحرك فى المربع الذى رسمه الإنسان .

نورائيل : وما موقفك من الأنبياء يا سيدى وهل يتوقف الوحى
أبتسم لأقول لهذا الملاك الغافل الذى يبدو أنه سمع أيضا عن أنبياء مرسلين وملائكة تقوم بجولات مكوكية بين السماء والأرض : انظر يا " نورائيل " لن يوجد فى عهدى رسل ولا ملائكة تجوب السماء ذهابا وإيابا ولا اعرف هل تم هذا الأمر فى عهد الإله السابق أم هو أدعاء وجد سبيله بين البشر .
بداية أستغرب من شئ فأنت تمتلك أجنحة من ريش فكيف لك ان تقطع مسافة 13 مليار سنه ضوئية لتوصل رسالة فهذا يعنى أنك لو انطلقت باجنحتك الريشية تلك وتصورنا انك تطير بسرعة الضوء 300000 كم |ثانية فأنت تحتاج ل13 مليار سنه لتصل برسالة الوحى !!
الغريب والطريف أن الرسالة فى الغالب ليست بذات معنى ولا تحمل مضموناً بل هى السذاجة بعينها فى الغالب , فعندما نجد رسالة محتواها "والخيل والبغال والحمير لتركبوها " - "وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ " !!
اعتقد انه من الإستهانة بالعقل والمنطق ان نقبل بأن ملاك قطع مليارات السنين الضوئية ليقول للبشر هذا .. فهل هو جاء بإكتشاف جديد عن ان الخيل والبغال للركوب والأنعام للأكل وللتدفئة وهل الإنسان لم يعى هذه الأمور وجاء الوحى ليعلمهم هذا؟!!..هل البشر حينها لم يتعاملوا مع الخيل والبغال للركوب والانعام لأكل أم كانوا يتعاطون معها على نحو آخر , ألم يكن الإنسان فى وادى النيل قبلها يبنى السدود ويدرس الفلك والرياضيات والطب .!!
مشهد آخر ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) فهل هذه ايضا تحتاج لوحى وملاك يسبح فى الفضاء قاطعا تريليونات المليارات من الكيلومترات ليأتى بهذه المعلومة.. ألا يعلم الإنسان حينها أن الحيض شئ مؤذى ومقزز , ألم يكتشف لوحده ما هو اخطر من هذا فلماذا لم يرسل الإله السابق رسالة بأن الإشعاعات النووية فيها كل الأذى والخطورة وتسبب السرطان والموت .!!

نورائيل مقاطعا : ماذا تعنى يا سيدى
أنا : دعنى أكمل أولا عندما نجد آية " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم (التحريم 1).
وأخرى : "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (الأحزاب 37)
وانظر لهذا المشهد ..." رأت سارة أبن هاجر المصرية الذى ولدته لأبراهيم يمزح، فقالت لإبراهيم أطرد هذه الجارية وأبنها لأن أبن هذه الجارية لا يرث مع ابنى أسحق . فقبح الكلام فى عينى إبراهيم لسبب إبنه، فقال الله لإبراهيم لا يقبح فى عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك، فى كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنه بإسحق يدعى لك نسل " ( تك 21 : 9 – 12 ) .

ماذا يعنى هذا ..هل الإله يرسل آيات خصيصة ومفصلة على مقاس النبى .. الإله الذى يدير هذا الكون الهائل يعنيه حل مشكلة عاطفية يواجهها هذا النبى او غيرة تنتاب ضُرة فينحاز لها !

ما أريد قوله أن الإنسان هو الذى ينتج تشريعاته ونظامه ورؤيته للحياة والوجود وفقا لثقافته ووعيه ودرجة تطوره الطبيعى ورغباته ثم يطفى عليها القداسة بإدعاء أنها جاءت من إله أرسلها من سماءه السابعة بواسطة ملاك ذو اجنحة من الريش ليسردها على هذا النبى المختار .
كل النصوص الواردة تعبر عن فكر ووعى ونهج إنسان قديم فى بداوتها وسذاجتها وخرافتها لذا فهى تنال من فكرة الإله لتجعله يهتم بأمور بسيطة ليست ذات معنى ويدس أنفه فى أمور تافهة كفيل أى حكيم فى ذلك الزمان أن يتولاها لتصل الإستهانة بفكرة الإله لتجعله عصبياً حريصاً على نصرة مجموعة من العبرانيين ليحثهم على القيام بمذابح همجية مع وعد غريب بشقفة أرض ليلح عليها كقضية محورية , ثم يتوجه فى وقت لاحق لأحبابه فى جزيرة العرب طالبا منهم أن ينصروه بالقتال والغزو للفوز بالغنائم والإماء
لقد إستغل الإنسان فكرة الإله أسوأ إستغلال ليتم تسخيره فى مشاريع سياسية ومصالح وغايات بل ونزوات لذا سأعلن فى بيان على كافة القنوات الفضائية أننى لن أرسل انبياء ولا كهنه ولا متحدثين بإسمى وعلى الجميع ان يعى ذلك وليمارس البشر نسج منظومتهم الاخلاقية والسلوكية وفق ما يرونه مناسباً بدون ان يقحمونى فى هذا الأمر ولا يحاولوا ان يداروا أو يحصنوا رؤى لها مصالح وغايات تحت راياتى .

أحاول كسر صرامة الحوار ومطباته لأدير قرص دى فى دى وانتقى قطعة موسيقى رائعة ل GIOVANNI MARRADIبعنوان Just for you
http://www.youtube.com/watch?v=UyCdJ88ZJI4
لتصدح النغمات فى بهو المركبة واجد "نورائيل" يهيم فيها طرباً لأستمتع معه بالرغم اننى سمعتها عشرات المرات , لأستعد لطرح رؤية جديدة
أنا : نورائيل-أليست هذه موسيقى رائعة ومن إنتاج إنسان أو بالأحرى هى من خلقه إستطاع فيها ان يجمع ويرتب بعض الذبذبات والترددات الصوتية بهذا الشكل الرائع ... الروعة فى هذا الإنتاج الإنسانى انه لا يبغى ولا يشبع حاجات مادية فجة بل ينشد الراحة والسلام والجمال فى الداخل الإنسانى , فمتعة الفنان هنا هو الإحساس الرائع بالخلق والتشكيل الجمالى .. لذا أنا أأمل أن يتحقق هذا النهج فى المنظومة الإلهية لأجد وجودى وسعادتى بالخلق والإبداع والجمال فى حد ذاته كالفنان , فلست راغباً ان أجلس على عرش لأحظى بمشهد من يسجد ويركع فبغض النظر أنهم يسجدون ذلاً وخوفاُ فهذا لا يعطى وجود حى فاعل لى بل يحقق نرجسية .

أشعل سيجارة وسط دهشة نورائيل من هذا الإله المدخن لأحاول صرفه عن هذا المشهد بإلقاء قنبلة فكرية أخرى يهتم بها فأباغته بالقول : لا أعتقد بأن الإله يجب ان يهتم بأمور تافهة ليرصدها ويراجعها مع مافى مدونته والغريب انه يعلم كافة الأمور قبل ان تتواجد فلما هذه الجلبة ّ!! وما المغزى من مشاهدتها ثانية والأمور معلومة سلفا !!.. أجد من الغرابة أن يهتم إله برصد ومراقبة افعال إنسانية بسيطة وتافهة فما معنى انه رصد هذا الطفل الذى يكذب على والده أو قفزه من فوق سور المدرسة ذاهباً للسينما او ذاك الذى فتن على صديقه او تلك التى اختلست قطعة اضافية من الحلوى .. هل هذا يليق بإله ؟!!.. إنه يشبه ملك لديه امبراطورية مترامية الاطراف بحجم قارة آسيا وترك مملكته الهائلة تنهار وتتخبط ليجلس امام جحر فى مملكته ليرصد حركة مجموعة من النمل فماذا تسمى هذا الملك ؟
نورائيل : ولكنه ياسيدى قد يعتنى بمملكته الهائلة تلك .
أنا : هل ترى هذا الامر حقيقةً فهناك مجرات تتصادم مع بعضها ومئات الملايين من النجوم تتهاوى وتنهار ليكون مصيرها الثقوب السوداء ثم أليس من الأجدى من مراقبة جحر النمل أن يصنع ملايين من جحور النمل فى مملكته الخربة التى لا تحوى إلا على هذا الجحر الوحيد وهنا ستكون المتعة رائعة فى خلق الحياة بهذا التنوع والثراء الشديد فى الحيوية والوجود .

أستطرد قائلا : أن متعة الوجود لدى الإله يجب أن تكون فى عملية الخلق ولا يصاحبها غايات مادية فجة تتسم بالبشرية فهى متعة فى حد ذاتها كما ينتج الرسام لوحته والموسيقار معزوفته , فلا ينتظر الفنان من اللوحة التى رسمها أن تعبده فقد نال متعته فى عملية الخلق ذاتها , لذا تظهر عبثية الثواب والعقاب من هذا المشهد فليس من المعقول من لم يستمتع بالموسيقى والفن والجمال الذى ينتجه الإله او لم يروق له أن يعاقبه فيقيم له معتقل تعذيب , أو من يجده يطرب لما أنتجه سواء صدقاً او زيفاً فيمنحه اقطاعية يمرح فيها فهذا علث وغير ذى معنى .. فحكم البشر على إنتاجى هو ملك إرادتهم الحرة فلا يوجد فنان ينزل ليتشاجر مع الجمهور الذى لا يتقبل إنتاجه الفنى .. فليستمتع من يستمتع ولينصرف من ينصرف فمتعة الإله هو رسم اللوحة بخطوطها وألوانها وعزف معزوفة رائعة تجد صداها فى الداخل الإلهى بمتعة الخلق والإبداع .

من ناحية اخرى أرفض فكرة الإمتنان من أحد فهى ليست منطقية ولا مشروعة ان تجد من يقدم الإمتنان للإله
هنا يتعقد حاجبى نورائيل دهشة وإستغراب : كيف يا سيدى لا تقبل الإمتنان وكيف للبشر إلا أن يكونوا ممتنون لنعيمك ؟!!
أنا : عندما أُنتج الجمال والخلق وأرسم لوحتى فأنا أرسمها لأنها تحقق وجودى وقدرتى على مزج الألوان كما الموسيقى التى أغزل نغماتها فى معزوفة رائعة , لذا فمن يستحسن انتاجى فليس عليه ان يكون ممتناً لأنى لم اصنع هذا لأحصل على الإمتنان والتصفيق والشهرة .
تبدو ملامح الإقتناع على وجه نورائيل ولكن حجم موروثه الفكرى عن الآلهة يستصعب قبوله لإله يُنزع عنه الإمتنان لأستطرد فى القول : ليس معنى أن الأب وهب الحياة والرعاية لإبنه فله ان يطلب الإمتنان من الإبن طوال حياته أو أن يعلق له مشنقة عندما يسلك فيما لا يريده فإذا كان الإب الإنسان تجاوز ذلك فحرياً بالإله أن يكون هكذا ولا يتشرنق فى إحتكار الإنسان .. أرى ان الواقع وصيرورة الحياة لا تجعل من حق الأب أن يطلب الإمتنان من الإبن كما ليس من حق الإله أن ينتظر الإمتنان من البشر .!! فالأب لم يعرض على الإبن ويستشره قبل ان يخصب بويضة امه فهو مارس فعل احيتاجى غريزى فى إطار حاجة طبيعية ولذة منشودة ولديه أمل أن يكون ابنه عضداً وسنداً له فى المستقبل ,, وبالنسبة للإله فهو لم يستشير الانسان ولم يمنحه شئ طلبه فهو مارس عملية الخلق فى حد ذاتها كتحقيق لوجوده لذا فهو يفى حاجة وغاية لديه ولو انعدمت الحاجة والغاية بحكم كماله وعدم حاجته فسنكون امام فعل عبثى وتزداد عبثيته بطلب الإمتنان ... قد نهب الامتنان كسلوك انسانى رقيق ومجامل وليس لنا ان نتوقف عنده عندما يكون حرا ولطيفا ومترفقا ولا يدخل من باب القهر والإجبار والإحتكار فلو لم تمتن للإله فستذوق الزقوم وتشوى فى الجحيم الأبدى ... أريد الإنسان حر متحررا من كل قهر وتعسف واجبار .

نورائيل : حسنا ولكن اليس إنتاج الجمال يجعلنا نحترم ونقدر صانعه ؟!
أنا : هذا صحيح ولكن هناك نقاط جديرة بالجدل , الأولى أن نعرف من هو المنتج الحقيقى للجمال فلا ننسب شئ لغير ذى صفة وان يكون الممنون كيان واعى يستقبل احساسنا الطيبة تجاهه فليس من المعقول ان تستقبل الشمس والمطر إمتناننا .
النقطة الثانية ان يكون فعل الجمال متعمد أى من يعزف قطعة موسيقية يتعمد ان يمنحنى جماليات محددة .. ثم تأتى النقطة الأخيرة فى أن الجمال هو انطباع انسانى فقط وإسقاط مشاعرنا وعمقنا الداخلى على الاشياء فمانجده يرتبط معنا بإشباعات وحاجات لنمنحه صفة الجمال , ومن يذكرنا ويرتبط بالألم نسميه قبح فلا توجد فى ذات الشئ جزيئات إسمها جمال بل هى رؤيتنا وإحساسنا الخاص لذا يكون من العبث الإمتنان لشئ نحن من منحناه الجمال .

نورائيل : ولكن يا سيدى الإله كيف تجد ذاتك عندما تلغى هيمنتك على البشر وطلب العبادة منهم .
أنا : عندما تقول كيف أجد ذاتى فهنا انت طرحت إشكاليتان الأولى أن الفكرة الإلهية من المفترض أنها لا تبحث عن ذاتها وتريد تحقيقها فهى ذات كاملة ليست باحثة ولا محتاجة لمجد وإثبات وجود ومعرفة ليشير البشر بأصبعهم هاهو الإله فهذا ينال من الألوهية ويقوضها و يحضرنى حديث قدسى "كنت كنزاً مخفياً فأردت أُعرف فخلقت الخلق ليعرفوني" فهذا إنتقاص شديد من المفهوم الأساسى للألوهية .
الإشكالية الثانية هى تحقيق ذاتى ووجودى واعتفد أنها حق طبيعى لأنى ارفض فكرة ان يكون الإله يصنع الأشياء بلا غاية وحاجة فهذا يعنى العبث بعينه , أن تخلق شئ أنت فى غير حاجة له ولكن المهم ماهى طرقك فى تحقيق الذات .. لذا تكون غايتى فى الوجود ان أمارس حياتى من خلال خلق أسباب الحياة أى إتاحة الفرص كاملة لأن تتحرك وتتفاعل وتتواجد وتفرز حياة جديدة يكتنفها الحيوية والديناميكية بكل نجاحها وإخفاقها .. أوفر الظروف لمائة زهرة أن تتفتح فأجد سعادتى فى كل زهرة وأحظى فى كل يوم على مشهد جديد متفاعل .

أنظر من نافذة المركبة فأجد اننا مازلنا فى الفضاء الكونى لأشهد نجوم تنفجر ومجرات تتصادم فأقول فى ذاتى هذه المشاهد لابد من إعادة ترتيبها فليس من المعقول أن أهمل مملكتى الهائلة وما يصيبها من خراب ودمار لأهتم بالحياة على سطح حبة رمل .. ليس من المقبول أن تصبح الحياة على سطح حبة رمل هى المتفردة ويكون الموت والخراب هو مصير المملكة .. ليس من المعقول ان اترك كل هذا الكون الرهيب لأرصد من يكذب على أبويه .

أحس بخبط شديد فى المركبة الفضائية ليأتى صوت قائد المركبة مضطرباً وجلاً بأننا نقترب من ثقب أسود أى اننا نهوى نحو الهاوية لأسأل قائد المركبة ما العمل ؟ لأجده منهاراً صارخاً ليس هناك من سبيل للنجاة .. أسأله كيف هذا وكيف كان يتصرف الإله السابق ليسارع بالقول هذا خارج عن قدرته ألا تعلم أن ملايين النجوم والمجرات تذهب فى بالوعة الثقوب السوداء ولم يفعل لها شيئاً فهو يمارس ألوهيته على حبة الغبار المسماة الأرض فقط .. نحن أمام حكم وجود مادى ياسيدى لا يرحم .!
ألتفت يميناً ويساراً فلا اجد "نورائيل" فيبدو ان الخرافة تعرف كيف تهرب وتعيش أمام ثورة الوجود المادى .. أبتسم إبتسامة السخرية على حالنا فنحن نغفل ماهو الوجود المادى لننطلق فى خرافات ولأبدى حسرتى على أقراص الدى فى دى التى ستتبدد معى فى الثقب الأسود .. يبدو أننا خلقنا الآلهة حتى نحافظ على أقراص الدى فى دى .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس هوساً جنسياً بل الشذوذ بعينه - الدين عندما ينتهك إنسانيت ...
- إشكالية النص والواقع -الأديان بشرية الهوى والهوية (4)
- خمسة قرود - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (22)
- الإسلام السياسى يعيد إنتاج النظام ومن كنف نفس الطبقة .
- الشيطان يعتزل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (15)
- هكذا يؤمنون - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان (16)
- الطبيعة تنحت وترسم الآلهة - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (21)
- أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)
- الإيمان إيجاد معنى لوجود بلا معنى -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ...
- ثقافة التشرنق والتحفز - لماذا نحن متخلفون ( 4 )
- المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على ج ...
- البحث عن قضية إهتمام - الله مهتماً - لماذا يؤمنون وكيف يعتقد ...
- المرأة العربية بين جمود الثقافة والتراث وهيمنة مجتمع ذكورى
- الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)
- عذراً لا أريد أن أكون إلهاً - خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- مَخدعون و مُخادعون - كيف يؤمنون ولماذا يعتقدون (18)
- حصاد عام على إنتفاضة المصريين فى 25 يناير
- زيف الفكر وإزدواجية السلوك وإختلال المعايير - لماذا نحن متخل ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحو تطوير الفكرة الإلهية ! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (16)