أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لحسن هبوز - الحزن .. الباص والأخرون














المزيد.....

الحزن .. الباص والأخرون


لحسن هبوز

الحوار المتمدن-العدد: 3716 - 2012 / 5 / 3 - 21:32
المحور: الادب والفن
    



الثامنة إلا ربع ساعة صباحا .. يفتح الباص فمه الملعون، يخرج أمواج من البشر، الكل يرقص على أنغام اليومي، بلا كلل ولا ملل... يصل باص أخر إلى الساحة بعد الأول بحوالي ربع ساعة، كعادة الأول يفتح الثاني فمه الملعون.. هذه المرة يخرج قطرات قليلة من البشر وليس أمواج، يفرغ الباص بطنه من البشر ثم ينصرف.
وبين الأول والثاني، تحكى قصص حزن الشارع والمارة، المعنى سوريالي بالرغم من ان اللوحة واقعية أكثر.. ولا معنى لي أنا الذي أصور مشهد المدينة وهي تستيقظ من خمولها وذنوبها هكذا.. تفتح عينيها مثل أول ليلة للعذراء بلا شرفها اللّعين...
قبل وصول الباص الأول، كانت المدينة وحيدة، حزينة مثلي، ترقب سرب اللّعنة الإلهيـــة بلا جنة ولا نار، لعنة تسقط فجأة من السماء، ولا وحي يترصدهــا .. وعلى الرصيف الأنبياء يكتفون بدروس المضاجعة على حساب الواقي الذكري المتقطّر منياً .
لحظـة تحرك الباص الأول.. جاشت الإنسانية الغبية وذابت في فضولها .. مقطع كلاسيكي حزين يبحث عن بضع وريقات بين ثنايا المدينة .. يبحث عن مدى إنسانيتهــا .. يبحث عن كل شيء. إلا الطريق المؤدي إلى ساحة اللعنة الإلهية.
وصل الباص كما حكيت في البداية .. الساحة العريضة تستقبل عربات الحزن بعجلتين مسجلتين بإسم الملل. طاكسي صغير فَحْمي اللّون يمرّ بسرعة امام أمواج المكتئبين، يشيرون بأيديهم ولا تتوقف.. حتمــاً لن تتوقف .. تبحث عن سائح أجنبي كله أمل. فسحقا لن تجده في ساحة المدينة.
أنثى فاتنة بملابس داخلية .. فجأة تصيح وسط أمواج الساحة.. تصرخ .. يترأى لها الفرح بين نهديها، وتـفتح أزرار صدرها.. تشرئب الأعناق والوجوه الحزينة إليها .. فضلا عن هذا شفتان قرمزيتان تتلفظان حمم ضحكة إرتجاجية.
ثور فاحل يسمونه شاب ببنطالون قصير مثير ... وحزين. ينام وسط الساحة مستلقيا. على ساقه زغب أصفر بلا سُمْرة شمس المدينة وبحرها الغريب. بين الفينة والأخرى يتحرك الثور.. عفواً يحبو من أثر إحساسه بإيقاع المدينة الرتيب. يغامر بكل أسباب سيل الشتائم البذيئة. من فرط عشق للكأبــة، قررّ التشبت ببنطالون الرعاة القصير. وبذلك قررّ أن يمضي في سبيله، بلا وجع الوجوه الحزينة.
سائق الباص يميل في إتجاه بحر المدينة، يتوقف هنيهة لكي يشعل سيجارته الحزينة .. ينفت الدخان الحزين في وجه المرآة الوسيم. بحركة سحرية يفتح الباب لاستقبال هواء البحر المختنق .. ينظر في اتجاه طابور الأمواج .. يمسح الزجاج المغبّش. مشهد الأمواج وهي تنتحر زبداً مؤقتا، صار واضحا وجميلا .. ينظر إلى المرآة .. يمسح وجه المرأة .. يشعل محرّك الباص معلنا الهروب من جديد. قبل التحرك يصيح وجه المرآة في وجهه .. "الأجسام أقرب ممّا تبدوا في المرآة".



#لحسن_هبوز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمامة على رصيف الحزن
- حلمت بكِ
- قصيدتي المُحجّبة
- قصة قصيرة جدّا : خطأ جنسي
- أنوثة غير مفترضة بداخلي
- أنا لست شاعرا 5
- وجهي لمدينتي العارية
- أنا لست شاعراً 4
- قصة: بمعنى أخر
- أنا لست شاعرا 3
- أفكارنا الصّلعاء.
- الخطيئة الجميلة
- لما كل هذا الضجر؟
- مقتطف من قصيدة -أنا لست شاعرا- 2
- في حضرة بنت لصّنا المقدّس
- مقتطف من قصيدة -أنا لست شاعرا-
- إلى صديقي، لطفي... أنثر هذه الكلمات حبا على صداقة هتشكوكية
- بدونها... لي
- أبناء عدم سبق الاصرار والترصد
- ساعتين لرذيلة إلهية


المزيد.....




- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة
- صَرَخَاتٌ تَرْتَدِيهَا أسْئِلَةْ 
- فيلم -خلف أشجار النخيل- يثير جدلا بالمغرب بسبب -مشاهد حميمية ...
- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لحسن هبوز - الحزن .. الباص والأخرون