صور من الفساد الجامعي الصورة (2)

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 21:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

صور من الفساد الجامعي
الصورة (2)
في صيف احد الايام الحارة من عام 1998 استدعاني وزير التعليم العالي وطلب مني ان اتولى مسؤولية قسم تقويم الاداء في الوزارة. قبلت تكليفه رغم ان المسؤولية تعد صعبة جدا خاصة عند غياب الكوادر الوظيفية المؤهلة.
تعرفت عن كثب على طبيعة العمل والمشكلات التي تواجه الجامعات العراقية فوجدتها كثيرة وعميقة وتحتاج الى سنوات طوال من اجل الاصلاح.
أخترت احد المشكلات التي تعاني منها الكليات الاهلية الا وهي تدني مستوى جودة الاداء فيها.
صممت الادوات وجمعت المعلومات والبيانات ودرستها بأمعان وحللت البيانات كميا ونوعيا ومن ثم كتبت الدراسة النهائية. ان خطوات هذه العملية استغرقت عملا وجهدا مايقارب الاربعة اشهر.
حملت الدراسة وانا فرحة بما انجزته وما سأقدمه للمدير الاعلى سيكون خطوات نحو اصلاح الواقع التربوي في الكليات الاهلية.
جلست في مكتب السيد المدير العام ساعات طوال لكي اقابل سيادته وأعلمه بما حققه القسم من انجاز كبير للرقي بواقع الكليات الاهلية. وبعد ذلك جاءت ساعة الفرج في المثول امام سيادة المدير العام . اعلمت سيادته عن مضمون الدراسة التي احملها واقدمها لحضرته والموظفات اللواتي قمن بمساعدتي والخطوات اللاحقة التي يمكن ان تقوم بها الدائرة للأصلاح.
شكرني المدير على العمل وطلب مني ان امنحه فرصة لقراءة الدراسة ومن ثم عرضها على مدير قسم الكليات الاهلية لبيان وجهة نظره فيها.
مر على المقابلة اكثر من اربعة اشهر ولم اسمع شيئا عن وجهة نظره ورأي مدير الكليات الاهلية. لذا قررت مقابلة المدير العام مرة اخرى لأجد ما حل بالدراسة او ربما تذكيره بالموضوع.
وبنفس الروتين السابق انتظرت ساعات طوال في مكتبه كي اقابل حضرته.
وبعد المثول امام حضرته بدأ يتفاخر بالانجازات العظيمة التي حققها لصالح العمل وان توجيهاته القيمة ستلحق بدائرته ركب التطور الحضاري .
وبعد الانتهاء من حديثه قلت له ياسيادة المدير اني جئت كي اذكرك اني قدمت لكم دراسة عن الكليات الاهلية قبل اربعة اشهر ولم اسمع آراءكم السديدة او رأي مدير قسم التعليم الاهلي فيها.
فقال لي نعم صحيح اني والله لم انسى الدراسة ولكن زحمة العمل كما تعرفين لم تسمح لي ان اكتب سطرا واحدا فقط ، واخرج الدراسة من درج مكتبه وقال لي اقرأي رأي مدير قسم الكليات الاهلية ( الدراسة غير نافعة، وانها ستثير ضجة كبيرة بين اوساط الكليات الاهلية وبالتالي ستصبح الوزارة العدو الكبير للكليات الاهلية).
قلت له ان الدراسة فيها الاصلاح للتعليم وليس التخويف او الترهيب. فأشار لي بعصبية واضحة تظهر على وجهه وفي صوته وكلماته ان مايقوله مدير التعليم الاهلي هو عين الصواب.
وطلب مني ترك المكتب، فقررت ان لا اترك مكتبه مالم احصل على الدراسة، طلبت منه ارجاع الدراسة بدون التهور والعصبية، فقال لي نعم هذه دراستك ووضعها على مكتبه وقام بتمزيق ورقة تلو الاخرى ، ولم يكتف بذلك وانما نادى سكرتيرته عبر الهاتف وطلب منها تمزيق الدراسة ورقة ورقة ورميها في سلة المهملات واخراجي عنوة من مكتبه.
في اليوم التالي قدمت طلبا لمعالي الوزير لغرض انصافي او اعفائي من عملي . كان هامش الوزير التريث وسيجري التحقيق اللازم.
وفي يوم من الايام عقد الوزير اجتماعا لهيئة الرأي وكان مدير الدائرة عضوا في الهيئة ، اتصل بي الوزير مباشرة اثناء انعقاد الاجتماع وطلب مني احضار الدراسة معي والقائها على الحضور في الاجتماع المذكور. وبعد الانتهاء من عرض الدراسة خضعت للمناقشة وطلب الوزير رأي رئيس المدير العام فقال له انها ستخلق الاشكاليات لدى الكليات الاهلية فقال الوزير ان الدراسة لاتخلق الاشكاليات وانما هي دراسة اصلاح وتطوير، وان الرواتب والمكافآت الاضافية التي يتقاضاها مدير قسم التعليم الاهلي وموظفيه من هذه الكليات ، هي التي ستدني مستوى جودة الكليات الاهلية في العراق.

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل