أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - محرقستان قصة قصيرة














المزيد.....

محرقستان قصة قصيرة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 22:47
المحور: الادب والفن
    


محرقستان!


حين نظرت بريبة إلى جدّي، و قد باغتته و هو يسترقّ النظر يمينا فشمالا، قبل أن يدّس جالون البنزين و علبة الكبريت تحت سريره.. بادرني معتذرا:
ـــ من يدري يا طائر البطريق، فلعل جدّتك تحرق نفسها وشيكا
ـــ...!!
ـــ خصوصا و قد أغضبتها السّاعة!
ـــ ...
ـــ بعد أن ردّت عليّ وقد هممت بها
ــ...
ــ بانها تحتاج إلى راحة بيولوجيّة!
ـــ...!!!
ـــ أسوة بالبحار التونسية.
ــــ....
ـــ التي استنزفها الصيادون التوانسة بوسائل صيدهم الغير قانونية
هرش جدّي رأسه ثم أضاف:
ـــ ...؟!
ـــ فالإنتحار موضة شائعة في هاته الأيام!
ـــ ...!
ــــ و الحذر واجب!
ــــ ...
ـــ إن لم يكن خشية على عجوز سوء
ــــ
ــــ فقدت صلوحيتها قبل الغزو العراقيّ للكويت بزمن طويل
ــــ ...!
ـــ بعد أن غدت كالجورب البالي.
ــــ...!
ــــ فخشية تكاليف زواج تقصم ظهر جدّك
ــــ ...!؟
ـــ هذا ان وجد جدّك المسكين من ترضى بهذا ( ثم وهو يتحسّس وجهه بيديه المعروقتين)
ــــ ...
ــــ بهذا اللّوك القديم و الستايل المنقرض!
ــــ ....؟!
ـــ موديل الحرب العالمية الأولى
ــــ ...!!
ـــ مالك تنظر إليّ هكذا يا طوير البطريق؟
ــــ ...!
ـــ ثم لم تسمع بحارقي أنفسهم في تونس و مصر و الجزائر و المغرب؟
ـــ ...
ـــ حتى أصبح بإمكاننا تسمية وطاننا العربي بمحرقستان العربية
ـــ ..!؟
هرش جدّي شيبته ثم استدرك مقترحا:
ـــ و حتى لا نضحّى بخصوصيتنا المحليّة
ـــ ...!
ـــ لنسمّها مثلا جمهورية محرقستان التونسيّة... مملكة محرقستان المغربية... معسكر محرقستان الجزائريّ، و هلم كرّا ..!
سكت جدي تأمل السقف طويلا، أرسل زفيرا حارا ثم أضاف:
ـــ لا شك أن كرم الله عز و جلّ و رحمته الواسعة، و ذوقه الرفيع، و كلّه ذوق... سبحانه ما أكرمه!
ـــ ...؟!!!
ـــ ثم لا شك أن مراعاته سبحانه و تعالى للظروف القهريّة التي حملت محمّد البوعزيزي على إحراق نفسه
ـــ...!
ــــ و قد كان المسكين قبيل حرقه نفسه بساعة واحدة
ـــ...
ــــ قد إحترق
ــــ
ــــ شأنه كلّ أسبوع
ــــ ...!
ـــ بخطبة جمعة سخيفة
ـــ...!؟
ـــ ألقاها خطيب سخيف من مطايا زين العابدين بن عليّ .
ـــ ...
ـــ اقول لك يا طوير البطريق، لا شك ان الله سيرحم محمّد البوعزيزي و يدخله واسع جنانه، على ما كان منه من حرق نفسه
ـــ ...؟!
ـــ و لكن ما عذر المنتحرين الجدد في تونس و الجزائر و مصر و المغرب و اليمن يا ولد
ـــ...
ـــ وقد قتلوا أنفسهم بدم بارد دون أن يصفعهم أحد!
ـــ ...!
ــــ الم يبلغ هؤلاء أن الإنتحار حرام؟
ـــ...!
ـــ و ان من أحرق نفسه في الدنيا سيقوم يوم القيامة بحرق نفسه و بشكل دائم؟

أطرق جدي طويلا ثم.. إنفجر ضاحكا.. حين قلت لجدّي منبّها :
" الضحك بلا سبب من قلّة الأدب"! رماني بفردة نعل لم تخطئ أمّ رأسى، ثم استمرّ ضاحكا:
ـــ ذكّرني مقالك بأب شتم ولده قائلا :" يا ابن الزّانية!" فردّ عليه ولده الذي لا يقلّ عنك سوء أدب:" الزّانية لا ينكحها إلاّ زان أو مشرك"!!

كنت مغرقا في الضحك حين غافلني جدّي ثم وثب عليّ وثبة أوقعتني بين يديه... حين تمكّن منّي، تناول أذنيّ ثم أوسعهما عصرا ، بعيد ذلك سألني عن عمري.. حين أخبرته بأنني قد بلغت الخامسة عشر منذ أيّام قليلة قال لي: " سأعتبرك صديقا.. حتى يسعني التخفف من مقال فاحش، أبت شفتاي اليوم الا التخفف منه، و هو مقال يليق بمقامنا هذا!؟"
ـــ ...؟!
ـــ فلا تكلّف بين الأصدقاء!
ـــ...!!؟
بعد أن أمرني جدّي بإغلاق باب الحجرة، والتأكد من عدم استراق أحدهم للسمع، أدناني اليه ثم شرع يقول بصوت خافت:
ــ ذات مرّة، و فيما كان أحد المحسنين يمرّ ببيت جيران معدمين، أحزنه رؤية بنت صغيرة لا يستر عورتها شيء، حينذاك، أدناها إليه، قبّل وجنتيها، سألها عن اسمها قالت "زيزي"، وضع في كفّ زيزي خمسين دينارا، أوصاها بالعودة فورا الى أمّها، ثم واصل طريقه.

ــــ...
ــــ كان سرور الأم عظيما و فرحتها بالغة، حين تسلّمت ذلك
المبلغ المالي الكبير!
ــــ...!!
ـــ لأجل ذلك، ترصّدت المحسن، ثم جلست في نفس موضع ابنتها.
ـــ...!
ـــ بعد تعرية نفسها!
ـــ ...!!!
ـــ حين مرّ بها المحسن، توقّف عندها.
ـــ...؟؟؟
ـــ بعد معاينته كثافة شعر عانتها
ـــ!!!؟؟؟
ــــ أدخل يده في جيبه
ــــ..؟؟!
ـــ ثم قذفها بمائة ملّيم
ـــ ...
ـــ و هو يقول ناصحا
ـــ...
ـــ ستكون المائة مليم أكثر من كافية
ـــ...
ـــ لشراء شفرة حلاقة!!
ــــ ...؟!!
ــــ ذلك كل ما تستحقينه!
ـــ ...!!"
ــــ ثم واصل طريقه.

كنت أستر وجهي خجلا، حين استمرّ جدّي الوقح قائلا:
ـــ و كذلك الشأن بالنسبة لحارقي أنفسهم
ـــ...!؟
ـــ فلا شك أن معالمة الله لهم..
ـــ...؟
ـــ رغم كونه المحسن الأعظم
ـــ...
ـــ لن تكون أفضل من ذلك!
ـــ...؟
استردّ جدّي أنفاسه ثم أضاف مختتما:
ـــ فليس كل منتحر
ـــ...!
ـــ المصفوع، المحقور، المقهور، محمّد البوعزيزي.
ـــ...!
ـــ و ليست كل معرّية فرجها
ـــ...!؟
ـــ الطفلة البريئة زيزي!

أوسلو 1 ماي 2012



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن البنا هل غيّر فكرته قبيل مصرعه؟
- حسن البنا: موتة استعراضيّة لبطل من ورق
- حسن البنا هل جاء على قدر، أم كان صنيعة بريطانية.
- حسن البنا في الميزان: صفر من خمسة!
- حسن البنا ومصطفى كمال أتاتورك مقارنة بين أداتين.
- حسن البنا : سقوط بلا حدود 2/2
- حسن البنا: سقوط بلا حدود 1/2
- حسن البنا و خياره الإخوانيّ الخاسر قديما و حديثا
- حسن البنا: جعجعة بلا طحين.
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 26
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 25
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 24
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 23
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 22
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 21
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 20
- حسن البنا كان صنما اخوانيّا و مهرّجا سلفيا 19
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 18
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 17
- حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 16


المزيد.....




- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - محرقستان قصة قصيرة