أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - هيمنة الحضور الامريكي وهاجس ترميم نظام مبارك















المزيد.....

هيمنة الحضور الامريكي وهاجس ترميم نظام مبارك


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3702 - 2012 / 4 / 19 - 19:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


واهم من يزعم أنه يستطيع بناء سيناريوهات متماسكة للفترة المقبلة في مصر، أوالتنبؤ بطبيعة الخطوات التالية للمرحلة الانتقالية، في ظل حالة الغموض والالتباس والتغير اللحظي لمعطيات العملية السياسية الذي لا يسمح بصمود تقديرات المحللين، سواء من داخل أو خارج المشهد، وإن كان الأمر يتطلب الاجتهاد قدر المستطاع.
وهذا المناخ الضبابي حين نتأمل فيه نجد أنه متواصل بشكل ممنهج منذ خلع الديكتاتور العجوز مبارك وتسلم جنرالاته الحكم نيابة عنه، تحت أكذوبة حماية الثورة والسعى لتنفيذ أهدافها.
وتتكشف يوما تلو آخر ملامح الصورة الحقيقية التى تبرز هيمنة الحضور الأمريكي في إدارة المرحلة الانتقالية، وهاجس ترميم أركان نظام مبارك، وحماية المكتسبات التى حصلت عليها واشنطن ورأس حربتها في المنطقة إسرائيل منذ حقبة السادات، وتعاظمت في عهد الرئيس المخلوع الذي كان خادما مطيعا للأمريكان، وكنزا استراتيجيا للصهاينة. وفي هذا الاطار لم يكن المجلس العسكري ولا التيار الديني بقيادة الأخوان المسلمين سوى أدوات يتم توظيف قوتها على الأرض، وما تمتلكه من منابر دعائية وهياكل تنظيمية في إحتواء الثورة وتحييد الجماهير الغفيرة التى باتت تُعرف بـ الأغلبية الصامتة ، وعزلها عن الثورة والثوار، حيث كان نزول هذه الملايين لميادين مصر مؤشرا خطيرا، وكان كفيلا لو تواصل بهذا الزخم غير المتوقع، أن يعمل ليس فقط على تصفية نظام مبارك بكل ما تعنيه الكلمة ماديا ومعنويا، بل وضرب المصالح الأمريكية والصهيونية في مقتل.
من هنا كان دخول الأمريكان المبكر على خط الثورة، ومباركة انتقال السلطة للجنرالات، وإشراك الاخوان المسلمين معهم في لعبة توجيه المسار إلى غير الوجهة الديمقراطية السليمة، وامتصاص الطاقة الثورية، وسحب الظهير الشعبي من الثورة والثوار الحقيقيين.
ورغم نفي العسكر والاسلاميين وجود صفقة بينهما، والتظاهر من وقت لآخر بأن ثمة صراعا بينهما، أو بينهما وبين واشنطن، إلا أن الشواهد تكذب ذلك.
وصراع الغنائم البارز من جهة والاتصالات المارثوانية للمسؤولين الأمريكان المعلنة، ناهيك عن تلك التى وراء الكواليس، مع كل طرف منهما من جهة أخرى، علاوة على ثبات توجهات السياسة المصرية الداخلية والخارجية رغم أجواء الثورة، تؤكد أن واشنطن هي من تدير فعليا الفترة الانتقالية في مصر، وتوزع الأدوار على العسكر والاسلاميين، خاصة الأخوان.
وتبدو الادارة الاستخباراتية هي الخيار المفضل في الحالة المصرية، التى تلعب على المتناقضات وصناعة أزمات متوالية
وتشتيت متواصل وغياب لليقين، وسط حالة سيولة سياسية مصنوعة، لا تمكن حتى الفاعلين في المشهد السياسي من وضع تقديرات، وتوقع ما سوف يحدث حتى في الغد، وفي هذا المناخ الهلامي يسهل عملية تمرير المخطط الأمريكي بيسر، لجهة إعادة استنساخ رئيس بدرجة موظف لدى الإدارة الأمريكية، وإن بدا الأمر عكس ذلك، وأن ثمة زخما ديمقراطيا في مصر، افرز برلمانا، وعلى الطريق رئيس سوف يأتي بارادة حرة وبانتخابات نزيهة، لكن الإجراءت الديمقراطية المنزوعة من سياق ديمقراطي لا تنتج اثرا، ولا تحولا ديمقراطيا حقيقيا، وأنما تكرس للفساد والاستبداد بورقة الارادة الشعبية، ونتائج صناديق الانتخاب.
وفي تصوري أن الأمريكان يلعبون الآن في المشهد المصري بمنطق المدير الذي يخطط ويشرف، وأثنين مساعدين تنفيذيين، وتعطي واشنطن لكل واحد من المساعدين ما يبغيه، طالما سيظل على نهج السمع والطاعة المباركي والساداتي، فالعسكر يريدون دورا سياسيا ولو من وراء ستار، وحماية لمكتسباتهم الاقتصادية، وجعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة بلا رقيب ولا حسيب، وضمانات بعدم المحاسبة على الجرائم التى تورطوا فيها أثناء الفترة الانتقالية، والاخوان لديهم شهوة السلطة والتمكين ويرغبون في التواجد في مفاصل الدولة المختلفة كبديل جاهز للحلول محل الحزب الوطني المنحل، فيما السلفيون تكملة للمشهد وأداة طيعة يمكن أن يوظفهم العسكر كمخزون احتياطي يصلح لتوجيه ضربات للقوى المدنية الديمقراطية أحيانا، أو فزاعة تظهر الأخوان بمظهر الاعتدال في أحيان أخرى. والأمريكان لا مانع لديها من التوفيق بين متطلبات وأطماع كل طرف، طالما كانا سيخدمان المصالح الأمريكية ولن يقترب أحد منهما مما يمس المصلحة الإسرائيلية، وهذا يتطلب الحفاظ على بنية التبعية ونظام اقتصاد السوق الرأسمالي وسياسات الافقار، وعدم التفكير في إعادة بناء التحالفات الاقليمية والدولية، أو لعب دور سياسي خارج الحدود الضيقة لدولة بحجم مصر لها امتدادتها العربية والأفريقية، أو الاقتراب من اتفاقية كامب ديفيد.
وهذه التفاهمات باتت واضحة، والكل قدم أوراق اعتماده للبيت الأبيض منذ وقت مبكر.
وكلما اقتربنا من نهاية الفترة الانتقالية الأولى التى بات الشك يحوم حول أنها ستنتهي بنهاية يونيو المقبل، تزداد الاجواء سخونة، وتزادد معها حالة الغموض المتعمد والتوجسات ذات التوجيه الاستخباراتي.
ولاشك أن استحضار ملفين في غاية التعقيد في ذات الوقت رغم انهما حاسمان في تقرير مصير هذه الثورة، وهما ملفي الدستور والرئاسة، بعد مذبحة بورسعيد، يكشفان الرغبة في تواصل نهج الإلهاء المقصود، وعدم إتاحة الفرصة للجماهير لتستوعب كل ملف بتعقيداته، وتبدي موقفا سليما نحوه، وأنما تقف موقف المتفرج على صراعات الفرقاء حول كل منهما، أو العاجز عن تبيان موطن الحقيقة والصواب، والقدرة على التقييم وتشكيل اتجاه سليم.
ولاشك أن الدفع ناحية هيمنة التيار الديني على الجمعية التأسيسية للدستور، رغم كل الاعتراضات والتحذيرات، لم يكن مقصود منه سوى توظيف هذا التوجه لتكريس انقسام المجتمع من جديد، وتعطيل انجاز دستور جديد يعبر عن كل المصريين، حتى يأتي الرئيس القادم بلا دستور، فيتسلم صلاحيات مطلقة ديكتاتورية من المجلس العسكري كما تسلمها من الرئيس المخلوع، وإذا ما جرى الالحاح في كتابة دستور قبل الرئاسة، فليأتي على عجل مشوها، غير معبر عن أهداف الثورة، وغير بعيد عن دستور النظام الساقط.
ويبدو كذلك أن الدفع قبيل غلق باب الترشيح لانتخابات الرئاسة بمرشحين يثير كل منهما مخاوف المجتمع أحدهما محسوب على العسكر وكان يشعل منصب رئيس جهاز الاستخبارات، وهو عمر سليمان، والأخر من قيادات الاخوان المسلمين، وكان مسؤولا عن التنظيم السرى للجماعة وهو خيرت الشاطر، لم يكن عبثا ولا اعتباطيا، وأنما لإستخدامهما كفزاعة حتى تهرول الجماهير بما في ذلك قوى ليبرالية ويسارية وأطراف عديدة ترفض سطوة الاخوان والعسكر على مؤسسة الرئاسة، إلى وجهين يبدوان أكثر اعتدالا وقبولا من السابقين، وهما عمرو موسى أحد رموز نظام مبارك، الذي ظل حتى النهاية لا يجرؤ على معارضته ويعلن تأييد له، وعبد المنعم أبو الفتوح الذي شب وشاب في حجر جماعة الاخوان، وإن بدا أنه على خلاف معها، وانشق عنها، لكنه يحمل ايديولوجيتها وسيظل حتى النهاية.. تلك الايديولوجية القائمة على خلط الدين بالسياسة والبراجماتية التى تتيح التحالف مع الشيطان وتغيير المواقف حسبما تكون المصلحة.
وسواء وصل عمرو موسى أو أبو الفتوح إلى سدة الحكم، فالنتجة واحدة والتشابهات واضحة، فكلاهما لديه مهارات خطابية وقدرة على العزف على الأوتار العاطفية للجماهير، وكلاهما ليس بعيدا عن واشنطن، ولا أحد فيهما سيقترب من تحقيق أهداف الثورة، وسيكون أي منهما الأقدر على إعادة إنتاج نظام مبارك بتوجهاته الداخلية والخارجية، وتلبية مطالب كل من الأخوان والعسكر، وقبلهما التناغم مع المصالح الأمريكية الإسرائيلية.
من هنا يتم اللعب الآن على تسويق كليهما، لأن كل منهما يصلح للعب دور الرئيس التوافقي بين العسكر والأخوان برعاية أمريكية، وكل منهما بتجاربه وطموحه الجارف للسلطة يبدو رجل المرحلة.
لكن هل تصمد مثل هذه المعطيات أم أن ثمة مفاجأت سوف تقلب الطاولة على الجميع وتنسف كل المخططات؟
هذا هو السؤال الصعب، خاصة أن الحكم على الرئيس المخلوع وعصابته في قضية قتل الثوار، المؤجل بقصدية إلى أوائل يونيو، ربما يفجر الأوضاع حال تبرئتهم أو حصولهم على حكم مخفف، قبيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

كاتب صحافي مصري



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسقاط اوهام استقلال قضاء تحكمه الديكتاتورية
- الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم
- المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة
- -صفقة تبادل الاسرى-.. الدور الوظيفي والتوقيت المثالي
- -مؤامرة- شرف وا-لمسألة المسيحية- في مصر
- تزييف استباقي لتاريخ ثورة المصريين
- المشير ليس عبد الناصر قائد الثورة المصرية
- امريكا والسعودية والخريف العربي الطويل
- مصر بين جدل ثورة الشعب والانقلاب العسكري
- ثوار مصر واسقاط نموذج الحاكم الآله
- الفلسطينيون والكفر بالثورة المصرية
- تفجير انبوب غاز ام تفجير لتطبيع مرفوض شعبيا؟
- -زنزانة 211-.. السجان حين يكون سجينا
- العربي ورابطة عمرو موسى للجوار
- الذاكرة الفلسطينية في مملكة النساء وعلى بعد خمس دقائق من بيت ...
- فتح معبر رفح والضربة المصرية الجديدة للكيان الصهيوني
- عنف عسكر ووعي ثوري ونضال مفتوح
- الجامعة العربية ورياح التغيير
- لوبي الديكتاتور مبارك وسيناريو هدم المعبد
- الحركات الاسلامية بين استغلال الديمقراطية ونسف الدولة المدني ...


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - هيمنة الحضور الامريكي وهاجس ترميم نظام مبارك