أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم















المزيد.....

الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 7 - 13:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    




لا يشغلني كثيرا تقييم النتائج الأولية للإنتخابات البرلمانية في مصر، وما إذا كان الإسلاميون سيكتسحون أم لا؟ والمخاوف التى يبديها كثيرون من صعود الاخوان

والسلفيين وتراجع القوى التقدمية، لأن هذا الجدل المصطنع بحرفية مقصود به حرف الأنظار عن رؤية الصورة بوضوح، ومعطيات الواقع السياسي الراهن، والمسار الخاطئ الذي تم دفعنا إليه بدهاء شديد، لإجهاد الثورة وسحب زخمها الشعبي، وصولا إلى تصفيتها، وإعادة استنساخ النظام القديم بكل توجهاته وانحيازاته، وما يرتبط به من فساد واستبداد وتبعية.

وما حديث العرس الديمقراطي ومحاولة إظهار إجراء الانتخابات في هذا التوقيت كثمرة للثورة، وإدعاء أن موسم الحصاد قد حل، وتضخيم هذا الفعل الخاطئ في التوقيت الخاطئ إلا أكذوبة من ضمن عشرات الأكاذيب التى يتم تصديرها للجماهير، في إطار الدور الخبيث الذي يلعبه إعلام التعبئة الموجه، أحد أذرع المجلس العسكري الحاكم في مصر لتقويض الثورة.

فالقضية أكبر وأبعد من هذه اللعبة الإنتخابية، التى يصفونها ب الإنجاز الديمقراطي التاريخي الوهمي بالطبع، فيما لو توقفنا عندها ولو قليلا سنرى أن الإنتهاكات عديدة للقانون الإنتخابي وثمة عديد من الممارسات التى تحمل شبهة تزييف الارادة، بالتأثير على الناخبين حتي داخل اللجان، واستغلال الفصيل الإسلامي جهل أو فقر الغالبية لتوجيهه لصالح مرشحيه، فضلا عن الشحن الطائفي، الذي لم تحرك الجهة الإدارية المسئولة عن الإنتخابات ساكنا للتعاطي مع أيا منها، لغرض في نفس يعقوب، بل شاركت في تعطيل التصويت بحيل مختلفة، كتأخير فتح اللجان أو وصول أوراق التصويت أو إستغلال أية مشاجرة محدودة لإغلاق لجنة اقتراع، رغم تخويفها الجماهير بغرامة مالية باهظة، لدفعهم للانتظام في طوابير طويلة دون رغبة أو إرادة حقيقية أو إستيعاب لماهية الانتخاب، والذهاب بشكل عشوائي دون معرفة لمن سيتم التصويت، لهدف تريده السلطة العسكرية الانتقالية، وهو تلك الصورة الزائفة التى يراد تصديرها للإعلام الداخلي والخارجي عن الإقبال المنقطع النظير، وانحياز الغالبية لخيارات المجلس العسكري الصائبة ، وما صاحب ذلك من قدرة مفاجئة على ضبط الفلتان الأمني، وكف يد البلطجية.

ومن يدقق في تفاصيل المشهد، سيكتشف دون جهد جهيد أن الإنتخابات لم تأت كوفاء من العسكر بإلتزاماتهم نحو جدول زمني لنقل السلطة للمدنيين عبر صندوق الإنتخاب، ولا هي خطوة جادة وعاجلة للإستقرار، وإعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية عصرية، وأنما أحد آليات المراوغة، واللعب على تناقضات القوى السياسية وإنتهازية الكثير منها للهروب من استحقاقات المرحلة الثورية، وإستكمال مسيرة العودة للوراء التى ستكتمل بالإتيان غالبا برئيس من المؤسسة العسكرية أو ممن على صلة بها، ويحظي بالرضا الأمريكي الإسرائيلي مثلما ذكر من قبل مصطفي الفقي أحد رجال مبارك .

ومثلما كان الإستفتاء على التعديلات الدستورية فكرة جهنمية لجأ إليها المجلس العسكري لتقسيم وحدة الموقف وخلق حالة صراع منهك لكل التيارات سياسيا وطائفيا، وكان بمثابة خنجر في ظهر الموجة الأولى للثورة المصرية، كانت الإنتخابات في هذا التوقيت خنجرا آخر ينال من الموجة الثانية للثورة، ويقوض إنطلاقتها، عبر لعبة الإلهاء وتزييف الوعي وبيع الوهم للجماهير العريضة التى ُُصور لها إستكمال الثورة كسير إلى المجهول والفوضي بتحريض من أياد خارجية، وأن ثمة تناقضا بين الحاجة للإستقرار، والمد الثوري الراغب في التطهير وهدم بنية الفساد والاستبداد، ثم وضع أسس للبناء الديمقراطي السليم يبدأ بصياغة دستور توافقي تشارك فيه كل أطياف المجتمع، قبل الشروع في عملية تأسيس النظام الجديد.

ولو عدنا إلى الخطاب الذي جرى ترويجه في مارس الماضي، ومفردات من قبيل الاستقرار والإرادة الشعبية، والإسراع بنقل السلطة للمدنيين وبناء المؤسسات، سنجد أنها تتكرر بشكل حرفي في نوفمبر، بما في ذلك ذات المعالجات الإعلامية المنحازة والمضللة، والأهم من ذلك بقاء ذات التحالفات المناهضة لإستكمال الثورة لأهدافها من إسلاميين وعسكر.

وإن كان مفهوم طبيعة الدور المنوط بالمجلس العسكري وريث نظام مبارك، والذي يؤديه بإقتدار بدعم وترحيب دولي واقليمي تقوده واشنطن، من ترميم الشروخ التى حدثت للنظام الذي لم ينهار عكس ما يتم ترويجه، والحفاظ على شبكة المصالح الداخلية والخارجية، وأولها مصالح أمريكا والكيان الصهيوني، وعلاقة التبعية المتوارثة من حقبة السادات، والإنزواء القسري داخل الحدود، دون تمدد في المحيط العربي والأفريقي، وعدم الخروج من دائرة اقتصاد السوق الرأسمالية، وترك عوامل التخلف المجتمعي من فقر وجهل ومرض، فأنه من المستغرب الدور الذي لا تزال تلعبه القوى الإسلامية، بعد أن خلع المجلس العسكري قناع تأييد الثورة، والزهد في السلطة، والرغبة في بناء دولة ديمقراطية حديثة، وبات واضحا أنه يتلاعب بالجميع ويستخدم كل فصيل في مواجهة فصيل آخر، ليستضعف الكل، ويبقي في الأخير هو الأقوى والمسيطر على مقاليد الأمور.

لكن يبدو أن شهوة السلطة المسيطرة على الفصيل الإسلامي، وبخاصة الاخوان، ونشوة الانتصار الزائف، تجعلهم لا يرون الحقيقة الواضحة للعيان، والضربات الموجعة التى تنتظرهم، وستطيح بكل توقعاتهم المفرطة.

فمصر ليست تونس، وهو ما أثبتته مسار الأحداث، فالإسلاميون لن يشكلوا حكومة حال حصولهم على أغلبية برلمانية، حيث لا يزال المجلس العسكري يعمل بدستور مبارك الساقط، وإن تحدث عن إعلان دستوري لم يكن الهدف منه سوى إعطـــاء لنفســـه شرعية، ومن ثم فسوف يظل يحتفظ بالسلطة التنفيذية وحق تشكيل الحكومة، وقد استبق نتائج الانتخابات بإستحضار أحد رموز عهد مبارك الجنزوري لهذه المهمة ذات الرسالة الواضحة للإسلاميين.

والبرلمان القادم لن يكون له صلاحيات تشريعية لأن المجلس العسكري استغل حل البرلمان لأشهر ومرر العديد من القوانين المهمة، وأيضا لن يكون له صلاحيات رقابية لأن العسكر لن يقبل بالرقابة على تصرفاتهم، أي أنه مجلس صوري بإمتياز، بلا صلاحية، كما أشار عضو المجلس العسكري ممدوح شاهين في أحد تصريحاته الأخيرة التى لا أعرف كيف لم تصدم الإسلاميين، وتجعلهم يراجعون أنفسهم.

والأهم من ذلك، أن المجلس العسكري لن يدع البرلمان سواء سيطر عليه الإسلاميون أم لا، يستحوذ على لجنة الدستور، وسيسعي ليكون صاحب اليد العليا في اختيار أعضائها، وعمل فيتو على أي عضو أو أية مواد لا تنسجم مع إرادته، أو تسعى لتغيير في بنية النظام وشبكة المصالح.

وما قام به نائب رئيس الوزراء على السلمي في مبادرته لوضع أسس للدستور الجديد ، واختيار الهيئة التأسيسة ليس سوى بالونة إختبار، سيتم إعادتها، لكن هذه المرة بمنطق فـــرض أمر واقع ولو بالقوة، بعد افتعال مــعركة جــــديدة بين الإسلاميين الذي جناح كبير منهم صنيعة أجهزة الأمن والاستخبارات، وبين القوى الليبرالية واليسارية على نحو يستهلك قوة الجميع الباقية.

في الأخير يبقي السؤال..هل ننتظر إنتهاء شهر العسل بين الإسلاميين والعسكر، واشتـــعال الصراع بينهما بعد أن يتأكدوا أنهم حصدوا الحصرم؟ وهل ساعتها سيجدون إلى جوارهم مناصرين، بعد أن خذلوا القــــوى الثورية، وراهنوا بإنتهازية على الوهم؟ أم أنهم سيرضخون لإرادة القوة، ويعلنون إنهزامهم أمام العسكر مجددا، والرضا بالمكتوب، وإعتباره عبادة وقضاءً وقدرا، وانتظار ثورة أخرى يسعون لركوبها بغباء، ودون تعلم الدرس؟
*كاتب صحفي مصري



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة
- -صفقة تبادل الاسرى-.. الدور الوظيفي والتوقيت المثالي
- -مؤامرة- شرف وا-لمسألة المسيحية- في مصر
- تزييف استباقي لتاريخ ثورة المصريين
- المشير ليس عبد الناصر قائد الثورة المصرية
- امريكا والسعودية والخريف العربي الطويل
- مصر بين جدل ثورة الشعب والانقلاب العسكري
- ثوار مصر واسقاط نموذج الحاكم الآله
- الفلسطينيون والكفر بالثورة المصرية
- تفجير انبوب غاز ام تفجير لتطبيع مرفوض شعبيا؟
- -زنزانة 211-.. السجان حين يكون سجينا
- العربي ورابطة عمرو موسى للجوار
- الذاكرة الفلسطينية في مملكة النساء وعلى بعد خمس دقائق من بيت ...
- فتح معبر رفح والضربة المصرية الجديدة للكيان الصهيوني
- عنف عسكر ووعي ثوري ونضال مفتوح
- الجامعة العربية ورياح التغيير
- لوبي الديكتاتور مبارك وسيناريو هدم المعبد
- الحركات الاسلامية بين استغلال الديمقراطية ونسف الدولة المدني ...
- المثقف السوري واختبار ثورة الشعب
- اعادة سيناء الى حضن مصر الجديدة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم