أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - تكريم منور صمادح















المزيد.....

تكريم منور صمادح


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 23:38
المحور: الادب والفن
    


تكــريم منور صمــادح

يحق لمدينة توزر أن تفتخر بكونها مدينة الشعراء، فحتى جدرانها تتزين بأبيات لشعرائها المجيدين، عند مدخل المدينة يستقبلك الشعر فاتحا أحضانه، يلقي في روعك أن ادخلها آمنا باسم الشعر والشعراء، واعلم أن جميل القول سرعان ما يلقي بغوايته عليك.لذا لا يمكن للمرء أن يقيم في توزر الجريد ، دون أن يمسه قبس من شعر. وهذا ما حدث لي في تلك الربوع الهادئة، الفاتنة إلى حد الغواية.

ضمن مهرجانها للأدب والفنون كأن هناك احتفاء جميل ومعبر بشاعر تونسي لا يكاد المغاربة يعرفون عنه شيئا، حتى اسمه غير متداول بين الشعراء وأهل الأدب في المغرب، وربما هنا تحديدا أجد لكلام خير الدين الشابي معنى كبيرا، فأبو القاسم الشابي حجب عن العرب شعراء تونسيين، كان من الممكن لولا شهرة الشابي أن تكون أسماؤهم على كل لسان، ومن هؤلاء الشاعر المحتفى به "منور صمادح" الذي له قصيدة بسيطة في بنائها عميقة في معانيها، كقصائد الشابي حذو النعل بالنعل، وهي قصيدة سهلة الحفظ، يحفظها أكثر الشعراء التونسيين ، و يعتزون بذلك ، وسأوردها هنا ، و هي تحت عنوان " كلمات":

عندما كنت صغيرا كنت أحبو الكلمات

كنت طفلا ألعب الحرف وألهو الكلمات

كنت أصواتا بلا معنى وراء الكلمات

وتخصتيت سنينا عثرتها الكلمات

أركض الأحلام والأوهام خلف الكلمات

وراء الزمن الهارب أعدو الكلمات

كلما أعرفه أنني ظلمت الكلمات

وسمعت الناس يصغون لصوت الكلمات

وتكلمت ولكن لم أفدها الكلمات

ليس بالهزل ولا بالجهل خوض الكلمات

وتألمت كثيرا في جراح الكلمات

وسفحت العمر دمعا على الكلمات

ولقد مت مرارا في سبيل الكلمات

صلبوها ثم جاؤوا ورثوها الكلمات

فصدور الناس قد كانت قبور الكلمات

يستجيرون بها منها ..و أين الكلمات

بيع ما فيهم من الحس فأماتوا الكلمات

كالدمى الخرساء لا تعرف الكلمات

******

هي لحن يشري رددته الكلمات

نغم وقعه الإلهام يرجو الكلمات

ورؤى سكري تهادت في رياض الكلمات

هي روح الكون زخار يفيض الكلمات

تراءى حلما يقظان عبر الكلمات

قل لمن همهم في الناس وخاف الكلمات

إنما أنت شقاه ظمئت للكلمات

ونداء حائر في الصوت بح الكلمات

آدك الصمت فهلا قلت بعض الكلمات

أو تخشى الناس والحق سجين الكلمات

حيوان أنت لا تخفقه لولا الكلمات

ونبات أو جماد أنت لولا الكلمات

ما الذي ترجوه من دنياك لولا الكلمات

أنت إنسان لدى الناس رسول الكلمات

فتكلم وتألم ولتمت الكلمات

وإذا ما عشت فيهم فلتكن الكلمات

شاهد أنت عليهم وعليك الكلمات

********

يهدر الشاعر في الناس وتحيا الكلمات

ويموتون بلا ذكرى وتبقى الكلمات

من خلال محاضرة ألقاها الدكتور محمد البدوي رئيس اتحاد الكتاب التونسيين وعرض شريط وثائقي عن حياته، عرفت الكثير من المعلومات عن منور الصمادح، أهمها أن حياته كانت مأساوية بشكل كبير، تسببت في إدخاله إلى المارستان ، للعلاج من مرض نفسي أو عقلي ألم به ، فتذكرت حينذاك كاتبنا المغربي محمد شكري الذي لاقى نفس المصير في مرحلة من حياته ..المبدعون يتميزون بحساسية مفرطة تجاه أنفسهم و تجاه العالم من حولهم ، و إن لم يتم الرفق بهم ، سرعان ما يتجاوزون حجاب العقل المتعارف عليه.. ولد الشاعرعام 1931 وتوفي عام 1998 ، مما يذكر عنه أن الحبيب بورقيبة اتخذ من شطر أحد أبياته الشعرية شعارا له، كان يردده في كل حين وهو:

الصدق في القول والإخلاص في العمل

أثرفي نفسي هذا الاحتفاء الجميل، الذي توزع على طول اليوم، واحتضنته دار الثتقافة بمدينة تورز، وشعرت بحق أن الدنيا لا زالت بخير، فان تتذكر هذه المدينة هذا الشاعر الجميل ،وتحتفي به احتفاء يليق بها ويليق به، فذلك لعمري أجمل ما يقدم لروح الشعر ،التي تتهادى في دروب هذه الربوع، فزادتها فتنة وروعة، لا يشعر بها إلا من عانقت روحه المدينة بمنتزهاتها وناسها ، وفضاءاتها العابقة بعبير التاريخ و الأصالة.

7

هديتا المهرجان:

منذ زمن بعيد وطنت نفسي على أن السفر دوما يفاجئني بهدية غير منتظرة ، تأتي هكذا صدفة ودون تدبير مسبق، وهذا ما حدث لي خلال الإقامة بمدينة توزر الموغلة في أجوائها الصحراوية ، بعد لقائي بشخصين وفدا على المدينة للمشاركة في مهرجانها، وسرعان ما انتسجت علاقة قوية بيننا ، أنستني - إلى حين - أنني بعيد عن وطني بمسافة لا يعدها إلا أحمق. إنهما الدكتور محمد البدوي رئيس اتحاد الكتاب التونسيين والشاعرة الجميلة نجاة المازني، هذه الأخيرة كانت لي بها علاقة سابقة، تأسست عبر الأنترنيت ، لكنني أبدا لم أقابلها إلا خلال هذا المهرجان. كان اللقاء باذخا وقويا، إذ سرعان ما حدث توافق غريب و جميل بيننا نحن الثلاثة، فلم نضيع وقتنا، بل انخرطنا في اقتناص الفرصة التي سنحت لنا في غفلة من الزمن. كان الدكتور البدوي يعرف الكثيرعن المغرب والمغاربة ،حتى أنه يتحدث عن أدبائها وكأنه يقيم بين ظهرانيهم ،يتتبع جديدهم وهمومهم وانشغالاتهم، ويطمح إلى ربط علاقات أمتن معهم، حالما باتحاد مغاربي للكتاب ، يحتفي بأدبائه ويكرمهم، و كان الرجل بحق هدية لا تقدر بثمن ، أما نجاة فتلك حكاية أخرى، وليس من رأى كمن سمع. امرأة جميلة هادئة الملامح، حنونة إلى حدود مربكة، دائمة الابتسامة، ذكية بشكل مثير.. ما إن بدأنا الحديث،وانزاح بنا إلى مواضيع لا تخطر على البال حتى " تبنتني" ،فأرغمتني أن أناديها" ماما"، فيما أصرت على أن تناديني بإبني، وبالقدر الذي أحبطتني خطتها الجميلة والطريفة، فإنها فتحت لي أبوابا مشرعة لارتشاف حنان أمومي لا أفتقده.

في صباح اليوم التالي للقائنا تسللنا خلسة نحن الثلاثة،أنا و البدوي و نجاة، اكترينا عربة يجرها حصان، أصر الدكتور على أن يدفع ثمنها بعد انتهاء الجولة، وقد كان كريما مع صاحبها، الذي تحمل شغبنا دون تذمر ..

مضت بنا العربة نحو أعماق غابة النخيل، التي تتخللها أشجار مثمرة من شتى الأنواع. كان خرير المياه يصاحبنا في طريقنا، مشنفا أسماعنا بصوته الناعم السادر في شاعريته ،وكان الحضور الجميل والناعم للشاعرة أقوى تأثيرا علينا نحن الاثنين، كنا نضحك على كل كلمة أو حركة أو من أجل لا شيء...يا اااه هو تأثير المرأة قويا على من يرافقها..التقطنا الكثير الكثير من الصور..لم يفوت الدكتورمكانا أو منظرا دون أن يطلب منا أن نقف أمامه ليخلدنا في آلته العجيبة، فأرد له الفضل فضلين ،ألتقط له صورة منفردة ، ثم صورة مع الشاعرة الجميلة، التي تشعرك بأنك أجمل وأروع رجل في العالم.. ابتسامة واحدة منها كافية لتجعل المكان من حولها يشع بألق بديع. كان الدكتور يناوشها بعبارات يبدو أنها اعتادتها منه، فهي كما قالت لي تشعر بحماية كبيرة وهي ترافقه ، إنه يشكل نوعا من الأمان لها، وبالتأكيد الكثير من الإحباط لي. طبعا أمزح فتلك ليست سوى أمي الثانية، أمي التونسية الجميلة التي تفخر بكونها من ميدنة الكاف"، و لا تني تذكر ابنيتها وتحدثنا عنهما بروح أمومية عالية، لا تتأتي إلا للقليلات.

رغم جمالها كانت الشاعرة خجولة لا تقوى على قراءة شعرها أمام الجمهور، حتى أنني حاولت إقناعها بفعل ذلك ،لكنها كانت دائما تسوف، ولم يتحقق لي الإصغاء إلى إلقائها الشعري إلا بعد لأي.

قرأت الشاعرة الشاعرة قصائدها بكثير من الإحساس، واكتشفت أن تلك القصائد تشبهها إلى حد كبير ..كلتاهما تتميز بالبساطة ،وبعيدة عن التكلف بشكل مثير. نجاة وجه ثان لقصيدتها، إنهما عملة نادرة، كل وجه من وجهيها يدل عليها بكثير من الترف .. حين تتحدث إليها أو تتملى في طلعتها ، تشعر وكأنها هي نفسها قصيدة ، بهدوئها ورقتها وينبوع اللطف والحنان ،الذي يبثق من كل مسام جسدها..

أهدتني الشاعرة ديوانها " طيف اللقاء" .. قرأته فتأكد لدي هذا الانطباع، تقول الشاعرة في إحدى قصائدها :

حين نلتقي يا حبيبي ،

في خلوتنا تختلط الفصول ..

تمسح زخّات المطر

إشراقة الحقول ..

يغطّي ضباب الخريف

ما في الكون من درر ..

تتلوّى ،عشقا ،

كل الجذوع و الفروع و الأصول ..

تعصف بالقلب آهات

وناياتو أوتار و طبول ..

تدوّى بها أهوال من فكر . ..

حين بالود نلتقي

يكون الحمق قد ترعرع و كبر

و يكون القلب قد شاخ

و بوجهه أشاح عن الصباح

و نوارس المنى ترتق الجناح

فلا الأجنحة تنسجم

و لا النّوارس تعي ما تفعل

و ما تقول .

عندما يقتلنا وجدا عمر اللقاء

و تطالب الروح بحق البقاء

تتمطّى أنّات من بقايا صور

في البدء استرقتها الذكرى

من حقيبة الرفض و الخمول

عندها تتعرّى الشمس

و يَوْله القمر ...

عن بعد ، يتغازلان

يتناغمان في خوف و حذر ..

يتناجيان يطلبان الحياة

في قداسة الوثن ..

يسبّحان للزمن

يرجوان فسحة كي يتأخّر الأفول ...

و يجيءالطلّ أشلاء

و يمحوه المطر .

و يطلّ الفجر خجلان

و يطويه من الشمس الشرر .

و يحلّ الشفق نارا

و يستره القمر .

و يضوع عطر الهوى ما بين بينهما

و لا يزال كل منهما المثمول ،

في صحراء الآخر ،

وحده يحدو ..

يقتفي الأثر ..

في جولتنا الصباحية استمتعنا بالهدوء في رحاب الخضرة الطاغية على المكان.. تعلمنا أنا ونجاة الكثير من صحبة الدكتور محمد البدوي،الذي كان يجود علينا بكثير من المعلومات عن المنطقة، ممزوجة ببعض الطرائف التي حدثث له في هذه الربوع أو لغيره من الأصدقاء .. إنه يعرف المنطقة بتفاصيلها الدقيقة.. التقطنا الكثير من الصور، وجمعنا بعض الأزهار البرية ، التي كنا نقدمها لبعض البعض كهدايا، وبالطبع نالت منها الشاعرة النصيب الأكبر،فكانت تحضنها بحبور.. توقفنا عند تمثال " ابن الشباط" ،فأضاف لنا الدكتور معلومات جديدة عنه..

حين أكتفينا من ارتشاق الجمال، جمال الطبيعة والبشر، أو كدنا عدنا أدراجنا نحو دار الثقافة التي تحتضن فعاليات المهرجان الوطني للأدب والفنون، بعد أن اتفقنا على القيام بجولة مسائية في المدينة البلدي أو المدينة العتيقة.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية
- طريق العودة
- سمفونية الفنون في مهرجان الجريد
- في أحضان توزر مدينة أبي القاسم الشابي
- الطريق إلى توزر..مدينة أبي القاسم الشابي
- تونس..الإنسان والأدب والثورة
- سطوة الزمن في ديوان الشاعر التونسي محمد عمار شعابنية -ثلاثون ...
- استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش
- -طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش ...
- لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر ...
- العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا ...
- الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
- اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد ...
- جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب ...
- بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
- غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
- الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص ...
- شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ...
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - تكريم منور صمادح