أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش














المزيد.....

استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3686 - 2012 / 4 / 2 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


راهنت القصيدة العربية الحداثية على تعميق الرؤيا ، باعتبارها أهم ما يميز هوية القصيدة المعاصرة ، و قد اعتمد الشعراء في سبيل تحقيق ذلك على تغذية أشعارهم بالفلسفة و التصوف و الأساطير ، و غير ذلك من المجالات المعرفية و الثقافية ،التي تجعل من القصيدة الحديثة قصيدة مثقفة و عميقة و ذات أبعاد دلالية موحية و معبرة.
و من بين التقنيات التي اعتمدها الشعراء لتحقيق جزء من ذلك ، استدعاء الشخصيات الثراثية الفكرية و الأدبية و السياسية إلى قصائدهم، لتمنحها حمولة فكرية و وجدانية لا تخفى على المتلقي ، لأن الشخصيات المستدعاة غالبا ما يكون لها في الذهن و الوجدان إيحاءات دلالية و عاطفية ، تفرض على القارئ نوعا من التماهي معها، بما تمثله في وعيه و لاوعيه الفردي و الجماعي من حضور و تأثير قويين.
عند قراءتي لديوان "شوارد " للشاعر التونسي محمد بوحوش ،استوقفني ذلك الاهتمام المثير للاهتمام بالشخصيات الأدبية ، التي أثث بها الشاعر قصائده ، حتى لا تكاد قصيدة تخلو من توظيف شخصية أدبية غربية أو عربية.
في قصيدة "شوارد" التي اختارها الشاعر لتعنون ديوانه ، نجد توظيفا مكثفا لعدد من الشخصيات الأدبية من قبيل أندري بروتون و بول فاليري ، يجاورهما في نفس القصيدة الشاعرالعربي سعدي يوسف ، يقول الشاعر:
مر الليل قليلا.. و جيش اللاوعي يمر
و أنثى "بروتون" تلسعني كمسمار..
و القصيدة قطار في اتجاهين يعدو
تنفتح و تنغلق..
فانفتح و انغلق على امرأة الطيف"إلزا" و طورا "نادجا"
و مرة " أولغا " و أخرى "روزا"
كم نساء عبرن كسنين ضوئية
أما في قصيدة "زهرة الشر" التي يدل عنوانها مبااشرة على الشاعر الفرنسي شارل بودلير ، فنقرأ:
فجرا أنهض من عدمي
أتحسس أشيائي
واقفا..
كعصا موسى أضرب في الغيب
ثمة طرق..
أطل علي" بودلير" بزهرة شر
وقال هذه الزهرة لك.
و قد واصل الشاعر افتتانه بالأعلام الأددبية في قصيدة "تناص" التي يشي عنوانها بامتصاصها لنصوص سابقة لها و خاصة نصوص بول سيلان الشاعر الفرنسي من أصل روماني ، فيقول الشاعر:
قلت حسنا أسلم نفسي.
قال الشبح الكابوس
- و كان "بول سيلان"
أنا ظلك بالأمس .. فهل تنكرظلك؟
انظر تحت.. و اتبعني..
من أعلى قفز الظل ، الشبح ، الكابوس
في نهر "السين".

و يتعمق هذا التوظيف و الحضور القوي و الدال للشخصيات الأدبية في قصيدة:
جسدي جدارثابت
لكني أشعر أني في اللامكان و اللازمان
في الهيولي .. أعبر الأزمان و الأصقاع
ها أنا في "الحانة الخضراء" "بشارل روا"
أجلس حيث جلس "رومبو"
في الخامسة ذات مساء
سيتجدد حضور بودلير و بروتون اللذين يبدو أن الشاعر محمد بوحوش معجب بهما في قصيدة "جيفة بودلير" ، فيقول:
و أنا أقرأ "جيفة" بودلير
تصاعد Hبخرة في حلقي و سموم
ثملت بها و شرقت
حتى الحلق صار زقاقا يضيق.
أما في قصيدة "حكمة فتحضر شخصية ذات طابع صوفي لكنها تنتمي كذلك إلى عالم الأدب بنصوصها الصوفية الجميلة الغارق في رمزيتها ، هذه الشخصية هي الحلاج ، يقول الشاعر:
شموع حافلة بالاحتراق
و أنا ، و الليل الرقراق،
و هذي الكأس..
جالسني "الحلاج " ، و قال
أفلا تصح؟حتى يتملكني الرعب
و يأذن هذا الفجر
فأصلب..
في قصيدة "الحصار" تحضر شخصية هوميروس بشكل غير مباشر من خلال الحضور القوي للإلياذة و شخصياتها من أمثال أديسيوس ، يقول الشاعر:
ثمة في حانة الروح "أوديسيوس"
مطأطأ الرأس خائبا حزينا
ثمة جندي مهموم
يطأ عتبة هذا الليل.

يستمر هذا الاحتفاء بالشخصيات الأدبية في الديوان فاسحا لها المجال لتعميق المعنى و إعطاء الدلالة إيحاءات يسعف التأويل في الكشف عنها ، كما نجد في قصيدة "شموع كفافيس" التي يستدعي فيها الشاعر محمد بوحوش شاعرا يونانيا هو قسطنطين كافافي الذي يحمل لقب كفافيس ، فيقول في القصيدة:
شموع و راءك مطفأة
وشموع تضاء
لأجلك
تضيء أمامك
باكية...
و أنت تطيل التأمل في حفلها..
كم من شموع لحتفك.
إن قراءة قصائد الشاعر التونسي محمد بوحوش لهي بحق قراءة تتيح للذهن و الوجدان السفر في رحاب الفكر و المعرفة و الثقافة عموما ن من خلال الاستحضار القوي لشخصيات أدبية و سمت الذاكرة الجمعية بحضورها القوي و الفعال.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش ...
- لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر ...
- العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا ...
- الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
- اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد ...
- جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب ...
- بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
- غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
- الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص ...
- شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ...
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...
- وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ. ...
- متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب ...
- إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
- القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
- شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-


المزيد.....




- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش