أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان صباح - انتحر الحب














المزيد.....

انتحر الحب


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 00:09
المحور: الادب والفن
    


انتحر الحب
كتب مروان صباح / دقات ليست غريبة تأتي في منتصف الموت تقلق مماتي تسللت بهدوء غير ملحوظ ابتعدت عن الباب حين بدأت جمع حواسي كي أضبط أعضائي لأنهض من موتي المؤقت بنصف عينين لم أجدها رحلت دون أن تجعلني أراها ، يتكرر الحضور في حضرة النسيان لتعيد لي ذاكرتي المنشغلة تماماً في الجهة الأخرى ، استفزتني فبدأت أشتم رائحة الأثر لأنف قد تضرب بشكل قسري على المباغتات بعد أن أصابني قلق الليل ، سرقت بدقاتها خلودي عرفتها من عطرٍ قد إختزنته في صندوقي الأحمر ، إنتظرت قليلاً قبل أن أخاطبها ناديت بصوت تغّلُب عليه البحة جاءت بخطوات مسرعة جلست حيث اجلس إنتابني شعور أن هناك مسافة تشبه المجرات بيننا هززت رأسي مرحباً ابتسمت وعينيها تحمل شيء من البراءة والإستسلام ، قلت بضع سنوات مرت لم نتحدث قالت بضع سنوات وأنا أمشي نحوك أسرق الوقت كي أشتم رائحتك من ثيابك المخبأة أذرف الدمع دماً منذ أبعدتنا الأقدار ألعن اللحظة التي أفترقنا بها في السر لا تصدق جهري الصامت ولا حياتي الجديدة المقيدة لجسدي ، فروحي وعقلي خارج المكان بل هما في ذات المكان ، كانت ترتعش كعادتها صادقة في كلماتها حاولت مقاطعتها بسؤالي إن كانت ترغب بشرب قهوة بيضاء ( ماء الزهر ) الساخن كي تهدأ ويهدأ جدران المنزل الذي أصبح يتساقط عرقاً أخذت الركوة وأشعلت النار وأصببت قهوتي البيضاء خاصتي ووضعت يدي على الحائط كي تمتص عرق الكلام الممزوج بدموع الندم قبضتها بشدة لتسيل داخل الركوة وتختلط مع من سبقها ، لأن كلماتها لم تستطيع تخطي أُذني فأردت أن تسير داخل الشرايين ربما تخاطب الأموات وتيقظ أشياء تراكمت عليها تلة تراب لعلها تكون كما كانت تلك الدقات التي أستجمع لها جسدي فصحوت من مماتي .
في الواقع كانت حركتي ثقيلة لا ارغب في إنتهاء تحريك معلقة القهوة الصغيرة بل كانت لكل دائرة كاملة حكاية تدور في داخلي تدفعني كي ابدأ جرد الحساب لكن كابح قوي كان يحُوّل أن أتقدم بكلمة واحدة مما جعلني أن احترم تلك المسافة التي قطعتها في ليلٍ عاري وقدمين عاريتين شرطاً لحضرة المكان ووجوب الطهارة ، عدت حامل فنجانين يتيمين وركوة القهوة يتصاعد منها بخار الكلمات ورائحة الإنتحار على عتبة قبري عبرت ممري الذي يربط بين غرفتي والمطبخ أراقب الجدران لم أعثر لأي عرق تتساقط حباته قد لامست الأرض من قبل يبدو أنها توارت جميعها من شدة الصمت الذي خيم عند تجهيز القهوة فأدركت أنها كانت تكلمني لكن بصمت .. نعم .. سألتني هل أصدقها كم هي معذبة تموت في الليل مئة مرة ويزيد ، لم تحيرني كلماتها المنمقة الأشبه بالتطريز وجملها التي تعرف المبتدأ وتنتهي بالخبر فهي مرتبة بشدة لكن إختراقها لمماتي وقوة حضورها بهذا الصفاء الساطع كالشمس في الظهيرة والسرد الشائق المصحوب بحركات يديها كالمراوح الطبيعية تأمل أن تسعفها في إنجاز ما تريد قوله خوفاً من وقتاً لا تعلم إنتهاءه ، أكملت لقد اشتريت مسدساً وحاولت مراراً إنهاء عذابي لكني أخفقت بالإعتماد على ذاتي كعادتي هربت إلى الأمام حاولت من خلال رافعاتي الوهمية أن أتخلص منك أنتَ.. لكنها جميعها باءت بالفشل بعد ما تبين لي أنك تطرق بوابة المستحيل دون أن أفهم ذلك من قبل وجاء فهمي متأخر وبعد أن تكسرت جميع المرايا التي استطاعت حفظ الحب من أوله ، قاطعتها دون أن أجهر بصوتي فلم أعد أسمعها وقلت لنفسي محدثاً كالمونولوج وماذا يريد الإنسان من الحب غير أوله فعلي أولهِ يعيش ما تبقى من حياة .
مازال الليل طويل لم تشربي قهوتي البيضاء لقد وضعتها في فنجان أبيض يتيم لكنه ذو سلالة من بيتي الأول سيصعب الاستبصار وتلمس ما ظهر ولِما خفي من حاضر يسعى إلى مستقبل ، تتطلب مهرة في التحديق لمعرفة ما تحمل من كلمات شائعة أو خاصة ، أكملي مازال الطريق إلى الفجر يحتاج إلى وقت ولليلك منزوع من ضجيج النهار حتى تلك العصافير لم تشارككِ في كتابة عشقكِ الخاص أو ضده في آن فأنتِ الليلة وحدكِ على الإطلاق أخرجي جميع إحتياطاتك اللغوية أو رصيد لغتك الكاملة التي تراكمت من خلال خطوات سيركِ العسير إتجاهي وابتعدي عن تسويف الحقائق والمراوغات وليّ أعناق الكلمات ليبقى المشهد يحمل صورة نقية دون أي تشوهات فأنني مستمر في استماعكِ أو في الأحرى رجعت أسمع غموضكِ المبني على الغموض وأنا أنظر من نافذتي محدقاً لتلك النجوم التي في السماء لا أعرف من يحمل من أهي السماء التي ترتكز على النجوم أم العكس ولشدة تحديقي شارفت في هذا السكون أن تلتصق السماء في سقف قبري المُزَارّ لنجمتين قاربتا لتحتكا وكتاب مفتوح لم انتهي من قراءته حين متُ وصفحاته تطوى تلو الأخرى لأنها تُرِكت دون أن تعاد إلى بدايتها الأولى وبشكل قسري لممات مباغت لم يسمح لي أن أغلقه بنفسي وأعيد ترتيبه بين أخوته في الصف المسكون .
في هذا الليل الكامل لا يوجد مهرباً بعد أن اقتحمتِ قبري الذي لا يتجاوز ( 190 سنتم ) إلا التحديق بالنجوم وعدها ثم الفصل بينهم ومعرفة الفارق بين نجمة وأخرى محاولاً إحصاء كم سيكون ميراثي منها والإمساك بفنجان قهوتي التوأم لفنجانها أحتسي بعضها دون أن أكون على عجل في الإنفصال لأني أدركت أن ليليِ لم ينتهي كما بدأ محاولاً الهروب كي لا أقع أسير محاولتها السردية لعذاباتها المحملة بالإستغاثة والإشتباك بين المأساة والملهى وبين الضحك والمبكى إلى حد يصعب عليّ تصنيف إنفعالاتها لكن تجربتي كانت وعيّ وإسعافي للأساليب التي تتعامل بها سواء كانت رتيبة أم مليئة بالمباغتات فهي ُتكررها دون أن تشعر بتكرارها وبإعادة العزف بذات الأصابع وعلى ذات الأوتار القديمة التي حفرت في ذاكرتي فذاكرتي ليست رملية ولست من عشاق فتح قفل الخيانة لأني سأجد نفسي في وحدة أشد وأصعب تنكيلاً من أنني وحيداً .
في هذا المسير العسير بين ازدحام الكلمات التي باتت تشبه البارحة المجردة من البداية ، غفوت مرة ثانية إلى مماتي بعد ما شربت بعض الماء المعدنية .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجميع متهمين على أن تثبت براءتهم
- بافلوفية
- أحياء لكنهم شهداء
- بين الأشباه والسعاديين
- أصوات بُحّت لفرط الصراخ
- منطقة الصفر
- الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
- لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
- مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
- أنوف متدربة على الاشتمام
- الإبادة من أجل الإغاثة
- أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
- الطغاة لا يتعلمون
- صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
- كلمات مكتوبة بحبر الألم
- منطقة غارقة في حوض من البترول
- هي الرقصة الأخيرة من فرط الألم
- نوافذ لا تقوى على صد العواصف
- شخابيط كَشَفَتْ المستور
- السينما وحجم تأثيرها على المتلقي


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان صباح - انتحر الحب