|
بين الأشباه والسعاديين
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 21:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب مروان صباح / بعد مخاض عسير شهدته الشعوب العربية في دولها أدى إلى نجاحات بإسقاط الديكتاتوريات تصاحبت بإنفجارات كان مسكوت عنها في وجه التغيير كالقنابل الموقوتة التي أربكت من تولى زمام المرحلة الإنتقالية بهدف إرساء السفينة عند شواطئ تُعتقد أمنة لبعض الوقت ، يسدل الستار عن حقبة مليئة بالمتخبطات والإفلاس كأنها تحولت المرحلة برمتها إلى معالم ترسخت وأصبح يشار إليها من شدة التسليط نحوها لتتمدد أفقياً وتتغلغل في ثنايا حياتنا وتتحول هي المقصودة من غير منازع والأبهى وقد تكون لدى البعض الفردوس الذي يصعب أن يناله المرء في الدنيا إلا أن باتت تتكشف الحقائق بعد أن ذابت الأقنعة التي لعبت دوراً أصيلاً في الحفلات التنكرية على مدار الساعة . لا يعقل المرور عنها مرور الكرام دون تسجيل بأن هناك حقائق كانت تغيب عن الكثير بل تماهوا معها من حيث لا يدرون لكن معاينتها وملامستها في هذا الإنفتاح على جميع الأحداث التي حدثت والتي ستحدث لاحقاً ممكنة ولا بد من الإعتراف بوجودها ليست الغاية منها تسجيل نقاط أو الإحراج من ركب في تلك المرحلة الموجة بل هي أشبه بجلد الجسد كي تقوى عن الوقوع فيها مستقبلاً ، الذي يحثنا أن نرى ما كان قائم عليه في تلك الدول التي ضربتها عواصف شعبية بهدف الإنعتاق من النظم الأبوية لا تؤمن بفطام المحكومين سياسياً أو إقتصادياً تحولت الأبصار بعد ذوبان الثلج إلى تأملات لتلك المعالم التي رسمت من طباشير سرعان ما تحولت إلى غبار من رداءتها ، فالعالم العربي لم يشهد حكم الجمهوريات إلا في منتصف العقد الماضي بحيث تسلل من عباءة النظام الإسلامي متجهاً إلى العلمانية ليكرس عهداً جديداً يتطلع إلى الحداثة والتنمية والرغبة بإنتقال الشعوب حيث توقفت عند الزراعة الموسمية إلى الاعتماد على الذات في التصنيع والإنفتاح على جميع المجالات الممكنة حسب متطلبات السوق العالمي . من الصعب أعطاء إجابات قاطعة في هذا المضمار لكن ما من شك أن النوايا كانت حسنة إلا النتائج جاءت معاكسة وافتضحت الصورة وانقشع الغبار لأن الطريق لم يعبد، وبشكل تدريجي سقطت جميع العناوين الكبيرة ولم يبقى سوى الشكليات التي سيطرت على المشهد وتوارت خلفها مرتكبيها كي يعفوا أنفسهم من البحث عن الأسباب العميقة التي سهلت إستباحة الدولة وضياع المشروعين معاً فلم يبقوا على الزراعة ولا انتقلوا إلى الصناعة ، فمصر وتونس اللتين تغلبتا على جلادهما تبدلت أحوالهما كلياً حيث لم تعد المعالم التي كانت تحتكر المشهد هي ذاتها فمن نجوى فؤاد وعادل إمام وصابر الربيعي ولطيفة إلى وائل غنيم ورفاقه وبرلمان صاخب الوتيرة ومن الترجي التونسي ونادي الأهلي وشارع الهرم وشارع البغاء عبدالله قش إلى ساحتين بورقيبة وميدان التحرير اللتين كانتا التجمع في إسقاط النظامين فالمعادلة تغيرت على الإطلاق وباتت أشبه بالإنقلاب على كل ما كان قائم من إختزالات لِما يوجد من إمكانيات وقدرات مدفونة تحت التراب وتعاملت هذه النظم معها بشكل إقصائي دون رحمة مما جعل المواطن العربي ينظر إلى شاشات العرض المنزلي عن غير العادة بإندهاش لحجم التغييب المقصود ولما تحمل هذه الأوطان من طاقات كامنة بالمعرفة والقدرة على التواصل وإحداث تغيرات في السلوك وأنماط الحياة . الحقيقة كما في أغلب الأحوال نسبية وليس من السهل اكتشافها لأن الحد الفاصل بين ما هو حق وباطل خصوصاً إن كان المتلاعبين على أوتارها مخضرمين في فن الممكنات لتتحول إلى سرك بين مروضي السعاديين ومتفرجين لكنهم دافعين حق مشاهدتهم من دماءهم ودماء سلالتهم ، والأغرب بأن هؤلاء تدحرجوا قبل إعلان سقوط مروجينهم وتلاشوا بين مخاض حقيقي لمحاولات بناء قواعد جديدة تساعد في الإنطلاق من أول السطر ، فشباب الثورتين يعبرون عن الأغلبية الساحقة التي انهمكت في تصريف أمورها المعيشية رغم أنها مليئة بالإبداعات مورس بحقها تهميش نادر من نوعه ليحل مكانها مجموعة راقصين وبعض الكومبارسات التي تراجع الفن والسينما في عهدهم فبدل أن تتقدم لتتجاوز حدود جغرافية العرب وتلامس العالمية تقدمت التركية لتفتضح أمرهم ويتقوقعوا على ذاتهم خجلاً . ثمة من يرون بأن الحمل ليس حقيقيا وغير متفائلين بجيل التغيير بل هناك أسباب نابعة عبر مساحة الحرية التي يتمتع بها الفرد والمجتمع ، تطمئن بالإضافة لإصرارهم عدم زرف دمعة واحدة على الأطلال رغم فداحة التشويه التي لحق بهم ليس فقد ما بعد سن البلوغ بل وهم أجنة في الأرحام لهذا تراهم كالظمأنين يبتكرون من الرمل ماء بسبب فرط أشواقهم للحرية وتجذير العدالة وإعادة كرامة الإنسان قبل كل شيء لأن بها يعاد إنعاش جميع مناحي الحياة على أسس تتقدم الكفاءة والجدارة ويتراجع فيها الأشباه والسعاديين . عينة من ثوار الميادين تتصدر شاشات التلفاز تثلج الصدر لما تحمل من عمق متسلحاً بالأدب العالي يتطلع إلى العودة من جديد لإصلاح وترميم ما أفسده المفسدون بمثابة اعتذار عن مرحلة ظلمت الكثير من المبدعين لكن لم يكتب لهم أن يعيشوا كي يروا لحظة الإنتصار . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أصوات بُحّت لفرط الصراخ
-
منطقة الصفر
-
الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
-
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
-
مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
-
أنوف متدربة على الاشتمام
-
الإبادة من أجل الإغاثة
-
أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
-
الطغاة لا يتعلمون
-
صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
-
كلمات مكتوبة بحبر الألم
-
منطقة غارقة في حوض من البترول
-
هي الرقصة الأخيرة من فرط الألم
-
نوافذ لا تقوى على صد العواصف
-
شخابيط كَشَفَتْ المستور
-
السينما وحجم تأثيرها على المتلقي
-
تحويل الهزيمة إلى إنتصار
-
إستحضار الضمير قبل الممات
-
الأحياء يزاحمون الأموات
-
ما بين نهر الرقيق ونهر الجوع ...
المزيد.....
-
من الموضة إلى العافية... ديور تغيّر مفهوم الرفاهية في الولاي
...
-
قمة مرتقبة بين بوتين وترامب.. وموسكو تتحفّظ على مقترح لقاء ث
...
-
سلوفينيا تحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية وتلوّح ب
...
-
قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين .. هل ستنهي الحرب في أوكرانيا؟
-
جسلة للكابينت الإسرائيلي اليوم لمناقشة خطة نتانياهو لاحتلال
...
-
جلسة مرتقبة للحكومة اللبنانية لاستكمال النقاش بشأن الورقة ال
...
-
أزمة دبلوماسية متصاعدة: هل سترد الجزائر على باريس بقرارات غي
...
-
طائرات هيركوليس ومخيم غالانغ.. خطة إندونيسية لدعم غزة إنساني
...
-
رئيس الوزراء السوداني بالقاهرة في أول زيارة خارجية
-
مسؤولة أوروبية: حرب غزة تشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|