|
في ألمانيا أعدمتم حوالي خمسمائة نازي ، إذا لا تطلبوا منا أن نصفح عن مبارك و عصابته
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 15:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الفكرة ، أو المبدأ ، لا ترتبط صحة أي منهما بالمثل الذي تضربه من أجل توضيح أو شرح أو دعم ذلك المبدأ ، أو تلك الفكرة ؛ و بالتالي فعندما تذكر مبدأ و تضرب له مثل ، ثم يتضح عدم صحة ذلك المثل ، أو عدم إنطباقه على ذلك المبدأ ، فإنك لست بحاجة لأن تنبذ ذلك المبدأ ؛ كل ما تحتاجه هو أن تلقي بذلك المثل جانبا ، لتستبدل به مثل آخر يشرح أو يدعم ذلك المبدأ الذي تنادي به . لكن ماذا لو كان المثل الذي أوردته مثل صحيح - أي ينطبق على المبدأ موضوع الحديث - بنسبة تتراوح بين تسعين إلى تسعة و تسعين في المائة ، و كان ذلك المثل من التاريخ ، من تاريخ البشرية ، أي أحد التجارب البشرية ؟ أعتقد أن نسبة صحة تتراوح بين تسعين إلى تسعة و تسعين بالمائة لمثل ليس رياضي أو فزيائي ، بل هو مثل من تاريخ التجارب البشرية في ميدان السياسة ، هي نسبة صحة أكثر من ممتازة . المبدأ ، موضوع حديث هذا المقال ، هو مبدأ : ضرورة إستبعاد كل من كان عضو في الأنظمة الإستبدادية الساقطة ، من الوصول إلى المناصب العامة ، و محاسبة كل مجرمي عهد الحكم الإستبدادي ، إذا أردنا بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان و قوية إقتصاديا . إنه مبدأ يعتنقه حزب كل مصر - حكم ، و وضعه في وثيقته الأساسية منذ تأسيسه ؛ و الوثيقة خرجت من السر إلى العلن في العاشر من أكتوبر 2007 ، و توجد منشورة في كل مدونات و صفحات و مجموعات الحزب على الإنترنت ، كذلك توجد كمقال تحت عنوان : هذا هو حزب كل مصر ؛ كما توجد كتسجيل صوتي في يوتيوب في قناة تخص الحزب عنوانها : ppslv . إنه مبدأ أكدت عليه في مقالات و تسجيلات صوتية عديدة ، و ضربت الأمثال التاريخية في بعض تلك المقالات و التسجلات الصوتية لتوضيح الفارق في الأوضاع السياسية و الإقتصادية و الحقوق إنسانية ، بين الدول التي إستبعدت بحزم كل من شارك في إدارة العهود الإستبدادية الساقطة ، و حاسبت بصرامة مجرمي تلك العهود ، و بين الدول التي تراخت في محاسبة مجرمي عهود الإستبداد ، و سمحت للمنتمين لأنظمة الإستبداد بالإنخراط في الحياة السياسية و العامة . ألمانيا كانت هي أحد الأمثلة التي ضربتها لتوضيح الفارق ، و ألمانيا تظل في رأيي مثال أكثر من ممتاز لأن تجربتها مزدوجة ، فهي بعد الحرب العالمية الأولى سمحت لأعضاء النظام السابق - أي النظام الإمبراطوري - بإستثناء الإمبراطور المخلوع و الأمراء المخلوعين ، بالإنخراط في السياسة و المناصب العامة ، ثم بعد الحرب العالمية الثانية إتخذت هي ، و الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ، موقف صارم تجاه مجرمي العهد النازي ، و منعت الذين إنخرطوا في إدارة العهد النازي ، و كل المعروفين بإنهم من النازيين ، من المشاركة في الحياة السياسية و العامة في ألمانيا الاتحادية . أصدقاء نظام مبارك في الغرب ، يبدو إنهم لا يريدون الإكتفاء بإنقاذ مبارك و كبار مجرمي عهده من الإعدام ، بل إنهم أيضا يريدون أن يدير مصر نفس أعضاء نظام مبارك . إنها نفس سياسة إدارة جورج بوش الابن ، و التي كانت تريد للبعثيين أن يشاركوا في حكم العراق بعد سقوط صدام ، و هو نفس ما يحدث في ليبيا حاليا حيث الكثير من القيادات السياسية في ليبيا حاليا كانوا أعضاء في نظام القذافي ، فقط غيروا إتجاه قلوعهم السياسية عندما غيرت الرياح السياسية هناك إتجاهها . نهج هؤلاء الغربيين ، أنصار نظام مبارك و الأنظمة الإستبدادية الساقطة في العالم العربي ، حاليا ، هو هدم المثل الألماني ، بالتأكيد على أن حتى في ألمانيا إستطاع أعضاء النظام السابق التسرب لبعض المناصب العامة . كما ذكرت عالية : المبدأ لا يتأثر بمدى صحة المثل ؛ و على العموم فالمثل الألماني يظل صحيح بنسبة تتراوح من تسعين إلى تسعة و تسعين في المائة ، لهذا لا حاجة لإستبداله ، و لكنه يجعلنا فقط أكثر تشددا من الألمان تجاه المباركيين و الناصريين . المثل الألماني صحيح بنسبة تتراوح من تسعين إلى تسعة و تسعين في المائة لأنه يجب النظر لما حدث في ألمانيا الغربية ، منذ سقوط الحكم النازي ، أي منذ كانت ألمانيا الغربية مقسمة إلى ثلاث مناطق محتلة . لقد أراد الحلفاء الغربيون الثلاثة ، أمريكا و بريطانيا و فرنسا ، ألا يتكرر نفس الخطأ القاتل الذي قضى على جمهورية فيمار ، أو فايمار ، أو ويمار ، عندما إستطاع أعضاء الطبقة الحاكمة في العهد الإمبراطوري المحافظة على نفوذهم السياسي و الإقتصادي ، و شرعوا في العمل على القضاء على الجمهورية الوليدة ، حتى نجحوا في ذلك بإيصالهم هتلر لسدة الحكم . هؤلاء الغربيين ، أصدقاء مبارك و الإستبداديين ، يبدو إنهم غفلوا ، عمدا أو سهوا ، عن أن النازيين و إن نجح بعضهم في التسرب لبعض المناصب السياسية ، و الأمنية ، إلا أن حوالي خمسمائة مجرم نازي تم إعدامهم على يد الحلفاء الغربيين منذ سقط هتلر و إلى عام 1951 ، و أن عمليات الإعدام تلك شملت عسكريين كبار ، مثل رئيس الأركان كيتل ، و سياسيين مهمين مثل وزير خارجية ألمانيا النازية فون ريبنتروب . كما إتخذ الحلفاء الغربيين موقف صارم تجاه كل محاولة ، أو مؤامرة ، قام بها النازيين ، لإختراق المؤسسات السياسية مثل الإعتقالات التي تمت في الرابع عشر من يناير 1953 . كما أذكر بعمليات الإستقصاء عن ماضي أكثر من 13 مليون مواطن ألماني فوق سن الثامنة عشرة في المنطقة التي إحتلتها أمريكا في ألمانيا ، و هي مجرد منطقة واحدة من أربع مناطق . إذا الحلفاء الغربيين لم يكتفوا فقط بإعدام حوالي خمسمائة مجرم نازي ، بل و أيضا وقفوا رقباء لمنع النازيين من العودة للحكم و منعهم من العودة لشغل الوظائف العامة . أن تحدث بعض التسربات في دولة كبيرة مثل ألمانيا الإتحادية أمر وارد ، و لكن لنتذكر أن الهامات الطائرة كانت دائما بمثابة تذكير دائم لهؤلاء المتسربين ، بأن عليهم إخفاء هوياتهم ، و أن عليهم إحترام الدستور الألماني الاتحادي ، و إنه لا عودة للماضي . نحن في حزب كل مصر - حكم نريد القيام بنفس الشيء في مصر ، و لكن بالطبع نؤمن بأن من يجب أن يقوم بذلك هو الشعب المصري ، لأننا نرفض أي تدخل أجنبي في الشأن المصري . نؤمن في حزب كل مصر - حكم بإنه من الضروري محاكمة مجرمي عهد مبارك ، و على رأسهم مبارك و عمر سليمان ، و غيرهم كثيرين ، و تطهير الوظائف العامة كلها من المباركيين و الناصريين ، و نؤمن بأن على الشعب المصري أن يقوم بدور الرقيب لمنع أي محاولة لعودة المباركيين و الناصريين للحكم . لهؤلاء الغربيين ، أصحاب النظرة القصيرة و المصالح العاجلة ، أقول : أن تطهير مصر هو لصالح كل الأطراف ؛ إنه لصالحنا كمصريين ، و أيضا لصالح العالم ، لأن من مصلحة العالم أن تصبح مصر قوية سياسيا و إقتصاديا و عسكريا و في نفس الوقت جزء من العالم الحر . أما للشعب المصري العريق ، الذي أفخر بالإنتماء إليه ، أقول : لقد تهاونا في محاسبة مبارك و أعوانه ، فكانت النتيجة مقتل أكثر من مئتي مواطن مصري خلال أقل من عام على سقوط مبارك ، و هذا حسب إحصائيات وزارة الصحة التابعة للسلطة . تهاونا في القصاص من قتلة ال 850 شهيد ، فكانت النتيجة سيارات مدرعة مرت فوق أجساد المتظاهرين السلميين ، و مشجعين رياضيين عزل قتلتهم السلطة ظلما في سعيها لإشعال فوضى ، و أصبحت قضية أكثر من سبعين شهيد مجرد قضية منع فريق من المشاركة في الدوري ، أما بقية المئتين فقد طوى النسيان قضيتهم . إلا أن مطالبتنا بتطهير مصر يجب أن تظل سلمية و من خلال القنوات الديمقراطية ، و البرلمان أحد تلك القنوات ؛ إذا لتكون قضية التطهير هي مهمة البرلمان ، و علينا كشعب حثه و متابعته . ملحوظة : إنتهيت من هذا المقال في تمام الساعة الواحدة و أربعين دقيقة مساء ، بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، و الذي يتقدم على توقيت جرينتش بثلاث ساعات ، و ذلك يوم السبت الموافق الحادي و الثلاثين من مارس 2012 .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توماس جفرسون من المحتمل أن يكون من أصل مصري
-
القبيلة الخليجية تتجه من الرابطة الدموية إلى الرابطة المدنية
-
قصر عابدين يجب أن يصبح المقر الرسمي و الفعلي لرئيس الجمهورية
-
نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية ، هذا قرارنا ل
...
-
سليمان هزم هيلاري بالنقاط و صفع البرلمان و أكد على الإنقلاب
-
في هذه الحالة نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية
-
الأهم هو : كيف إستخدمت تلك الجمعيات الأموال الأمريكية ؟
-
سحق ربيع العرب سيبدأ من مصر بتمويل من آل سعود
-
المجلس العسكري مكانه الصحيح قفص الإتهام
-
كان على الشعب أن يقبض عليهم ثم يتحفظ عليهم بنفسه
-
أحذر من إنقلاب عسكري تخطط له جهة أعلى من المجلس العسكري
-
الحكم بالنسبة لنا وسيلة من أجل تحقيق غايات نبيلة
-
نبيل العربي و عمرو موسى وجهان للعملة الناصرية
-
هل سيتمتع الإخوان في مصر بنفس شجاعة أردوغان ؟
-
بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية
-
شباب السادس من إبريل كانوا من أجل التغطية على عمال المحلة ال
...
-
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
-
دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|