أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - مشاركة الأديب د. يوسف متّي إسحق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد















المزيد.....

مشاركة الأديب د. يوسف متّي إسحق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3681 - 2012 / 3 / 28 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


مشاركة الأديب د. يوسف متّي إسحق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد


راقدون لا موتى

بهذه المناسبة الحزينة أقدم تعزيتي القلبية إلى العائلة الكريمة ، كما أطلبها لنفسي ولجميع الكتاب والشعراء
الذين أحزنهم رقاد الأب الشاعر سواء في المهاجر أو البلد الأم . وإنني أشكر الله جلَّت قدرته لأنه طوّق جيد ثمانين سنة من العمربسيرة الأب يوسف سعيد ، تغمده الله بواسع رحمته !!
صديق السنين

يُحزنني أن أقف اليوم في هذا المحفل المهيب وأحاول أن أتحدّث عن صديقٍ من أجلّ الأصدقاء ، ورجلٍ من أروع الرجال ، وكاهن من أخير الكهنة ، وكاتبٍ بين ألمع الكنّاب ، بل شاعر لا يُشقّ له غبار ! أقول : يعز عليّ أن أتتبع مراحل حياة غربة فقيدنا التي بلغت قُصاراها قي السابع من شهر شباط 2012 بعد أن بلغ من العُمر عتيّاً .

كان فقيد الشعر علماً من أعلام السريان أدباً وثقافة في رحلتنا القصيرة من عمر الزمن. وقفت والصديق الغالي في محطات على قارعة دروب الحياة ، وكانت المحطة الأولى في محراب مدرسة مار أفرام في الموصل ــ العراق .

كنت يافِعاً ، وكان الفقيد كذلك ، لكنه كان سبقني في دخول بوّابتها الواسِعة . شعرت من أول وهلة وكأني قريب من هذا الفتى الذي لا تُفارق البسمة مَبسمه الضاحك ، فتعانقت روحانا منذ أول يوم وطِئت قدماي أعتاب هذا الصرح المُنيف . لكن ما هي إلا غمضة عين في حساب الزمان حتى علق الفتى قنديلاً خافِت الضوء على جِدار هذه المحطة وانطلق لا يلوي على شيء !

وكانت المحطة الثانية في مدينة النيران الخالدة ( كركوك ) . كان شابا تُطوّقه كنيسة صغيرة مُدمجة الخصر ، تحوطه شريكة حياة : شابة كغصن الزيتون ، وطفلة كفِلقة قمر ، ويراعة أخذت تتراقص على وجه قِرطاس خجول ،ما تزال تهوى النحت والتشذيب ! على ضوء قنديل هذه المحطة قرأنا معاً بدايات قلم مُتحفز ، ودسسنا تحت أسماء مُستعارة مقطوعات وخواطر مُتواضعة !

تسارعت وتيرة الزمان .. أخذت الأيام برقاب بعضها كأمواج بحرلا يهدأ ، فانفرط الشمل وتعرّضت الحياة للضمور ، وإذا بنا كحجارةٍ في كف مقلاعٍ يُقذف بها في الفضاء ، فتتناثر وتتساقط في كلّ فج عميق . فعلق كلٌ منا قنديلا تتراقص ذُبالته فوق قنطرة المحطة ، وانطلقنا لا نلتفِتُ إلى الوراء ، فأدركنا الشاطئ الفينيقي القديم !
في المحطة الرابعة من عمر الزمن ، إشتدّ عود كلينا نتيجة النحت والتثقيف والتجربة ، فانفتحت أمامنا آفاق واسِعة سِعة وجه البحر ، فعدنا نتواصل ، نقرأ ، نتهادى نفثات أقلامنا .. فقربت المسافات ، وانطوت السنون في بلاد الشمس الخافِتة وهنا نضع آخرنقطة في حساب الزمن ، وننتظر من قال أنا آتٍ !!!

وقد يُوجّه إليّ هذا السؤال : تُرى من هذا الفتى ، الشاب ، الكهل تُضلله هامة بيضاءكشِعاف الصنوبر ، لا أقول شيخاً ، لأنه همس ذات يوم في أذني وقال " وكنا نضع الألقاب جانباً في أحاديثنا " : يوسف ، لا أريد أن أشيخ ! ويأتي الجواب : الأسماء صفات ، وإسم فقيدنا يحتضن أربعة أحرف ، ولكل حرفٍ معناه : 1. ياء ، تُشير إلى أنه كان يانِعا ، وأرى صدى هذا في سفر المزامير إذ يقول : الرجل الصالح كشجرة يانعة ، مغروسة على مجاري المياه ، تعطي ثمرها في أوانه ، وورقها لا يذبل . فكان يوسف يانعاً ، طيب المعشر ، خلوقاً ، بشوشاً نظير إيقونة تتلألأ ألوانها تحت دفقات النور !

2. واو ، ترمز إلى وداعته . والوداعة كنز لا لايفنى . بهذه الصفة أراد أن يتشبه بسيده الذي خدمه أكثر من نصف قرن إذ قال : إحملوا نيري وتعلموا مني لأني " وديع " ومُتواضع القلب .

3. سين ، كان فقيدنا : سليم الطوية ، سامي الفكر ، سعيداً بما أغدِق عليه من هبات أودِعت طوايا نفسه الكريمة .

4. وتومِيء الفاء إلى أنه كان فريداً في وده ومحبته وإخلاصه . هذا كان صديقي الذي أحبته نفسي !!

بقي علي أن أختم حديثي بوصية من الفقيد الغالي : فتحت عليه الهاتف قبل الرحيل وتحدثنا ، وسألني كالعادة : ما الجديد ؟ قلت : قصيدة أسميتها " هُتاف العودة " ، قال إقرأها ، فقرأتها . فقال كقول قدماء نقاد الشعر : هذه قصيده توازي ديوان ، وأريد أن أكتب مقدمة ديوانك الذي يضم هذه القصيدة . غير أني خسرت صديقي وخسرت مقدمة طلية لديواني الذي أسميته " وغاب وجه آخر " !

وإطاعة لوصيته أقرأ هذه القصيدة :

هتاف العودة


فارغة ً أيدينا
نذهبُ
لا درّةٌ بيضاء تلمعُ
لا دِرهمٌ
لا ذهبٌ
لا نشَبٌ
لا رداءٌ يكسو عُرينا ،
لا اسمٌ ،
لا لقبُ عِزّ ،
لا شرفٌ أثيلٌ
يتبعُنا !

فارِغة أيدينا
نرحلُ
حفنة تربٍ ترشّ فوقنا وتنثرُ
دمعة وسنانة ،
زهرة دامِعة
تلقى على أجداثنا
ورحمة تُطلبُ ،
وصلاةٌ تُرفعُ
وبخورٌ يملأ رحبَ المكانْ
ويُحثى الثرى ،
وتُطوى الكوى
وتُغلقُ الفجوة !

وتمضي أيّامٌ ،
أشهرٌ
وسنون ْ .
فينبتُ العُشبُ ،
ويُزهِرُ الوردُ ،
ويُحصدُ القمحُ
ويُشقّ صدرُ الأرضِ
تترى
وننتظر ْ لمسة من قالّ :
أنا آتٍ ،
أنا قادِم ْ
أنا " القيامةُ والحياة " ،
أنا منبعُ الرجاءْ
بيدي مِفتاحُ السماءْ
أفتحُ
ولا منْ يُغلِقُ ،
أطوي ولا مَنْ ينشرُ .

سأجيءُ ،
نعمْ سأجيءُ
وأملأ الدنيا وفاقا :
فأنصِفُ المظلوما ،
وأمسَحُ الكلوما ،
وأحضن اليتيمَا ،
وأبني مملكةَ السلامْ !!

ويرتفِعُ صوتُ الهُجّعِ
مُنادياً
هاتِفاً :
تعالَ يا مُبدِعَ الأكوان ْ
يا خالِقَ الإنسانْ
يا شَفيعَ الكِبار
والصِغارْ .
تعالْ :
ضاقَ بنا المكانْ
وعتُقَ وجهُ الزمانْ
وما عادَ في الفمِ حِوارْ
نفوسُنا ملتِ الإنتظارْ !
تعالْ،
تعالْ يا صانِعَ الأقدارْ
يا ملِكَ الأدهارْ !

وينشقُ وجهُ السماءِ
عن صرخةٍ نجلاءِ :
أنا قادمٌ
نعمْ ، أنا قادِمٌ
أنا قادِمٌ !!


د. يوسف متي إسحق / السويد
أديب ومترجم وباحث أكاديمي عراقي مقيم في ستوكهولم




#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة الشاعر ميخائيل ممّو في حفل التأبين الأدبي للشاعر المب ...
- مشاركة الشاعر وليد هرمز في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الدكتور المهندس جبرائيل شيعا في حفل التأبين الأدبي لل ...
- مشاركة الشاعر هشام القيسي في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبد ...
- مشاركة الشاعر شربل بعيني في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الشاعر ألياس قومي في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الأديب المترجم د. هاتف الجنَّابي في حفل التأبين الأدب ...
- مشاركة الناقد د. حاتم الصكر في حفل التأبين الأدبي للشاعر الم ...
- مشاركة الشاعر صلاح فائق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الشاعر عدنان الصائغ في حفل التأبين الأدبي للشاعر المب ...
- مشاركة الأديب الشاعر والباحث اسحق قومي في حفل تأبين الأب يوس ...
- مشاركات بعض الشعراء والشاعرات من داخل السويد في حفل تأبين ال ...
- كلمة افتتاح التأبين الأدبي الخاصّ بالأب الرَّاحل يوسف سعيد م ...
- كلمة افتتاح التأبين الأدبي الخاصّ بالأب الرَّاحل يوسف سعيد
- يرحل الشاعر وتبقى القصيدة مرفرفة في قبّة السماء
- أرى من الضروري أن يقيم إتّحاد الكتاب والأدباء العراقيين حفل ...
- المحبة، الفرح، السلام والوئام بين البشر
- الصحافي ادمون زكو اسحق يحاور الأديب والفنَّان التشكيلي صبري ...
- فضاءات الأب يوسف سعيد، الأرض، التراب، السَّماء، الماء
- وفاة الأب الشاعر د. يوسف سعيد في ستوكهولم


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - مشاركة الأديب د. يوسف متّي إسحق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد