أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - مشاركة الشاعر وليد هرمز في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب يوسف سعيد














المزيد.....

مشاركة الشاعر وليد هرمز في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب يوسف سعيد


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 20:19
المحور: الادب والفن
    


مشاركة الشاعر وليد هرمز في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب يوسف سعيد


أبونا الشَّاعر يوسف سعيد مات، افتحوا الإنجيل

وليد هرمز

غادرَنا بكاملِ قيافته، بجُبَّتهِ الكهنوتيّة
ومضى حافياً إلى مَنْ حَمَلَ الصليبَ،
إلى مَن آمَنَ بهِ شاعراً ثم نبيَّاً
تصالَحَ بينَ موقعَتيْنِ:
موقعةُ الإيمانِ،
وموقعةُ الشَّكِ.
متأمِّلٌ حَذِقٌ
يضعُ فانوسَه في وسطِ الطَّريقِ
بين ناقوسِ يسوع، وناقوسِ الشِّعرِ.
فكم غاوٍ تبِعَهُ، وكم مؤمنٍ أحبَّهُ وصلَّى أمامَهُ
وتناولَ القُربانَ مغمَّساً بنبيذِ الشِّعْرِ.
بايعَهُ العامَّةُ كاهِناً من أتباعِ صاحبِ
كأسِ النَّبيذِ المُرِّ في عشائهِ الأخيرِ

ينشدُ لهم سيرةَ الآلامِ مغمِّساً في تلكَ الكأسِ
قِرْصَ القُربانِ ـ خُبزَ المُناولةِ الذي يُعجَنُ فطيراً
في كنيسةِ المنفيينَ في سودِرتاليا.
وبايعناهُ، نحنُ المُقرَّبينَ من طينةِ روحِهِ
ـ طينةِ الشِّعْرِ، شاعراً يقُصُّ علينا سيرةَ رؤياه
التي استقاها من نشيدِ الإنشادِ.
ما الذي يجمعُ كاهناً اتَّخذَ الكهنوتَ مهنةً،
بالشِّعْرِ الَّذي يوسوسُ بين سطورِهِ مخْيالَ الرُّؤيا؟.
أهو تعويضٌ عن المخيالِ الديني؟.
أجزمُ أنَّهُ كانَ يقرأ التَّوراةَ والإنجيلَ بروحِ الشِّعْرِ.

لقد خطَّ أولى حروفِ الشِّعرِ في كركوكَ مدينته الأثيرة على قلبِه ووجدانِه
تلك التي يصفها بـ "مدينةِ النُّورِ والنَّارِ". حتى احترقت أصابعَهُ المرتجفة
وهي تدوِّنُ غمغماتِ الرُّوحِ بالنَّارِ الأزليَّةِ المنبعثةِ من آبارِ "بابا كْرْكْرْ".
سبقنا إلى الشِّعرِ،
وسبقنا إلى المنفى، مؤمناً بأنَّ الشَّاعرَ الحقيقيَّ
ينتصرُ بشعرِهِ كلَّما تغرَّبَ حاملاً فانوسَ الغوايةِ
بحثاً عن مدينةٍ فاضلةٍ، عن مدينةِ "أينْ".

ومثلنا اضطُهِدَ في بلدهِ الأُمِّ، فقرَّرَ الرَّحيلَ ذاتَ يومٍ من أيامِ 1970 إلى بيروتَ، فعاشَ فيها عدَّةَ أعوامٍ إلى أن عثرَ عندَ منحدرِ جبلٍ على حذاءٍ مطاطيٍّ سميك، انتعلَهُ ومشى فوقَ ثلوجِ البحارِ حتى وصلَ ستوكهولم. فعاشَ في شُبهِ عزلةٍ إلاَّ من عزلةِ الشِّعرِ.
زارنَا قبلَ أعوامٍ بعيدة إلى غوتنبورغ. سهرنا معه بمعيّةِ شعراء آخرين منهم جليل حيدر وسلام صادق، ومحمَّد الحسيني، والمرحوم شريف الرُّبيعي. عندَ العشاءِ تناولَ بيدهِ رغيفاً وأخذَ يقطِّعه ويناولنُا ويقولُ:

"باركوا هذا الرَّغيف،
باركوا أمَّهُ الحنطة.
باركوا أصابعَ الخبَّازِ.
باركوا التنُّورَ.
نخبكم.

لم ينسَ أصدقاءَه، فقد كان يتفقَّدُنا دوماً عبرَ صوتِه الحنون الذي يأتي عبر الهاتفِ آخرَ اللَّيلِ.
سألهُ، مرَّةً، الشاعر عبد القادر الجنَّابي، كيف بإمكانكَ كتابةُ الشِّعرِ وأنتَ راعي كنيسة؟، فأجابَ: "على طريقتينِ نعرفُ اللهَ. اللهُ الذي نتعصَّب لهُ إلى حدِّ الإنتقامِ والدِّفاع عنه إلى حدِّ الانتحارِ وإبادةِ الآخرين. هذا الله لم أتعرَّفْ عليه بعد ... وحتى تتمتَّعَ بحرِّية اللفظةِ، وتحصلَ على لغةٍ مجنَّحةٍ، عليكَ أن ترتديَ تاجَ المحبَّةِ، وتتقمَّصَ إلهَ المحبَّةِ".

إذن، الشِّعرُ مسموحٌ لهُ أن يتمجَّد في بيتِ اللهِ.
وكما سبقنا إلى الشِّعرِ، سبقنا إلى المنفى،
وأخيراً سبقنَا فعبرَ البرْزَخَ
إنهُ الآنَ يجلسُ على كرسيه ملاكاً على أرضِ الينْبوسِ.
طوبى لأبونا الشَّاعر الجميل يوسف سعيد،
ولتتمجَّدْ كلَّ حروفِه التي خطَّها على جِلْدِ الحياةِ.


غوتنبورغ (يوتوبوري) 1 آذار (مارس) 2012
وليد هرمز
كاتب وشاعر عراقي مقيم في السويد ـ يوتوبوري



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة الدكتور المهندس جبرائيل شيعا في حفل التأبين الأدبي لل ...
- مشاركة الشاعر هشام القيسي في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبد ...
- مشاركة الشاعر شربل بعيني في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الشاعر ألياس قومي في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الأديب المترجم د. هاتف الجنَّابي في حفل التأبين الأدب ...
- مشاركة الناقد د. حاتم الصكر في حفل التأبين الأدبي للشاعر الم ...
- مشاركة الشاعر صلاح فائق في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الشاعر عدنان الصائغ في حفل التأبين الأدبي للشاعر المب ...
- مشاركة الأديب الشاعر والباحث اسحق قومي في حفل تأبين الأب يوس ...
- مشاركات بعض الشعراء والشاعرات من داخل السويد في حفل تأبين ال ...
- كلمة افتتاح التأبين الأدبي الخاصّ بالأب الرَّاحل يوسف سعيد م ...
- كلمة افتتاح التأبين الأدبي الخاصّ بالأب الرَّاحل يوسف سعيد
- يرحل الشاعر وتبقى القصيدة مرفرفة في قبّة السماء
- أرى من الضروري أن يقيم إتّحاد الكتاب والأدباء العراقيين حفل ...
- المحبة، الفرح، السلام والوئام بين البشر
- الصحافي ادمون زكو اسحق يحاور الأديب والفنَّان التشكيلي صبري ...
- فضاءات الأب يوسف سعيد، الأرض، التراب، السَّماء، الماء
- وفاة الأب الشاعر د. يوسف سعيد في ستوكهولم
- طافتِ السّفينةُ فوقَ شراهاتِ الطوفانِ 9
- الإنسانُ شعلةُ نارٍ في جوفِ البركانِ 8


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - مشاركة الشاعر وليد هرمز في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع الأب يوسف سعيد