أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جمال الهنداوي - حلبجة الشهيدة














المزيد.....

حلبجة الشهيدة


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 00:13
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في حضن شهرزور المفرط الخصب وتحت جبال كورستان الشمّاء..كانت حلبجة الوديعة تغفو هانئة بما من الله عليها نعمائه متمرغة بطيب ارضها وصفاء هوائها,مترعة بوفرة زرعها وسماحة اهلها,وقانعة بما خصتها السماء ببركتها وما صدرته الى دنيا الناس البعيدة من علوم الاولين وطرق الزهاد المتصوفة..ومتنعمة بموقعها الفريد على درب الحضارات و مسار التاريخ..
وفي ذلك اليوم من آذار الخير والعطاء,والناس تعد الليالي لشعلة النوروز رافعة الاكف بالدعاء ان يزيل الله عنهم غمة وشر الحرب التي طالت بين الجارين المسلمين والتي ألفوها وألفتهم وهم على بعد دقة قلب وجلة من شررها المستعر..
في ذلك اليوم من آذار,وعندما كانت القدور ما زالت على المواقد..والحسناء النؤوم ما زالت ترقرق احلام الصبا في مخيلتها الفتية مغالبة نداءات امها الضجرة..وقبل ان ترفع المآذن نداء ربها الى السماء..اغتيلت احلام البسطاء بموت الفجأة المغلف بفرقعة مكتومة ورائحة التفاح العطن..
اربعة غربان انقضت على الناس المذعورين بمخالب من خردل وسيانيد لتترك الارض مشوهة بالجثث المتلاصقة المتزاحمة الباحثة عن أمان في جسد الآباء والامهات القليلي الحيلة امام تساقط الموت على الرؤوس الباحثة في السماء عن رحمة عزت عليهم ومنعها عنهم حقد القرون المضطرم في نفوس اعداء الحرية والحق والانسان..
دقائق تجمد فيها الزمن من يوم السادس عشر من آذار لعام1988تركت عيون الاطفال ممزقة على قارعة الطرقات المزروعة بالاجساد الطاهرة مستصرخة الضمير الانساني ان يربت على رؤوسهم الخائفة وينصفهم من بغتة الموت القاسي..دقائق اذهلت فيها كل مرضعة عما ارضعت وضاقت الارض بالناس بما رحبت وترى فيها العباد سكارى من الاختناق وانهمار السوائل من العيون التي تتسائل باي ذنب قتلت..وباي ذنب تهاوت البراءة على الارصفة وفي اقبية المنازل الآمنة..
يقول احد من انجاهم الله ببدنهم ليكونوا آية على المدى الذي يمكن ان تصل اليه النفوس المغمسة بالتوحش المأزوم برهاب اللاشرعية:رأيت مشاهد لن أنساها طوال العمر، فقد بدأ القصف بصوت قوي غريب لا يشبه بشيء انفجار القنابل، ثم دخل أحدهم إلى منزلنا صارخا: الغاز، الغاز، وقد صعدنا في السيارة على عجل وأغلقنا نوافذها، واعتقد أن السيارة سارت على الجثث الأبرياء، وكان بعض الأشخاص يتقيئون سائلا أخضر اللون وبشرتهم تميل إلى السواد وتصبح متورمة، في حين أن آخرين أصيبوا بهستيريا وراحوا يقهقهون قبل أن يسقطون من دون روح، ثم شممت رائحة تفاح وفقدت الوعي. وعندما استيقظت، كانت الجثث متناثرة حولي بالمئات.
صور ومشاهد وشواهد مخيفة ومؤلمة اذهلت العالم وازالت غشاوة الماكنة الاعلامية المتواطئة مع الجلاد,ووضعته في مواجهة مخجلة مع واقع الهوة المخزية التي ارتكس فيها النظام البائد وآلته الجهنمية واسرافه في الولوغ بدماء وكرامة الشعب العراقي كورداً وعرباً وأقليات..صور زلزلت الارض تحت ضمائر الشعوب الحرة وانتجت الريح الغاضبة المحملة بلعنات القدر والايام التي اقتلعت اركان النظام المدان ودمغته بالعار المجلل الى يوم تنتصف فيه الشعوب الجريحة من قاتليها..
ان تلك الجريمة التي استهدفت الانسانية العزلاء الآمنة ستبقى جرحا غائرا في ذاكرة الجماهيرالكوردية النبيلة و كارثة انسانية يندى لها جبين الشعوب الحرة ومصدر الم ومشاعر مفجعة في ضمير الشعب العراقي الذي يحيي هذه الذكرى بمشاعر الغضب والاستنكار والادانة ويمارس وجوده الحر من خلال التبرؤ من قوى الشر والظلام التي تطاولت على حق الانسان في الحياة ..وستظل تلك اللحظات المضيئة التي خلدتها التضحيات العظيمة لجماهير حلبجة مصدر فخر واعتزاز للشعب الكردستاني والعراقيون اجمع ..وستبقى تلك المدينة الباسلة التي عمدت حريتها بالدم والدموع رمزا ومعلما للبشرية وناقوس خطر يذكر الشعوب بمسؤولياتها تجاه الحرية والسلام العالمي وستبقى تلك الدماء التي سالت في لحظة فاصلة في عمر الانسانية محفورة في ضمير الشعوب الحية المحبة للحرية والخير والسلام..



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة متأخرة لاعلام دولة فاعل..
- الرئيس اوباما يقلب الطاولة..
- حاكم جائر طيب..حاكم جائر شرير
- الأسلمة في مواجهة الشعوب الحرة
- النووي الخليجي
- الانتخابات بين الوعود والمصداقية
- دعك من العراق يا سميرة رجب
- تصريحات الظواهري..طوق نجاة لنظام الاسد
- ما للقوم و-نيتشه-يا كاشغري
- أسلمة الربيع العربي والديمقراطية
- المبادرة العربية..وقت تقاس ثوانيه بالدم
- احداث بور سعيد..امر دبر بليل
- عودة مباركة
- الدم السوري ..بين الاخوان والسلفية
- علمانية بزي الفقه..
- قاسم سليماني بين مضيق خانق وجار حر
- مظهرية ليست في وقتها
- قطر..قيادة الى حين
- سلفية واحدة..ام سلفيتان
- كأس من الماء بطعم السم الزعاف


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جمال الهنداوي - حلبجة الشهيدة