أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - نزعة الإستعانة بالخارج في المعارضة السورية(2003-2005)















المزيد.....

نزعة الإستعانة بالخارج في المعارضة السورية(2003-2005)


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3658 - 2012 / 3 / 5 - 14:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان غزو العراق واحتلاله(19آذار-9نيسان2003) تحولاً مفصلياً في العلاقات الأميركية- السورية لم يشهد له مثيلاً خلال الأعوام الثلاثين السابقة، وكان من الواضح في هذا التحول الآتي من طرف واشنطن أنها تريد تدفيع دمشق ،الرافضة لغزو واحتلال العراق،أول فاتورة إقليمية كثمن للمتغيرات الجديدة الناتجة عن سقوط بغداد وتحول الولايات المتحدة إلى "قوة إقليمية مباشرة"في المنطقة.
لم تحصل ترجمات فورية لهذا التحول المفصلي بين دمشق وواشنطن في عالم المعارضة السورية المكتوب والشفوي،وإن كانت الأجواء المعارضة قد تولد فيها انطباع غالب بأنه يمكن استئناف الحراك المعارض،الذي أصيب بالجمود بعد اعتقالات أيلول2001،و من ثم انتزاع تنازلات من النظام.
مع هذا،فمن الممكن القول بأن الموضوع الرئيسي ،الذي شغل أوساط المعارضة السورية في صيف2003،كان(الموضوع الأميركي) وليس (موضوع النظام) كما كان في السابق. افتتح الدكتور برهان غليون النقاش المكتوب مبكراً في يوم 26أيار2003(: في مقال "المعارضة العربية بين الوطنية والديمقراطية"،موقع"أخبار الشرق"،لندن):"الوضع الهش والقلق للمعارضة التي لا تستند لا إلى وظيفة بنيوية في النظام ولا إلى قاعدة اجتماعية ثابتة هو الذي يفسر ضعف المعارضة....ويفسر المأزق الذي تجد نفسها فيه وتناقض اختياراتها أو الإحراجات التي تجد نفسها حبيستها في الاختيار بين الاستبداد والاستعمار،فهي إما أن تقبل بأن تظل هامشية ومهمشة لا وزن و لا مكان و لا قيمة لها أو أن تتعامل مع قوى أصلية وفاعلة أو ماسكة داخلية أو خارجية" : الدكتور غليون يحاول في هذا المقال حشر المعارضين السوريين بين خياري(الاستبداد)و(الاستعمار)،من دون القبول بوجود خيار ثالث ،وبالتأكيد فإن هذا لاينبع عنده من "العلمية الصارمة"وإنما من غايات سياسية كان يضمرها آنذاك،قبل أن يصدر حكماً قاطعاً في 2تشرين أول2003(في موقع"أخبار الشرق " بمقال تحت عنوان"الإصلاح مجرد سوء تفاهم") بأن"النظام السوري،مثله مثل جميع الأنظمة الشمولية التي عرفتها الكرة الأرضية خلال القرن العشرين،قد فقد جميع شروط بقائه التاريخية وفي مقدمها ظروف الاستقطاب الدولي ...وهو اليوم في طريق مسدود دائماً" "،وقد كان الدكتور غليون (بناءاً على ملاحظة كاتب هذه السطور،وهي ملاحظة لمسها العديد من أعضاء الحزب الشيوعي-المكتب السياسي)في تلك الفترة يمارس نفوذاً متعاظماً على رياض الترك،الذي قال قبيل أيام، من جولة خارجية في القارتين الأوروبية والأميركية استغرقت شهرين،بأنه عبر احتلال الولايات المتحدة للعراق"أزاحوا نظاماً كريهاً ونقل الأمريكيون المجتمع العراقي من الناقص إلى الصفر("النهار"،28أيلول2003)،وقد عاد الأستاذ الترك من تلك الرحلة ليقول "بأن هناك رياحاً غربية ستهب على دمشق وعلينا أن نلاقيها ببرنامج سياسي مناسب"،في أحاديث شفوية مع كاتب هذه السطور،ومع العديدين غيره.
إلا أن بوش ، مع شيراك المتصالح حديثاً مع الرئيس الأميركي بعد خصامهما حول حرب العراق، اختارا بيروت ميداناً لمواجهة النظام السوري بدلاً من دمشق،ربما لاعتبار بيروت"كعب آخيل" سوريا،أوكماشرح (فنسان نوزي) صاحب كتاب"في سر الرؤساء"،في برنامج " الملف"مع قناة الجزيرة(الجمعة26تشرين ثاني2010)،بأن شيراك كان يعتقد بأن خروج السوريين من بيروت سيؤدي إلى سقوط النظام في دمشق،و لا يعرف إن كانت مجاراة بوش له آنذاك كان لها نفس الهدف من العمل الأميركي- الفرنسي المشترك ضد دمشق الذي بدأ منذ خريف عام 2003 ، حتى وصوله إلى لحظة ذروة كان تجسيدها في صدور القرار1559عن مجلس الأمن الدولي في يوم2أيلول2004
كان مشهد مابعد مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ،مع مظاهرة14آذار وانسحاب الجيش السوري من لبنان في يوم26نيسان2005،ذو تأثيرات عميقة على المعارضة السورية،حيث أوحت أحداث بيروت بأن هناك احتمالات كبيرة في أن يكون لها ترجمات مماثلة في دمشق.
في حوار مع صحيفة"نيويورك تايمز"(توجد ترجمة له في موقع"الرأي" بتحديث يوم23ذار2005)يقوم رياض الترك بتوحيد حالة دمشق مع بيروت:"المستقبل للمعارضة...النار تحت الرماد.هل أستطيع إخبارك بميقات وقوع الزلزال؟..كلا،أنظر إلى لبنان،هل كان في وسع أحد أن يجزم متى سيندلع كل ذلك؟..مقاومتنا ومعارضتنا بدأت قبل لبنان بوقت طويل.لا نستطيع الجزم.هذا المجتمع الأبكم يريد التخلص من هذه الحكومة."، ثم يضيف:"ليس للدولة القدرة على الإصلاح والانفتاح على الشعب.بشار لم يتعلم درس العراق.إنه مثل صدام حسين الذي كانت لديه11سنة،من1992إلى2002،لكي يتغير فلم يستطع.ماكان للولايات المتحدة أن تدخل العراق لوأن صدام كان قادراً على التغيير"،وبعدها يعلن:"نعم،أنا على يقين أن الشرق الأوسط جاهز للسير في الطريق نحو الديمقراطية.نحن جاهزون للتخلص من الديكتاتورية.نحن نتفق مع الأمريكان في ذلك".
بعد عشرة أيام ،وفي3نيسان،تبعت (جماعة الإخوان المسلمين في سورية)الأستاذ الترك من خلال بيان(منشور بموقع"الرأي"،تحديث يوم3نيسان2005)فيه قراءة من الواضح فيها أن التشدد الجديد(بعد اعتدال تجاه العهد الجديد من قبلهم استغرق فترة مابعد وفاة الرئيس حافظ الأسد) آتٍ من "أن القوى الخارجية التي كانت تسند الاستبداد والديكتاتورية منذ ستين عاماً اعترفت بأنها كانت على خطأ وتراجعت عنه".
آنذاك،كان النظام السوري في حالة حصار دولي و إقليمي : قام رياض الترك ،في مقابلة مع موقع"سيريا كومنت"(تحديث يوم8أيلول2005،وهو موقع يديره جوشوا لانديس، أحد المحافظين الجدد في واشنطن) بالإعلان أن"هذا النظام انتهت صلاحيته.هذا النظام يحتضر...هناك صراع بدأ يستعر بين الأميركيين وسورية،وهذا يفسر لماذا أقول أن الأميركيين قادمون سواء رحبنا بهم أم لم نرحب...ولكن لنتكلم موضوعياً،عندما يصاب الوضع الداخلي بالوهن،القوى الخارجية تتدخل،وهذا يفسر لماذا أقول دائماً أن الأميركيين قادمون. دعهم يطيحون هذا النظام". في موازاة هذا قام قيادي ووجه إعلامي في(جماعة الإخوان المسلمين)،هو الطاهر إبراهيم،بالتكلم بلغة مشابهة:"ما تريده أمريكا قد يتقاطع في مرحلة ما مع مصلحة الشعب السوري....ولعل أول شيء ينبغي أن يخطر ببال المعارضة هو أن تلتقي وتبحث فيما بينها إن كان من الممكن أن تجري حواراً مع أمريكا، طالما أن هذا الحوار يتم على مبدأ أن هذا النظام قد انتهت مدة صلاحيته" (:"خارج السياق وبعيداً عن المزايدات ":موقع"الرأي"،تحديث يوم6تشرين أول2005).
لا يعرف،حتى الآن،إن كان معارضون سوريون محددون قد تلقوا إشارات دولية فعلاً بأن "النظام قد انتهت مدة صلاحيته"،أم أنهم قرؤوا ذلك من عندهم،حتى يقوموا بتأسيس"إعلان دمشق"(16تشرين أول2005) الذي ينطلق من المقولة الواردة في نصه بأن"عملية التغيير قد بدأت"،وذلك قبل خمسة أيام من(تقريرميليس)،الذي توقع الكثيرون بأنه سيحدث تأثيرات زلزالية في دمشق.
على كل حال،كان هناك إشارة أميركية رسمية معاكسة أطلقت في بيروت قبل ثلاثة أيام من قيام"إعلان دمشق":قالت (جولييت وور)،مديرة الشؤون العامة في السفارة الأميركية ببيروت ،الكلمات التالية:"الولايات المتحدة لا تسعى إلى تغيير النظام في سوريا،بل إلى تغيير تصرفاته"(جريدة"السفير"،عدد الجمعة14تشرين أول2005)،محددة تلك التصرفات في ثلاثة أمكنة بالتوالي:العراق،فلسطين(علاقاته مع"حماس"و"الجهاد")،ولبنان.
كان الملفت في نص"إعلان دمشق"هو مدى الانزياحات التي حصلت من خلاله عند يساريين ماركسيين وقوميين ناصريين وحتى اسلاميين من الحركة الإخوانية السورية: التعامل مع الشعب السوري من خلال"مكوناته"(كما في "مشروع الشرق الأوسط الكبير"،وهو ما قاد في العراق من خلال"ديمقراطية المكونات"إلى مقولة"الديمقراطية التوافقية")،عدم ذكر كلمات(أميركا)و(إسرائيل)و(العراق)و(فلسطين)في النص، تقزيم انتماء سوريا العربي إلى "انتماء إلى المنظومة العربية"وكأنها في علاقتها مع العرب هي مثل علاقة هنغاريا وبولندا مثلا حين كانتا في(منظومة حلف وارسو).
اصطدم "إعلان دمشق"بالحائط لما لم تتحقق المراهنات على اهتزاز النظام أو سقوطه "بعد أن بدت سوريا هي التالية في أجندات الإدارة لإصلاح الشرق الأوسط الكبير، رغم أنه بات واضحاً أن الأمر كله كان جهداً من قبل واشنطن لإيقاع المعارضة السورية في شرك لم يكن يهدف لأكثر من الضغط على الحكومة السورية لكي تتصرف وفق ما كانت الولايات المتحدة تريده "،وفقاً لكلام جوشوا لانديس في مجلة"تايم"بعدد19كانون أول2006(النسخة الألكترونية للمجلة).
من الأرجح،أن تغليب الأميركان في الربع الأخير من عام2005 لسياسة"تغيير سلوك النظام السوري،بدلاً من تغييره"،بخلاف رأي شيراك،كان مرتبطاً بتعاون السلطة السورية عبر الضغط على حلفائها(=الشيخ حارث الضاري وبعض قوى المقاومة العراقية) من أجل عدم عرقلة انتخابات البرلمان العراقي في الشهر الأخير من عام2005،إضافة لخوف واشنطن من تداعيات"الفوضى السورية"على عموم المنطقة في حال سقوط النظام من دون بديل ملائم أميركياً.
في المجمل،كانت مرحلة (2003-2005)،وفقاً لماظهر من سياسات أغلبية قوى المعارضة السورية التي اتجهت بالمحصلة في خريف2005إلى تشكيل "اعلان دمشق"،مؤشراً واضحاً على تسيير أشرعة هؤلاء المعارضين السوريين وفقاً ل"الرياح الغربية"،التي بدأت منذ مرحلة مابعد العراق المغزو والمحتل تدخل في صدام مع النظام السوري،بخلاف ماكان عليه الحال في مرحلة(1976-2002) التي كان فيها التوافق قائماً بين دمشق وواشنطن،والتي أظهرت فيها كل فصائل المعارضة السورية بأطيافها العروبية والاسلامية والماركسية تشدداً أكبر من النظام السوري في القضايا الوطنية والقومية بمحطات (حرب1982)و(حرب1991)و(مؤتمر مدريد).
في هذا الصدد ،هل من المشروع،هنا، التساؤل عن سبب تزامن تحولات الدكتور برهان غليون،القريب من دوائر فرنسية عديدة،مع تحولات الرئيس شيراك، البادئة بعد شهر واحد من انتهاء حرب العراق التي كان معارضاً لها،وسعيه منذ خريف2003مع الأميركيين لإقناعهم بالإطاحة بالنظام السوري،كما يكشف كتاب(فنسان نوزي):"في سر الرؤساء"،الصادر بباريس عام2010،وهو – أي الدكتور غليون- بالمناسبة عاد وغيَر رأيه في عام2007مع تغييرات ساركوزي الإنفتاحية تجاه دمشق؟....



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموجات السياسية
- حرب باردة من جديد؟..
- التصلب التركي – الفرنسي حيال الأزمة السورية:محاولة للمقاربة
- عشر سنوات من الاستقطابات في المعارضة السورية
- واشنطن والثورات العالمية
- فراغات الانسحابات الأجنبية من المنطقة
- تعثر النموذج التركي في ليبيا ومصر
- العراق:حصيلة احتلال
- الجزر والمد في السياسة:الاسلاميون مثالاً
- مابين دمشق وأنقرة 1921- 1957
- نزعة الاستعانة أوجلب الأجنبي للشؤون الداخلية:العراق نموذجاً
- استقطابات القوى السياسية السورية أمام مبادرة الجامعة العربية
- الإستيقاظ الروسي
- اسرائيل و-الربيع العربي-
- حشر ايران في الزاوية
- المعادلة السورية الجديدة:آليات السقوط أوالتغيير ومدى امكانية ...
- ايران و -الربيع العربي-
- التدخل الخارجي والحرب الأهلية
- التباسات التغيير الليبي
- القذافي ظاهرة عربية،أكثرمنها ليبية:محاولة للمراجعة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - نزعة الإستعانة بالخارج في المعارضة السورية(2003-2005)