أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد سيد رصاص - التباسات التغيير الليبي















المزيد.....

التباسات التغيير الليبي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 14:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تؤدي عمليات التغيير، التي تحصل عبر انقلابات - ثورات في مجتمع منقسم حولها، إلى جروح عميقة تدوم لفترات طويلة في الجسد الاجتماعي: حصل هذا في اليمن عبر انقلاب - ثورة 26 سبتمبر 1962 وهو ما أدى إلى حرب أهلية يمنية (1962 - 1970). أخذت شكل انقسام عميق بين شمال ملكي - زيدي تقليدي وجنوب جمهوري – شافعي أيده وسط (عند صنعاء وعمران) زيدي معتدل متحوِل نحو المذهب السُنِّي، كان متركزاً عند اتحاد قبائل حاشد بزعامة آل الأحمر الذين اختلفوا منذ الأربعينات مع الإمام يحيى (قتل في محاولة انقلابية في شباط/ فبراير 1948). هذا الانقسام اليمني انفجر في صورة حرب أهلية دموية تحوّلت عربياً إلى «حرب باردة» بين القاهرة والرياض، ومن والاهما من العرب، بتأييد من موسكو وواشنطن. أدت اتفاقية جدة (آذار/ مارس1970). إلى مصالحة يمنية وإلى مشاركة في السلطة بين الجمهوريين والملكيين. في حزيران (يونيو) 2004 بدأت سلسلة التمرد الحوثي في الشمال عند صعدة ليأخذ الصراع اليمني خلال خمس سنوات لاحقة أشكالاً قريبة من اصطفافات الحرب اليمنية الأهلية وتداخل معها «الحراك الجنوبي» منذ نيسان (أبريل) 2007 ليعبّر عن ذيول آلام نزف «التمرد الجنوبي: 1994» الفاشل ضد وحدة 22 أيار (مايو) 1990.
في ليبيا 17 شباط 2011 لم يكن الوضع بعيداً من هذا: انتفاضة ضد حكم معمر القذافي بدأت في المنطقة الشرقية التي كانت قاعدة مناطقية – قبلية للحكم الملكي السنوسي (1952 - 1969) في مرحلتيه الفيديرالية (اتحاد المناطق الثلاث: برقة - طرابلس - فزان) وما بعد إلغاء الفيديرالية في عام1963، وقد عانت المنطقة الشرقية من اضطهاد سياسي، وتهميش في التعيينات والتوظيفات الحكومية، طوال 42 عاماً هي حكم القذافي، وكانت الخزان الأكبر لحركات المعارضة كما لحركات التمرد المسلحة ومحاولات الانقلاب العسكرية. كان صوت منطقة طرابلس، الممتدة بين مصراتة والجبل الغربي الذي يضم أقلية الأمازيغ (5 في المئة من السكان) التي عانت من اضطهاد إثني - مناطقي منذ الفاتح من سبتمبر 1969، أقل علواً في معارضة حكم القذافي، فيما كان مثلث (سرت - بني وليد - سبها)، بسكانه وقبائله ومنهم القذاذفة والورفلة وبنو وليد، هم القاعدة الاجتماعية لحكم القذافي، وعملياً هم كانوا عماد الإدارة الحكومية والقوات العسكرية والأمنية خلال أربعة عقود من الزمن.
طوال ستة أشهر ليبية عنيفة حتى يوم سقوط باب العزيزية في يوم الثلثاء23 آب (أغسطس) 2011، كان خط الانتفاض، والسكون المعارض، والموالاة، على شاكلة ما كان بين الفاتح من سبتمبر 1969 و17 شباط 2011: كانت طرابلس في الطبقة الثانية بسكانها المسالمين والموادعين لكل حاكم، فيما كانت مصراتة، وهي المدينة التجارية العريقة التي عانت كثيراً من القذافي، في حالة تمرد نافست (هي والزاوية والجبل الغربي) بنغازي. خلال تلك الأشهر الستة ظلت سرت، وبنو وليد، وسبها، على ولائها للقذافي، وهي في (مرحلة ما بعد 23 آب 2011). ما زالت القاعدة التي تستند إليها بقايا سلطة القذافي، على الأقل طوال ثلاثة أسابيع ليبية حافلة أعقبت سقوط مقر القذافي في منطقة باب العزيزية بطرابلس، الذي يعبر شكله، كسور مغلق، عن الغربة بين الحاكم وبين العاصمة – المدينة التي يحكمها ويقطنها.
هذه الطبقات الليبية الثلاث: تمرد شرقي (الجبل الأخضر وبرقة) - سكون طرابلسي بعد إخماد عنيف لتمرد الزاوية وحصار مصراتة والجبل الغربي - التأييد المستمر للقذافي من مثلث (سرت - بني وليد - سبها)، أدت إلى توازن كاد القذافي أن يترجمه لمصلحته في منتصف آذار الماضي حين حشد مدرعاته ومجنزراته بين أجدابيا جنوباً وضواحي بنغازي شمالاً قبل أن تتدخل الطائرات الفرنسية وتدمر معظم أرتال الحاكم الليبي، ولتؤدي هذه العملية الفرنسية، المترافقة مع حظر الطيران الليبي الحكومي من قبل (الناتو)، إلى توازن جديد كانت ترجمته تبادل السيطرة بين القوات الليبية الحكومية والمعارضة على المنطقة الواقعة بين البريقة ورأس لانوف طوال الفترة الفاصلة بين نيسان ومنتصف آب 2011، عندما كسر ثوار الجبل الغربي التوازن القائم وفتحوا طريقاً إلى طرابلس بتدميرهم قوات القذافي التي كانت تحاصرهم، وهو على ما يبدو قد فاجأ (الناتو) الذي كان يشتغل على تسوية «ما» بين القذافي وأبنائه وبين (المجلس الانتقالي) كترجمة سياسية لذلك الاستعصاء العسكري بين القذافي ومعارضيه والذي ربما كان (الناتو) غير مستعجل على حسمه، ربما لعدم اطمئنانه إلى «البديل»، أو لأنه غير قادر على ذلك على رغم قصفه الجوي المستمر لقوات القذافي. هنا، عملياً، قاد تطور عسكري ليبي ذاتي إلى قلب المعادلة ترجم في تحرك مدينة طرابلس عند إفطار يوم السبت 20 آب وهو ما ترافق لاحقاً مع تفكك قوات حماية العاصمة، ليؤدي كل هذا إلى كسر توازن ولمأزق محلي - دولي (STALEMATE)، كان مفاجئاً بكل المعايير لواشنطن وباريس وبنغازي.
لا يلغي هذا العامل الذاتي الليبي (وأيضاً الأمازيغي) ولا يقلل من التباسات التغيير الذي حصل مع (وفي يوم) 23 آب 2011: تغيير تم بقوة طرفية - مناطقية ضد حكم ظلت مناطق، وفئات (اقرأ هنا: قبائل تسكن في مدن ومناطق محددة) تواليه حتى اللحظة الأخيرة، إما بحكم مصالحها أو بحكم خوفها من المستقبل المهجوس من قبلها منذ 17 شباط 2011 أو بحكم الاثنين معاً. أيضاً، وأساساً، ما كان للقوى المعارضة للقذافي، والتي ظلت محصورة في إطار مناطقي - فئوي - طرفي (شرق وغرب دون الوسط والجنوب)، أن تحسم الصراع (أو إسقاط النظام). لولا الأجنبي، وربما أيضاً هو الذي منع هزيمتها عسكرياً في آذار 2011.
هذا سيقود، لزمن طويل آتٍ، إلى التباسات ستحدد ليبيا المقبلة، بتلاوينها وطابعها، وربما لعقود أو لأجيال وقرون من الزمن: سيكون أبناء مثلث (سرت - بني وليد - سبها)، وهم من حكموا ليبيا لاثنين وأربعين عاماً، في وضعية المهزوم - المقهور الذي خرج من دائرة القرار والامتيازات بفعل عسكري قادته مناطق وفئات ليبية أخرى (وليست بحركة ذات طابع ليبي عام) مسنودة ومدرعة بالأجنبي، الذي عملياً لم يكن فقط بيضة القبان في ذلك الصراع الليبي، الذي كان في شكل مضمر حرباً أهلية غير معلنة، وإنما أيضاً المدير التنفيذي لذلك الصراع، والذي هو في الأساس داخلي ومحلي بعوامله ومحركاته، ولو فاجأته تفاصيل هنا أو هناك، إلا أنه - أي ذلك الأجنبي - على ما يبدو قد اعتبر أن ليبيا، بسبب النفط وغيره، هي أهم من أن تترك لليبيين وحدهم ليقرروا مصيرها بأنفسهم.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القذافي ظاهرة عربية،أكثرمنها ليبية:محاولة للمراجعة
- المعارضة -التقليدية- و-الجديدة-
- واشنطن استعادت في 2011 ما خسرته بين 2007 - 2010 من قوتها في ...
- بعض خصائص المسار التاريخي للحياة السياسية السورية
- خريطة اجتماعية سياسية اقتصادية للاحتجاجات في سورية
- غروب مرحلة عربية
- الاسلاميون والعسكر
- تبدل أشكال التعبير السياسي للجماعات
- الدور الاقليمي التركي
- مساهمة تحركات الشارع العربي في رسم صورة اقليمية جديدة
- من الليبرالية القديمة إلى الجديدة
- «الكومنترن» الشيوعي و «القاعدة» الإسلاموية: نهاية بائسة للتن ...
- سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته
- سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية
- صعود المسألة الاجتماعية إلى سطح السياسة العربية(تونس نموذجاً ...
- مستتبعات فكرية لزلزال الشارع العربي
- الولايات المتحدة واستخدامها للمبادىء في السياسة الخارجية
- صعود قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة
- في حصرية دوافع السياسات الداخلية وراء الثورة المصرية
- واشنطن واهتزاز الحليفين شاه ايران وحسني مبارك


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد سيد رصاص - التباسات التغيير الليبي