أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية















المزيد.....

سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترافق وصول حزب البعث للسلطة ,عبرانقلاب 8آذار1963, مع تعميقه لإجراءات الإصلاح الزراعي الذي وضعه عبدالناصر لسوريا في أيلول1958(المرسوم 88،23 حزيران /1963 ) لصالح الفلاحين المتوسطين والفقراء، و مع التأميمات ( ك2 /1965: بلغت رؤوس الأموال الاسمية للمؤسسات الصناعية المؤممة 300 مليون ليرة من الحجم الإجمالي للاستثمارات الصناعية الذي بلغ عام 1962 مبلغ /550/ مليون ليرة سورية )، ثم مع احتكاره لعملية استيراد البضائع الصناعية والحاجات الاستهلاكية، واحتكاره تصدير القطن والحبوب ( مراسيم شباط – أيار 1965 ) ،وصولاً إلى تأميم جميع الشركات العاملة في بيع وتصنيع ونقل المنتجات النفطية (آذار/1965)
كان هذا إلغاءاً ومحواً للوحة اقتصادية – اجتماعية لصالح أخرى جديدة ، ترافق فيها الاحتكار السياسي للسلطة (الذي تزامن مع قمع عنيف للخصوم السياسيين)مع تحول الدولة إلى رب العمل الرئيسي لّلمجتمع، مما أوجد توازناً اقتصاديا مختلاً لصالح السلطة مع استبداد سياسي بدأ بشمول الاجتماع والثقافة والإعلام بعد الاقتصاد ,وهو ما كان ليتم بالدبابة وحدها ، بل أن سيطرة الأخيرة كانت تجد دعائمها من خلال الحقائق الاقتصادية الجديدة التي تشكلت عبر ( السياسة ) لنجد الأخيرة مشكِلة لركائزها الجديدة من خلال ما تولد عنها في ( الاقتصاد).
من أول ما أفضت إليه اللوحة السياسية السورية في مرحلة ما بعد 8 آذار 63 ، هو اختفاء التيار الليبرالي (الذي كان أساس الحياة السياسية السورية بعد عام 1946ووجهها,وهو المتركز ضمن المدن الكبرى بين الصناعيين والقوى المالية) عن الساحة بعد أن فقد قاعدته الاجتماعية وركائزه الاقتصادية فيما أتت المقاومة الأساسية للنظام الجديد من الفئات الوسطى في المدن والتي كانت ناصرية الطابع ( حلب – اللاذقية – حمص ) بينما كانت اخوانية وحورانية (موالية لأكرم الحوراني) في حماة ( حوادث نيسان1964 ).
لم يؤد تمتع المقاومة والمعارضة للبعثيين بقاعدة اجتماعية كبيرة (كان حزب الاتحاد الاشتراكي العربي يضم عضوية تفوق ما لدى حزب البعث الحاكم في عام 1968) إلى تزعزع أو سقوط حكم البعث ، رغم ظروف صراعات الأجنحة ( القومي والقطري في شتاء 65-66، محاولة انقلاب سليم حاطوم في 8 أيلول 1966) ورغم هزيمة 1967 والأداء الرديء للنظام في الحرب : لا يمكن تفسير ذلك عبر الدبابة وتشرذم الخصوم وفشل محاولاتهم الانقلابية أو كشفها قبل حصولها ، بل يجب أيضاُ إرجاع ذلك إلى أن ما ولده حزب البعث من لوحة اقتصادية – اجتماعية جديدة ، واختفاء القديمة ، قد أدى إلى نشوء توازن اقتصادي ـ اجتماعي ـ سياسي ساعد على تكريس بقاء الوضع الناتج عن انقلاب1963، ومنع تجاوزه.
كانت اللوحة الإقليمية عاملاً مساعداً للبعث في ذلك :1- انشغال عبد الناصر في اليمن وفي الصراع السعودي- المصري،2- اضطراب حكم عبد السلام عارف في بغداد المتحالف مع عبد الناصر ،3- أدى الصراع بين القاهرة والرياض-وضعف الحكم العراقي بالستينيات- إلى إتاحة مساحة استطاعت من خلالها دمشق الدخول في مرحلة أصبحت فيها مرحلة الخمسينيات ورائها لماكانت ساحة للصراع السعودي- المصري بعد عام 1957وحتى انقلاب 8آذار1963وقبل ذلك بين عامي1945و1958لماكانت كذلك ميداناً للتجاذب والصراع بين القاهرة وبغداد.
ما يلفت النظر من جديد في اللوحة السياسية لمرحلة ما بعد 8 آذار -18 تموز 1963(التاريخ الأخير تمَ فيه ابعاد الناصريين عن الحكم بعدأن شاركوا البعثيين في انقلاب 8آذار) هو ليس فقط اختفاء الأحزاب والساسة القدماء ( الشعب- الوطني – خالد العظم – رشاد برمدا ... الخ ) و إنما أيضاً التسريحات، التي تمت في النصف الأول من عام 1963، لأكثر من نصف ضباط الجيش حيث يلاحظ أن معظمهم من المدن وخاصة من دمشق وحلب وحمص ( كانت كتلة " الضباط الشوام " أساسية في انقلاب الانفصال عام 1961 ) لصالح بداية هيمنة وسيطرة ضباط أتوا من الأرياف أومن بلدات صغيرة ( ريف الساحل- السلمية ـ السويداء ـ دير الزور ـ درعا ...الخ ) . ..
ربما كان ذلك شكلاً موضوعياً ،هو حصيلة فشل القوى الحاكمة في سوريا1946- 1958في حل(المسألة الزراعية)التي تولتها في لندن1688وباريس1789القوى السياسية البورجوازية،عبرٌ عن انزياح القوة من المدينتين الكبيرتين ومن النخبة السياسية القديمة التي طفت إلى السطح بعد 1946 لصالح الريف والبلدات الصغيرة( وهو مانشهد مثيلاً له في المنطقة الممتدة بين الجزائر وطهران في الفترة الفاصلة بين قاهرة عبد الناصر1952وطهران الخميني في عام1979)إلا أن أشكال الصراعات ،في الطاقم الحاكم لما بعد 8 / آذار / 1963 ، قد أخذت أشكالاً واصطفافات ربما أخذت طابعاً مدينياً- ريفياً ( الناصريون – البعثيون ) ممتزجاً باختلاط فئوي فيما برز الشكل الأخير في (23/ شباط /1966) وفي ( 8/ أيلول 1966) ضد ( كتلة حاطوم )، بينما كان الطابع السياسي بارزاً أكثر في صراعات 1969- 1970بين الجناحين :(الحزبي )بقيادة الأمين العام المساعد للحزب اللواء صلاح جديد و(العسكري) بقيادة وزير الدفاع الفريق حافظ الأسد.
لا يمكن القول بأن تلك الصراعات قد حجبت القوة المرموقة للقاعدة الاجتماعية لحكم ما بعد ( 8 / آذار / 1963)، والتي تعززت أكثر بفعل التحولات الاقتصادية – الاجتماعية التي أجراها البعث وبفعل مفاعلات اختفاء اللوحة الاقتصادية – الاجتماعية القديمة (عبر الإصلاح الزراعي و التأميمات ) وما أدى إليه العامل الأخير من اختلال التوازن الاقتصادي - الاجتماعي لصالح قاعدة السلطة السياسية الجديدة، الشيء الذي يمكن أن يفسر صمودها أمام المعارضة المرموقة القوة المتركزة في المدن ، والتي لم تستطع أن تنجح في إسقاط النظام، رغم صراعاته، وبالرغم من تعرضه لهزات كبرى مثلما جرى في حزيران 1967.
هذا التوازن الدقيق بين السلطة ومعارضتها يمكن أن يساعد على تفسير نشوء الاستبداد السياسي للسلطة، واتجاه الأخيرة، كلما زادت أزماتها وضاقت قاعدتها الاجتماعية بحكم الصراعات والتصفيات ،إلى زيادة تسلطها بالترافق مع محاولة ضرب الحيز السياسي للمجتمع الذي ظل ناشطاً خارج السلطة: في هذا الإطار يلاحظ اتساع درجة استبداد السلطة السياسي و تناسبه طردا مع اتساع عملية ضيق وتقلص قاعدتها الاجتماعية، وربما كانت تواريخ (18/ تموز/ 1963 ) و (23/ شباط / 1966: ابعاد القيادة القومية للبعث لصالح القطريين بقيادة صلاح جديد ) و( 8/ أيلول / 1966 ) و( 5 / حزيران /1967 ) تمثل محطات في اتجاه هذا التضيًق والتقلص الذي ترافق مع ازدياد المسافات بين السلطة والمجتمع و بالتالي مع ازدياد استبداد الأولى ، الشيء الذي ترافق مع ازدياد العزلة العربية للنظام القائم ، تجاه عبد الناصر وتجاه حكم البعث (( القومي )) الآتي إلى السلطة في بغداد17-30تموز 1968، ومع تفاقم عزلته الدولية تجاه واشنطن أولاً وموسكو ثانياً بسبب رفضه للقرار ( 242 ) الصادر عن مجلس الأمن الدولي22تشرين ثاني1967 والداعي إلى "تسوية"الصراع العربي-الاسرائيلي، إلى أن وصل للاصطدام بالحائط الدولي بعد أن تجاوز الخطوط الحمر مع تدخله العسكري بأحداث أيلول 1970 بالأردن، فيما يلفت النظر أن رمز نظام (16/ ت2/ 1970)- أي الفريق حافظ الأسد - قد قام على معارضة سياسة نظام (23/ شباط ) حيال هاتين المسألتين,إضافة إلى محاولته التلويح بسياسة جديدة تجاه الداخل السوري وقواه السياسية والاجتماعية، على الأصعدة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية ,في مشهد سياسي كان من الواضح فيه حالة العزلة الاجتماعية التي عاشها نظام 23شباط1966,وهو ماعبرت عنه بوضوح طريقة تعامل غالبية كبرى من المجتمع السوري مع حالة سقوطه في يوم 16تشرين الثاني1970.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود المسألة الاجتماعية إلى سطح السياسة العربية(تونس نموذجاً ...
- مستتبعات فكرية لزلزال الشارع العربي
- الولايات المتحدة واستخدامها للمبادىء في السياسة الخارجية
- صعود قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة
- في حصرية دوافع السياسات الداخلية وراء الثورة المصرية
- واشنطن واهتزاز الحليفين شاه ايران وحسني مبارك
- الترجمات المحلية لتبدل التوازن الاقليمي
- هل نحن أمام بداية النهاية لاستهداف مصر ودورها؟!-
- علامات موجة ديموقراطية عربية متفاوتة المظاهر
- الجغرافية المتقلصة للسودان
- حركة شعبية بلاأحزاب أطاحت بالحكم التونسي
- المصريون والسودان
- السودان:تصدع البيت المشترك للعرب والأفارقة
- البيئة الخارجية للنزعة الانفصالية
- دمشق وبيروت
- مابعد لشبونة: بداية احتواء روسيا في المنظومة الغربية
- مأزق نموذج الديموقراطية المصرية المحدودة
- الهند والولايات المتحدة في مرحلة مابعد الحرب الباردة
- التوتر اللبناني وعملية التسوية للصراع العربي الاسرائيلي
- محمد سيد رصاص في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التنمية ...


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية