أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - بعض خصائص المسار التاريخي للحياة السياسية السورية















المزيد.....

بعض خصائص المسار التاريخي للحياة السياسية السورية


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 13:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك احساس عند السوريين، منذ اعلان قيام مملكة سوريا في يوم 8آذار1920 وتنصيب فيصل بن الحسين ملكاً،بالفقدان الجغرافي التدريجي المتواصل لأجزاء من الكيان:جبل لبنان والأقضية الأربعة(31آب1920)،فلسطين وشرق الأردن بعد الاتفاق الفرنسي – البريطاني(23كانون أول1920)على وضعهما تحت الانتداب البريطاني قبل أن تقدم لندن على تحديد حدودهما الإدارية(أول أيلول1922)،ولاية ديار بكر العثمانية(التي أعطيت للأتراك في معاهدة لوزان يوم22تموز1923) التي كانت في اتفاقية23كانون أول1920 جزءاً من سوريا وفقاً لتقسيم حدود الانتداب الفرنسي بالقياس لحدود الانتداب البريطاني،وهو الأمر الذي ينطبق على مدينة الموصل التي أعطيت للعراق لاحقاً.
حاول الفرنسيون أن يذهبوا أبعد من ذلك إثر معركة ميسلون(24تموز1920)،التي قادت إلى تدمير مملكة فيصل في دمشق:تقسيم سوريا إلى أربعة دول(دمشق وحلب والعلويين وجبل الدروز) حيث استطاع السوريون تجاوز هذا في معاهدة1936مع فرنسة ،التي أعادت توحيد تلك الأجزاء السورية الأربعة في كيان سياسي جديد،قبل أن تقوم باريس بين عامي1937و1939بإهداء لواء اسكندرون إلى أنقرة من أجل ضمان حيادها في الحرب العالمية المقبلة التي كان تجمع سحبها بادياً للعيان آنذاك مع هتلر،وهو أمر لم تعترف به دمشق لماقدمت خريطتها الجغرافية،بوصفها عضواً مؤسساً في الأمم المتحدة عام1945،إلى المنظمة الدولية،والتي تضم (بالمناسبة)مزارع شبعا.
هذا الاحساس بالفقدان الجغرافي هو عميق عند السوريين،إلاأنه نادراً مايعلن بشكل مباشر وصريح،وإن كان يمكن تلمسه من خلال الشعبية التي لاقتها أيديولوجيات ،مثل النزعة القومية العروبية بأشكالها المتعددة(البعثية- حركة القوميين العرب- الناصرية)التي تتَضمن سوريا الكبرى ثم تعبرها عربياً،أومثل النزعة القومية السورية.
ربما كانت أحد تعبيرات هذا الاحساس هو النزعة الموجودة والطاغية عند السوريين،في مرحلة مابعد جلاء الفرنسيين في يوم17نيسان1946،بأن هذا القميص الجغرافي ،الذي تركته باريس للسوريين، هو ضيِقُ عليهم: من هنا،كانت الحياة السياسية السورية موزعة في مرحلة (مابعد الجلاء)على ثلاثة اتجاهات سياسية هي عملياً عابرة لحدود الجمهورية السورية القائمة وتهدف إلى تجاوزها وتوسيعها:اتجاه(وحدة الهلال الخصيب)الذي يضم دمشق وبغداد في كيان سياسي واحد مع نزوع ضمني لضم باقي سوريا الكبرى،وقد كاد هذا أن يتحقق بعد أن فاز مناصروا هذا الاتجاه(حزب الشعب وحلفائه،وهو يستند إلى قاعدة حلبية أساساً،بعد أن تضررت حلب من مرحلة مابعد العثمانيين حيث كانت مركز التجارة لخط استانبول- البصرة مروراً بالموصل وبغداد) في انتخابات البرلمان السوري بيوم15تشرين ثاني1949قبل أن يقوم الانقلاب العسكري بقيادة العقيد أديب الشيشكلي(19كانون أول1949)،بتشجيع من القاهرة والرياض وباريس،بقطع المسار الدستوري لوضع دمشق تحت عرش الهاشميين المدعومين من لندن.في تلك السنوات(1946-1949)قام أنطون سعادة بتوسيع بيكار النزعة القومية السورية لكي تشمل(الهلال الخصيب)،ولم يكن هذا شاملاً فقط للقوميين السوريين بل شمل أيضاً أحد مؤسسي(حزب البعث العربي)،وهو جلال السيد،الذي ينحدر من مدينة ديرالزور ذات الروابط المتعددة الجوانب مع العراق.كان الاتجاه القومي العروبي(البعث- حركة القوميين العرب)هو الاتجاه الثالث العابر لحدود17نيسان1946،مع"الهلاليين"و"القوميين السوريين"،قبل أن ينتصر هذا الاتجاه ويهزم اتحاد الاتجاهين السابقين ضده من خلال تحقيق وحدة22شباط1958مع مصر عبدالناصر،وهو مسار كان واضحاً ميلان ميزان القوى لصالحه ضد"القوميين السوريين"و"الهلاليين" منذ اغتيال العقيد عدنان المالكي في يوم22نيسان1955،وهو ماقاد إلى تماهي هذين الاتجاهين،تحت رعاية بغداد الهاشمية خلال أعوام1956-1958 ،ضد العروبيين(البعث العربي الاشتراكي بعد اندماج حزب أكرم الحوراني:"الاشتراكي العربي" والبعثيين في حزب واحد عام1953 – حركة القوميين العرب) الذين أصبحت قبلتهم السياسية هي قاهرة جمال عبدالناصر.
أيضاً،كانت تجليات هذا الاحساس متعددة:الشعور الزلزالي عند السوريين منذ يوم15أيار1948بفقدان فلسطين،وهو شيء لايوازه ربما سوى شعور الفلسطيني بالفقدان،إلاأنه بالتأكيد لايوجد مايقارنه أويوازه بالنسبة لدمشق أي شعور عربي آخر بفلسطين.لهذا شعر الفلسطيني اللاجىء في الجمهورية السورية بأنه في بيته،وهو أمر مؤكد بأنه لم يشعر هكذا في أي مكان عربي آخر. هذا هو،من زاوية أخرى ولكن لنفس السبب،الذي جعل مئات آلاف اللبنانيين،بأعوام1975-1976وفي أيام حرب2006،يستقبلون بترحاب اجتماعي كبير من قبل السوريين،وهو ماينطبق على ملايين اللاجئين العراقيين للشام في أعوام2003-2008.
بنفس الإطار،فقد كان لهذه النزعة العابرة للحدود ،وللذات الجغرافية، منعكسات عند السوريين في مجال الثقافة:اتجاه أكبر من المصريين واللبنانيين(الذين يميل معظم مثقفيهم وعامتهم نحو نرجسية ثقافية محلية ممزوجة مع ميل موضوي ومظهري استعراضي تجاه الثقافة الغربية السائدة في لندن وباريس قبل اتجاههما ل"الأمركة"في السلوك وفي بعض المظاهر الثقافية مع جهل كبير بالمحيط والجوارالعربيين وأحوالهما يلمس عند المصري واللبناني بشكل عام وغالب)إلى معرفة الجوار العربي،يمكن تلمس حدودها المعلوماتية والمعرفية الكبيرة عند المواطن السوري العادي،وعند المثقفين،وعند العديد من المحللين والكتاب السوريين،كما يمكن تلمس اطلاعات على الثقافة العالمية عند السوريين،من خلال أسماء مثل معروف الدواليبي ومنير العجلاني ومحمد الفاضل(القانون) وسامي الدروبي (الأدب)وأنطون مقدسي والياس مرقص(الفكر السياسي) وبديع الكسم ونايف بلوز وصادق جلال العظم(الفلسفة)،تفوق ماأفرزته القاهرة (مع استثناء السنهوري في القانون)وبيروت وبغداد والدار البيضاء، فيماأفرزت دمشق أعلام في الفقه الاسلامي(الشيخان مصطفى السباعي ومصطفى الزرقا) أومثل سعيد الأفغاني(اللغة العربية:علم النحو والصرف)،لم يفرز أزهر القرن العشرين بمستواهم.
لم يقتصر هذا على مجال الثقافة،وإنما،وربما لهذا السبب،كان هناك انتاج فكري عند السوريين،خلال مسار القرن الماضي،لأغلب الأفكار السياسية العربية الكبرى من خلال أسماء:ساطع الحصري،ميشال عفلق،ياسين الحافظ،أوعند من تصرف بوصفه سورياً مثل أنطون سعادة(مواليد قرية الشوير اللبنانية)،أوالشيخ رشيد رضا(مواليد طرابلس) ،الذي كان رئيس المؤتمر السوري(6آذار1920)الذي قرر تنصيب فيصل بن الحسين ملكاً على المملكة السورية بعد يومين،وهو الأستاذ الفكري لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في عام1928،فيماكان الشيخ الدمشقي ناصر الدين الألباني هو المؤسس للإتجاه السلفي الاسلامي في القرن العشرين.
دخلت هذه الحالة السورية،البادئة منذ عام1920، في طور جديد خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الواحد والعشرين:انكفاء إلى "القطرية السورية" بعيداً عن العروبة يمكن تلمسه عند أطراف قريبة من السلطة،مثل مايقدمه "تلفزيون الدنيا"،أوعند أطراف معارضة مثلما جرى في وثيقة"اعلان دمشق"(16تشرين أول2005)التي اعتبر فيها طيف واسع من المعارضة السورية،ومنهم ناصريون وبعثيون،أن مايربط سوريا بالعرب هو وجودها في "منظومة عربية"،وكأنها في وضعية بعلاقتها بالعرب شبيهة بعلاقة بولندا مع بلغاريا أثناء وجودهما في منظومة حلف وارسو،مع الحديث في الوثيقة،التي غابت فيها مواضيع فلسطين واسرائيل والعراق وأميركا،عن"مكوِنات الشعب السوري". كذلك يمكن تلمس شيء أخف من هذا من حيث الإنكفاء نحو"الذات القطرية"(الموجود عند بعض من هو في السلطة أوقريباً منها وعند بعض من في المعارضة)عند المواطن السوري العادي،ولكنه بالتأكيد هو أعلى بكثير مماكان موجوداً عند السوري يوم الوحدة السورية – المصرية،فيماكانت النزعة العروبية عند عبد الناصر تصطدم يومها بجدار سميك من النزعة المصرية ذات الجذور الضاربة في القدم.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريطة اجتماعية سياسية اقتصادية للاحتجاجات في سورية
- غروب مرحلة عربية
- الاسلاميون والعسكر
- تبدل أشكال التعبير السياسي للجماعات
- الدور الاقليمي التركي
- مساهمة تحركات الشارع العربي في رسم صورة اقليمية جديدة
- من الليبرالية القديمة إلى الجديدة
- «الكومنترن» الشيوعي و «القاعدة» الإسلاموية: نهاية بائسة للتن ...
- سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته
- سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية
- صعود المسألة الاجتماعية إلى سطح السياسة العربية(تونس نموذجاً ...
- مستتبعات فكرية لزلزال الشارع العربي
- الولايات المتحدة واستخدامها للمبادىء في السياسة الخارجية
- صعود قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة
- في حصرية دوافع السياسات الداخلية وراء الثورة المصرية
- واشنطن واهتزاز الحليفين شاه ايران وحسني مبارك
- الترجمات المحلية لتبدل التوازن الاقليمي
- هل نحن أمام بداية النهاية لاستهداف مصر ودورها؟!-
- علامات موجة ديموقراطية عربية متفاوتة المظاهر
- الجغرافية المتقلصة للسودان


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - بعض خصائص المسار التاريخي للحياة السياسية السورية