أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجاهد عبدالمتعالي - الإيمان في حالة قلق














المزيد.....

الإيمان في حالة قلق


مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)


الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 16:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



سأحاول تقريب المسألة... بشئ من التركيز داخل الأعماق... باتجاه الفؤاد.... هناك حيث توجد مغارة المؤمن الصادق، وقد حفر الآباء والمعلمون على صخورها آياتهم وتراتيلهم، هناك في وسط الظلام الدامس، تجده قابعا مطمئناً، يشك في وجود الضوء أو ما يشبه الضوء، فيزيل الشك باليقين من خلال إغماض عينيه، لمزيد من الظلمة بحثاً عن طمأنينة الرحم الأولى، ولكن لا مناص، إن شارك العالم حياتهم، شعروا به مغترباً داخل مغارته وهو وسطهم، فما بين شاتم له لأنه كطيور الليل، وما بين متعاطف معه، لتجربة مريرة سابقة لهم مع حياة المغارة وخوف الضوء.
الضوء في نظر المؤمن الصادق يحمل دلالتين، إحداهما للنار والأخرى للنور، وكلمة النور تخص عالمه الروحي، أما النار فتخص عموم حياته ــ إن كان متواضعا في إيمانه ــ وعموم حياة الناس من حوله، فكل ضوء من خارج مغارته مصدره النار، وكل ضوء من داخل روحه مصدره النور.
هل نلومه على إيمانه الصادق؟! أبداً والله... لا نلومه أبداً، بل نشد على يديه، ونشتاق إلى مشاركته وجدانياً بعض سويعاته، فهو شيخ الطريقة وصاحب الإيمان، ولكن هنااااااك في معبده ومغارته حيث نجده عظيما مبهراً يتلألأ ضياءً ونقاءً، فإن حاول يوماً أن يسوق العالم إلى المغارة، أو أن يرتب الحياة وفق تراتيل المغارة، فستظهر نار العالَم لتحرقه، ليتأكد له أن البرزخ ما بين عالم الغيب وعالم الشهادة، ليس محلاً لخلط الأوراق، فيسوع ليس رجلاً من هذا العالم.
كيف إذاً لصاحب المغارة أن يعيش بيننا؟! إن أراد العيش بيننا فعليه بطلب الحكمة/ الفلسفة، فهي الوحيدة التي تستطيع أن تغير ثيابه، لكنها أبداً لن تغير وجدانه وشوقه الدائم إلى المغارة، ستلبسه الفلسفة ثوبا يليق بهذا العالم الناري، فيخرج للناس ديماغوجياً إن أراد، أو رجلاً يأخذ ما يحتاجه من مؤنة ليعود بها إلى مغارته، أو دوغمائياً يسوق بمزماره دهماء الناس إلى المحرقة، التي قد تحرقه وتنجو الدهماء التي لا تنتهي عبر العصور.
كيف لصاحب المغارة أن يتزوج ويكون له ذرية؟! ليس له ذلك، فقدره يسوقه للزوجة والولد، أو لا يسوقه، لكن إياهم ثم إياهم أن ترتضي أسرته المكوث معه في المغارة، حتى وإن توهمت إمكانية ذلك، فليسوا كذلك، بل هم أبناء هذا العالم بناره، حتى ولو ولدوا في المغارة.
سيتعجب المؤمن الصادق عندما يرى الحكماء يمسكون بنار هذا العالم ليضيئوا بها ظلماته، ولكن نارهم تخيفه، وهو يحب الظلام عندما يحل، ففيه تطمئن روحه لذكرى المغارة والرحم الأول، لكن الحكماء يشعلون النار ليأخذوا منها حاجتهم، فيتعلم منهم ما في النار من نور، فيألفها، ويتساكن بها، ومع الزمن لن يجد حنيناً لنوره الداخلي، بل سيتذكره على البعد، كذكرى أعمى يعيش على بصيرته دون بصره، ثم رجع إليه البصر، ليكتشف لعنة الرؤية، وقدر الطفولة مع الحبو وكثرة السقوط.
هل يتطور المؤمن الصادق أم يتحول كالمستذئبين مع ظهور القمر؟! قد يتطور وقد يتحول، لكن إن بقي كما هو فسيواجه قوة عاتية من بشر أو حجر، فتقتل ضميره أو تغتصبه، فإما أن يكمل مسيرة حياته بضمير ميت، أو غصة تأبى الانصراف لضمير مغتصب.
المؤمن الصادق سيعيش بضمير مغتصب أو مقتول إن لم يهرب إلى مغارته، ويترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر، فالله ليس عرفانا كما يتوهمه المؤمن الصادق، نقلاً عن أحافير آباءه ومعلميه في المغارة، وقيصر ليس برهاناً كما عرف ذلك من حرائق نار هذا العالم، الأمر ببساطة فيه وفي رؤيته لمغارته التي توهمها استثناءً من هذا العالم، ثم قام بتقسيم نفسه ووجدانه وجسده إلى فرق تليق بعالم النار لا عالم النور، فروح وجسد، وظلمة ونور، وماء ونار، ولم يعلم أن في ثنايا البرهان عرفان، وفي ثنايا العرفان برهان، فالماء تطفئ النار، وفي ثنايا البرهان اشتعال، عند تفكيك الماء إلى ذراته الأولية، فأكسجين مشتعل، وهيدروجين يساعد على الاشتعال، إذاً فالنار أصلها ماء، وأصل الماء نار.
هل الانتحار حل؟! ليس الانتحار حلاً، لكن قطعاً الموت حل... ولكن في سبيل ماذا؟ قد نتساءل، سيقول المؤمن الصادق: في سبيل الأبدية... لنصفعه من جديد قائلين: ولكن الأبد جزء من السرمد، فكيف تضع قرارك في سبيل الجزء وليس الكل، فإن سألنا عن المخرج قلنا: كن كورقة الشجر... سيأتي خريفها، فإن قال: أكره انتظار الخريف، وأكره ذهاب دفء قلبي المتقد واشتعال عواطفي، عندها نقول له: هل رأيت كم أنت من هذا العالم الناري، ولكنك تريد اجتراح المواسم وترتيب الفصول، وأنت بمقاييس الكون تساوي شيئا أقل من الصفر، فالصفر رقم محترم في خط الأعداد، وأنت أقل من هذا الرقم بكثير، أنت لا نهائي في صفريتك.
ورغم كل هذا الفلك فلولاك ما كانت اللعنتين، لعنة (لا) ولعنة (السؤال) فبقدر ما هما لعنة إلا أن فيهما عترة الكون وجرثومته، فهل تستطيعهما؟ أم ترتضي ظلمة المغارة؟!.
إنك تنظر للأعلى حيث السماء، وأنت في الجزء الجنوبي للكرة الأرضية، فإذا بك بمعايير أهل الأرض تنظر للأسفل، وبمعايير الكون تنظر حيث لا اتجاه..... هناااااااك وراء ملايين الملايين من المجرات والسديم الكوني تصرخ: كم نحن وحيدون يا إلهي، خائفون، هاربون، ضائعون، صقيع كوني يجمد الفكر، لكنه يضيء بنوره الروح وأنا مغمض العينين في مغارتي...... وها قد عاد المؤمن الصادق من جديد لطفولته، وبدلاً من الحبو صغيراً، فقد توكأ على تاريخ البشرية مع طوطمه، بانتظار السقوط الأخير لما يليق به، كرجل مؤمن صادق، عاش نيرفانا السؤال عن حقيقة هذا العالم، وقد سقط ميتاً، لا كما يليق به، بل كما يليق بهذا العالم المختصر في مغارة مظلمة.



#مجاهد_عبدالمتعالي (هاشتاغ)       Mujahid_Abdulmotaaly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغذاميون الجدد... دونكيشوتات ما بعد -حكاية الحداثة-
- العقل وتبرير الجبناء
- الثورة بين إدارة الشعور وإرادة الشعوب
- عابرون في تزييف عابر
- الجزيرة العربية ليست إيران
- التساؤلات اللزجة ضد ثورة الياسمين
- الغثيان بين السدنة والكهنة


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجاهد عبدالمتعالي - الإيمان في حالة قلق