أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علال البسيط - عودة الصحابة















المزيد.....

عودة الصحابة


علال البسيط

الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 08:53
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


البارحة في السوق لمحت امرأة محجبة بدت لي كالمخنوقة بخرقة..تساءلت بإشفاق ما هذه الشرنقة وما هذا الضيق؟، كيف يصل بنا جنون التدين إلى هذا الهزء والتشدد القبيح؟ كانت بالكاد تتنفس، تلبس لباسا فضفاضا غريبا يشبه الخيمة تجر أذياله خلفها كأنها سودة بنت زمعة في زمن الصحابة.

من الفضائيات المهاجرة في أفلاك القرون الوسطى إلى المسلسلات والأفلام التي انتشرت فيها الأفكار والمظاهر الدينية والأبطال الملتحون إلى موضة الممثلات المعتزلات والواعظات والواعظين الجدد في الوسط الفني, حتى بعض العناوين والأحداث السياسية اكتست أسماء ذات أبعاد تاريخية إسلامية كموقعة الجمل وغيرها من المظاهر والسلوكيات ذات دلالات جديرة بالرصد والدراسة في مجتمعات تعيش حالة قلق وصراع هوياتي وتجاذبات اديولوجية تميل يوما بعد يوم لصالح الفكر الدوغمائي السلفي.

وعودة إلى المرأة المحجبة نجد أن هذا اللباس الطائفي بهيئته المعروفة المحددة فصله لهم ساعاتي سلفي ولد في عشرينيات القرن الماضي في ألبانيا وهاجر صغيرا مع أسرته إلى الشام واستقر بها, واشتغل منذ صغره بعلم الحديث النبوي, وكان على خلاف مع والده بسبب اعتناقه النحلة الوهابية واتباعه لطريقة محمد بن عبد الوهاب، هذا الشخص الذي صار فيما بعد مرجعا للسلفيين في العالم واسمه ناصر الدين الالباني ألف كتابا سماه (جلباب المرأة المسلمة) جمع فيه جميع ما قاله محمد وأصحابه في الحجاب وما تكدس لديه من أخبار ووآراء مروية عن القدماء, وفصل منها شكل الجلباب الاسلامي الصحيح, وصار منذ إصداره قبل أزيد من عقدين المرجع الأشمل في شكل اللباس ولونه وطوله وعرضه بالتفصيل الممل، ما نتج عنه تطبيقيا أشكال هندسية غريبة وناشزة تصادفك في الطرقات, معزولة عن العالم الخارجي كأنها كائنات غريبة.

إن هذه الهيئة وهذا الحجاب في شكله المتحفظ المصر على عزل المرأة ماديا ومعنويا عن محيطها الاجتماعي, وبهذا الأسلوب التحقيري العنصري, مع إصرارهم ودعوتهم إلى تعميم الجلباب وتأميم جسد المرأة كبضاعة يتم اخضاعها لقوانين الزي الإسلامي الموحد- هو ناتج عن فكرة المحافظة على العذرية التي تشكل أساسا لكل البناء الجنسي في المجتمع الاسلامي القائم هندسيا على التفريق بين الجنسين واحتباس الفتيات بين الجدران والهوادج والخدور..

أسجل هنا بعض الملاحظات عن وضعية المرأة الشرقية الراهنة, خصوصا بعد غزو الإسلاميين للشارع السياسي وباتوا يهددون بتطبيق الشريعة وفرض الفضيلة وتحقيق مرامهم الذي طالما جاهدوا من أجله بإعمال الحدود التي يرون أنها معطلة وينبغي المسارعة إلى إقرارها..وأي هدف أسمى من هذا كان الظواهري يرنو إليه؟ لقد أخطأ كثير منا حين ظننا أن الثورة أطلقت رصاصة الرحمة على تنظيم القاعدة و أتباع الفكر الجهادي، وأخطأنا أخرى حين ميزنا بين هؤلاء و بين سلفية حزب النور والحويني وحسان..وهم سواء، لم تختلف بهم السبل في ظرفية تاريخية إلا لتجمعهم معالم الطريق تحت ظرفية أخرى سلفيون وإخوان وجهاديون ليمارسوا هواياتهم في إقامة حدود الإسلام على المرتدين والزنادقة...

- إن هذا النوع من الفكر الديني الاقصائي المتشبع بثقافة قسرية تجاوزها الزمن يشكل صعوده المريع الى خشبة المسرح السياسي تهديدا حقيقيا للمكتسبات التي ناضلت من أجلها نساء الشرق طوال عقود من التمييز والتهميش، ومن هنا ضرورة تنبيه هؤلاء الذين يحنون بنا إلى عصر الهودج والحريم ويسكنهم هم الغزو والسبي في سبيل الله, لأن ما علينا فعله هو الانفتاح على قيم عصرنا وإثبات وجودنا على مستوى الكوكب, وليس في أحاجي البخاري وأحلام أبي دوود وابن سيرين.

- إن شهرزاد الحالمة غداة الثورة بعهد جديد, قادها قدرها المحتوم إلى فراش شهريار السلفي الملك المسعور الناقم على النساء وجمعيات حقوق المرأة الى حد السحل والقتل، وإن شهريار السلفي قد اتخذ قراره بالتضحية بتاريخ من الكفاح النسوي التحرري وبهن جميعا على مقصلة القرآن.


- أدركت شهرزاد بعد الثورة أنها أضحت بين يدي مشير سلفي و مجلس شعب سلفي ومجلس عسكري سلفي ومجلس فتوى سلفي ومجلس قضاء سلفي وإعلام ونقابات وأحزاب وقنوات مدجنة برؤى عبثية سوريالية..فكيف السبيل؟ كيف ستحاور المرأة المستنيرة الحاكم الجديد، شهريار الدوغمائي الغوغائي، حاكم لا يراها إلا أداة إغواء ومتعة، ومهر وصداق.. كيف ستحاور رجلا ناقما مهووسا بماضيه الأسطوري مسكونا بقصص العذاب والجحيم، وعذابات هود وثمود؟!..الجلاد عادة لا تستهويه الحكايات الانسانية النبيلة..بقدر ما تثيره التهاويل المليئة بالعذاب والآلام الأبدية وانتقامات الإله من أعدائه ومنتقدي أحكامه..!!
حوار!!
كم خسرنا وسنخسر من طاقات بسبب هذه الذهنية القروسطية التي تنشغل عن المؤهلات والمقدرات التقنية لشخص ما بالتوافه السخيفة من قبيل جنسه وأصله ودرجة إيمانه وطول لحيته..ولا تعترف للمرأة بوظيفة غير الوظائف الجنسية والمنزلية..تلك الصورة التقليدية للنساء المتدينات البيئسات المنعزلات في البيوت أشبه شيء باللوحة الشهيرة التي رسمها دولاكروا Eugène Delacroix سنة ١٨٣٤ لمجموعة من النساء الجزائريات في جناح الحريم وقت الاستعمار الفرنسي للجزائر، وكان قد أيس أثناء رحلته من الظفر بامرأة لرسمها في رحلته الأولى للمغرب ثم التي تلتها إلى الجزائر وقد عبر عن ذلك بقوله إن النساء هناك يصعب العثور عليهن في الأماكن العامة وكن كل الوقت أسيرات جناح الحريم، ولولا أن صديقا سمح له بالدخول إلى جناح حريمه ورسمهن لما رسمت هذه اللوحة التي اشتهرت باسم (الجزائريات) وهي من مقتنيات متحف اللوفر*.


- ليس إذا من الغريب أن يقول متحدث باسم حزب النور السلفي بأن السبب الرئيسي في البطالة وقلة فرص الشغل هو ولوج النساء سوق العمل ومزاحمة الرجال في الوظائف، وتصريحات من هذا الجنس صدرت عن أعضاء في الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية المغربي يؤكدون فيها بأن أنسب مكان للمرأة هو البيت ورعاية زوجها مستشهدين بنصوص دينية وتاريخية موجهة، غير مدركين أن ادماج المرأة في العمل السياسي والجمعوي مناصفة مع الرجل وتعبئة النساء الحضريات والريفيات من أجل الانتاج والتصنيع وتزويدهن بالمعرفة التكنلوجية والمهنية اللازمة هو من أولويات التنمية الناجحة، وإذا كانت الثورات الجديدة على الأقل المصرية والتونسية قد جعلت من مطالبها رد الإعتبار للفئات المحرومة والمهمشة وعلى رأسها المرأة للحد من الهدر في رأس المال البشري الذي نحن أشد حاجة الى الإستثمار فيه لضمان النمو الاقتصادي والقدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، فإن المشهد السياسي الذي آلت إليه الأوضاع بعد الثورة ينذر بانتكاسة عامة على جميع الأصعدة، فالأحزاب الدينية التي فازت بالانتخابات في مصر وشكلت الأغلبية في البرلمان هي أحزاب يتحكم فيها رجال دين وهابيون أثرياء مدعومون من الديكتاتوريات الخليجية خاصة النظام السعودي بأمواله وقنواته الفضائية ومراكزه الدعوية المنتشرة كالفطر في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية التي تعاني من الأمية والفقر والبطالة..


- إن الآية القرآنية التي تخاطب أناسا عاشوا في بيئة بدوية أعرابية تقتات على الكلأ والتجارة في البعير والأنعام وتأمر فيها نساءهم بأن يقرن في البيوت ولا يخرجن إلى الحياة كسائر الكائنات لهي سلوك معيب في عصرنا الحاضر، فلقد اضمحلت عقلية العشيرة والقبيلة والعقلية الإقليمية والقومية وتم تجاوز الفكر المؤمراتي، وثنائية الغرب وإسرائيل، وعقيدة الولاء والبراء وإديولوجية الفتوحات والحروب الصليبية والمخططات المزعومة لإفساد المرأة المسلمة، وكل ما زخرت به الترسانة الاسلامية العنصرية الموجهة ضد الآخر ٠الكافر٠ أو بعبارة أشمل الهوية الإسلامية التي نظر لها محمد عبده رغم في مطلع القرن العشرين وشرحها تلميذه السلفي رشيد رضا في أعداد مجلته المنار وطبقها حسن البنا حين أنشأ تنظيم الاخوان المسلمين.


-لم يعد المواطن الشرقي مستعدا لخوض حروب بالوكالة،وأصبح رافضا لاستنزاف قواه الروحية والوجدانية وارتهانها لأية عوامل أجنبية مهما كانت مسمياتها,و فلسطين نحفظ لأهلها تاريخهم ونحترم نضالهم وندعمه، لكننا ندعمه من بعد إنساني بحت، بعيدا عن الاديولوجيا القومية والدينية التي سادت منذ ستين سنة، وهذا في الوقت ذاته لا يمنعنا من مد جسور التواصل والصداقة مع الإسرائيليين.
ذلك الآخر الذي لا نعرف عنه إلا ما حدثتنا به كتب التراث والنصوص الدينية بلغة مغلقة مليئة بالكره والضغينة والانتقاص المفرط من اليهود والمسيحيين، آن لنا أن نغير قناعاتنا الدوغمائية ونراجع نظرتنا الروتينية لعقد حياتية أساسية تعترض سبيل الإندماج والتعايش المنشود بين الشعوب، آن الأوان لأن نلتفت لأنفسنا، لسكولوجية مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدينا، أن نرى أنفسنا بقاماتنا الوضيعة أمام عالم عملاق متقدم في وسائله وأدواته، ومناهجه وتشريعاته، يوفر المساواة الكاملة لمواطنيه رجالا ونساء أثرياء وفقراء، ويؤمن لهم مستوى علميا متطورا وخلاقا، ويصون لهم كرامتهم وحريتهم في التعبير والإعتقاد والهوية الجنسية وغيرها.



-صلاة النهار
مقتطفات من تراتيل يرددها اليابانيون تبلور روح هذا الشعب ورؤية أبنائه وبناته للحياة، يستحق أن يدرجه السلفيون في أذكار الصباح والمساء، وأن يتأملوه قليلا (لعلهم يهتدون):

"كل يوم تعيشه.. يعلمك
يعلمني الفشل
عش كل لحظة
وكأنها تساوي الحياة
والاستعداد لمواجهة كل شيء
أنا حي (ة)
أنا هذه اللحظة بالذات
مستقبلي هنا والآن
فإن لم أستطع الظفر بهذه اللحظة الآن
فأين ومتى أستطيع؟!"



*Women of algiers 1834
أنقر على الرابط لمشاهدة الصورة

http://en.wikipedia.org/wiki/File:Women_of_algiers_1834_950px.jpg



#علال_البسيط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية القرآن السنة والسلف الصالح..رؤية تاريخية
- جواهر لا يعرفها الإسلام!
- إبغض في الله!
- إعدام القذافي مثال على تطبيق الشريعة!
- يوم غرقت مكة في الدماء!
- سيوف الإسلام الأربعة
- المثلية حرام في الدنيا حلال في الآخرة!
- دوائر إبليس
- الأصول الإسلامية للكوميديا الإلهية -1-
- سيف الشريعة لا يعرف الحوار
- جواب سؤال: لماذا الإسلام؟
- تشريع الاغتصاب في القرآن
- سادية النبي
- اعدامات الرسول
- أمية محمد
- متى يعقد المأذون قران المثليات؟
- مشانق القرآن
- بَيْنَ بَيْنْ
- جناية الإسلام على الفنون والآثار
- الراعي والنساء


المزيد.....




- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علال البسيط - عودة الصحابة