أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد علاونه - قلبي ذبحته بيدي














المزيد.....

قلبي ذبحته بيدي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3650 - 2012 / 2 / 26 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


قلبي مثل السيجارة التي أضعها بين شفاهي وفي النهاية أدوس عليها بحذائي, قلبي حرقته بيدي وبأفكاري قلبي أصبح ملعبا للرياح وتكاثرت فوق بلاطه الرمال والأتربة والنوافذ صارت مشرعةً...قلبي ذبحته بيدي كما تُذبحُ الدجاجة.. قلبي أصبح ملعبا للكبار وللصغار. قلبي مزقته أشلاء وصار ما يقرب ألف قطعة هنا وهناك,فهناك علّقته وفي تلك الزاوية صلبته وفي ذلك الركن خنقته وفي حب تلك المرأة عذبته..قلبي موقعه في وسط البلد,في وسط الزحام..قلبي قد ضاع مني في تلك البلاد,يشهدُ كل يومٍ على حركة المسافرين إلى الأماكن البعيدة والمغادرين والقادمين من الأماكن البعيدة ,تمر من بابه طلبة المدارس يخربشون على جداره بعض الكلمات والآخرون يحفرون عليه أسماءهم للذكرى وكأن قلبي شجرة سنديان,وتقف بقربه العمالُ والشغيلة يبحثون في قلبي عن غلاء المعيشة وعن ارتفاع الأسعار,تحتك بجدرانه المخلوقات الجميلة والأليفة وفي داخل قلبي ركنٌ هادئ لمن أراد أن يكتب قصيدة للحب أو لمن أراد العشق حتى الرمق الأخير.. قلبي بمقابله قلب آخر وخلفه قلب آخر وعن شماله قلب آخر وعن يمينه قلب آخر ولا أحد يعرف بالضبط أين صار قلبي وفي أي مكانٍ قد رماه الهوى,قلبي لم يعد قادرا على حساب كم شخص قد عبر إليه وكم شخص قد سكن إليه , لقد ضاع قلبي بين القلوب الكثيرة وتاه قلبي بين الأفكار المتعددة وغاب قلبي في وسط الظلام,وقلبي يسترعي انتباه الصغار والكبار,والنساء والرجال,والعيون والآذان,فالكل يتطلع إلى قلبي والكل ينصتُ إلى قلبي والكل يحاول أن يسكن قلبي والكل يمشط لي قلبي إما بعيونه وإما بآذانه, وقلبي فجأة أصبح من أضعف القلوب, وكأني بنيته من خيوط العنكبوت,أصغر الأنامل قد تهدم قلبي بضربة واحدة ,وأي نسمة برد أو هبة ريح تخلع لي قلبي من جذوره وترميه في الأماكن البعيدة وأي قصة حب جديدة قد ترديه قتيلا في لحظات.. ,وقلبي أصبح مثل بيت النمل عبارة عن ثقبٍ صغيرٍ في الأرض بعد أن كان مثل ناطحة السحاب, قلبي اليوم مصنوعٌ من القش تضربه حبات المطر وحبات البَرَد,قلبي مصنوع من حبيبات الرمال الصغيرة تعصره الأعاصير وترميه في وسط الدوامة,قلبي اليوم مصنوع من الخشب تحرقه النار وتأكله بكل سهولة, قلبي اليوم مصنوع من الحب والحب في هذه الأيام عملة نادرة وقلبي كنتُ قد صنعته من عرق جبيني حين كانت الشمس تتسلط عليه بأشعتها الفضية, والآن قلبي من الزجاج ترشقه الناس بالحجارة,تتساقط الشظايا منه على وجوه أولادي والآن قلبي أصبح كومة من الرماد وكومة أخرى من شظايا الزجاج وشظايا السلكون, قلبي لا يتسع إلا بمقدار ما به من حب ومن حنان,قلبي ورقة تلعبُ فيها الريح ,قلبي من المطاط صنعته وقلبي دخله الغرباء وكنسوه لي تكنيسا حتى ما عاد به شيئا ,واليوم لم يعد قلبي لي.

قلبي أكلته الديدان الصغيرة قلبي نشرته المناشير الكبيرة وقلبي أكلته الضباع حين تركته عظماً من دون تشطيب,قلبي أكلته الذئاب حين كان لحما طريا,قلبي ابتلعته الحيتان حين كان سمكة صغيرة,قلبي الآن قد سقط فوق رأسي ورأسي يؤلمني من كثرة ما سقطت عليه الحجارة, وقلبي كان أجمل قلبٍ في الحارة وقلبي كان أطول قلبٍ في الحارة وقلبي كان أقوى قلبٍ في الحارة وقلبي الآن قد انهار على جسدي وأصبح مثل بيتي الذي تهاوى أمام ناظري فجسدي يتساقط وعظامي تتحطمُ أمامي ولا أستطيع أن أفعل شيئا.

قلبي مثل المسطرة بيد الرسام,ومثل الفرجار بيد أستاذ الرياضيات.. رسمته بيدي ورسمتُ خطوطه الأولى وكانت خطوطا متعرجة وكثيرة الانحناءات للريح, ومزجته بألواني الداخلية وأضفت عليه من رؤيتي للكون لونا آخر,وكان وما زال قلبي لوحة فنية, قلبي قصفته العاصفة,كان عبارة عن تمازج وتماهي للألوان الخافته لم أضع عليه يوما لونا غامقا,قلبي رصفته بيدي من حجارة قديمة جلبتها من المقالع القديمة,قلبي كان كله عنفوان وشدة وكنت فيه مضيافا,قلبي مع كل ذلك ما زال قلبي وقلبي برغم كل الظروف ما زال قابلا للاحتراق وما زالت به العواصف والرعود تلعب به من كل النواح...وقلبي يعشق بسرعة جنونية..وقلبي يقع في قصص الحب بسرعة الضوء..وقلبي يتسع لكل الناس في الوقت الذي لا يجد فيه قلبي مكانا في قلوب الناس..قلبي له قصة أسطورية,يسافر عبر البحار وعبر القارات ويعود إلى نفس المكان حاملا معه قصصاً وهمية.

قلبي حفرت أساساته بيدي...قلبي ردمته بالتراب حين كنتُ أأكلُ أظافري بأسناني وحين كنتُ أقتلع شعر لحيتي بأصابعي,قلبي كان.. كان يا ما كان.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصراحة
- الحمير بصحة جيدة
- من هو جهاد العلاونه؟
- قمة الإيمان
- البئر المسحور
- الله نور ومحبة
- الصحة مرض
- كرم الله الإنسان بالعقل
- التوبة واجبة على الجميع
- ابن رشد وجهاده الفكري
- صلاة الفجر حماعة
- التوبة إلى ألله
- خاتم أمي وقلم أبي
- يحبون ألله ويكرهون إخوانهم
- هل التبني حرام؟
- مهنتي الجديدة
- أخطاء إسلامية
- كلمات معكوسة
- العودة من الضياع
- أنواع الكلمات


المزيد.....




- أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر
- مؤتمر بالدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي ...
- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي
- تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة
- وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
- حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد علاونه - قلبي ذبحته بيدي