أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ساعة الحقيقة: بين الحكم والقتلة ينزف الشعب دمه!















المزيد.....

ساعة الحقيقة: بين الحكم والقتلة ينزف الشعب دمه!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 16:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشعب العراقي أمام مأساة حقيقة جارية منذ سنوات, وهي في الوقت نفسه مهزلة فعلية. فالقتلة المجرمون من قوى وجهات وأطراف ودول عديدة يواصلون قتل وجرح وتعويق بنات وأبناء الشعب من مختلف الأعمار دون رادع أو وازع من الضمير. وأغلب الشهداء من الفقراء والمعدمين والكادحين. يسعى المجرمون بكل ثمن إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد بأمل الوصول إلى السلطة أو تأمينها لحلفاء لهم في المعارضة المسلحة ولأجنحتها السياسية. والنخب السياسية الطائفية الحاكمة تتبنى شعارات " الأعمار بيد الله" و "الموت حق", و "الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون", و "مفاتيح الجنة معلقة في أعناق الشهداء", و"من يقتل يخسر الدنيا الفانية" و"يكسب الآخرة الأبدية" ويتمتع بـ "ولدان وحور في الجنة". المهم لمن ينشر مثل هذه الفتاوى من النخبة السياسية الطائفية الحاكمة هو البقاء في الحكم وعدم السماح لغيره بأخذه منها, سواء أكان فردأً أم حزبا.
نحن أمام ساعة الحقيقة, الحقيقة التي يفترض أن يعيها الشعب العراقي جيداً, ولا شك في أنه سيعيها عاجلاً أم آجلاً, وأن يتعامل معها بكل حرص على حياته ومسؤولية إزاء حياة الآخرين, إذ إن الدم النازف يومياً هو دمه وليس دم النخب السياسية الحاكمة والمتصارعة في ما بينها. فهي محمية بالقصور التي استولت عليها بعد سقوط النظام الدكتاتوري, إذ كانت تلك القصور الفخمة قبل ذاك قصوراً لصدام حسين وعائلته وحاشيته وأتباعه خونة الشعب, هذه القصور وسكانها محمية بالمنطقة الخضراء وحي القادسية وما إلى ذلك. إن قولنا هذا لا يدعو إلى أن يُمسوا بأذى -او يموتوا كما يموت بنات وأبناء الشعب كل يوم, ولكن نريد الحياة لا الموت لأبناء الشعب وواجبهم هو حماية هذا الشعب لا حماية أنفسهم فقط.
حكام اليوم كحكام الأمس, يعتقدون بأنهم جاءوا إلى الحكم ليستقروا فيه إلى الأبد, "جئنا لنبقى". إنهم يدعون تمثيل الدين الإسلامي وأنهم يعبرون عن مصالح الدين وهي من مصالح الناس, سواء أكانوا شيعة أم سنة, إنهم بهذا المعنى يعتقدون بأنهم خلفاء الله على هذه الأرض وهم يحكمون باسم الله وباسم الشريعة التي يتبنوها, وهي ليست واحدة!
وحكام اليوم, كما يبدو صارخاً, لا يشعرون بأية مسؤولية إزاء الشعب ولا بمصائر الناس, فالناس عندهم رعية عليها أن تخضع لحكم الله, وحكم الله لا يتحكم به أحد غير الله, وهم ينفذون إرادة الله على وفق المشيئة التي تجري على الأرض¸ وبالتالي فموت الناس اليومي لا يشكل عندهم مشكلة, إذ أن تاريخ الولادة والموت مكتوب على جبين الأفراد قبل أن يولدوا, والمشكلة بالنسبة لهم تكمن أولاً وأخيراً في السبل التي تساعدهم على البقاء في الحكم والخلاص من المنافسين لهم ممن يطالبون مثلهم بحكم الله الذي يدعون تمثيله أيضاً. إنها المحنة وهي الجزء الرئيسي من الأزمة البنيوية التي يعاني منها العراق حالياً.
المأساة أيها السادة تبرز في الموت اليومي للناس 60 شخصاً قتلوا في مجموعة من التفجيرات الإجرامية في بغداد ومدن أخرى وأكثر من 400 جريح ومعوق في يوم واحد (لا غير!), كما تبرز المأساة في الفقر المدقع لفئات واسعة من الشعب, في البطالة الواسعة, في غياب الخدمات الاجتماعية, في غياب التنمية الوطنية, في النهب الجاري للمال العام بأساليب وطرق شتى ومن قوى كثيرة في الحكم وحوله, المأساة في اختفاء أو "فقدان!" المليارات من الدولارات الأمريكية أموال النفط العراقي. أما الوجه الثاني من المأساة فهي المهزلة أو المسخرة أيها السادة, إنها تبرز في استمرار الحكومة القائمة واستمرار رئيس الوزراء الحالي في الحكم, وفي استمرار الصراع السياسي بين أطراف الحكم وفي ما يسمى بـ "الشراكة الوطنية", وفي السكوت الفعلي الواسع على هذا الوضع المتردي.
نحن أمام ضحك متواصل على ذقون الناس, على ذقوننا جميعاً, يجري هذا منذ ثمانية أعوام. يجري الحديث عن العملية السياسية, وهي في الجوهر غائبة, وهي لعبة, إذ أن اللاعبين لا يعرفون غير قاعدة واحدة في العمل السياسي هي "أخذناها وما نعطيها بعد لو تطلع روحهم!". وهو تعبير لا يمارسه طرف واحد بل يعبر عن ذهنية المتنافسين على الحكم. هذه هي ديمقراطية قوى الإسلام السياسي الطائفية, ولكنها تجسد في الوقت نفسه ذهنية القوميين الشوفينيين الذين كانوا في الحكم أو الذين يسعون إليه, وهي ذهنية القوى الشمولية كافة التي تريد فرض الفكر الواحد والرأي الواحد والحزب الواحد والسياسة الواحدة.
نحن أمام حزب ديني طائفي جديد وصل إلى الحكم بتحالف أوسع, ولكن يبذل كل الجهد لفرض الفردية باسم الحزب في حكم البلاد أولاً, ومن ثم فرض الشمولية باسم الحاكم الفرد ليضع الحزب في الظل. والغريب إن الكثيرين من هؤلاء لم يستوعبوا الدرس الثمين منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة حتى الآن, إذ إن التجربة يفترض أن تكون قد علمت الجميع بأن الفردية والشمولية في الحكم مهما طالت لا بد أن تسقط, وحين تسقط يذهب معها كل أولئك الذين عملوا لإقامتها باعتبارهم كانوا عبئاً ثقيلاً على المجتمع ومرهقاً ومدمراً في آن.
ترتكب بعض أو كافة قوى التحالف الوطني, البيت الشيعي, خطأ فادحاً حين تعتقد بأنها ستكسب ثقة الشعب بها وهي تؤيد تمادي الحكم في الفردية والاستبداد, وبعضها سيكون ضحية هذا الحكم إن واصل هذه السياسة, كما ستكون قوى أخرى ضحية مثل هذا الحكم. والطريق الوحيد أمام القوى السليمة التي ما تزال تدرك أهمية وحدة الشعب وتملك حساً وطنياً كافياً هو أن تعود إلى جادة الصواب, إلى الالتزام بروح وهوية المواطنة العراقية وليس الالتزام بالهوية الطائفية, شيعية كانت أم سنية, فالهويات الثانوية أو الهامشية قاتلة دون أدنى ريب.
إن ساعة الحقيقة تدق ناقوس الخطر منذ فترة غير قصيرة معلنة بأن الشعب يواجه تفاقماً في الفردية والاستبداد وتقلصاً مستمراً في الحريات العامة وهيمنة على مؤسسات الحكم العسكرية والمدنية, وهي ظواهر تقود في الجوهر إلى زعزعة الاستقرار في البلاد وإلى مصادرة حريات وحقوق وإرادة الشعب. فمتى ينشأ الوعي الجمعي بهذا الواقع الجديد الذي نشأ قبل وبعد خروج القوات الأمريكية؟ حين يعي الجميع هذه الحقيقة, يأمل الإنسان أن لا يكون الوقت قد تأخر كثيراً أو فات كما حصل في الكثير من المرات السابقة, فيتحمل الشعب معها عذابات كثيرة.
أتمنى على قوى التيار الديمقراطي العراقي من العرب والكُرد وباقي القوميات أن تعمل بأقصى ما يمكن لتعبئة كل القوى الشعبية في الشارع العريض الذي تلتقي فيه كل أطياف التيار الديمقراطي دون استثناء, إذ إن المهمة السلمية والديمقراطية التي تواجه المجتمع لا يمكن أن يتحملها هذا الحزب أو ذاك, بل تستوجب أن تكون مهمة كل القوى الديمقراطية التي عانت الأمرين في ظل الحكومات الفردية والدكتاتورية والأحزاب الشمولية.
24/2/2012



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من آذان صاغية لصرخة الأستاذ الدكتور المعماري إحسان فتحي؟
- وداعاً لبشار الأسد.. وداعاً لطغمته الحاكمة ... فمكانكم مزبلة ...
- من أجل مناقشة جادة لمقترحات الأستاذ خالد القشطيني
- رسالة مفتوحة إلى المهندس المعماري المبدع منهل الحبوبي: -العر ...
- أول جريمة إبادة جماعية تركية ضد الشعب الأرمني في القرن العشر ...
- هل يمكن حل الأزمة الطاحنة في العراق؟
- حول تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني حول العراق
- المستبدون القتلة في سوريا والمحكمة الجنائية الدولية
- التعامل مع الصحف العراقية جحيم لا يطاق!
- هل للقتلة في العراق دين أو مذهب؟
- ألا تشكل الجامعة العربية إحدى أهم الكوارث العربية؟
- هل من سبيل لوقف سفك الدماء في العراق؟
- كارثة تلو أخرى... فإلى متى يا حكام العراق ؟
- الاستبداد والتآمر والقسوة وتغييب المصلحة العامة هي جزء من مح ...
- خاطرة: من يكرس حكم المستبدين في الأرض؟
- مجزرة جديدة للحكومة التركية ضد الشعب الكُردي
- بغداد تئن من وجع الجميع !!
- تفاقم الصراعات المحلية والإقليمية والدولية المستقطبة في العر ...
- الصراعات السياسية ونجاح قوى الإرهاب في قتل المزيد من الأبريا ...
- العراق وموقعه ضمن اللائحة الدولية لحقوق الإنسان والشفافية ال ...


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ساعة الحقيقة: بين الحكم والقتلة ينزف الشعب دمه!