|
اسرقوا حسابات الإسرائيليين
نادين البدير
الحوار المتمدن-العدد: 3633 - 2012 / 2 / 9 - 09:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين يحدث التصادم بين القانون والفتوى، فأيهما نختار؟
حين تتنافر التقاليد والتربية مع الفتوى المثبتة، فلأى كفة ننحاز؟
نحن لا نسأل أنفسنا: لِمَ رفضنا فتوى إرضاع الكبير رغم أنها موجودة بالكتب ومدمغة بالأدلة؟ ولا نسأل أنفسنا: لِمَ قبلنا بفتوى زواج المسيار رغم عدم وجوده بالكتب، بل رغم أن بطلان الإشهار كان يعنى سابقاً بطلان الزواج؟
لِمَ نجلد فتوى حتى الذبح ونحولها لقضية رأى عام، بينما نستسيغ أخرى ونجهد طويلاً باحثين عن سبب لظهورها؟
لِمَ اعتبر التشدد تعليم المرأة كفراً ثم عاد ونادى به؟ لم لم يصدق التشدد كروية الأرض ووصول الإنسان للقمر ثم عاد ليسمح بتصديق تلك الغرابات والمحرمات الكونية؟
لِمَ كانت مشاركة المرأة السياسية كفرا وأصبحت اليوم ضرورات تبيح المحظورات؟
ترون. الأمر كله متعلق بعصرنا ومتطلباته وحضارته وتقاليده ونمط حياته، ولا علاقة للدين بالأمر بتاتاً. كله حسب ما تراه عاداتنا ومجتمعاتنا لا حسب ما رآه السلف أو ما يراه ورثة السلف.. تتهادى الفتوى بين مجتمعاتنا، تفور هنا وتغلى هناك وتخمد هنا.. كله حسب عادات وتقاليد المجتمع الذى سحبتها الأقدار إليه.. إما أن تطبق أو يتم تجاهلها، ولا علاقة للدين بالأمر بتاتاً.
-----------
كتبت مقالاً سميته (سلف مصر نسخة تايوانية)، مازال البعض غضبانا لاعتقادهم أنى أقلل من شأن السلف، لكنى كنت أروى مشهد السلف المصرى من زاوية بعيدة.
المهندس خفيف الظل (أتمنى له خفة الوزن أيضاً) الشيخ عبدالمنعم الشحات صرح، منذ يومين، بأن من قُتلوا فى أحداث بورسعيد ليسوا شهداء إنما قُتلوا ظلماً، كما أنهم كانوا ذاهبين للهو محرم. قبل أن أسترسل أكمل تساؤلات المقدمة: ألم يكن الخروج على الرئيس مبارك كفراً بالعرف السلفى؟ أكان الخروج ردة سلفية؟ أكان تماشيا مع معطيات العصر؟
لن أناقش لقب الشهادة، فحتى الإعلاميون صاروا أيضاً يطلقون هذا المسمى يميناً ويساراً. مثلما يرمى أهل الدين التسميات أيضاً.. لكن أبسط التعازى يا شيخ لأهالى الذين قتلوا ظلماً وبمنتهى البشاعة أن نمنح أبناءهم لقب الشهادة.
لاحظوا ما كتبت (أن نمنح) نحن الذين نمنح لقب الشهادة.. نحن الذين نصبنا أنفسنا محل الرب، نمنح اللقب ونسحبه، أو نعترض على منحه، وتصبح حتى علاقات الموتى بربهم رتباً وكرامات نقررها نحن البشر.
المهم أنى، وأنا أستمع إليه، تذكرت أواخر الثمانينيات السعودية حين كنا نستمع لمن يقول إن ملابس لاعبى الكرة محرمة لأنها تكشف عن الركبتين وعورة الرجل من السرة للركبة.
لكن سلفنا تطور عن سلف مصر الذى يعيد اختراع العجلة. سلفنا دخل طوراً رجعياً جديداً، طوراً متقدماً جداً من الرجعية يتعدى ركبة اللاعب وصورة المرأة وتحريم الفن.. وصل السلف لمعركة العرب مع إسرائيل، حتى دخل على خط الحسابات الإسرائيلية وأفتى الشيخ السعودى عبدالعزيز الطريفى بجواز استخدام بطاقات الائتمان الإسرائيلية المسروقة لأنها صادرة من بنوك غير مسلمة. القانونيون جرموا الأمر. الحكم القانونى جرم فعل السرقة المشين، لكن الحكم الشرعى أجازه.
فى رأيى، أهم ما بالمسألة أن هؤلاء المشايخ لا يأتون بأشياء مبتدعة من وحى خيالهم، فكل ما ينطقون به مثبت بالكتب الموروثة. حتى فتوى الشيخ عبدالمحسن العبيكان عن إرضاع المرأة لسائقها، لم تكن من بنات أفكاره بل من كتب السابقين. وأزعم أنه بعد فتوى الرضاعة المصرية، ثم الرضاعة السعودية، اللتين شغلتا الدنيا، فإن فتوى إباحة أموال الإسرائيليين المسروقة تستحق لقب فتوى العام بجدارة.
قال الشيخ الطريفى: « لا عصمة إلا لبنوك المسلمين».. تغيروا كثيراً.. قبل سنين كانوا يحرّمون التعامل مع كل البنوك حتى تلك التى بديارنا. ثم صنَّف الشيخ الحسابات البنكية لصنفين: فأى دولة بينها وبين الإسلام سلام فلا يجوز للإنسان أن يأخذ المال إلا بحقه، أما إن كان بين الدولة والإسلام عداء، فلا يربطهما سلام ولا مواثيق فهنا مباح الاستخدام ولا حرج على الإنسان من استخدام بطاقات الائتمان الإسرائيلية!.. فماذا يا شيخ لو صدرت فتوى مضادة تجيز السطو على حسابات المسلمين؟ ماذا لو تم تعطيل عمليات (سابك) أكبر شركة صناعات بتروكيماوية أو (أرامكو) التى تدير المحفظة النفطية السعودية وكلتاهما تتعامل مع بنوك العالم؟
فتوى الحسابات المسروقة تتواءم تماماً مع ما كتب بإحدى صفحات مناهجنا الدراسية: الكافر حلال الدم والمال والعرض.
مازال السلف غارقين فى كثبان الرمال، رافضين تصديق أمر العولمة. كما رفضوا تصديق كروية الأرض.. فما رأيكم: هل ننشغل بفتوى السرقة أم نتعداها للانشغال بالكواكب، الجغرافيا، الكون، المحيطات، باطن الأرض، طالما أن مسائل السلف تخضع مع التقادم للتغيير والتبديل والتقهقر والرجوع؟
ما رأيكم: إلى أين نحن ذاهبون؟!
#نادين_البدير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية الأوطان
-
احلم.. احلم.. احلم
-
منافق.. خائف.. خائن.. محايد
-
من مصر ٢
-
رسائل أول السنة
-
فى إيطاليا: معبد لمئذنة وصليب
-
لماذا؟
-
لا تنام أو أنام
-
ويل للمنافقين
-
سلف مصر.. نسخة تايوانية
-
فى السعودية.. هذه انشغالاتنا
-
السعودية: نجم الليبرالية الجديد
-
شباب التحرير صناع التحرير
-
عيب عليك يا شعب
-
كنائس الخليج
-
لا للحريات الاجتماعية
-
امنحنى السلطة أمنحك الفتوى
-
ميليشيا الشرطة الدينية.. قريباً
-
حياتى كعازبة
-
متى أستطيع..؟
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|