أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادين البدير - من مصر ٢














المزيد.....

من مصر ٢


نادين البدير

الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 10:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عائلتى لم تكن من الأسر السعودية التى تمضى الصيف فى مصر، وكثيراً ما غبطت صديقاتى اللواتى كن يمضين إجازاتهن فى البلد الذى أحفظه عن ظهر قلب ولم أره بعد. لم أر مصر إلا فى مرحلة الماجستير أى بعد انتهاء بدايات تكوينى الفكرى، الذى كان لمصر دور كبير فى تشكيله. ولأننى لم أكن آتى إلى هنا فى طفولتى وصباى لذا لم ألامس التغيرات التى أصابت المجتمع المصرى أو النهضة المصرية. كنت أرى مصر كما تريدنى هى أن أراها.

أول مقال نُشر لى فى مصر تحديداً هنا فى «المصرى اليوم» بعنوان (من مصر) كان عن تلك الصورة المتناقضة بين مصر فى مخيلتى والحقيقة التى شاهدتها فى أول زيارة لى لأرضها.

أصابتنى صدمة، وكنت أسير مذهولة، أحاول جاهدة إيجاد نقاط تشابه قليلة تجمع بين ما أعرفه وما أراه. لحظة واحدة. كيف ومتى حدث هذا كله؟ أين الحرية وأين الفكر؟ أين تمرد الإنسان وأين مفكرو النهضة وناشطات الحركة النسوية؟ أين حركة النقد والموضة والكعوب العالية والفساتين؟ وكان من يسير معى يخبرنى: إنك تعرفين التغيرات السياسية والاقتصادية والدينية التى غيرت مصر فلم الذهول؟ أجبته: كنت أعرف لكن يبدو أنى لم أود التصديق. مصر التى تعلمتها وأحببتها، كيف أتقبل ببساطة أى مصر بديلة؟

كانت أول لحظة أدمع بها لمكان آخر غير الصحراء، حاولت بنضج تمييز تأثرى: أكان لحال البلد، أم لأجل أيام طويلة أنفقتها لأكتشف أنها مجرد حبر وورق وكلمات؟

العامل الأهم فى ذهولى هو أن البلد الذى صدّر الحرية والإبداع بكل أنواعه صار مكاناً مقيداً بكل أنواع الرقابة، أسوؤها الرقابة الذاتية. والبلد الذى علمنا قول (لا) بحس عال لا أسمع به غير «نعم» و«حاضر».

ما الذى كنت أعيشه إذن؟ وهم؟

وكل تلك الليالى أمضيتها وغيرى فى قراءة مصر وأدباء مصر وفنون مصر. أكانت خدعة؟ أو كالرجل الذى نام مائة عام واستيقظ ليفاجأ بدار غير داره؟

لذا حين جاءت الثورة اعتبرتها مسألة خاصة بى وحدى، أعتقد أن كل عربى تأثر بثقافة مصر اعتبر الثورة مسألة خاصة به وحده. تعلقنا لم يكن خيالاً. كانت التغيرات مجرد أدخنة عبثت بهواء مصر وجاءت الثورة لتنهيها. نشأتنا لم تكن وهماً. أكبر دليل هو ميدان التحرير.

لكنها السعادة المؤقتة والوهم الجديد.

فى زيارتى الحالية لمصر أراها تعود تدريجياً ليس إلى الوراء الذى صدمنى قبل سنوات، ليس لنظام الرئيس السابق إنما لوراء لم تعشه قط. ضفاف النيل التى اعترضت فى مقالى الأول على الحجاب الذى غزاها بصورة مبالغ بها ومثيرة للتساؤل عن سبب هذا التوحد ــ ستتحول إلى ضفاف ينتشر عليها كل أشكال النقاب الجسدى والفكرى للرجال والنساء على السواء. ضفاف النيل التى تغزلت بحالات الحب التى تعلن عليها رغم التشدد ورغم سيادة الحجاب ورغم الانتكاسات ورغم الفقر ــ فى المستقبل القريب ستنصب عليها مقصلات للعشاق، فالحب رذيلة، ووقوف رجل وسيدة لا تربطهما علاقة شرعية هو خلوة غير شرعية (يستحق أصحابها الجلد) ولو كان فى الشارع العريض وأمام كل البشر. هذا هو العرف القادم هنا.

أسير الآن على أرض مصر وأستمع لمن يحكى عن جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى مصر التحرير. أستمع للشيطان الذى يتلاعب مع دور الله ويظن أن بيده تحديد معيار المعروف ومعيار المنكر.

فى المدن السعودية ظاهرة جديدة هى (نقاط التفتيش) لا تظنوا أنها نقاط بوليسية لمراقبة الأمن والأمان، إنما لنزع ما تبقى من كرامة لدى أى مواطن. هى نقاط لجهاز الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الهيئة التى تسلب منك عزة نفسك حين تشعرك بضعفك وأنت لا تتمكن من الدفاع عنك أو عن السيدة التى بجوارك وهم يهينونها ويصرخون عليها أو.. يضربونها. وكله بسلطة رسمية.

نقاط تفتش السيارات، تتأكد من العلاقات التى تربط من بداخلها، الخصوصية منتهكة، والحرية معدومة، والمواطن يُسحق فى شوارع بلده لكنه سحق لكرامته فقط، سحق يبقيه حياً بعد انتهاء الإعدام لضمان وجوده الصورى أمام العالم، فيقال إن هناك مواطناً بالداخل، يأكل، يشرب، ينام، يطيع، يرضخ، يعبد، دون أثر لإنسانيته أو شعوره أو تمرده واعتراضه.

فلم اندلعت ثورة التحرير؟ ولم استشهد شبان وشابات مصر؟ لهذا المستقبل؟

الآن لم أعد أتحسر، لابد من تجاوز المرحلة المعرفية الأولى، فلست صغيرة كى أتباكى، ولم أعد طفلة من حقها التدلل، ولن يتوقف الزمن عند مصر التى بمخيلتى. صار لزاماً استيعاب صورتها الجديدة وتأثيرها الجديد فى المنطقة وعلاقاتها... إلخ.

السطر السابق فقط لأكون واقعية لكنى بداخلى أكتب (من مصر ٢) ومازلت أرى مصر كما تريدنى هى أن أراها.



#نادين_البدير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل أول السنة
- فى إيطاليا: معبد لمئذنة وصليب
- لماذا؟
- لا تنام أو أنام
- ويل للمنافقين
- سلف مصر.. نسخة تايوانية
- فى السعودية.. هذه انشغالاتنا
- السعودية: نجم الليبرالية الجديد
- شباب التحرير صناع التحرير
- عيب عليك يا شعب
- كنائس الخليج
- لا للحريات الاجتماعية
- امنحنى السلطة أمنحك الفتوى
- ميليشيا الشرطة الدينية.. قريباً
- حياتى كعازبة
- متى أستطيع..؟
- فتوى المرضعات الجدد
- ما بكم؟ وما كل هذا الغضب؟
- أنا وأزواجى الأربعة


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادين البدير - من مصر ٢