أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حامد الحمداني - من أجل تطوير مناهجنا التربوية لأجيالنا الناهضة














المزيد.....

من أجل تطوير مناهجنا التربوية لأجيالنا الناهضة


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 3630 - 2012 / 2 / 6 - 22:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


أن التطور الذي شهده عصرنا الحاضر في أساليب التربية الديمقراطية قلب المفاهيم التربوية السائدة رأساً على عقب، فبعد أن كان الكتاب والمعلم، وهو لا يزال مع شديد الأسف في الكثير من البلدان النامية هما المحور الذي تدور حوله عملية التربية والتعليم، وجلّ هم المدرسة حشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات النظرية التي تتضمنها الكتب المقررة من قبل وزارات التربية والتعليم، والتي ليس لها علاقة بواقع حياتهم، ولا صلة تربطها بالمجتمع، وإجبار التلاميذ على استيعابها بكل الوسائل،ومنها بكل تأكيد القسرية، بما فيها العقاب البدني، كي يتم حفظها عن ظهر قلب، وتأدية الامتحانات فيها.
لكن تلك المعلومات التي اُجبر على حفظها لا تلبث أن تتبخر من أذهانهم لأن التلميذ ينسى بسرعة ما تعلمه، لكنه يذكر دائماً ما وجده بنفسه، وإن التعلم الحقيقي هو أن يقوم التلميذ نفسه بتجاربه فهو يفهم أكثر إذا عمل بدل أن يصغي و يقرأ، وإن كل المعارف التي يتلقاها التلميذ عن طريق الترديد والتلقين لا تعتبر معارف حقيقية، فقد تكون الخطورة في الترديد من دون الفهم وقد يكون الفهم خاطئاً، وهو ما يعتبر أخطر من الجهل كما يقول أفلاطون.
إن من الضروري أن يتملك التلميذ المعرفة، ويمتصها بكيانه كله، وبفكره وتجربته، لكنه يعجز عن ذلك إذا لم يٌتاح له الوقت المناسب ليدرسها، وليستعيدها لنفسه وحسابه الخاص، ولا يشك أحد أن معرفة كهذه هي أبقى من معرفة تلقن تلقيناً، لأنها تبقى أبداً في حالة استعداد لمجابهة مواقف ومشاكل أخرى حتى ولو نسيتها الذاكرة لأنها تتيح للتلميذ فرصة توسيع إمكانياته.
لقد أهملت المدرسة القديمة ميول ورغبات وغرائز الأطفال، وضرورة إشباعها، وتشذيبها وصقلها، وأهملت ضرورة فسح المجال لإظهار التلميذ لقدراته وقابليته في مختلف الفنون الموسيقية والغنائية والتمثيلية، وأهملت ضرورة إعطائه المجال الواسع للعب، وإظهار طاقاته البدنية المكبوتة، واعتُبرت مسائل ثانوية في نظر القائمين على التربية لا تستحق الاهتمام.
ولقد أجاد المربي الكبير [ جون ديوي ] في كتابه [ المدرسة والمجتمع ] في وصف واقع المدرسة القديمة قائلاً:
{لكي أوضح النقاط الشائعة في التربية القديمة بسلبيتها في الاتجاه وميكانيكيتها في حشد الأطفال، وتجانسها في المناهج والطريقة، من الممكن أن يلخص كل ذلك بالقول بأن مركز الجاذبية واقع خارج نطاق الطفل، إنه في المعلم وفي الكتاب المدرسي، بل قل في أي مكان تشاء عدى أن يكون في غرائز الطفل وفعالياته بصورة مباشرة، وعلى تلك الأسس فليس هناك ما يقال عن حياة الطفل، وقد يمكن ذكر الكثير عما يدرسه الطفل، إلا أن المدرسة ليست المكان الذي يعيش فيه، وفي الوقت الحاضر نرى أن التغيير المقبل في تربيتنا هو تحول مركز الجاذبية، فهو تغير أو ثورة ليست غريبة عن تلك التي أحدثها كوبر نيكوس عندما تحول المركز الفلكي من الأرض إلى الشمس، ففي هذه الحالة يصبح الطفل الشمس التي تدور حولها تطبيقات التربية، وهو المركز الذي ننظمها حوله}.
أما العالم الشهير [ جان جاك رسو ] فقد دعا في عصره إلى إجراء التغيير الجذري في مناهج المدرسة قائلاً:
{حولوا انتباه تلميذكم إلى ظواهر طبيعية، فيصبح اشد فضولاً، ولكن لا تتعجلوا في إرضاء هذا الفضول. ضعوا الأسئلة في متناوله، ودعوه يجيب عليها، ليعلم ما يعلم، ليس لأنكم قلتموه له، بل لأنه فهمه بنفسه، ليكشف العلم بدلاً من أن يحفظه، فعندما يجبر على أن يتعلم بذاته فإنه يستعمل عقله بدلاً من أن يعتمد على عقل غيره.
فمن هذا التمرين المتواصل يجب أن تنتج قوة عقلية تشابه القوة التي يعطيها العمل والتعب للجسم. إن الإنسان يتقدم بالنسبة لقواه، وكذلك الفكر فإنه مثل الجسد لا يحمل إلا ما وسع من طاقته}.
وهكذا إذاً كانت الدعوات من قبل العلماء والمفكرين تتوالى لإعادة النظر في المناهج الدراسية والتربوية من أجل تحويل المدرسة إلى صورة مصغرة من المجتمع الديمقراطي المشذب والمهذب، لكي يمارس التلاميذ حياتهم الفعلية فيها، ويستنبطوا الحقائق بأنفسهم، وليصبح الكتاب والمعلم عاملين مساعدين في تحقيق ما نصبو إليه في تربية أجيالنا الصاعدة، ولتصبح المدرسة هي الحياة بالنسبة لهم، وليست إعداداً للحياة، حيث يمارس التلاميذ داخل مدرستهم مختلف أنواع المهن الموجودة في المجتمع الكبير، ويمارسون كل هواياتهم الفنية، والرياضية، والموسيقية، وغيرها من الهوايات الأخرى.
وبكل ثقة نستطيع أن نقول أنهم بهذا الأسلوب سوف يطلقون قدراتهم الذاتية في الاستطلاع، والفهم، والاستيعاب، واستنباط الحقائق بأنفسهم، خيراً ألف مرة من تلقينهم الدروس المحددة والجامدة والتي لا تغنيهم شيئا،ً ولا تلبث أن تطير من أذهانهم .
أننا إذا كنا ننشد إقامة نظام ديمقراطي حقيقي فعلينا أن نبدأ بتربية أبنائنا على أسس ديمقراطية، وهذا يتطلب منا أحداث ثورة في المناهج التربوية تزيح جانباً الأساليب التربوية البالية، وتعتمد الأسلوب العلمي والديمقراطي الحديث، وعلينا أن نعيد أعداد الجهاز التربوي بما يتلاءم مع التطوير المنشود لمناهجنا التي عفا عليها الزمن، وهذا يقتضي بذل جهود مضنية لأعداد الدورات الدراسية للجهاز التربوي تؤهلهم للنهوض بهذه المهمة الصعبة والكبيرة.
وإذا لم نعد الجهاز التربوي إعداداً ديمقراطياً سليماً، ولم نستأصل الفكر الفاشي القائم على العنف، والذي نما وترعرع على عهد النظام البعثي، وإذا لم نحرر التربية من هيمنة الأحزاب الدينية الطائفية التي هيمنت على السلطة، وبالتالي على إعداد المناهج الدراسية، وتنقيتها من الفكر المتخلف الذي عفا عيه الزمن، والذي حول مدارسنا إلى الكتاتيب التي عرفناها فيما مضى، فليس من الممكن إطلاقاً أعداد جيل يدرك معنى الديمقراطية، ويحيا في ظلها، ويتمسك بها، فالمناهج الحديثة المتطورة والجهاز التربوي المتشبع بالفكر الديمقراطي عاملان متلازمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما، لكي نحقق الأهداف التي نصبوا إليها في تربية أجيالنا الصاعدة التربية المنشودة .



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يدفع الشعب العراقي فاتورة الصراع على السلطة؟
- وثبة كانون الثاني المجيدة في ذكراها الرابعة والستين
- هل اقتربت ساعة الحسم بين المقامرين بمصير العراق وشعبه؟
- ينبغي الحذر من دفع البلاد نحو الحرب الطائفية، وعدم اختزال ال ...
- الأمم المتحدة مدعوة لإنقاذ العراق من خطر الحرب الأهلية قبل ف ...
- مشاريع تمزيق العراق باسم الفيدرالية، ومسؤولية حكومة المالكي ...
- قوى الديمقراطية واليسار، والربيع العربي
- محنة الشعب السوري بين طغيان نظام البعث، ومخاطر التدخل الدولي
- العراق في خطر داهم، ولابد من تدارك الأمر قبل فوات الأوان!
- الشعب الكردي من حقه أن يكون له كيان مستقل إذا ما تهيأت له ال ...
- من ذاكرة التاريخ : الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على العرا ...
- من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على العراق ...
- من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على العراق ...
- من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على العراق ...
- من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية، وتأثيرها على العرا ...
- من ذاكرة التاريخ: الحرب العالمية الثانية، وتأثيرها على العرا ...
- هكذا تم تشريع الدستور على مقاس الحلف الشيعي الكردي
- تحالف الاحزاب الطائفية الشيعية والقومية الكردية
- المالكي، والدستور ، ومشاريع القوى القومية والطائفية لتمزيق ا ...
- من ذاكرة التاريخ: مؤامرة نوري السعيد لاسقاط حكومة جميل المدف ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حامد الحمداني - من أجل تطوير مناهجنا التربوية لأجيالنا الناهضة