دمشق - لندن - أخبار الشرق
(خاص)
شهدت قضية اتهام النائب منذر موصلي الكاتبَ المعروف عبد
الرزاق عيد بالخيانة ومطالبته بمحاكمته، فصلاً جديداً هذا الأسبوع، إذ تدخلت "لجان
إحياء المجتمع المدني" لصالح عيد، بينما انتهز فصيل كردي الفرصة لاتهام موصلي
بالعنصرية تجاه الأكراد، و"قبِل" الأخير التحدي متمسكاً بموقفه.
فقد كشف مصدر في لجان إحياء المجتمع المدني لأخبار الشرق أمس الأربعاء
أن اللجان عقدت اجتماعاً في 31 آب المنصرم لمناقشة الحصيلة العامة للعامين
الماضيين، ولا سيما الأحكام التعسفية التي صدرت بحق المعتقلين الديمقراطيين
العشرة.
وقالت المصدر "انطلاقاً من الحس بالمسئولية الأخلاقية
والوطنية والسياسية، ناقش الحضور مقال الدكتور عبد الرزاق عيد المنشور في صحيفة
"النهار" اللبنانية تحت عنوان (وداعاً عارف دليلة أو إلى اللقاء بعد صدور الحكم بـ
"إعدامك") بتاريخ 7/8/2002، وردّ عضو مجلس الشعب السيد منذر الموصلي المنشور في
الصحيفة ذاتها تحت عنوان (أدعو لإحالة هذا الكاتب على القضاء السوري) بتاريخ
23/8/2002".
وأضاف المصدر يقول إن الحضور "توقفوا عند انحدار لغة
الحوار في رد السيد منذر الموصلي، والتصعيد الخطير في لهجته، ما ينذر بآثار سلبية
على الحوار السياسي والثقافي في بلدنا، وعلى أخلاق الحوار والمواطنة فيه
أيضاً".
وخلصت اللجان إلى أن "ذهنية التخوين والتجريم والتكفير
التي ما زال ينطلق منها السيد الموصلي - وإن يكن لها أصل قديم في الثقافة الدينية
والسياسية لمنطقتنا - كان لها دوماً أفدح الأثر على حياتنا الثقافية والفكرية
والسياسية، ويجب الانتهاء منها بلا رجعة، كما يجب إحالة ترسانتها الصدئة والمستهلكة
إلى متحق التاريخ، على أم أن تتعرف الأجيال القادمة عليها، ولا تقع في فخّها، مثلما
وقع آباؤها وأجدادها".
وأعرب المجتمعون عن قلقهم لأن
النائب موصلي "لا يتوقف عند التكفير والتخوين، بل يتجاوز ذلك إلى المطالبة بإحالة
الدكتور عيد إلى القضاء، مع التأكيد المسبق بأنه سوف يُحال إليه حتماً، ما يبين
بوضوح الخلفيات التي ينطلق منها، وأغراض التهديد والوعيد التي ينطوي عليها. يُضاف
إلى ذلك أن الاتهامات التي ساقها السيد الموصلي بالنسبة لنقد السلطة ومؤسساتها لا
تشكل تهمة بالأساس، لأن النقد حق طبيعي للإنسان والمواطن، تكفله الشرائع السماوية
والوضعية، مثلما هو ممارسة طبيعية لحقه في التعبير عن رأيه في واقعه، الذي يجب أن
يخضع للنقد والنقاش والاختلاف والاتفاق، دون أن يؤدي ذلك إلى تهم وتهديدات أو
إحالات إلى القضاء".
واستنكر المجتمعون "هذا النكوص
إلى ذهنية التخوين والتجريم والتكفير، واستعداء السلطة على أصحاب الرأي"، ورأوا "أن
الأمر لا يخص الدكتور عيد وحده بمقدار ما هو يهم الجميع، وخاصة منهم المثقفين
والنشطاء السياسيين والاجتماعيين وأصحاب الرأي، الأمر الذي يضع مواطنينا أمام
مسئولياتهم في الرد عليها بالكلمة الواعية الحرة والمسئولة، الكفيلة وحدها بدفن هذه
الذهنية إلى الأبد".
وعلمت أخبار الشرق أن المجتمعين
وقعوا بلاغاً حوى هذه المعاني، وهم: سمير النشار، ويوسف مريش، ومعاذ حمور، وياسين
الحاج صالح، ود. عز الدين جوني، ود. سامر العطري، وميشيل كيلو، ومشعل تمو، وعبد
الله خليل، ود. صادق جلال العظم، وأسامة عاشور، وأصلان عبد الكريم، وجاد الكريم
الجباعي، وفيصل يوسف، ود. يوسف سلمان، ود. مية الرحبي، ونجاتي طيارة، وإيمان شاكر،
ونذير جزماتي.
حزب
كردي
من ناحيته، قال ناطق باسم المكتب السياسي لحزب الاتحاد
الشعبي الكردي في سورية (حزب معارض محظور تقيم قيادته في الخارج)، إن الحزب يؤيد
دعوة المثقفين إلى إسقاط عضوية النائب منذر موصلي، ويطالب المثقفين "بإضافة بند
ممارسة العنصرية إلى حيثيات الدعوى المزمع إقامتها".
وأضاف الناطق، في بيان أُرسل إلى أخبار الشرق، "نؤكد من جديد أن دور
السيد النائب منذر موصلي "الأمني" لم يتوقف بعد. فقد كان ضابطاً في الأمن برتبة
مقدم مكلفاً بالملف الكردي، في إطار التعريب والتهجير حسب الموقف الرسمي السائد،
وأحد العناصر الأساسية الذي أشرف ميدانياً على تنفيذ مخطط الحزام العربي سيئ الصيت
في الجزيرة، وإسقاط الجنسية عن أكثر من 150 ألف مواطن كردي".
واتهم الناطق موصلي بأنه "أصدر كتابين بإشراف مباشر من الأجهزة الأمنية
حول الأكراد بهدف تثبيت نظرية عدم وجود شعب كردي في سورية، والتنظير التاريخي
والفكري والسياسي لموقف الأوساط الشوفينية، والإساءة إلى تاريخ الحركة التحررية
الكردستانية ورموزها، والتشكيك بمبادئي التآخي العربي - الكردي والصداقة بين
الشعبين عبر إثارة العداء والعنصرية والتمييز القومي. وبسبب دوره الأمني والعنصري
كوفئ بعضوية البرلمان"، حسب البيان.
موصلي
يصعّد
وكانت مصادر في لجان إحياء المجتمع المدني، قد سربت قبل
أيام مسودة بيان قالت إن توقيعات تُجمع بشأنها، تطالب بإسقاط عضوية النائب منذر
موصلي في مجلس الشعب تمهيداً لرفع دعوى عليه، ومحاكمته على خلفية مقاله بحق الدكتور
عبد الرزاق عيد.
غير أن موصلي صعّد من جانبه، وقال في تصريحات نشرتها صحيفة
"الزمان" اللندنية الثلاثاء، إنه قدم بنفسه مذكرة دستورية إلى رئيس مجلس الشعب عبد
القادر قدورة "يطالب فيها برفع الحصانة عنه لإتاحة المجال لجماعة المجتمع المدني
الادعاء عليهم. أو السماح للقضاء بمقاضاته والتحقيق معه بناء على طلب جماعة المجتمع
المدني لأنه اتهم أحد أعضاء هذه الجماعة بالخيانة".
وأوضح موصلي أنه "يثق بالقضاء وبنفسه وبصحة الاتهام والذي وجهه إلى
الشخص المعني من أنه ارتكب جرم الخيانة". ومعروف أن موصلي دعا إلى إحالة عبد الرزاق
عيد إلى القضاء و"التحقيق معه كونه يدعو إلي التدخل الخارجي لتغيير الأنظمة في
الوطن العربي، ومنها سورية، ولتحريضه على النظام علناً وبأبشع الألفاظ"، مستنداً في
توجيه التهمة إلي مقال عيد الذي حذر من "تفشي مزاج سياسي ثأري شبيه بمزاج المعارضة
العراقية التي لم تجد وسيلة لمعارضة مخابراتها إلا باللجوء إلى المخابرات الأمريكية
(..) لكن الجديد المفاجئ والمؤلم اليوم أن هذه الظاهرة تتفشي وباتساع واضح في أوساط
الشباب السوري الذين راحوا يعبرون عن تأييدهم للعدوان الأمريكي على العراق تحت شعور
بالإحباط واليأس".
ويأخذ موصلي على عيد أيضاً قوله
"إن أنظمة العالم العربي هي الوحيدة المستعصية علي التاريخ وقوانينه فهي لا تتحول
ولا تتطور ولا تتغير وفق صيرورات داخلية فلا بد من قبول التدخل الخارجي وتأييده
وإلا سنعيش أبد الدهر بين الحفر"، إضافة إلى فقرة أخرى في المقال تقول "في اليوم
الثاني من حكم عارف دليلة، تلقيت اتصالاً هاتفياً من مجهول قدرت أنه ربما كان
صحفياً يسألني هل سمعت بالحكم الصادر عن صديقيك عارف دليلة ووليد البني؟ .. وعندما
قلت نعم، قال ساخراً شامتاً: ألا زلت متحمساً ومصراً على أفكارك الرافضة أي تدخل
خارجي في شأنك الداخلي العربي؟".
يُذكر أن النائب منذر موصلي
انتُخب عضواً "مستقلاً" في مجلس الشعب السوري عام 1998، وهو ذو تاريخ قديم في حزب
البعث الحاكم يعود إلى الستينات. إذ شغل مناصب أمنية وإدارية وإعلامية عديدة بعد
وصول البعث إلى السلطة في 8 آذار 1963، من أبرزها إشرافه على إدارة مكتب الحاكم
العرفي، في عهد رئيس الوزراء صلاح الدين البيطار ووزير الداخلية الفريق أمين
الحافظ، ومن ثم شغل منصب المدير العام للأنباء، ومستشار الرئيس لشئون الإعلام،
ومديراً لمكتب الرئيس الأسبق الفريق أمين الحافظ، وذلك حتى قيام حركة 23 شباط عام
1966 التي أسقطت أمين الحافظ. وبعد حركة 23 شباط عاد موصلي إلى عمله كضابط في قوي
الأمن الداخلي، وتسلم مناصب أمنية وإدارية ثم انخرط في تنظيم سري داخل حزب "البعث"
وعندما اكتشف هذا التنظيم اضطر إلى الفرار إلى العراق. وعاد إلى سورية إثر قيام
الحركة التصحيحية في تشرين الثاني عام 1970، وقضى عقوبة بالسجن بتهمة التآمر
والفرار لمدة أربع سنوات.
وتقول "الزمان" إنه انتسب إلى
حزب البعث في بداية الخمسينات، وبقي فيه عملياً إلى نهاية الستينات بعد أن سُجن
لفترة قصيرة أيام الرئيس السوري الأسبق نور الدين الأتاسي ورئيس أركانه صلاح جديد،
قبل أن يفر إلي العراق. وله عدد من الكتب، منها: "البعث والأكراد"، و"عرب وأكراد ..
رؤية عربية للقضية الكردية" الذي صدر في ثلاث طبعات، و"الحياة الحزبية والسياسية في
كردستان" الصادر عن دار نجيب الريس في لندن، و"القضية الكردية في العراق"، و"الثورة
الكردية: 150 عاماً من الإحباط"، و"قراءات في حرب الخليج عرب وفرس"، و"الصحافة
السورية ورجالها: إعلام وأعلام"، و"الأسرة الدولة: دور الكويت وآل الصباح في
الخليج" عن دار الريس.
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
