دمشق - أخبار الشرق
عقدت محكمة أمن الدولة العليا في سورية أمس ثلاث جلسات نظرت فيها في ملفات ثلاثة ممن باتوا يعرفون بمعتقلي "ربيع دمشق"، هم استاذ الاقتصاد عارف دليلة والطبيب وليد البني والمحامي حبيب عيسى.
وحسب الخبر الذي بثته الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" فإن الجلسات "العلنية" الثلاث كانت مخصصة فيما يتعلق بدليلة لمرافعة الدفاع، والبني من اجل تقديم النيابة العامة مطالبتها، وعيسى من اجل استجوابه. وبينت الوكالة الوطنية أن الجلسات تمت "بحضور محامي الدفاع وأهالي المتهمين" وفي جلسة دليلة "قدم المحامون مذكرة دفاعية من 20 صفحة ورفعت الجلسة للتدقيق الى السابع عشر من الشهر القادم"، أي لإصدار الحكم.
وفي محاكمة الطبيب البني "قدمت النيابة العامة مطالبتها الى هيئة المحكمة مطالبة فيها بالحكم على المتهم وفق قرار الاتهام واجلت المحاكمة لتقديم الدفاع الى التاسع والعشرين من الشهر الجاري، كما جرى استجواب المحامي عيسى حول ما اسند اليه في قرار الاتهام واستمهلت النيابة للمطالبة ورفعت الجلسة الى الرابع والعشرين من الشهر الجاري".
بدورها ذكرت مصادر هيئة الدفاع ان "الجلسات استمرت منذ العاشرة والنصف والى ما بعد الثانية ظهرا، منها اقل من عشر دقائق لدليلة، ومثلها للبني، واكثر من ساعة لعيسى، ولم يدخل اهالي المتهمين الا بعد اكثر من مطالبة من الدفاع وبعد انتهاء جلستي دليلة والبني وقبل بداية جلسة عيسى، ودخل منهم زوجة دليلة وزوجة البني وشقيقته، وزوجة عيسى واولاده".
وبينت المصادر ان هيئة الدفاع "حاولت في جلسة الناطق باسم لجان احياء المجتمع المدني وعميد كلية الاقتصاد الاسبق في جامعة دمشق عارف دليلة الحصول على استمهال يتيح لهم اللقاء مع موكلهم وتبادل وجهات النظر معه، تماما كما سمح القاضي فايز النوري في جلسة محاكمة الامين الاول للحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي رياض الترك، الا ان النوري اصر على ان يقدم الدفاع مرافعته ما اضطرهم الى تقديم مشروع دفاع كان بحوزتهم وحمل تواقيع كل اعضاء هيئة الدفاع وتألف من 20 صفحة، اضافة الى مذكرة قدمها دليلة بذاته وحملت توقيعه وتألفت ايضا من 20 صفحة".
وذكرت المصادر أن "القاضي وافق على عدم اعتبار ما قُدم من مذكرات أنها نهائية، ويمكن تقديم مذكرة واحدة خلال اسبوع تتضمن الملاحظات التي ابداها دليلة على مذكرة الدفاع، مع الملاحظة ان هيئة الدفاع لم يتسن لها اللقاء بدليلة منذ جلسته الاخيرة قبل اسبوع".
وقالت ان "القاضي رفع الجلسة الى السابع عشر من الشهر القادم للتدقيق واصدار الحكم أي الى يومين بعد انتهاء العطلة القضائية المقررة من 1 إلى 15 تموز القادم".
وحسب المصادر ذاتها فان "الجلسة الثانية كانت للطبيب وليد البني، عضو لجان احياء المجتمع المدني وعضو الهيئة التأسيسية لمنتدى "الحوار الوطني" الذي كان ينشط من داخل منزل النائب المحكوم رياض سيف، وكانت مخصصة للاستماع الى مرافعة النيابة، حيث طالبت هذه اعتماد الدليل الوارد نتيجة التنصت الذي تم على البني في زنزانته خلال فترة توقيفه الممتدة لاكثر من تسعة اشهر اضافة الى الادلة السابقة المتعلقة بمداخلاته في المنتديات، وطالبت اثر ذلك بإنزال اقصى العقوبة بحق البني".
وقالت المصادر ان النيابة اعتبرت ان "ما تم تسجيله خلال فترة التنصت عليه هو بمثابة دليل اضافي يدعم بقية الادلة فيما يتعلق بجنايات الاعتداء الذي يستهدف تغيير الدستور بطرق مشروعة، ومحاولة اثارة عصيان مسلح ضد السلطة، ومحاولة وهن نفسية الامة، اضافة الى جنحة جديدة هي تحقير رئيس الدولة والنظام"، موضحة انه اذا "ما تم تجريم البني فان عقوبة الاعتقال التي يمكن ان تصدر بحقه ستتراوح بين الثلاث سنوات و15 سنة، مع قدرة القاضي على استعمال الظروف المخففة التقديرية والقانونية لخفض فترة الاعتقال عن الحد الادنى، ولكن من الناحية القانونية والشرعية وفي ميزان القانون والشرعية فان البني شأنه شأن جميع المعتقلين الآخرين يستح البراءة وعدم المسؤولية".
ولفت المصادر الى عبارة غريبة وردت في قرار الاتهام وهي ان "نيابة امن الدولة تعتبر هذه الجرائم (التي ارتكبها البني) تعبيرية أي تمت في اطار التعبير عن الرأي، وهي تهمة لم نسمع بها من قبل".
وفيما يتعلق بالجلسة الثالثة التي كانت مخصصة لاستجواب الناطق باسم منتدى جمال الاتاسي قالت المصادر ان "المحامي المخضرم عيسى نجح في ان يحول جلسة الاستجواب الى جلسة مرافعة من الطراز الشيق، رغم محاولات المحكمة المتواصلة حصر المتهم في اجوبة محددة".
وذكرت المصادر ان "قرار الاتهام المنسوب الى عيسى ضعيف ويستند الى فكرتين او ثلاثة وإن تألف من 11 صفحة الا انه في معظمه كلام مأخوذ من مداخلات رياض الترك ومحاضرته، حيث كان عيسى محاميه قبل ان يتم اعتقاله".
واضافت "من الاسئلة التي وجهها القاضي الى عيسى في انه دافع عن محاضرة رياض الترك التي القاها في منتدى جمال الاتاسي ويحاكم حاليا على اساسها، وقال انها تدعو الى الوحدة الوطنية؟ فرد عيسى على ان المحكمة تأخذ من المحاضرة العرض التاريخي وتترك ما توصل اليه في التعاقد الاجتماعي أي الدعوة الى المصالحة الوطنية"، واضاف "عندما قلت انها تدعو الى المصالحة الوطنية فقد كنت اتبنى وجهة نظره كمحام له".
ومن الاسئلة الأخرى "ما قاله بأن طريق المنتديات ليس مفروضا بالورود فما كان قصدك؟ فكان الرد الا يجب ان نقول ذلك وكانت الاجواء التي سادت البلاد قد وصلت الى أوجها ثم فجأة ودون أن نعرف بدأ شيء آخر (..) حتى اننا قررنا ان نغلق منتدى جمال الاتاسي بعد اسبوع، ولكن حديث الرئيس بشار الاسد لصحيفة المجد الاردنية بأنه تم استثناء منتدى الاتاسي من الشروط المفروضة على المنتديات هو ما دعانا الى استمرار عقد المحاضرات".
وقال عيسى للقاضي "انا شخص قلت رأياً واذا ما كان هذه الرأي جريمة فكم ألف شخص قال مثل هذا الرأي ولماذا أُحاكَم دوناً عنهم جميعا، وهل من الجريمة اذا قلنا للبعثيين تعالوا نتحاور ونستعيد احلامنا معا (..) ألم نكن ايام الانفصال في خندق واحد، وهل المطالبة بتلك الاحلام الجميلة جريمة ونعاقب عليها بعقوبات جنائية؟".
واعتبرت المصادر ان المحامي عيسى استخدم في "الرد على اسئلة القاضي عبارات توافقية وليست تصادمية من قبيل اذا ما كان القانون يعاقب على الاحلام الجملية"، الا انه "عبر عن تأثره كثيراً في الجنحة التي وجهت اليه حول اثارة النعرات الطائفية وقال لهم: عشت كل عمري وانا احمل فكراً قومياً وطنياً واننا لن نهض الا اذا لم نتوحد، وحالتنا لن تقضي علينا فقط وانما ستحولنا الى شعب متسول، واليوم يوجه لي اثارة النعرات الطائفية"، مؤكدا "أن لا احد يستطيع ان يفاوض على الثوابت المقدسة بالنسبة للجميع تجاه العدو الصهيوني والامبريالية العالمية".
وقالت المصادر "لقد عبر عيسى عن امنيته لو ان الضبوط التي اعتمدت عليها نيابة امن الدولة كانت رسمية وحررت وفق الاصول المرعية مع حملها لاسم منظمها بدلا من الضبوط مغفلة التوقيع ليكون بالامكان بموجبها دعوة المسئولين عن تنظيمها ولا يترك الامر كما هو على حاله الآن".
وردا على سؤال في قوله "ان يوم توقيف رياض الترك كان بالنسبة له يوماً حزيناً في تاريخ سورية؟ رد عيسى إن عمري 57 سنة وهي كلها ايام حزينة". واعتبر عيسى في اطار رده على القاضي ان "كل اقواله التي يحاكم على انها ادلة ادانة ضده يعتبرها على النقيض أنها بمثابة دفاع عنه".
وحسب مصادر هيئة الدفاع فانه توجه الى عيسى ذات التهم الموجهة الى البني ودليلة، كما ان الاحكام المتوقع صدروها بحقهم جميعا هي ذاتها.