أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سُلاف رشيد - صورة حسية لفتاة الجسر














المزيد.....

صورة حسية لفتاة الجسر


سُلاف رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3618 - 2012 / 1 / 25 - 23:21
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا أعرفها، ولم ألتقِ بها، فارق العمر بيننا كبير، هي استشهدت في النصف الثاني من الأربعينيات، وأنا ولدت في منتصف الستينيات، وليس بيننا من وشيجة سوى حب والدي، والدي يعتز بها لكونها أول شهيدة تتسامى في فضاء الشهادة، يوم كانت المرأة حبيسة البيت، ويعتز بي لأنني ابنته التي يتمنى أن أكون شبيهة بالتي ضحت بحياتها، ولكن الفرق بيننا كبير يا والدي، هي من عزف الرصاص على صدرها لحن الشهادة والخلود، وأنا من عزف على روحي الدهر لحن الغربة بكل ضياعها، هي القادمة من وسط العراق وبالتحديد من مدينة الديوانية لزيارة أخيها، وأنا أعيش في بلاد ربما تتنكر لانتمائي الوطني، ولا أعرف كيف أبحث عن أخي المفقود. والدي حدثني عنها كثيرا، قال عنها فتاة لا تعرف غير أن أخاها يحب الناس، ومنْ يحب الناس يجب أن يتحمل الكثير من أجلهم، لهذا تراني أُصبر نفسي على فقدان أخي، رغم أنني أتمنى أن ألتقي به الآن، فالصورة أذاً عنها حسية لا ريب:
هي القادمة من وسط العراق، تحمل في روحها شوقا بقدر العراق لرؤية أخيها، ربما هي لا تعرف أن أخاها لم يكن ضمن هذه التظاهرة، ولكن عراقيتها جعلتها تتحسس هذا الضيم الذي يلحق بالعراقيين، مثلما أتحسس غربتي في عيون العراقيين الذين يبحثون عن مأوى في بلاد التشرد.
كان والدي يقرأ القصيدة التي خلدتها، وكنت ارددها معه،
(بهيجة يا بهيجه، كَوميلي خيطي ثوبي، اكَعد بفي أبيتنه، والكَه خبزتي وكوبي)
وأنا ليس لي غيرك يا بهيجة، ياليتنا نتجول الآن في بغداد، ولكن لا قبر نبحث عنه مادامت قبور العراقيين تملأ الدنيا، لا أريد أن أقول أبحث عن قبر أبي، أو ربما أبحث عن شيء يدلني إلى مكان أخي.
بهيجة أعرف أن الرصاص اخترق أضلاعك، مثلما هي الغربة اخترقت كل أضلاع كياني، ولكنك كنت سعيدة بهذا الرحيل الذي لم تطوك أيامه بسأمها، مثلما الغربة طوت أيامي بضجيجها، آه ليت والدي كان حيا، لاحتفلت بك وإياه وأنت تصعدين إلى السماء نجما، فالسماء لا تستقبل إلا الكواكب المضيئة من أمثالك، مثلما الغربة لا تستقبل غير الضائعين من أمثالي،
فتاة الجسر ليس هناك أجمل من جدائلك ولا أجمل من طولك ولا أجمل من عينيك، لأنك كنت الشهيدة الأولى، والمرأة الأولى، في عالم يعز به كل شيء.



#سُلاف_رشيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الحزن والغضب
- بطاقة تهنئة من تحت سماء الغربة
- 8 آذار في كهرمانة
- هل كان حلما ً !؟
- كلنا للعراق .. والعراق للجميع
- باقات ورد إلى مؤتمر رابطة المرأة السابع
- الثاني عشر من أيار..لن يغادر ذاكرتي
- كل عام .. وأنت مبتسم
- في يوم المرأة العالمي
- رسالة إلى والدي الشهيد
- لو يتحقق الحلم
- أحلام قائمة...أمنيات مؤجلة
- حوار الفراق الأبدي
- الحادي عشر من سبتمبر ويوم الأربعاء الدامي
- أسئلة ولدي التي أبكتني
- ل عامك التاسع والعشرين
- من أوراق امرأة من المنفى
- هي...... محاورة بين أب وابنته
- من أوراق إمرأة في المنفى
- من أوراق امرأة في المنفى


المزيد.....




- -عرش الحرير-.. شذر الراوي تتأمل في المرأة والسلطة من الأنبار ...
- ممرضة أمريكية تعذب بوحشية شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة وكام ...
- 800 دينار سجلي حالاً..لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة با ...
- قصة جميلة عن اللطف.. لولا هذه المرأة لما تمكّنت حفيدة من رؤي ...
- روايات الانتحار: رحيلٌ موجع ورسائل عن المعاناة الصامتة
- النساء السوريات.. حياة تحت جلد الحرب والنزاعات والاختطافات ا ...
- المرأة في الكنيسة الكاثوليكية.. أي طريق سيسلك البابا الجديد؟ ...
- مختطفة أم عروس.. ما حقيقة قصة الفتاة السورية ميرا؟
- من الوصاية إلى الشراكة.. النساء في سوريا الجديدة
- جحيم ركيفيت: شهادات من تحت الأرض لمعتقلي غزة


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سُلاف رشيد - صورة حسية لفتاة الجسر