أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية















المزيد.....


وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1069 - 2005 / 1 / 5 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


الحوار المتمدن – خاص :
تغطية وقائع فعاليات مهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني في الناصرية :
تحت سماء الفرات وأور الحضارة
مهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني
فسحة جادة للإبداع والمحبة والتواصل الثقافي
على مدى ثلاثة أيام وللمدة من 24 – 26 / كانون الأول / 2004 أقيم في مدينة الناصرية مهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني ( دورة الشاعر الراحل مصطفى جمال الدين ) ، الذي تدعمه حركة الوفاق الوطني العراقي – فرع الناصرية بالتعاون مع نخبة من أدباء وفناني المدينة ، وقد تميزت هذه الدورة بالتنظيم الجيد والإعداد الدقيق والإقبال الملحوظ من قبل فناني وأدباء العراق الذين لبوا الدعوة للحضور والمشاركة في فعالياته الفنية والأدبية المتنوعة بتنوع المنجز المقدم ، فقد مزج المهرجان في دورته هذه بين إبداعات أبناء مدينة الناصرية وإبداعات ضيوفها الكرام الذين أغنوا جلساته وفعالياته بالحوار والتأمل والرأي والمشاركة الفاعلة .
• حفل الافتتاح : من اجل ثقافة حرة لعراق موحد
تحت شعار ( من اجل ثقافة حرة لعراق موحد ) بدأت جلسة الافتتاح التي حضرها وكيل وزارة الثقافة الأستاذ ( مدين الموسوي ) مع عدد كبير من الأدباء والفنانين وجمهور واسع من المثقفين بالوقوف دقيقة حدادا على شهداء الوطن ، ثم تلا ذلك آيات من الذكر الحكيم وكلمة اللجنة العليا التي تحدث فيها الأستاذ محمد مجهول الزيدي مسؤول حركة الوفاق الوطني في الناصرية عن الصعوبات التي واجهت القائمين على المهرجان والنظرة المحدودة لبعض من حاولوا إفشال التجربة ووضع الصعوبات بوجهها من دون مبررات معقولة ، رغم أن الحضور والمشاركة كانت متاحة للجميع بلا استثناء ، والمح إلى أن هذا المهرجان ليس مجيرا لأحد ، وإنما هو كرنفال ثقافي للجميع ولمبدعي المدينة على نحو خاص ، ووعد بأن يتواصل دعمهم لكل النشاطات الثقافية والفنية وأن يبقى هذا المهرجان برهانا على هوية المدينة الثقافية ، ثم تحدث الأستاذ ( مدين الموسوي ) عن أهمية إقامة هذا المهرجان في مدينة مثل الناصرية باعتبارها حاضنة لحضارة الحرف الأول ، وأثنى بحماس على تخصيص هذه الدورة للشاعر الراحل مصطفى جمال الدين ، ووعد بأن يكون لوزارة الثقافة دور مهم وأساسي في دعم هذا المهرجان ، معتبرا هذه اللفتة الاحتفائية دليل وفاء حقيقي من أدباء الناصرية وفنانيها للشاعر الراحل مصطفى جمال الدين ، ثم تحدث بإسهاب عن دور الراحل في مقارعة النظام الدكتاتوري السابق ، وألقى أبياتا من الشعر في ذكرى وفاة الشاعر :
مل العراق وما مللت عناقا
يا عاشقا وهب الحياة صداقا
أظناه أن جفونه تقلب بها
أطيافها فتثاقلت بها أطباقا
فحشاهما جمرا ليرسم باللظى
وجه العراق يطوق الاحداقا
ثم أنشدت مجموعة من الطلبة برعاية قسم النشاط المدرسي في مديرية تربية ذي قار نشيد ( قيثارة العصور ) تأليف الشاعر حازم رشك وألحان الفنان علي عبد عيد ، والذي أثار حماس الجمهور وإعجابه بكلماته المؤثرة ولحنه الجميل ، جاء فيه :
الماء والتراب والشمع والنذور
والحرف والكتاب وأول السطور
مدينة الزمان
سفينة الإنسان
قيثارة العصور أور ... أور
وكعادته بدأت فعاليات المهرجان بصوت الشعر العراقي بوصفه مذاق المهرجانات الثقافية ، وثمرتها الطيبة . حيث أقيمت بعد انتهاء فعاليات حفل الافتتاح ، الجلسة الشعرية الأولى التي افتتحها الشاعر البصري كاظم الحجاج بقصيدة عنوانها ( المقنعون ) قال في مطلعها :
السماء تلقننا كذبة البحر ازرق
في يوم قابيل ، الإنسان ارتدى وجه الوحش
أن تقتل إنسانا
يعني أن تلبس قابيل
قناع الوحش مناسب لوجوه الرجال
ليس هو المخالب والأنياب
وجه الوحش
ولا صرخة الافتراس
قناع الوحش .. وجه الباطل
فيما ألقى الشاعر نوفل أبو رغيف نشيدا للعراق ، جاء في مقاطع منه :
الغمام المسافر والسيسبان المقيم
والمواعيد يا سيدي يا أمير الأديم
وجاءوا يريدون أسماءنا
وأسماؤنا غزل في الجحيم
وأنت عجيب ، تزوج هذا الغمام على أرضنا
فتولد إصلاحنا على ارض عقيم
ومن الناصرية شارك الشاعر أجود مجبل بقصيدته ( الرحلة الأخيرة للهدهد ) جاء فيها :
إذا تلوى نهار فوق نافذتي
يستوحش اللوز في روحي وينكفئ
نكتظ بالسدم الأولى وتنكرنا
وتسرق الريح ظلينا فننطفئ
وكلما نرتدي حلما ونألفه
تعدو عليه صرخات فيهترئ
كما شارك في هذه الجلسة كل من الشعراء : علي عطوان الكعبي بقصيدة ( رباعيات على رقيم وطن ) ومجاهد أبو الهيل بـ ( نصوص بغدادية ) وعزيز عبد الصاحب بقصيدة ( ويح قلبي عليك يا جندب ابن جنادة ) وخضر خميس بمرثية إلى الشاعر الراحل كمال السعدون ، وقصيدة للشاعر احمد عبد السادة ، واختتمت الجلسة بقصيدة للشاعر احمد حميد الكربلائي عن الراحل مصطفى جمال الدين .
• الجلسة النقدية :
أقيمت الجلسة النقدية في مساء اليوم الأول للمهرجان على قاعة الوركاء في فندق الجنوب ، وقد تمحورت حول بحث موضوعة المراجعة النقدية لأدب الحرب ، وشارك فيها كل من القاص د.لؤي حمزة عباس بورقة عنوانها ( قاع السنوات المظلمة – حول المراجعة النقدية لأدب الحرب ) والناقد جميل الشبيبي بورقة عنوانها ( أدب الحرب - إنجازات في السرد القصصي القصير ) . تحدث القاص لؤي حمزة عباس في ورقته عن الحاجة إلى قراءة أدب الحرب وتقييمه بشكل علمي ونقدي يترفع عن المعيارية والأحكام الجاهزة بوصفه تراثا مكتوبا يعبر عن فترة حساسة امتدت لأكثر من عقد من السنوات وتداخلت فيها عوامل عدة كان المؤثر الإعلامي أبرزها في قدرته على توجيه دفة مساحات من المنجز الأدبي في سنوات الحرب . وأكد الباحث على إن موجهات السلطة القمعية على الرغم من سطوتها الكبيرة ، لم تستطع منع ظهور نماذج إبداعية في تلك الفترة كتبت بوعي فني واستلهمت تجارب كتابها الحياتية المريرة في كشف الواقع المأساوي آنذاك ، وهو ما يمكن تسميته بأدب الظل ، الذي فرض نفسه في فترة لاحقة رغم تضيقات السلطة الثقافية وجبروتها . وشدد الباحث على أهمية دراسة المنجز الأدبي العراقي في زمن الحرب وقراءته بشكل علمي بعيدا عن الأحكام القيمية والإهمال القصدي . وكذا يجوز العمل على باقي أشكال الخطاب الثقافي والفني .
فيما ذهب الناقد جميل الشبيبي في مراجعته للسرد القصصي في زمن الحرب إلى اعتبار موضوعة الحرب دافعا للتجريب القصصي لدى بعض الكتاب الذين أسهموا في تمرير نموذج سردي حداثي فارق السرد القصصي التقليدي واصطلح عليه ( قصص الرؤيا ) مثلما عند محمد خضير ومحمود جنداري ولطفية الدليمي وقصاصين آخرين . وجاء في ورقته : ( إن نزعة التجريب والتجديد هي هاجس أصيل عند هؤلاء الكتاب بشكل خاص ، كما أن ذلك يعني بشكل من الإشكال أن القاص العراقي عشية الحرب كان يعمل على إنتاج نصوص جديدة تنزع للهجرة إلى عوالم مغايرة ، يؤسس من خلالها رؤيا مختلفة تستند إلى الماضي البعيد أو الأسطورة أو التراث المحلي في إنشاء أنماط بنائها القصصي . وقد أثارت طروحات الباحثين نقاشا واسعا لدى الحضور الذين ذهب بعضهم إلى التساؤل عن الكيفية التي تجعل سرود القصة القصيرة أكثر استجابة للتحديث والمغايرة بالقياس للنموذج الروائي ، ليطرح البعض الآخر تصوراته عن أدب الحرب معتبرا إياه مادة أدبية واسعة تصلح للدراسة والتصنيف والتقييم ، فيما أصر آخرون على اعتبار أدب الحرب يخلو إلى حد كبير من الأهمية ويتوجب تخطيه نحو قراءة نصوص ثقافة الحاضر .
• فعاليات اليوم الثاني :
جاء اليوم الثاني للمهرجان حافلا بالفعاليات المتنوعة ، حيث افتتح في صباحه المعرض الفوتوغرافي الشخصي للفنان ( ناصر عساف ) بعنوان ( الناصرية .. مدينتي : شوق اللقاء وألم الغربتين ) وتضمن المعرض عددا من اللقطات الفوتوغرافية التي عكست قدرة فائقة للفنان على التقاط اللحظة الحياتية العادية وإحالتها إلى مشهد جمالي مؤثر ، والفنان ناصر عساف الذي سبق له أن شارك في عدة مهرجانات عراقية ودولية إضافة إلى معارضه الشخصية يمتلك قدرة واضحة في تحويل الصورة الجامدة إلى مشهد حي ومعبر من خلال توازنات الظل والضوء في اللقطة الفوتوغرافية . وبشكل عام وثقت عدسة الفنان حياة المدينة وشخوصها بحساسية تعبيرية فائقة انشغلت بالغريب والمدهش والنادر في إطار جمالي وفني تتواشج فيه عناصر الإثارة والفتنة البصرية ومهارة التقاط الأشياء في سكونها وحركتها .
تلا ذلك افتتاح المعرض التشكيلي لجماعة ( أور فن ) وعدد آخر من فناني المدينة من بينهم الفنان كامل الموسوي وحسين نعمة وآخرين ، وقد افتتح المعرض الشاعر كاظم الحجاج ، وضمت الجماعة أعمال تسعة فنانين شباب هم : عبد الرحمن الجابري ، حسين ثامر ، عادل هليل ، وسام صبري ، لهيب كامل ، أنور طالب ، احمد عصواد ، إياد حياوي ، علي شهيد .
جاء في مفتتح المعرض : مع امتداد بهاء ( ايشان ) مملكة القصب وجذور النخيل والبردي الممتد مع زقوراتها وبيت إبراهيم ( ع ) ودفء اهوارها حيث الإنسان والاخضرار وحيث الماء والملح والطين والسقوف ، تندمج أعمال جماعة ( أور فن ) مع فعاليات مهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني ، لتضفي شجرة حب نخيلية الألوان على فضاء ذي قار ، سعيا لإنماء الحركة الفنية الدءوب في سماء العراق الجديد .
وإذ أفرزت دورة هذا العام حضورا واضحا للفنانين التشكيليين في المدينة ، ارتأت اللجنة التحضيرية للمهرجان تخصيص جوائز مالية للوحات الثلاث الفائزة من اجل إيجاد صيغة مناسبة من صيغ التنافس الحر في المعرض التشكيلي العام الذي يعكس بشكل واضح صورة المشهد التشكيلي في المدينة ، فكان لجماعة ( أور فن ) التشكيلية الحضور الأبرز في هذا المعرض ، حيث حصدت معظم جوائز المسابقة حسب قرار اللجنة التحضيرية المكونة من الدكتور كاظم نوير رئيسا والدكتور جواد الزيدي عضوا والفنان هاشم تايه عضوا حيث فاز بالجائزة الأولى كل من الفنانين : اسعد الشطري وكامل الموسوي مناصفة ، بينما فاز بالجائزة الثانية الفنان حسون الشنون مناصفة مع الفنان حيدر فاخر ، في حين فاز الفنان عادل هليل مناصفة مع الفنان لهيب كامل بالجائزة الثالثة ، فيما كانت جائزة التحكيم الخاصة من نصيب الفنان حسين نعمة نظرا لتاريخه الإبداعي الكبير وتجربته المتميزة في الفن التشكيلي . وقد تنوعت الأعمال المشاركة بين عدة أساليب كالتعبيرية والسريالية والتجريب الحديث ، إلا أن ما ساد المعرض عامة هو الاتجاه الواقعي في اللوحة التي طرح بعضها تشكيلات وتكوينات واختيارات لونية دقيقة عكست حسا جماليا فاعلا في التأثير على التلقي .
• في رحاب أور الحضارة :
كما في دورته السابقة حرص مهرجان الحبوبي على تعريف ضيوفه بشواخص الحضارة السومرية ، فاختار زقورة أور التاريخية مكانا سحريا لاستراحة زوارها من الضيوف والمدعوين ، ليكونوا في ظهيرة اليوم الثاني في رحاب عبق الحضارة الأولى للإنسان . وفي تلك الفسحة الأثرية طاف السيد ( عبد الأمير الحمداني ) مدير دائرة أثار ذي قار بالضيوف لتعريفهم بتاريخ وملامح بيت النبي إبراهيم ( ع ) بأحجاره الحمراء وغرفه المتداخلة وهي تفوح بروائح أربعة آلاف عام مضت فضلا عن آثار المحكمة الأولى وبقايا الأختام السومرية في ثنايا هذا المكان التاريخي . إلا أن الزقورة بكامل هيبتها ومعمارها الهائل تبقى الشاخص الأهم بنظر معظم الزوار .
• الجلسة الشعرية الثانية :
في مساء اليوم ذاته أقيمت الجلسة الشعرية الثانية على قاعة الوركاء ، وشارك فيها عدد كبير من الشعراء ، حيث افتتحت بقصيدة ( باب الندم ) للشاعر طالب عبد العزيز ، نقرأ فيها :
من باب المراد جئت
وجئت ليتني من باب الندم
المؤدب قادني
والى خوخة في بريد المسجد
أوثق فرسي
وأغدق الكثير من الأمل علي
قال سيوثقه وعاد
صب الماء على مرفقي
وقال : صل ..
وشارك في هذه الجلسة كل من الشعراء : صفاء ذياب بقصيدة ( جنوبيون ) ، واحمد جليل لويس ، وناجح ناجي بقصيدة ( لست وحدك من يشعر بالوحدة ) وسعد علي مهدي بقصيدة ( ارث حميدة ) وقاسم محمد بقصيدة ( كل يموت على شاكلته ) ، وقرأ الشاعر إبراهيم عبد الملك مجموعة قصائد قصيرة ، تلتها قصائد للشاعر رزاق الزيدي ومحمد البدري والشاعر علي شبيب ورد ومحمد حبيب وحازم عجيل ومحمد الكعبي وعباس راضي ، واختتم الجلسة الشاعر حازم رشك بقصيدة مطلعها :
يوما سيكبر طفل النجم في القصب
ويسكب الماء ضوءً في فم الرطب
• للسينما بهجتها الساحرة أيضا :
ربما تعد الفعالية السينمائية الميزة اللافتة لمهرجان الحبوبي منذ دورته الأولى ، إذ حرص القائمون عليه وبجهود ملحوظة على أن يعيدوا للعرض السينمائي طقسه الخاص قدر الممكن ، لاسيما بعد أن غيبت الأحداث الحالية طقس السينما عن جمهوره العراقي . من هنا قدم الناقد السينمائي ( احمد ثامر جهاد ) عرضا سينمائيا للفيلم الإيراني ( زمن للخيول الثملة ) للمخرج بهمان قوبادي ، المنتج عام 200 ، وقد أثار هذا العرض جدلا واسعا واستجابة ملحوظة لدى الجمهور الذي تسابق لنسخ الفيلم ، خاصة وان أجواءه تذكر إلى حد كبير بروايات الكاتب سليم بركات . وفي تقديمه للعرض اعتبر الناقد احمد ثامر هذا الفيلم نموذجا متقدما للسينما الإيرانية التي لها تاريخ طويل يعود لبدايات القرن الماضي وتتوفر فيه موضوعة إنسانية تمس حياة جماعة بشرية تعيش مأساتها اليومية على تخوم الحدود الفاصلة بين العراق وإيران ، تلك المنطقة التي تعج بفخاخ الموت والألغام والآمال الفقيرة . وعن سبب اختياره لهذا الفيلم ، حدثنا الناقد احمد ثامر قائلا :
إن اختيار هذا الفيلم متأت من كونه يمثل أنموذجا للتيار الجديد في السينما الإيرانية التي نستطيع القول إنها استطاعت أن تنأى بنفسها عن الوقوع في فخ التقليدي والمباشر والسلطوي حينما أسست لها لغة سينمائية رفيعة ذات واقعية شديدة في هذا النموذج تحديدا . وعلى نحو عام حرصنا على أن يكون للعرض السينمائي مساحة في هذا المهرجان الذي يسعى للتنوع والجمالية وإمتاع المتلقي ، خاصة مع الغياب شبه الكامل للصالات السينمائية وتوفقها في مدن تعج بالموت ، لربما يفلح سعينا هذا في إعادة شئ من الحياة والحيوية لطقس السينما ، الذي أرى أن المهرجانات الثقافية والمثقفين هم الأجدر للقيام بهذه المبادرة . يتحدث الفيلم عن شاب كردي وأخته يعنيان باخيهما المعوق في غيبة والديهم . وهنا تبدأ رحلة الأخ ( أيوب ) الشاقة لعبور الحدود الإيرانية باتجاه العراق في محاولة يائسة لإجراء عملية جراحية تنقذ حياة الابن المعوق ( مهدي ) رمز الطفولة المعذبة .
• احتفاء اليوم الثالث :
في الجلسة الصباحية لليوم الثالث ، حاول المهرجان أن لا يترك حدثا ثقافيا كصدور ثلاثة كتب لأدباء من الناصرية والبصرة يمر دون أن يخصص له جلسة احتفائية خاصة بهذه المناسبة ، وهي صدور رواية ( ممر إلى الضفة الأخرى ) للكاتب والمترجم احمد الباقري ورواية ( الفريسة ) للقاص لؤي حمزة عباس ومجموعة ( تاسوعاء ) للشاعر طالب عبدالعزيز . قدم هذه الجلسة القاص حسن عبد الرزاق الذي قرأ ورقة نقدية عنوانها ( الفريسة : المتلقي روائيا ) تناول فيها ملامح البناء الروائي للعمل ومفاتيح قراءته . واحتفى جمهور المهرجان بهذه الإنجازات الأدبية فيما قدم مؤلفوها شهادات عنها ، تحدث فيها ( احمد الباقري ) عن ظروف كتابة روايته وعدها عملا تسجيليا يصور حياة غيبت في الاهوار عبر شهادة عن المعارضين الذين عاشوا في لجة أحداث السبعينيات والثمانينات في جنوب العراق . كما تضمنت الجلسة قراءة للشاعر محمد حبيب صيغت كشهادة أدبية عن مجموعة ( تاسوعاء ) لزميله الشاعر طالب عبد العزيز الذي اختتم الجلسة الاحتفائية بقراءة عدد من قصائده المؤثرة بطلب من الحضور .
• حفل الختام : ليطمئن العراق .. نحن مقبلون على غده
في مساء اليوم الثالث ووسط جمهور واسع أقيم حفل الختام الذي استهل بكلمة لمسؤول حركة الوفاق الوطني في الناصرية أكد فيها حرصهم على دعم الأنشطة الثقافية والإصرار على إقامة مهرجان الحبوبي كل عام مهما كانت الظروف والصعوبات . وبحضور النجل الأكبر للشاعر الراحل مصطفى جمال الدين ، السيد إبراهيم مصطفى جمال الدين ، كانت الفرصة مؤاتية لاستعادة ذكريات عن الشاعر الراحل وهمومه وصفحات من نضاله الوطني ، ثم قرأت بعض قصائده الأخيرة التي أهداها لبلده العراق . أما البيان الختامي للمهرجان فقد قرأه الناقد ( احمد ثامر جهاد ) بعد أن تلت اللجنة التحضيرية للمهرجان كلمتها . هذا وقد تم إهداء درع المهرجان لعائلة المحتفى به في هذا العام الشاعر ( مصطفى جمال الدين ) وأعلنت جوائز المسابقة التشكيلية من قبل الفنان د.جواد الزيدي عضو لجنة التحكيم . وفي نهاية الحفل الختامي وزعت الشهادات التقديرية على المشاركين في المهرجان وعدد من الأدباء والفنانين في المحافظة .
• مسك الختام : الشاعر والمخترع والكولونيل
قدمت جماعة الناصرية للتمثيل أمسية اللحظات الأخيرة للحفل ، والتي كانت عرضا لمسرحية ( الشاعر والمخترع والكولونيل ) تأليف الكاتب العالمي ( بيتر اوستينوف ) وترجمة الشاعر بدر شاكر السياب وإخراج ياسر عبد الصاحب البراك ، وذلك احتفاء بحلول الذكرى الأربعين لرحيل شاعر العراق بدر شاكر السياب . وقد أدى شخصيات المسرحية كل من الفنانين : علي بصيص ( الشاعر ) و عمار نعمة ( المخترع ) و حيدر جبر ( الكولونيل ) و عمار سيف ( الموت ) ، وطرحت المسرحية قيما فكرية كبيرة كالخلود والموت وتأثير الشعر ، إضافة إلى المقترحات الجمالية على صعيد الرؤية الإخراجية التي حاولت الاعتماد على المشهد التعبيري لتجسيد النص على الخشبة عبر سينوغرافيا مؤثرة حققت مستوى دلاليا مؤثرا .
وعن هذه المسرحية قال المخرج ياسر البراك : مسرحية الشاعر والمخترع والكولونيل هي محاولة جادة لاكتشاف طاقة الشعر في التجسد على خشبة المسرح ، فالشخصية المركزية في العمل ( شاعر ) ومترجم المسرحية شاعر ، والمؤلف يرسم مناخات شعرية متنوعة يقترب فيها من لغة الشعر المفتوحة على أفق الدهشة واللامتوقع ، وقد حاولت جماعة الناصرية للتمثيل أن تستنطق هذا النص عبر التركيز على الفعل التعبيري المجسد عيانيا على الخشبة ، وان تنحو منحى إبداعيا يوجه علاقات الحضور والغياب داخل النص ، لذا اعتمدنا طريقة التجسيد السينمائي للشخصية عبر استحضار شخصية الموت وتجسيدها واقعيا على المسرح وفقا لمؤثرات فنية وجمالية تساهم في تعزيز الفعل التعبيري وبعده الدرامي وتمنح الممثل في الوقت نفسه مساحة ملائمة للاشتغال على استثمار طاقاته الجسدية . كذلك حاولنا تغييب التأثيث السينوغرافي للمشهد في النص الأصلي ، لتجرده من بعده الواقعي باتجاه المشهد التعبيري الذي يفتح الباب أمام المتلقي للتوقع والتساؤل ابعد من عملية التركيز على الطاقة الأدائية للممثل كقناة اتصال فاعلة في العرض المسرحي . إلا أن بساطة خشبة المسرح ومحدودية الامكانات التقنية المتاحة حالت - إلى حد ما - دون أن يكون الفضاء المسرحي متحركا ضمن سياق الفعل الأدائي ، فوجدنا الاعتماد على حركة الممثل الفاعلة داخل فضاء المسرح خير بديل لتجاوز هذه الإشكالية التقنية .
هذا وقد اختتم المهرجان وسط رغبة الجميع بتجدد موعد اللقاء القادم بعد عام .
نص البيان الختامي لمهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني
( دورة الشاعر مصطفى جمال الدين )
الحضور الكريم مرحبا بكم ..
بالمحبة والأمل والجمال نختتم وإياكم فعاليات مهرجانكم ، مهرجان الحبوبي الإبداعي الثاني ( دورة الشاعر مصطفى جمال الدين ) المنعقد في الناصرية للمدة من 24 – 26 /2004 . هذا الكرنفال الثقافي الذي ما كان له أن يقام أو يتواصل ، لولا حضوركم الودود وإبداعكم المثابر ومحبتكم الدائمة .
سادتي الأفاضل :
لن نكرر على مسامعكم سرد رواية المعوقات والصعوبات التي لازمت التحضير لهذا المهرجان والتي ما فتئت تلازم أي فعل أو نشاط ثقافي حقيقي يحاول زرع فسائل البهجة والجمال بوجه الخراب والموت في عراق اليوم ، خشية من كل ما من شأنه أن يثمر تواصلا جادا في مناخ يبدو انه أصيب ببعض الخلل والكسل وعسر الهضم . إنما نؤكد لكم بيقين ناجز يترفع عن البغضاء ونوايا السوء ، إن تفعيل هامشنا الثقافي وبث الروح فيه هو هدفنا الأول والأخير ، سعيا لتحريك مياه حياتنا الساكنة . ولن يكون ذلك متحققا من دون الرغبة الصادقة في استثمار أيما فرصة سانحة لإلقاء حجر ناشط في ماء ساكن ، قد يسهم بالنتيجة في تفشي الثقافة كما يتفشى الجهل .
نتمنى أن نكون قد وفقنا في تحقيق بعض ما كنا نطمح إليه في جعل هذا المهرجان ملتقا أصيلا للمحبة والإبداع العراقي ، ونتمنى أكثر أن يمنحنا الوقت القادم القدرة على توسيع هذه التظاهرة الثقافية إلى أقصى مدى ممكن ، لتشمل كل ما سعينا إلى إنجازه في هذا المهرجان ، خاصة تنوع فعالياته بين الأدب والفن ، في القراءات الشعرية والجلسات النقدية والمعارض التشكيلية والفوتوغرافية والعروض المسرحية والسينمائية وسواها من الفعاليات الأخرى .
أملنا كبير في أن تؤازرونا في زرع ورود شذية وسط حقول الألغام والموت المجاني ..
أملنا كبير في أن تتواصلوا معنا اليوم وغدا في وقف جريان الدم العراقي عبر إسماع صوتكم الوطني المبدع وكلماتكم الصادقة .
أملنا كبير في أن نرى جميع مبدعينا وأصدقائنا وضيوفنا في لقائنا القادم ، من حضر منهم ومن لم يحضر .
نعدكم إننا لن نكون موتورين أبدا ، وسنتفهم بكامل الود أسباب الآخرين التي حجبت عنا رؤياهم وكلماتهم ، عن قصد أو غير قصد ، القريب منهم أو البعيد .
أملنا أن تتسع إمكانياتنا للم الشمل الثقافي العراقي في مهرجاننا القادم .
ما يشبه التوصيات :
توصياتنا ليست سوى رغبة حقة في أن يكون لوزارة الثقافة العراقية وباقي مؤسساتنا المعنية دورا اكبر في دعم وإسناد أي نشاط ثقافي في أية بقعة من أرجاء العراق الموحد . وان تتخطى هذه المؤسسات الثقافية - بحرص ونبل رفيع - كمائن المركزية البغيضة ومضارها باتجاه فضاء ثقافي وتواصلي رحب .
أخيرا : باسمكم جمعيا نشكر حركة الوفاق الوطني العراقي في الناصرية وجميع الأدباء والفانين والمثقفين ، ومن ساهموا من أبناء المدينة بفعل مخلص أو كلمة طيبة في إنجاح هذا المهرجان .
كما نشكر بذات الحرص ، كافة دوائرنا الحكومية في المحافظة ، تلك التي ساهمت مشكورة في تحقيق هذا المهرجان ، وتلك التي لا تدري انه عقد .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الشتاء والمسؤولين وحب المطر
- حمى السلاسل السينمائية
- حول جمالية الفيلم السينمائي
- في سابقة خطيرة تهدد جوهر الديمقراطية
- طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر
- للحقول الخضر ينشد لوركا قصائده
- حداثة الرواية السينمائية
- ! إرهاب النفط في وجوه الشيطان
- جندي أمريكي .. جندي عراقي
- الحياة في الأهوار العراقية
- بابلو بيكاسو
- استبطان الذات بلقطة قريبة
- الآخر في الخطاب السينمائي
- نصف ظلام ، نصف حياة
- فرانكشتاين...صورة عن الواقع والخيال
- في ورشة غابرييل غارسيا ماركيز
- تراجيديا انتخابات الجمعية الوطنية
- مَن أذلَّ الجواهري في كردستان !؟
- مارتن سكورسيزي
- بعيدا عن دائرة الحياة


المزيد.....




- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية