أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - بابلو بيكاسو















المزيد.....

بابلو بيكاسو


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 945 - 2004 / 9 / 3 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


بين السيرة والرؤية
 الفيلم :
يعد فيلم المخرج " جيمس آيفري " (1996 – SURVIVING PICASSO ) واحدا من الأفلام السينمائية عن سيرة الفنان المبدع " بابلو بيكاسـو " إلى جوار أفلام أخرى ، كان أبرزها فلم المخرج الفرنسـي " ألان رينيه " عام 1950 والذي كان بعنوان " غورنيكا " ، أشهر لوحات الفنان .
يقترب " آيفري " كثيرا من المُشاهد في شريطه هذا ، ليقدم رؤية بانورامية متعددة الخطوط في ملحمة عن الحب والحياة عاشها " بيكاسو " . من الزاوية هذه يبدو التناول موفقاً سينمائياً ، واختيار الفترة الزمنية المُوجِزة لعشر سنوات من حياة " بيكاسو " يمكن عده مغرياً وجذاباً لإعادة النظر في حياة هذا الفنان وفنه .
وان لم يذهب المخرج بعيدا في تبنّي البحث عن ما يمكن أن تحققه الأبعاد الجمالية للذهنية التشكيلية في أدنى حالاتها ، إلاّ أننا وجدنا فيما نراه سينمائيا ، أهميته في استنفار الطاقة الجمالية الخلاقة "لبيكاسو " ضمن علاقة صميمية امتازت بالجدل المحتدم بين حياته وفنه . إن تتبع هذه الناحية الدرامية بزواياها الحساسة ومبناها الإيقاعي كفيل بخلق الجو المناسب للمُشاهد في تفسير أي شيء يراه ، ومن ثم كشف الارتباط الحيوي والتصميم الداخلي للفنان الذي يوحي بابتكار الأجواء الرومانسية والعوالم الحُلميّة ، التي وإن اختلفت في وزنها وملمسها فإنها تواصل عمل التأليف الجمالي "للمنظر والتكوين ". وهذه الحالات على بساطتها في الشكل السينمائي المقتَرَح ، تملك وجهة نظرها وانتماءها لروح العصر بشكل يؤكد قوة "الرمز" وتأثيره المساحي . لذلك نـزعَ الفيلـم إلـى التـركيز على المواقف الحياتية وكثافتها الإيجابية أو السلبية بالنسبة للرمز الأساس في التشكيل الصوري" بيكاسو " [ الذي له الكلمة العليا في الفيلم نظراً لكونه فناناً مبدعاً ذا شخصية مسيطرة وقوية وطاغية ]* .
حياة " بيكاسو " هي بمثابة الدليل إلى مفردات التكوين الفيلمي ، وربما نعدها أحد عناصر هذا التكوين ، حيث أن الاتجاه الذي يقود العين بصرياً بشكل منظم ومخطط له ، من نقطة إلى أخرى ، يملك إمكانية التعامل مع الخامة الحياتية ( كون الحيوات خامات ) أو خطوط ، أما أن تكون مستقيمة أو تكون متعرجة ، منحنية أو متقاطعة ، متصلة أو منفصلة …وهذه الحالات وأن اختلفت ، فإنها ألقت بظلها الوافر على حياة " بيكاسو " المترددة بين ثقل الكتلة وقدسية الفراغ ، ناهيك عن رفعته .
إن تصميم المخرج " آيفري " وعزمه على تناول فترة محددة من حياة " بيكاسو" تمتد بين عامي ( 1953 –1943 ) له ما يبرره بمعيار الصعوبة اللازمة التي تواجهها السينما إذا ما أرادت التصدي لحياة العظماء والمشاهير . فغالباً ما يحاول الشريط السينمائي تأكيد جانب حيوي من جوانب ( الشخصية - موضوع الشريط ) له دوره في إضاءة ما يلزم أضاءته من الجوانب الأخرى لتلك الحياة وذلك الفن .
وبشكل عام يُنجز الشكل السينمائي في اتجاهه المتعاظم لتناول حياة الكتاب والفنانين ، تراكما توثيقيا ضروريا لا يخلو من جمال أو احتفاء بحدود تلك الحياة مهما كانت استقلاليتها تجاه فن ( الكاتب أو الفنان ) وشخصيته . وبالطبع يُحدث تناول الشاشة السينمائية لأدبية الحياة نوعا من التوازن المطلوب بين الكلمة المقروءة والصورة المرئية ، ناهيك عن محاولات " الصورة السينمائية " نزع قدسية تلك الحيوات المكتوبة بتصويرها مُجسّدة ، إلى درجة نستمتع فيها بيقين حواسنا حين نطّالع تفاصيل حيوات عدة لـ ( فان كوخ – بيكيت – فرويد – إليوت – لوركا 000) وغيرهم ، معاني طفولتهم ، عشقهم الأول وذنوبهم الصغيرة ، لنشهد بأعيننا نموّ العبقرية فيهم ، فنماثل بين حياة نحسّها وأخرى نتمناها .
أما عن اتجاه تناول الشخصيات التاريخية فيمكن القول أنه يُظهر الدور الحقيقي للشخصية في حياة الناس وأثرها في صنع حوادث التاريخ ، بشكل يَفترض موضوعية التناول – عادة – وعقلانية المشاهدة .
 المخرج :
في عودة للوراء بحثا عن " بيكاسو " ، أختار " جيمس آيفري " " فرانسواز جيلو " اكثر عاشقات " بيكاسو " تأثيرا عليه ، وهي الوحيدة التي استطاعت النجاة سالمة العقل من مصير الانتحار أو الجنون الذي أقتسمه باقي الأبناء والزوجات . فدونت مذكراتها كاملة في كتابها ( حياتي مع بيكاسو ) الذي اقتُبِست عنه قصة الفيلم . وأشيع عنها عدم تعاونها مع الفيلم ونبذها فكرة إخراج فيلم عن حياة " بيكاسو " ، إلا أن ذلك لم يُثن المخرج " إيفري " عن الاستمرار في مشروعه الذي رصد له ميزانيـة تُقَـدر بـ ( 16 مليون دولار ) ، فأختار " باريس " مكانا لتصوير معظم مشاهد فيلمه السينمائي .
وفي تأكيد أهمية المرأة وتأثيرها في حياة " بيكاسـو " ونتاجه الفني ، يقـول المخرج " آيفري " : [ كل واحدة منهن ملهمة له مدة ثم يهملها . كل واحدة منهن كانت تفقد تأثيرها وسحرها عليه تدريجيا ، وعندما كان حبه لهن يخبو ، كان تأثيرهن عليه يتضاءل ويصبح سلبيا ، وتوضح رسومـه هـذا الشـيء . فقد كـان " بيكاسو " يخلق منطقة انفعالية مدمرَة حوله كما هو معروف ] .
يختلف المخرج " آيفري " في رؤيته لضرورة خلق أفلام ممتعة للمُشاهد تأخذ سِير المبدعين وتركز على حياتهم أكثر من تركيزها على عملية الإبداع والخلق لديهم ، عن المخرج الفرنسي " فرانسوا تروفو " الـذي يـذهب إلـى القول : " لا أريد أن أصنع أفلاما لأناس لا يقرءون " مشيرا بذلك إلى أهمية ثقافة المُشاهد ومعرفته . وحتى نتبين المفهوم الذي يحبذه " آيفري " في هذا النوع من الأفلام فإننا نتساءل عما يشكله فيلم " بيكاسو " من قيمة أو متعة بالنسبة للذين يجهلون معرفة هذا الفنان 000 هل يمكن وصفه من هذه الزاوية بالفيلم الثقيل أو الساذج ؟ هل على " آيفري " أن يفكر في ذلك ؟
لقد وفق " آيفري " إلى حد ما في خلق رواية سينمائية جذابة تُحفِزُ على البحث عن بقايا حياة " بيكاسو " وفنه ، وتُرضي في الوقت نفسه أذواقا مختلفة . عن ذلك يقول " آيفري " : [ كم من المَشاهد يمكن تصويرها للفنان وهو يرسم أو ينحت ! الأمر الممتع هو كيف سارت حياتهم وتأثير ذلك على فنهم ، ثم ما هي الدوافع التي جعلت هذا الفن يكون على هذا النحو ….]
ليس غريبا أن يكون " آيفري " أحد ابرز السينمائيين المولعين بالتعامل مع النصوص الأدبية . خاصة وان السينما دون باقي الفنون ، تميل إلى التكامل الوظيفي في الأسلوب والإيصال والمعالجة الجمالية ، لتساهم بجدارة في خلق القيم التي نعيش بها . لابد من الإشارة هـنا إلى الأداء الرائـع والمتميز للممثلة " ناتاشا ماكلون " والممثل " إنتوني هوبكنز " الذي أضاف بعدا جماليا آخر للفيلم .
* * * * *
جيمس آيفري : مخرج أمريكي مقيم في بريطانيا من مواليد 1930 عُرف عنه تعامله مع النصوص الأدبية المختلفة .من أفلامه نذكر:( أهالي بوسطن – 1984 ) عن رواية لهنري جيمس . ( غرفة ذات منظر – 1985 )و ( موريس -1989 ) و ( نهاية هوارد- 1992) عن ثلاث روايات لـ " أي . أم . فورستر " كذلك فيلمه الشهير ( بقايا النهار – 1993 ) عن رواية للياباني " كازوو إيشغورو " الذي برع فيه الممثل " هوبكنز " والممثلة " أيما تومسون " .
*: ما بين الأقواس الكبيرة [ … ] نقلاً عن مقال : بحثاً عن " بيكاسو " – ابتسام عبد الله - الموقف الثقافي (1 ) و (2 ) / 1996 بغداد .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبطان الذات بلقطة قريبة
- الآخر في الخطاب السينمائي
- نصف ظلام ، نصف حياة
- فرانكشتاين...صورة عن الواقع والخيال
- في ورشة غابرييل غارسيا ماركيز
- تراجيديا انتخابات الجمعية الوطنية
- مَن أذلَّ الجواهري في كردستان !؟
- مارتن سكورسيزي
- بعيدا عن دائرة الحياة
- متاهات بورخس والكتابة بالذاكرة
- جوزيف كونراد سينمائيا
- حصار هوليود ووعي الآخر
- عودة كازانوفا
- أفلام وأوهام وواقع افتراضي
- بوابة رومان بولانسكي عالم من الأسرار والمتاهات
- أفكار حول خطاب الثقافة العراقية وحسن قراءة العالم
- حوار مع الناقد السينمائي أحمد ثامر جهاد
- جحر الإمبراطور
- سوء استخدام الحرية
- صور الاستبداد من ثقافة الخوف إلى الخوف من الثقافة


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - بابلو بيكاسو