أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - بوابة رومان بولانسكي عالم من الأسرار والمتاهات














المزيد.....

بوابة رومان بولانسكي عالم من الأسرار والمتاهات


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 878 - 2004 / 6 / 28 - 04:35
المحور: الادب والفن
    


مع إن ثمة التباس حاصل في ذائقة متفرج اعتاد نمطا مكرورا من الأفلام السينمائية اعتمد بعضها اقتباسات تجارية عن حكايات ذات شأن أدبي ، يحدث أحيانا أن تعاد الحياة إلى حيز المتلقي عندما يقرر غير مخرج محترف تقديم فكرة سينمائية تُؤسس على ذكاء الأسلوب واختلاف الذائقة التي تشير غالبا إلى بقايا زي سينمائي مغاير ومرغوب من قبل جمهور تمنى للحظة أن يتنفس الأصالة الفنية خارج دوامة "هوليوود" الخانقة . رغبة كهذه يمكن ملاحظتها في فيلم (البوابة التاسعة) أحد أحدث أفلام المخرج بولندي الأصل
"رومان بولانسكي" والذي قدم فيه لمسة خاصة من الجمال الشرير .
ترتكز قصة الفيلم على فكرة تقصي أسرار العالم الآخر أو اقتفاء اثر الشيطان في خفايا عالمنا المعاصر . وذلك عبر لعبة سينمائية " بولانسكية " لا تكتفي بذلك القدر من الغموض والتشويق ، إنما تجرب الذهاب إلى ما هو بعيد وشائك لتكشف الستار عن حقيقة المدن الليلية وعن القوى التي تقف خلفها وتغذي نبضها فتحيك بقسوة مصائر أبنائها .
الحديث عن السلطة والشر والمؤامرة يقود ضمن الإطار الدرامي لأحداث الفيلم إلى متابعة خطوات (جامع الكتب) الممثل البارع "جوني ديب" الذي يكلف بالبحث عن ثلاث نسخ من كتاب سحري قديم قيل أن الشيطان ساهم في كتابته . من السهل التوقع أن جامع الكتب لا يعتقد في بادئ الأمر بوجود مثل هكذا كتاب أو صحة هكذا واقعة ، لكن توالي الأحداث الغريبة التي يمر بها يجعله يقترب تدريجيا من الجانب السري في حياة البشر واعتقاداتهم .

وعند هذا القدر المشوق من تصوير غرابة حياة الناس والأشياء تتهيأ للمتلقي فرصة الدخول إلى "المتاهة" . عالم من الألغاز والأحلام له ما يجاوره في الذاكرة الأدبية التي تربطنا بأسماء عدة ليس آخرها "ايكو" وكتابه الشهير
"اسم الوردة" بعمق متاهاته وألغازه . فيكون التلاقي واقعا في سببية الأحداث أو خارقيتها حينا، وفي رمزيتها حينا أخر وكأنها حكمة أبدية تصف صراع الإنسان مع سلطة الأشياء والكلمات .
إن "بولانسكي" الذي يرفض بشدة وجود الشيطان ولا يؤمن بأمثاله يتصدى ببراعته الإخراجية لإثارة هذا الموضوع بما أتيح له من أساليب تعبيرية يعتقد بدورها في خلق المتعة للمُشاهد . والى حد ما ينجح الفيلم في خلق الحد المطلوب من التشويق والرعب و الإثارة الذي رافق "بولانسكي" في معظم أفلامه . مع أننا نرى أن المخرج يؤكد من الجانب الأخر على ابتكار عقلانية ما تلازم مشاعرنا وتحيد بأفلامه عن الإفراط والمبالغة في صناعة مشاهد مفزعة أو بلا معنى .
من هنا يشكل بولانسكي مع أقرانه من البولنديين ( اندريه فايدا ، كيسلوسكي ) اتجاها سينمائيا خاصا من لحظة اختيار الموضوعات حتى آخر اللمسات الإخراجية في أشرطتهم . وخلال محاولته استخراج شراكة فاعلة بين حكاية الفيلم و متلقيها ، يؤمن "بولانسكي" بالطابع الخلاق للرغبة الذاتية و بالعناية المحفزة لخيال الإنسان ، بصفتها طاقة إبداعية كامنة ونزوعا عميقا لإجتراح الجمال ، يظهر رغبته في التعبير عن جوهر الأشياء وتصويرها مهما بدت غامضة أو مستحيلة .
لذلك يواظب "بولانسكي " في فيلمه هذا على اقتناص كل التغييرات والتوقعات الذهنية الممكنة التي يحتاجها "جامع الكتب" لتصديق حكايته ، تارة بالإشارة المازحة إلى غرابة الأحداث وأخرى بالانفعال المفاجئ من نتائجها .
وبكل الأحوال يُبطل الإصرار الفردي مفعول الشر ، لحظة الوصول إلى عتبة التمييز بينه و بين الخير وفقا لمعيار تقليدي يمنح حكاية الفيلم مشروعيتها وتأويلها المناسب .
يرى بعض النقاد أن فيلم (البوابة التاسعة) حقق جاذبية درامية تناسب إيقاعه المشوق وبنائه البوليسي ، حتى انه يمكننا التأكد بمختلف الطرق التي سلكها الشريط السينمائي أن حكايته تراوحت بين حالة تأويل منحاها الخيالي و تحقيق المتعة فيما نراه واقعا على الشاشة ، لربما يصدق ما نراه أكثر مما نعتقد به حقيقة !
إن ذاك المخرج المتفرد الذي اتصف بقلة نتاجه السينمائي ، يراهن حتى الساعة – وهو يقترب من عقده السابع- على شرح رغبته في صناعة أفلام مشوقة وفق طراز خاص ، مما يعني انحيازه لنهج فني يوجه اختياراته أكثر من انصياعه لتقليد نمطي يضعف مواهبه . وعبر مسيرة حافلة بالإبداع حقق "بولانسكي" الشهرة التي أراد منذ فيلمه (طفل روز ماري) مرورا
بـ (الموت و المقصلة) ورائعته ذائعة الذكر (تيس دوبر فيل) عن رواية لتوماس هاردي .
لكن الأهم بالنسبة لنا كمشاهدين ، أن "بولانسكي" رغم محدودية نجاحه في (البوابة التاسعة) الذي نال فرصة عرضه في مهرجان ستوكهولم الدولي في العام " 2000 " ضمن تضييف خاص لتكريمه ، حاول إلى حد ما البقاء مخلصا لهويته و لعالمه ولإحساسه الخاص بالسينما . وإذا كانت لـ" بولانسكي" علامة مميزة في فيلمه هذا ، فهي ما تجسد بشكل خاص في براعة زوايا التصوير التي أضاءت الجمال الكامن في المساحات والأبنية الموحية ذات الطرز
القديمة ، إضافة إلى الموسيقى التي آزرت جماليات الفيلم الأخرى .
يحب "بولانسكي" أن تتصف أعماله بهـذه الأجواء ، فهـو وريث الإنجاز الفـذ للسينما الأوربية التي إن أبقت على صفة فيه ، فهي تحديدا ما سيأخذه بعيدا عن عنف ( الصورة الهوليودية ) نحو نغمة فنية أخرى سواء في الأداء أو التنفيذ ، هي خلاصة أسلوبه و بعض رؤاه .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار حول خطاب الثقافة العراقية وحسن قراءة العالم
- حوار مع الناقد السينمائي أحمد ثامر جهاد
- جحر الإمبراطور
- سوء استخدام الحرية
- صور الاستبداد من ثقافة الخوف إلى الخوف من الثقافة
- الحرب من الواقع الى الصورة
- عالم السينما الفسيح
- عيد الحب ومنفى البلاد العربية
- حول إشكالية التلقي بين الرواية والفيلم
- أجهزة الدولة العراقيةإإإ والولاء المزدوج
- بوضوح شديد ..تعددت السلطات والهم واحد
- بوضوح شديد الاعلام العربي...سلوك النعامةإإإ
- ماذا تبقى من البعث؟سؤال عراقي
- عن السؤال الثقافي والقراءة الواهمة إشارات في المتغيَّر العرا ...


المزيد.....




- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ثامر جهاد - بوابة رومان بولانسكي عالم من الأسرار والمتاهات