أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - کلام هادئ مع الراحل الکبير الدکتور علي الوردي















المزيد.....

کلام هادئ مع الراحل الکبير الدکتور علي الوردي


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1066 - 2005 / 1 / 2 - 08:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يروي الدکتور علي الوردي حادثة تأريخية من أواخر العصر العباسي لتوضيح الخلفية التأريخية لمبدأ "التواکلية عند العراقيين" ومختصرها أنه وفي أثناء سقوط بغداد بيد هولاکو إجتمع نفر کبير من الرجال في إحدى الازقة المقطوعة وهم يرتعدون فرقا من بطش المغول وبأسهم، وفي غضون ذلک يدخل مغولي في ذلک الزقاق لکنه حين يرى العدد الکبير للرجال المتواجدين هناک يتملکه الخوف، فهو يعلم يقينا أنه ليس بمقدوره القضاء عليهم، إلا إنه حين يبصر الخوف في أعينهم وملامحهم تزداد رباطة جأشه ويقرر الفتک بهم. ويصادف أن تکون هناک دکة حجرية للجلوس و بجانبها صخرة کبيرة، فيومئ الى أحدهم بالامتثال أمامه ويؤشر عليه أن يمتد و يضع رأسه على تلک الدکة الحجرية ومن ثم يطلب من واحد آخر أن يرفع الصخرة ويضربها على رأس الممتد على الارض، وهکذا دواليک حتى يصفي جميعهم ثم يقتل آخرهم بسيفه! " في هذه الحادثة الکثير من المعاني و الدلالات التي لم يوردها الوردي إعتباطا وإنما لتأکيد مراميه الاجتماعية بشأن المجتمع العراقي. ورغم أنني کنت و لاأزال من أشد المعجبين و المتأثرين بآراء الباحث الاجتماعي الکبير الراحل الدکتور علي الوردي، مع تحفظي الشديد على البعض منها، لکن ذلک لايمنع من الاقرار بقوة و حيوية تلک الاراء. ومما لاشک فيه أن الدکتور الوردي إختصت بحوثه الاجتماعية القيمة بالمجتمع العراقي "العرب منهم على وجه التحديد " والجميع يعلمون آرائه بخصوص إزدواجية الشخصية العراقية و کذلک تواکليتها، وأنا لست هنا في صدد البحث و التقصي حول دوافع و خلفيات آراء الدکتور الوردي وإنما أود طرح رأي" قد يکون جديدا" له علاقة بهذا الموضوع. الدکتور الوردي کان دائم البحث في الخلفيات التأريخية سواءا في القريب من أم البعيد، وکان يقف عند البعض منها بإعتبارها جذرا لحالة إجتماعية متواجدة في الوسط الاجتماعي ، فهو کان ينظر لمبدأ التقية في الفقه الاسلامي مثلا کمصداق لتأصل الازدواجية في الانسان العراقي ، إذ بموجب هذا المبدأ يجوز للمؤمن أن يضمر موقفه الحقيقي من مسألة معينة ويظهر موقفا مغايرا لذلک حفظا لنفسه من الضرر الذي قد يلحق به کالهلاک مثلا. هذا المبدأ الفقهي کان معمول به عند الشيعة في أيام الاستبداد الاموي و لاسيما حين کان الحجاج أب يوسف الثقفي واليا على الکوفة، حيث مارس أبشع أنواع التنکيل بهم ولم يضاهيه أحد على مر التأريخ حتى ظهر " أبو حجي الذهب" أي صدام حسين الذي لا أعتقد بإمکانية ظهور من يفوقه في القمع و الاستبداد و التنکيل إذ والحق يقال أن الرجل قد قدم أسوأ مافي جعبة الشر من جرائم، لکن في زمن صدام صار مبدأ التقية معمولا به حتى عند المسيحيين و المندائيين و الايزديين فکيف والحال مع المسلمين بمذاهبهم المختلفة ؟! والواقع أن عهد البعث " في 1963 حيث فترة الحرس القومي السيئة الصيت و مابين عام 1968 الى 2003 حيث فترة أم الکوارث و المصائب " قد زرعت أمراضا إجتماعية قد تکون طارئة و مستجدة على الشعب العراقي وهي بحاجة الى جيش من" الورديين" حتى يفکوا طلاسمه و يحددوا البلسم الناجع للشفاء منها، هذا إذا وضعنا جانبا الامراض الاجتماعية الاخرى التي کانت موجودة" حسب تحديد الدکتور الوردي" فعمل النظام البائد على تعميقها أکثر فأکثر. لکن مربط الفرس ليس هنا لأنني لم أتناوله لحد الان ، ذلک أنني أحببت أن يکون القارئ العزيز على بينة من بعض الخلفيات کي يتفهم مقاصدي " کما أرجو" . ذکرت هذا وأنا أتمعن في الواقع الاجتماعي العربي الذي لا أظنه إطلاقا يبشر بالخير في ظل أنظمة حکم لا تختلف في جوهرها عن تلک الانظمة التي کانت سائذة في القرون الوسطى بأوربا وکانت تحکم شعوبها بموجب " نظرية التفويض الالهي" ، وهذه النظرية مازالت سائدة في جميع الدول العربية حتى الجمهورية " والتقدمية منها" ولنا في سوريا خير مثال حي إذ نصب الساسة السوريون وفي مسرحية في غاية الابتذال الاسد الابن مکان الاب المتوفي وکأنه لم يبق في سوريا رجل جدير بالمسؤلية سوى بشار الذي مططوا لسواد عيونه الدستور السوري حتى يکون في خدمة ظل الله على الارض! ونحن في إنتظار جمال مبارک و الساعدي القذافي وو الى آخره من قائمة أنجال السادة رؤساء الجمهوريات ـ الملکية العربية وفي إنتظار مسرحيات أکثر رداءة في هذا الزمن الردئ ،ولکن هل أبقى هؤلاء ولو مجرد عتاب لنا کي نجرأ على البوح به في حضرة أصحاب الجلالات و السمو من الملوک و الامراء العرب ؟ والسؤال الذي أود طرحه هو : هل أن الجماهير العربية من المحيط الى الخليج راضية عن ولاة أمورها المتشرنقين في نظرية الحق العشائري السلطوية ؟ ومامن لبيب يقر برضى الجماهير العربية عن حکامها ، فالحقيقة واضحة ولاتحتاج الى دليل أو شاهد إثبات ! وإذا کان الامر کذلک" وهو فعلا کذلک" فما هو ردة فعل هذه الجماهير المغلوبة على أمرها ؟ يقينا الکل يعلم أن ليس هناک قوى سياسية معارضة بالمعنى الحقيقي للکلمة، وتبعا لذلک ليس هناک صحافة حرة ولا أي منبر إعلامي حر تتنفس فيه الجماهير العربية الصعداء! ونعود مرة أخرى لنکرر السؤال ذاته : ماهو ردة فعل الجماهير العربية على هذا الوضع المتردي ؟ بالتأکيد هي ردة فعل سلبية جدا ولکن في العقل الباطن لهذه الجماهير وأعتقد أن الشاعر الکبير مظفر النواب کان أکثر شمولية و أوسع رحابا في تحديده لعمومية المرض الاجتماعي في الواقع العربي من الدکتور علي الوردي حين يقول في قصيدة " وتريات ليلية " :
قتلتنا الردة ... قتلتنا الردة
أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده
الواحد منا يحمل في الداخل ضده، أو بتعبير مختصر " الازدواجية"، النواب يصيح " بالمليان" أن الازدواجية تعصف بالجميع دون إستثناء وهي " صيفا و شتاءا تتجدد "، فهل هناک تعبير أبلغ و أصدق من هذا الذي جادت به قريحة شاعر العراق العظيم مظفر النواب ؟ فکل عربي يحمل في داخله رفضا قويا لواقعه السياسي ـ الاجتماعي ـ الاقتصادي ـ الفکري لکنه في نفس الوقت ليس بمقدوره تغييره أو حتى التأثير الايجابي عليه وهو ينتظر اللحظة المنشودة التي يرى فيها بلاده وقد إستيقظت من ليل إستبدادها الطويل . ولکن حتى مجئ ذلک الفجر المنتظر عليه أن يدفع الثمن على حساب تآکله الذاتي إن صح التعبير . لقد ولى زمن الاستبداد و القمع في العراق الى غير رجعة وإن المستقبل قد يحمل الخير الوفير لشعوب العراق التي دفعت الکثير حتى وصولها الى هذا اليوم ، ولکن مابال الجماهير العربية على طول و عرض البلاد العربية ؟ إنها تئن تحت نير إستبداد متستر بأردية بالية و خرقاء ويقينا إنها تعاني الامرين من ذلک . ولو کان الوردي حيا بيننا هذه الايام وبنفس عنفوانه الذي عرف به ، لکن بالتأکيد قد وسع من الدائرة العراقية الضيقة لتشمل آفاقا أرحب و أوسع في عموم الوطن العربي ولکان هناک أيضا من يدعم إستقراءات النواب للواقع السياسي ـ الاجتماعي العربي !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالجبار عباس وشئ من ذکراه
- سوريا ..البحث في المحال في الوقت المحال
- أصالة دور المرأة في المجتمع الکوردي
- الرجل المثالي جدا
- ماتحقق للمرأة في العقود المنصرمة : صفر و باليد حصان !
- لاخير في نظام فکري ـ إجتماعي يستمد قوته من غشاء البکارة
- تراجع الادب النسوي لماذا ؟
- لادين للنساء
- تغشى وجدها الارق من النسمة فکان مخاض الشعر! فينوس فايق..کورد ...


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - کلام هادئ مع الراحل الکبير الدکتور علي الوردي