اهرش الانسان يظهر لك الحيوان

حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 20:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لقد ذهبت اتجول فى ميدان التحرير ...واخذت انظر فى عيون الناس فوجدت حزنا شديدا ... فركبت المترو فوجدت نفس الحزن العميق الذى يسكن فى اعماق العيون !!! ... فاذا صارحت اى فرد بذلك فسوف تجد فى عينيه قسوة وعنف وغضب شديد ... صدقونى اننى اجرب تلك الطريقة كثيرا ..لقد اعتدت على متابعة القسوة فى عيون الناس ... حتى الاطفال الصغار الذين لم يتعلموا الكذب والغش والطمع والحسد والشعور بنهاية العالم , تجد فيهم هذه القسوة والحزن الشديد ... انه الشعور الاحتياطى الجاهز الذى يمكن استدعاؤه فى اى وقت !!!


فى مصر الآن يوجد قرفا قوميا ...فالحياة قاسية والناس يدوس بعضهم البعض !!! ... فلديهم شعور فظيع بالخيبة .. لانهم لم يحصلوا على كل الذى يريدون بعد نجاح الثورة فى خلع الطاغوت مبارك !!! ... وليس كل ما يجدون يعجبهم ...ولا كل ما يعجبهم يريحهم !!! ولا كل ما يريحهم هو بالضبط مايريدون !!! ... فالقاعدة التى يتبعها الناس هى : اذا لم تجد ما تحبه ... فلابد ان تحب ما تجده !!! ... ثم هذه العلاقات بين الناس اساسها : ( المصلحة ) ... مثلا : ما الذى يجعل اى احد من احاد الناس اذا رآك ينفجر مسرورا سعيدا بك !!! .. لاشىء طبعا !!! ... فلا انت مبعث السعادة !! ... ولا انت مصدر الخير فى الكون المترامى الاطراف !!! ... انما المسألة بالضبط هى تشبه ما يحدث بين سيارتين عندما تتواجهان فى الظلام ... لابد ان تتبادلا الاضواء الباهرة حتى لاتصطدم احداهما بالاخرى !!! ... فهذه الاضواء تحذير مضىء !! وكذلك الابتسامة والضحك عند لقاء الناس للناس .... اما القسوة فهى حصيلة كل هذه الافعال وردود الافعال التى يرغمك الناس عليها وترغمهم .. فكل واحد من احاد الناس لديه احساس بانك تهدده !!! لانك خطر عليه ... رغم مايبدو عليك , شخص اخر , فاذا اعطيت لك الفرصة فانت حيوان مفترس !!! ... فكل الناس فى حالة تربص !!! فاذا اتيحت لهم الفرصة خطفوا اللقمة من فمك والمقعد من تحتك .... ولا لوم عليهم !!! فأنت كذلك !!!

هناك مثل اوربى يقول : اهرش الألمانى يظهر لك التيوتونى .... واهرش الروسى يظهر لك التتارى !! ... اى اهرش الانسان يظهر لك الحيوان الكامن فى الاعماق كوحش كاسر ينتظر الانقضاض على فريسته !!! وان كنت قد نسيت انك فعلت ذلك ألف مرة ... فجرب مرة اخرى وسوف تجد ما يجعلك تندم على حسن ظنك بالناس ..وسوء ظنك بالحيوان !!! وابلغ مثال على صدق كلامى ان الرومان كانوا يحكمون على اللصوص بالموت اكلا !!! حيث يضعونه فى حلبة امام أسد ... فيأكله الاسد امام المتفرجين من ابناء روما القديمة ... حيث كان يحضر الرومان من كل البلاد ليشاهدوا ويستمتعوا بحيوانيتهم الكامنه فى النفوس !!! تماما كما يذهبون بطعامهم ليشاهدوا مصارعة الثيران !!! اى مقتل الثور !!! ...

وفى احد المرات لم يكد اللص ان يظهر فى الحلبة ويرى الاسد حتى سقط ميتا !!! ... وصرخ الناس او الحيوانات الكامنة فى النفوس يلعنون اللص الذى افسد عليهم المتعة المنتظرة من خلال رؤية الاسد يمزقه بانيابه التى لاترحم .. فقد كانوا قد هيأوا انفسهم لمشاهدته وهو يهرب من امام الاسد الذى يضربه وهو يقاوم !!! ثم ينهار بعد ان يسمعون صوت عظامه وهى تطحن بين فكى فم الأسد ليصرخون من السعادة !!! على الرغم من ان الغرض من كل ذلك هو ان يلقى اللص جزاءه ويموت ... لكن موته المفاجىء ضايق الناس !!! لانه موت بلا متعة تشبع الحيوانات الرابضة فى اعماق النفوس !!! فهو لم يتعذب لدرجة تسعدهم !!... قد يقول قائل : هذا حدث فى الماضى القديم قبل ان يتطور الانسان ويرتقى بنفسه ويروض الوحش الكامن بداخله !!! ...

ولكنى اقول لهم على رسلكم لقد حدث فى مباراة للملاكمة لبطل الابطال واسطورة الملاكمة العالمية ( محمد على كلاى ) ان قضى على خصمه بالضربة القاضية الفنية من اول دقيقة ... مما يعنى قمة القوة واللياقة والنصر ... ولكن الناس ثاروا على محمد على كلاى ... لانه فاجأهم بهذه النتيجة الخاطفة والسريعة فقد هيأوا انفسهم لمباراة طويلة تنتهى بهزيمة خصم محمد على كلاى بعد سلسلة من اللكمات تطفىء نيران الغل الكامن فى نفس الحيوان القابع فى الاعماق !!! ولكنه اختصر كل ذلك فى دقيقة واحدة ... فكأنه قد الغى المباراة ... لانه اختصر ساعات المتعة الى لحظة واحدة !!! ولو كان هناك عدو للجماهير .. لما انتقم منهم ابشع من هذا الانتقام ... ولكن المنتقم هو احب الابطال واعظمهم ( محمد على كلاى ) ... ما الفرق بين هؤلاء وبين الرومان !!!

ان الجماهير تتسلط عليها نزعة عنيفة ووحشية عندما تريد الانتقام ... فهى تريده دمويا ... لذلك عندما مات شاه ايران فى مصر , تضايق الشعب الايرانى ... لان الشعب الايرانى كان يريد موت هذا الطاغية ولكن بشرط ان يكون الموت على ايديهم وتحت ارجلهم ... ولكنه حرمهم من هذه اللذة ومن هذا الانتصار العظيم للشعب الايرانى حيث سبقهم السرطان الى القضاء عليه ... ان الجماهير تتسلط عليها نزعة عنيفة ووحشية عندما تريد الانتقام ... فهى تريده دمويا ... فلا تهدأ الا اذا أكلت قلبه !!! كما فعلت المرأة التى اكلت كبد وقلب حمزة عم رسول الله عليه الصلاو والسلام ... ولا اعرف مدى راحتها لذلك !!! ألم اقل لكم ( اهرش الانسان يظهر لك الحيوان القابع فى قاع قاع النفس ) ...
حمدى السعيد سالم

#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات