أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاخر جاسم - عبدالإله الياسري... وقوافل أحزانه ...















المزيد.....

عبدالإله الياسري... وقوافل أحزانه ...


فاخر جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 23:27
المحور: الادب والفن
    



ولد الشاعر عبدالإله الياسري في مدينة النجف، واستلهم أجواء الشعر في محافلها الأدبية، ومن شيوخ اللغة
والأدب حيث كانت تربطه بهم علاقة طيبة منذ بدأت عليه ملامح الشباب.
ترعرع الياسري في أجواء اتسمت بالمعاناة والكدح بالرغم من كونه من أحفاد السيد نور الياسري المعروف
بسعة الثراء ورفعة المنزلة في الربع الأول من هذا القرن ؛ باعتباره أحد كبار السادة الياسريين.
تمرّد على الأجواء والعادات العشائرية التي كانت تغلف محيطه العائلي بوقت مبكر، كان يحلم بوطن لاجـوع فيه ولا سيادة إلا للفقراء والكادحين.
رحل الى بغداد في نهاية الستينات لغرض الدراسة في كلية الآداب مع حمل طموحاته واحزانه ،ليجد في بغداد
عكس ما كان يريد ويهدف إليه.فقد اراد للشعر ان يكون أداة مقاومة بيد الكادحين والأخيار،اداة تجسد واقعهم
المقهور وطموحاتهم لمستقبل افضل ،غير ان الترغيب والترهيب واجهاه لإصطياد حريته وشعـره وطموحاته
من قبل الرموز الثقافية للنظام الجديد.
كانت بدايته مع الشعر مبكرّة، وبالرغم من ملامح الحزن التي ميزت تلك البدايات الشعرية، حاول جاداً توظيف
الحزن لهدف آخر ، وتحويله الى مقاومة بشكل ما ضدّ الظلم والفقر. كان الياسري لامعا بين زمرة الشعـراء
الذين زاملوه فترة الدراسة الجامعية،وحكاية هذه القصيدة تروي لنا كيف دخل شاعـرنا عالم الشعــر بقوة
وخصوصية فرضت نفسها.
في البدء لا اعرف سبب بقاء هذه القصـيدة في ذاكرتي منذ أنشـدها لي اول مرة عام (1971م).هل لكونها
جسدت عمق الحزن العراقي الدفين؟ ام أنها تنبأت بمدى القهر والجوع الآتي من فتحات القطار الذي تسـلط
على قيادته دعاة الإشتراكية المزيفين،وساروا به بسرعة تفوق سرعة الضوء،ليخلف في وطن مهد الحضارات
والخيرات،الحزن والجوع والعذاب، وبمديات وانعكاسات لم تكن معروفة عندنا او عند الشعوب المعاصرة، ولا
حتى في التاريخ المتداول،عملية هدم وخراب لم يسلم منها الزرع والضرع،وحتى حالة دمار استوعب خرائبها
الثروات والبشر؟!
أجواء القصيدة
إعتادت كلية الآداب ان تقيم مهرجانا شـعريا كل سنة،غير أن مهرجـان عام 1971م كان متميزا. فقد اهتمت
بالتحضير له عمادة الكلية بشكل استثنائي،لأنها أرادت _ من خلاله_ الرد عمليا على مقال نشرته جريدة الثورة
(جريدة النظام الرسمية) تحت عنوان (الأدب يحتضر في كلية الآداب).اسـتدعت عمادة الكلية كل من تجد فيـه
الكفاءة لإنجاح المهرجـان، وشكلت لجنة تحكيم من اساتذة قسم اللغة العربيـة. حضر المهرجان نائب رئيس
الجمهورية _ في وقتها _ صالح مهدي عمـاش، بدلا من رئيس الجمهورية الذي كانت عمادة الكلية تتوقع
حضوره، إضافة الى العدد الكبير من الشخصيات الرسمية، وجمع غفير من اساتذة الجامعات العراقية وطلابها،
مع جمهرة المتذوقين للشعر والأدب من خارج الجامعة.
كانت كلية الآداب تضم مجموعة من الشعراء الشباب،أمثال نبيل ياسين وحميد الخاقاني وخلدون جاويد
وحسن المروانيو(صاحبنا)عبدالإله الياسري وغيرهم لاتحضرني أسماؤهم الان،شارك اغلبهم بالمهرجان
الشعري.منحت الجائزة الأولى لقصيدة (انا وليلى..فاشطبوا اسماكم) وهي قصيدة غزل للشاعر المرواني ،
واعطيت الجائزة الثانية للشاعر الياسري على قصيدته (قافلة الأحزان) التي قوبلت باستحسان كبير وقوطعت
بالتصفيق مرات من قبل الحاضرين،بمن فيهم نائب رئيس الجمهورية صالـح مهـدي عماش الذي قدّم بنفسه
هدية خاصة للشاعر(قلم حبر باركر 51 !)
ويبدو ان الجو الحماسي الذي خلقته القصيدة، والتجاوب معها من قبل الجمهور ، وانسجامه مع موقف الشاعر
الذي جسدته القصيدة،موقف ارتفع فيه صوت الرفض والتحدي وسـط الصمت الغريب امام اسـتفحال ارهاب
السلطة الجديدة.هذه الحالة غير المحسوبة خلقت نوعا من الهلع والإرباك عند عميد كلية الاداب_انذاك_الكتور
محمود غناوي،الذي صعد للمسرح مسرعا بعدما أنهى الياسري قصيدته،محاولا تهدئة الجمهور بحركة من يديه
،يريد الحديث معهم،وهو في حالة مفضوحة الإرباك والهلع،وحين إطمان لصمت الحضور، قال بالنص الكلمات
التالية:
"هذا الشاعر واهم.. ومغرر به.. نحن نعيش في ظل الثورة بخير وعافية" وبقوله هذا اراد أن يُثبت براءته من
القصيدة وشاعرها امام كبار قادة السلطة في الدولة.
************************

قافلة الأَحزان
حملتُ شـراعَ الموتِ في صمتِ آلامي وأَرضعتُ من ثدي التباريـحِ أَعوامـي
حملتُ دمـوعَ الأَرضِ في جفنِ لوعتي وخضَّبتُ في جـرحِ الملايينِ أَنغامـي
أَنا الظمـأُ المهمـومُ أَلهـثُ حامــلاً على ظهريَ المسبيِّ تابـوتَ أَحلامـي
فـلا فرسـي يعـدو فأَنقــذَ رايتـي ولا حـربتي تُـردي ولاسـاعدي رامِ
وهـا أَنـا،يابغــدادُ،جئتُــكِ ميِّتـاً قفي واخلطي الحنَّـاءَ بالمدمـعِ الهامي
قفي واحضني نعشي لصـدرِكِ، وارتمي على شفتي العطشَى اغسلي وجهيَ الدامي
خذي الحـزنَ من عينيَّ يقصصْ حكايتي وينبئْـكِ كيف الريحُ أَلـوتْ بأَعلامـي
هبينـي رصيفـاً تَسْـتكِنَّ حقـائـبـي عليـه فقد ماتـتْ من السـير أَقـدامي
فمـا منحتْـني غيـرَ حـزنٍ مدينـتي وغيــرَ انكسـاراتٍ وذلٍّ وأَوهــامِ
أَنا القمـحُ والنخـلُ العـراقيُّ أَنحنـي جفافاً، وأَهوي جانب الشاطئِ الطامـي
أَنا القريَّـةُ الخضـراءُ قحطٌ أََذلَّـنـي فأَطفأتُ فانـوسي وأَخفيتُ إِكـرامـي
***
جرحـتُ بأَحجـاري سـنابـلَ واحتي وخبَّأَت في ثوبِ التحـرُّق أَنسـامـي
تَسـحُّ على هدبي الغيـومُ ، وفي دمي هجيرٌ يُميتُ الزهـرَ في حضنِ أَكمامي
وفي أُفقـي ريـحٌ تصـارعُ زورقـي تُهشَّـمُ مجـدافـي، وتقتـلُ إِقدامـي
وتجثو على صـدري الطعينِ مدينتـي فيشـهقُ مـوَّالي،وتخبـو رؤى جامي
فذي"دجلـةٌ" ترغـو، وتلـك َحدائقـي تجفُّ، وغصني يلتـوي وردُه ظامـي
وذا السـنبلُ النامـي،وذلـك منجلـي يحنُّ الى طيـفٍ من السـنبلِ النامـي
أُصلَّي وطـرفـي للسـمـاءِ وليتنـي رأَيتُ سـراباً يرحـمُ الأَرضَ في عامِ
أَكـادُ ـ إِذا فـلَّ الزمـانُ صريفتـي وهاجرتُ كالشـحَّاذِ أَحملُ أَيتامـي
أُهشِّـمُ محـرابي ، وأَسـحقُ توبتـي وأَرجـمُ تكبيـري، وأَعبـدُ آثـامـي
أَنا قصَّـةُ الجـوعِ العـراقيِّ.أَختبـي بضحكتيَ البلهـاءِ، أَقتاتُ أَسـقامـي
أَنـا البلـدُ المنكـودُ .أَتربني الأَسـى وأَفـزَعَني طيفي وأَشـباحُ أَيَّامــي
***
أُغطِّي ربيعَ الجرحِ في صمتِ لوعتي ويُورقُ غابـاتٍ من الدمــعِ إِيلامـي
وأَغـرسُ للأَحبابِ في الشـعرِ وردةً تُخبِّئُ بالعطــرِ المُطيَّـبِ إِسـقامـي
فهلْ عرفـتْ نـوحَ الحمائـمِ بلـدتي وعمقَ البكـاءِ المرِّ في وجـهِ بسَّـامِ؟
وهلْ عرفَ الشـعبُ الحزيـنُ ربابتي تَغصُّ بآهٍ مـن تثـاؤبِ إِضـرامـي؟
تُحـدِّقُ في وجـه السـحابِ رمالُـه وتبكي فينمو الموتُ في حقلِ أََعوامـي
تعالَ وخذْ ياجـوعُ قمحَـكَ من دمي ودَعْني أَمتْ وحدي على رمـحِ آلامي
وخَلِّ عـراقَ الحـزنِ يبتـلَّ رملُـهُ وتَخضـرَّ باليـومِ المُذهَّـبِ أَحلامـي
أَنا المغـرمُ الهيمان شـعبي حبيبتـي وأَنفاسُـه لحنـي وعينـاه إِلهـامـي
عبدالإله الياسري: بغداد-1971م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#فاخر_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثيرات الليبرالية الجديدة على السيادة الوطنية
- قانون الانتخابات الجديد يؤسس لدكتاتورية/ دولة المحاصصة تحلي ...
- دور الاحتلال الأمريكي في بناء الدولة الطائفية في العراق
- عبد الكريم قاسم:العلاقة بين السيرة الذاتية والمحاولة اليتيمة ...
- ندوة عن نتائج مؤتمر لندن حول الدستور الذي نظمته لجنة دعم الد ...
- الدين والسياسة في الانتخابات العراقية
- الحوار الوطني الشامل ودوره في تفكيك حدة الاستقطاب السياسي وع ...
- قراءة في البرنامج الإنتخابي لقائمة إتحاد الشعب
- نحو آفاق جديدة للعمل المشترك بين المثقفين العراقيين وأقرانهم ...
- العراق موسم حصاد الأخطاء الأمريكية
- المثقفون العرب - وعقدة صدام
- ملامح الدولة والمجتمع في العراق في النصف الثاني من القرن الع ...
- طبيعة المرحلة الراهنة والمهام الآنية للحركة السياسية العراقي ...
- ملاحظات أولية حول إعداد الدستور العراقي
- بطاقات وفاء لصديقي النبراس باسم الصفار
- تاريخ العراق المعاصر عبر اليوم الأخير من حكم عبد الكريم قاسم
- المعارضة العراقية بين الدبابة الأمريكية والخيار الوطني


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاخر جاسم - عبدالإله الياسري... وقوافل أحزانه ...